أنت تسأل ودار الإفتاء تجيب... حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات بسبب المشقة
الثلاثاء، 04 أبريل 2023 01:06 م
أوضحت دار الافتاءخلال اجابتها على سؤال يتضمن ما حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات؟ فإنهم سيؤدون بعض الامتحانات هذا العام في أيامٍ من رمضان، ولا بد لهم فيها من بذل الجهد في المذاكرة والتحصيل استعدادًا للامتحان. فهل يُعَدُّ ذلك عذرًا يبيح لهم الفطر شرعًا في هذه الأيام؟
الامتحان في حدِّ ذاته ليس عذرًا مبيحًا للفطر، ولكن إن غلب على ظنّ أحد هؤلاء الطلاب -وهو المسؤول أمام الله جل وعلا وهو صحيحٌ مقيمٌ، خوف المرض إذا صام مع أداء الامتحان، أو بلغَ به حدَّ المشقة والتعب الشديد بما يضرُّ به وكان مضطرًّا لأداء الامتحان ولا بد من أدائه في الوقت المحدد له: فيباح له الفطر، وعليه القضاء.
الامتحان في ذاته ليس عذرًا يُبيح الفطر، وكم أدَّاه أناسٌ وهم صيام؛ إذ إنَّه يقع عادة في غدوة النهار وينتهي في منتصفه تقريبًا، وكذلك الاستذكار فإنه يكون عادة في الليل بعد الإفطار، والمَسنُون في الأكل في سائر الأيام فضلًا عن أيام الصوم الاعتدال والتوسط؛ حتى لا تحدث للآكل بطنة وتخمة تعوقه عن مواصلة العمل بسهولة.
والامتحان والاستذكار دون أعمال كثيرة يقوم بها الصائمون بدون أن يجدوا مشقةً أو يَمْسَّسْهُم سوء. ولكن هناك حالتان:
إحداهما: أن يغلب على ظنّ أحد هؤلاء الطلاب وهو صحيحٌ مقيمٌ خوفَ المرض إذا صام مع أداء الامتحان؛ بأمارة ظهرت أو تجربة وقعت أو إخبار طبيب ماهر، لا بمجرد التَّوهّم والتخيّل، ففي هذه الحالة: يُباح له الفطر شرعًا.
ففي "شرح الدر" و"حواشيه" -ملخصًا- (2/ 422، ط. دار الفكر-بيروت): [أنَّ الصحيح إذا خاف على نفسه المرض إذا صام بطريق من الطرق المذكورة يُباح له الفطر، وأنه مثل المريض الذي يخاف بإحدى هذه الطرق زيادة المرض أو إبطاء البرء، فالذاهب لسدِّ النهر أو كريه -حفره- إذا اشتد الحر وخاف الهلاك يجوز له الفطر، والحامل إذا خافت على نفسها أو على الجنين، والمرضع إذا خافت على نفسها أو على الرضيع يُباح لهما الفطر شرعًا، وعليهم القضاء في أيام أُخَر ليس فيها هذا العذر] اهـ.
الحالة الثانية: أن يُجهدَه العمل ويشقَّ عليه؛ بحيث لا يستطيع أداءه مع الصوم، وإن لم يخش منه المرض ولا بد له من أدائه، فالظاهر: أن يباح له الفطر في هذه الحالة أخذًا مما استظهره العلامة ابن عابدين في المحترف الذي عنده ما يكفيه وعياله، ولا بدَّ له من العمل بضرورة المعيشة، والصوم يضعفه من أنه يباح له الفطر إذا لم يمكنه مباشرة عمل لا يؤديه إلى الفطر، وكذلك في الزارع الذي يخاف على زرعه الهلاك أو السرقة، ولا يجد مَنْ يعمل له بأجرة المثل وهو يقدر عليها؛ لأنَّ له قطع الصلاة لأقل من ذلك صيانةً لماله، فالفطر أولى.
وظاهر أنَّ مبنى ذلك تقديرًا لضرورة أداء الطالب الذي لا يستطيع أداء الامتحان مع الصوم؛ لبلوغه حدًّا من الإعياء يضرُّ به مضطر لأداء الامتحان اضطرار الفقير إلى عيشه، ولا بدَّ له منه في وقته المحدّد له، وفي تركه الامتحان في الوقت الـمُحدّد مَضَرَّة له: فيباح له الفطر، وعليه القضاء في أيام أُخَر ليس فيها هذه الضرورة.
وقد نَصُّوا على أنَّ الحصّاد إذا لم يقدر عليه مع الصوم ويهلك الزرع بتأخيره يجوز له الفطر، وكذلك الخبَّاز، وعليهما القضاء، ومثلهما: عمال المناجم، والغوَّاصون، والحجَّارون، وسائقو القطارات وأشباههم.
ومـمَّا يجب أن يُعلم أنَّ فريضة الصوم مُحْكَمَة والثواب مقطوع به لمن أحسنه، وأنَّ رخصة الفطر منحة من الشارع لأرباب الأعذار حقيقةً لا وهمًا وخيالًا ولا مغالطةً واحتيالًا
والاحتيال على الفطر فرارًا من الصوم لا يخفى على مَنْ يعلم خائنة الأعين وما تُخْفِي الصدور، وكلُّ امرئ بما كسب رهين، وهو أدرى بحاله وانطباق الحكم عليه، وأَجْدَرُ الناس بالطاعة والامتثال والصبر والاحتمال: مَنْ يرجو من الله سبحانه أن يُنِيرَ بصيرته، ويُلْهِمَهُ الصواب، ويوفقه للسداد، ويفتح له المغاليق، ويُيَسِّر له الصعاب، وكيف يستقيم أنْ يعصيه ويتركَ فرائضه بلا عذر يُسَوّغه في الوقت الذي يبسط إليه فيه يدَ الرجاء، ويبتهل إليه بالدعاء، ويستمد منه العون والإلهام وهو الفتاح العليم.