الإسلام حمى المرأة وكرمها.. ومصر أعادت لها حقوقها

السبت، 08 أبريل 2023 11:34 م
الإسلام حمى المرأة وكرمها.. ومصر أعادت لها حقوقها
منال القاضي

شيخ الأزهر: الشبهات حول المرأة تَتغذى على أجندات غربيَّة وبخطط ماكرة.. والحضارة المصرية القديمة الوحيدة التي انفردت بتكريم المرأة

تعيش المرأة المصرية أزهى عصورها قولا وفعلاً، بعد تمكينها من حقوقها الدينية والقانونية والاجتماعية والزوجية، وهو ما وضعها في المكانة التي تستحقها.

البداية كانت بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على دور المرأة، ودعوته للمجتمع بمنحها حقوقها التي تستحقها، وهو ما تمثل في العديد من المكتسبات أبرزها تواجدها الفعال والقوى في البرلمان، وأيضاً مجلس الوزراء، وصولاً إلى تخصيص الرئيس السيسى 2018 عاماً للمرأة، وتوازى مع ذلك سن قوانين تحمى المرأة.

وخلال شهر رمضان نتابع يومياً برنامج "الامام الطيب" الذى يقدمه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، والذى وجه خلال الحلقات السابقة رسائل مهمة تتعلق بحقوق المرأة من خلال عرض بعض الشبهات والرد عليها في أسلوب سهل يَسهُل على غير المتخصِّصين استيعابه، ليتحقق أكبر قدر من المعرفة للجميع، وتضمنت هذه الرسائل تأكيده أن أغلب الاعتراضات والشبهات حول المرأة  تَتغذى في ترويجها بين نساء المسلمين على أجندات غربيَّة وبخطط ماكرة، وأن الصورة المشوَّهة للمرأة المسلمة أوَّلُ ما يسبق إلى أذهان الغربيين ونعمل على تغيير هذه الصورة، مؤكداً في الوقت نفسه وجود مفتريات على المرأة المسلمة مَصدرها «فقه» لا يَعرفُه الإسلام مرجعه العادات والتَّقاليد.

واكد الأمام الطيب أن فضل الإسلام في تحريرِ المرأة يتضح بالمُقارنة بين وضعها في الحضارات السَّابقة التي ظلمت المرأة وأهانتها وضيعت حقوقها، مشدداً على أن الحضارة المصرية القديمة هي الحضارة الوحيدة التي انفردت بتكريم المرأة وتمكينها من حقوقها الشرعيَّة من بين سائر الحضارات القديمة، وقال "لم تر المرأة في تاريخها وميضًا من بَرْق إلا مع ظهور نبي الإسلام محمد فقدم لها الإسلام طوق النجاة"، كما أن النبى محمد صلى الله عليه وسلم نادى بمساواة المرأة بالرجل إلَّا في المواطن التي تنقلب فيها المساواة ظُلمًا وفحشًا وأنهى فوضى الطلاق وكل العادات والتقاليد والموروثات الخاطئة التي ظلمت المرأة، موضحاً أيضاً أن الإسلام أوَّل مَن يُنسب له فضل السَّبق في تحرير المرأة وردّ إليها كرامتها ولفت أنظار البشرية إلى دورِها المحوري في صناعة الأجيال وصياغة المجتمعات.

وأكد الشيخ الطيب أن القرآن جرّم ظاهرة حزن البعض حين يُبَشَّر بولادة الأنثى وبرأها من وصمة الخطيئة الأولى المتعلقة بمسؤوليتها عن إغواء آدم، لافتاً إلى أن المرأة المسلمة في صدر الإسلام كانت تتمتع بحقوق تفتقدها في وقتنا الحالي بسبب العادات والتقاليد، وقال أن بعض حقوق المرأة تلاشت تحت مطارق سطوة العادات وعنفوان التقاليد وكلها مما ينكره الإسلام، الذى أحاط حقوق المرأة بأوامر ونواه في آياتٍ محكماتٍ بما يحميها من التغول عليها أو التنقص منها من جانب الرجل أو الأسرة أو المجتمع أو مروجي ثقافات العادات والتقاليد.

