لاستقبال الأراء والمقترحات من القوى السياسية والشعب المصري
هل يتحول الحوار الوطني من دعوة إلى منصة دائمة الانعقاد؟
الأحد، 07 مايو 2023 12:03 م
بداية الحوار الوطنى كانت من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال إفطار الأسرة المصرية في السادس والعشرين من إبريل 2022، إلى عقد حوار وطني يشمل كافة الأطياف السياسية والنقابات الممثلة لقاعدة كبيرة من شرائح الشعب المصرى.
استقبل الرأي العام دعوة الرئيس السيسى بردود أفعال متباينة، وما زاد من حدة التباين أن رؤية الرأي العام لدعوة الرئيس تعرضت إلى تيار جارف من المعلومات المضللة والكاذبة الموجهة من فصائل وكيانات، شغلها الشاغل تشكيك الرأي العام في أي توجه أو قرار أو سياسة تقوم بها القيادة السياسية، خاصة القرارات والتوجيهات ذات الطابع الإصلاحى.
ورغم هذه الحملات، إلا أن المعطيات على الأرض كانت تؤصل لأهمية الحوار الوطني بين القوى السياسية وبعضها من جهة، وبين القوى السياسية ومؤسسات الحكم وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة من جهة أخرى، لإعادة صياغة الكثير من المفاهيم السياسية والتشاركية، التي يجب أن يلتزم بها جميع الأطراف ويتفقوا عليها، لإعادة الزخم السياسي إلى الشارع المصري، وخلق بيئة ديمقراطية قادرة على أن تستوعب جميع الآراء، من خلال اطلاق الحريات في اطار حقيقي من الممارسة الواعية الناضجة، خاصة وأن تجربة مصر الديمقراطية لها من الرصيد التاريخي ما يدعم ذلك التوجه.
الدعوة إلى الحوار الوطني خرجت في توقيت كانت تكتمل فيه أركان الجمهورية الجديدة، سواء الاقتصادية أو التشريعية أو الاجتماعية أو التنموية، وفي ذلك التوقيت كان من الضروري أن يبدأ المحور السياسي بالدعوة إلتى بلورت العمل العام في إطار من المؤسسية و الحوار المثمر، بعيدًا عن العشوائية واهدار الطاقة والمزايدة، وكان من الواضح أن الرئيس السيسي يرغب في توصيل رسالة للداخل والخارج بأن عقل الدولة منفتح على الجميع، وقادر على استيعاب الأفكار والحلول الفعالة حتى لو كانت من المعارضين، طالما كانت تخدم الهدف الأكبر وهو خدمة الوطن ودفع قاطرة النمو إلى الأمام.
على مدار عام من العمل الجاد في طريق الحوار الوطني، كانت هناك خطوات تتخذها الدولة بتوجيهات رئاسية في سبيل بث رسائل الطمأنة والجدية والرغبة الصادقة في أن يكون الحوار هو حجر أساس تبنى عليه قواعد تشاركية في رسم خريطة مستقبل مصر، دون اقصاء أو تهميش، وكان من ابرز تلك الخطوات هو تفعيل لجنة العفو الرئاسي، التي استطاعت منذ دعوة الرئيس السيسى وحتى قبل أيام من انطلاق الحوار الوطني رسميا في الحصول على العفو الرئاسي عن أكثر من 1400 شخص، ولم تتوقف قرارات العفو الرئاسية على منح الحرية للمفرج عنهم، بل وإعادة دمجهم، وإعادة عدد منهم إلى أعمالهم، وتوفير فرص لآخرين، وهو في حد ذاته تحقيق واقعي لمبدأ اتاحة الفرص الحقيقية للشباب والمفرج عنهم، لو دلت فأنها تدل على منهجية الدولة في تطبيق العدالة الاجتماعية واحتواء كل الأطياف والمشارب المختلفة، ورغبتها الصادقة في خلق مجتمع متماسك الأطراف ومتكامل الأركان، عماده الأساسي المواطن.
المتابع الجيد للمبادرات الرئاسية على جميع المستويات، يعلم جيدًا أنها لا تمر مرور الكرام، بل تحقق مستهدفها وتمتد إلى الاستمرارية وتطوير أهدافها، ومن ثم تتحول إلى كيان قائم بذاته لخدمة الهدف الذي أسس من أجله، والأمثلة في هذا السياق تحتاج إلى موسوعة، لعل أهمها منتدى شباب العالم، حياة كريمة، صندوق تحيا مصر، الاكاديمية الوطنية للتدريب، وغيرهم.
بالإضافة إلى ادراك أهمية الحوار الوطني، لكل المشاركين فيه وكذلك للشارع، ورصد حالة الشغف الشعبي والنخبوي في انتظار المخرجات النهائية منه، كلها مقدمات تشير إلى أهمية أن يستمر الحوار في حالة انعقاد دائم، أو تحويله إلى كيان قائم، كالذي حدث مع منتدى شباب العالم، والهيئة الوطنية للتدريب، على سبيل المثال اللذان افرزا نتائج إيجابية لا تحصي، تخدم جميعها خطة الدولة في الارتقاء بالشباب، وصقل مهاراتهم، وتأهليهم للقيادة في المستقبل.
لذلك من الضروري أن يطرح على طاولة الحوار تساؤل عن إمكانية تحويله إلى منصة دائمة، لعقد اجتماعات دورية تضم المشاركين فيه، لمناقشة القضايا الوطنية، ورسم ملامح الحلول الواقعية والمنطقية لها بما يتناسب مع إمكانية الدولة الحقيقية، كما تستقبل الرؤى والمقترحات من جميع فئات الشعب ودراسة مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، بما يدعم مفهوم المشاركة الوطنية، خاصة في هذا التوقيت الحساس من حياة الوطن.