شهيد الواجب والتضحية

"رجل وطني بسيط صاحب إخلاق رفيعة ومهنية عالية مخلص محب لبلده، يعمل بجد في العمل الحكومي منذ تخرجه قبل 20 عاماً"، بهذه الكلمات وصف أهالي إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ابن قريتهم محمد الغراوي مساعد الملحق الإداري في سفارة مصر بالخرطوم الذي لقى استشهاده قبل أيام جراء الاشتباكات العنيفة والجارية حتى الآن في السودان، بين الجيش الوطني وقوات الدعم السريع.

صدمة تلقاها أهله وأحبابه بقريته، تحولت إلى فخر واعتزاز؛ لما قدمه محمد الغرواي من خدمات جليلة لمواطنيه المقيمين في السودان، فالرجل الذي عرف عنه التفاني في العمل، والإخلاص والحب بين أصدقاته، لم يدخر أي جهد خلال أيامه الأخيرة في تنفيذ توجيهات الدولة من أجل الحفاظ على حياة كل أفراد الجالية المصرية بالسودان، مستقبلاً كافة اتصالاتهم لتوفير ما يمكن توفيره لنقلهم إلى مكان آمن ومن ثم عودتهم إلى أرض الوطن.

لم يكل ولا يمل الغراوي وفق شهادات المصريين العائدين من السودان في تقديم كافة أوجه المساعدة والدعم للجالية المصرية، وكان القدر أن تكون لحظاته الأخيرة في الحياة، وهو مستمر في عمله الوطني بتفاني لإجلاء أكبر عدد من المصريين العالقين جراء الاشتباكات، حيث لقى مصرعه وفق ما أكدته الخارجية المصرية خلال توجهه من منزله إلى مقر السفارة لمتابعة إجراءات الإجلاء الخاصة بالمواطنين المصريين فى السودان.

تصريحات أهله وأبناء قريته، كانت كفيلة أن تكشف شخصية هذا الرجل البسيط الوطني المحب لأهلة وناسه، فرغم عمله الدائم بالخارج إلا أنه كان دائم الحرص على التواصل مع أبناء قريته، ووفق شهاداتهم "في الأفراح والأحزان كان حاضراً شخص خدوم وقدر له أن يكون قريب من الجميع".

"الغراوي" الذي التحق بسفارة مصر في السودان قبل ثلاث سنوات، عمل سابقاً ببعثات المصرية في العراق ومن قبلها بالولايات المتحدة الأمريكية في فترات متعاقبة، واشتهر في كل فترات عمله بـ "الإخلاص والحب لشغله"، وهو ما أشار إليه أحد أقربائه الذي ابلغه الراحل في مكالمة جمعته به قبل وفاته بأيام "أنه لن يغادر السودان قبل إجلاء الرعايا المصريين بأكملهم".

واقعة استشهاد الغراوي أثناء قيامه بعمله، لاقت تعاطف دولي واسع، حيث نعى السفير كريستيان برجر سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، شهيد الواجب، معربا في تدوينة عبر حساب وفد الاتحاد الاوروبى بالقاهرة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر- عن حزنه العميق على نبأ مقتل أحد موظفي السفارة المصرية في الخرطوم أثناء تأديته لواجبه .

كما نعى سفيرا كندا بالقاهرة لويس دوما والنرويج لينا ناتاشا ليند، شهيد الواجب محمد الغراوي، وأعربا "عن خالص تعازيهما لأسرة وزملاء الفقيد وللسفارة المصرية في السودان.

 من جانبها ذكرت وزارة الخارجية إنها وإذ تحتسب فقيدها الغالي شهيداً عند الله عز وجل، ورمزاً للتضحية والفداء فى سبيل الوطن وحماية مصالحه العليا، لتؤكد أن البعثة المصرية فى السودان سوف تستمر فى تحمل مسئوليتها فى متابعة مهام إجلاء المواطنين المصريين من السودان وتأمين عودتهم لأرض الوطن بسلام.