وقال شيخ الأزهر أن القرآن صريح في ترسيخ مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات في كل شأن من شؤون الحياة يصلح له الطرفان ويحقق فيه كل منهما ما يحققه الآخر سواء بسواء وتماما بتمام، لافتاً إلى أن المساواة التي يتحقق معها معنى «العدل» هي التي تكون بين متماثلين، كل منهما يساوي الآخر في استحقاق الوصف بالمساواة.

وتحدث شيخ الازهر عن مفهوم القوامة، وقال "فُهمت «قوامة» الزوج على الأسرة فهماً مغلوطاً انتُصر فيه للعادات والتقاليد البالية على حساب النصوص الشرعية ومقاصدها وتوجيهاتها لسوء فهم واضطراب شديدين"، مشيراً إلى أن القوامة قضية تكامل وتعاون وشورى بين وظائف ومسؤوليات الرجل والمرأة، كما أن قضية القوامة ليست قضية تميز في جانب ودونية في جانب آخر، وأن قوامة الرجل على المرأة قوامة إدارة وتيسير أعمال وليست قوامة رئاسة أو سيطرة، كما أن قوامة الرجل على المرأة قوامة شورى وشراكة وتوزيع أدوار وتبادل حقوق وواجبات.

وشدد الأمام الطيب على أن "القوامة" ليست تشريف لكنها اختيار للأنسب والأكثر احتمالاً وصبراً، موضحاً ان تفسير القوامة بإباحة التسلط على الزوجة وسلب إرادتها تفسير لا إنساني ولا يعرفه الإسلام، كما أن ضرب الزوجة مقولة تبعث بين الحين والحين لإثارة الغبار في وجه هذا الدين الحنيف، حيث حرم القرآن الكريم على الزوج إيذاء زوجته حتى وهو يكرهها، القرآن أعاد للمرأة حقَّها في الإنسانية ليُصحِّح الصورة السلبيَّة التي لازمتها قديمًا وحديثًا.

وفى هذه الجزئية تحديداً كشف شيخ الأزهر، أن قانون المساواة بين الرجل والمرأة يستلزم المساواة بينهما في أحكام "النشوز"، مؤكدا أن الزوجة كما توصف بالنشوز، يوصف به الزوج أيضا، وهو الأمر الذى لا يلتفت إليه الكثيرون، حتى من أهل العلم، وقال أن أمر المساواة لا يقتصر على اشتراك الزوجين في وصف «النُّشوز»، بل يَتعدَّاه إلى اشتراكهما في العقوبة، إلا أنَّ العقوبة فيما يَتعلَّقُ بنشوزِ الزوج يتولَّاها الحاكم أو القاضي، الذي من حق الزوجة أن ترفع أمر نشوز زوجها إليه، ليعزره على نشوزه، موضحا أن للقاضي أن يقر على الزوج الناشر عقوبة تعزيزية، وهي عقوبة مفتوحة يقدرها القاضي، بداية من توجيه الموعظة مرورًا باللَّوْم، وانتهاءً بالسَّجن، فإن أصرَّ الزوج بعد التعزير على عناده ونشوزه، ورضيت الزوجة بالبقاء معه رُغم نشوزه؛ فإنَّ القاضي يأمرها بهجر زوجها في المضجع، فإن لم يُفد الهجر وأصرَّ على عناده ضَرَبَهُ القاضي تعزيرًا، - كما يقول العلماء في ذلك- وبعضهم قال: بسجن الزوج بدل ضربه».

 ورد الإمام الأكبر على دُعاة تطبيق التماثل المطلق بين الزوجة وزوجها من حيث تنفيذ الزوجة عقوبة النشوز على زوجها بدلا من القاضي، موضحا أن الذي يجيب به واقع الرجل والمرأة وطبيعتهما التي لا تتبدَّل ولا تتغيَّر، هو: أن المرأة لو أقدمَتْ على ضرب زوجها الناشز الكاره لها؛ فإنه سينقلب من فوره -لا محالة- إلى وحشٍ ضار، وستكون هي الضحية في آخر المطاف، لذا عُهد بالزوج إلى سلطة تستطيع تنفيذ العقوبة عليه بوسائل لا يستطيع هو مواجهتها وهو القاضي، لافتاً إلى أن الفقهاء اشترطوا مجموعة من الشروط الشرعيَّة التكليفيَّة والتي تكاد تفرغ المقصود من قوله "واضربوهن" من أيَّة شبهة للإيذاء، وتبقيه وكأنَّه مجرَّد رمزٍ يُعبِّر عن رفض الزوج لسلوك زوجته للحفاظ على مستقبل الأسرة، داعيا فضيلته من لا يطيقون سماع كلمة «ضرب» الواردة في القرآن، ولا يطيقونَ صَبْرًا على فهم معناها البسيط الذي يدركه العامَّة والخاصَّة على السَّواء؛ للنظر إلى الحُكم الشَّرعي الذي يُقرِّر أنَّ الزوج إذا ضرب زوجته ضربًا مؤلمًا؛ فإنَّ من حق الزوجة الناشز، أنْ تطلبَ التطليق، وعلى القاضي أنْ يُمكِّنَها من ذلك، ولها كل حقوق المطلَّقة بسبب الضَّرر.

ولخص الإمام الأكبر حديثه حول مسألة ضرب الزوجة والنشوز في عدة رسائل، منها إن كلمة «واضربوهن» في القرآن الكريم ليست أمرًا مفتوحًا بضرب الزوجة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يشجعه ولم يمارسه أبدًا في حياته، وبحسب الأصل هو محظور، ولا يأمر الشرع الزوج أن يستعمل الضرب بهذا المعنى القاسي، حتى في حالة النشوز لكنه يبيح له نوعا منه استثناءً وبشروط وقيود، والفارق كبير بين الأمر والإباحة، وإذا لم يفعل الزوج فإنه يُشكر ويؤجر، والنبي صلَّى الله عليه وسلم قال: "خيركم من لا يضرب"، مشيراً إلى أن الضرب ليس واجبًا، وليس فرضًا، وليس سُنَّة، وليس مندوبًا بل هو أمر مباح في إطار معين وبمواصفات خاصة، كما أن هناك قاعدة شرعية تقول: إنَّ لولي الأمر أن يقيد المباح إذا رأى أن الناس يسيئون استخدامه واستغلاله، ويلحقون الضرر والأذى بالآخرين، ولا يوجد ضرر وأذى كالذي يصيب الزوجة حال ضربها. خصوصًا أن هناك وسائل كثيرة لحل المشكلات الزوجية بالحوار والتفاهم والمودة، ومعظم الزوجات حاليًا على قدرٍ كبيرٍ من التعليم والثقافة والمعرفة، ولدينا منظومة تشريعيَّة متكاملة تصب جميعها في قوله تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف»، ويكفي أن نعلم أن الإسلام لا يقر أبدًا الإيذاء البدني بحق أسرى الحرب، فكيف بالله عليكم يقره للمرأة أو يقبله للزوجات؟!.

وأكمل شيخ الأزهر بقوله: "إذا قال قائل.. "الضرب نص في القرآن" فالرد أنه جاء مباحًا وعلاجًا منزوعًا عنه كل احتمال للأذى والإيلام، وليس أمرًا كما يفهمه المتسرعون، لكنه مباح وقد أعطانا الشرع حرية في التعامل معه، وجعل لولي الأمر حق التدخل في تقييده حين يترتَّب عليه ضرر استغلال وسوء فهم واستخدام".

وجدد فضيلة الإمام دعوته للمجالس التشريعية والمجامع الفقهية ومؤسسات حقوق المرأة والطفل للتصدي لظاهرة الضرب ضد أي إنسان، رجلا أو امرأة أو طفلا، وأن تصدر من التشريعات ما تراعي به الواقع المعاصر من كافة جوانبه، وتجرم أي شكل من أشكال العنف، وأن تصدر من القوانين ما هو كفيل بردع المخالفين والمجرمين، كما أعاد التأكيد على أن الحياة الزوجية في الإسلام تُبنى على المودة والرحمة، وليس فقط على الحقوق والواجبات.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة