عضو لجنة الفتوى يوضح الحكم الشرعي لعملية التلقيح الصناعي فى رمضان
الثلاثاء، 28 مارس 2023 11:35 صمنال القاضي
أوضح الدكتور أحمد عبد الله بكيرعضو لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية خلال إجابته على سؤال يتضمن هل إجراء عملية التّلقيح الصّناعي في نهار رمضان تبطل الصيام؟
وللإجابة على هذا السؤال، قال عبد الله "الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه واتبع خطاه وبعد.. الإجابة على هذا السؤال مشترك بين الرجل والمرأة،
أولاً: بالنسبة للرجل، فإنه لابد من أخذ النطفة منه عن طريق الاستمناء وهذا مفسد للصيام باتفاق الفقهاء، فيجب اجتناب ذلك أثناء صيام رمضان، ومحاولة تأخيره، لبعد الفطر، سواء من اليوم أو بعد رمضان.
ثانياً: بالنسبة للمرأة، فلا يعد تلقيح بويضة المرأة بمني زوجها بواسطة القسطرة بهذه الطريقة جماعاً، وليست أكلاً ولا شربًا ولا هي في معنى الأكل والشرب بأي وجه من الوجوه، فلم يكن ذلك مفسدا لصومها.
فإن أمكن أخذ العينة المنوية من الزوج ليلا وأجريت الزوجة العملية نهارا لم يكن ذلك مفسدا لصومهما، وإن لم يكن بد من أخذ تلك العينة من الزوج نهارا، فلا ينبغي إجراء هذه العملية إلا إذا تعذر إجراؤها ليلا أو في غير رمضان، وتكون هذه حاجة مبيحة للفطر إذاً.
تفاصيل : لابد من تفصيل الحكم من جهتين، جهة الزوج، وجهة الزوجة.
بالنسبة للزوج: لابد من أخذ النطفة من الزوج عن طريق الاستمناء، والأصل في الشرع أنه لا يجوز إقدام الصائم على إفساد صومه بالاستمناء في نهار رمضان لأن الإفطار (عمدا) في رمضان معصية، ولذا فإنه لا يجوز له الاستمناء في نهار رمضان لغرض تلقيح بويضة الزوجة، ولا يجوز أن يطلب منه ذلك أو أن يعان عليه إلا في حالة الضرورة التي يباح بها المحظور، ولا تتحقق الضرورة إن أمكن أن تتخذ هذه الإجراءات في غير وقت الصيام كليل رمضان أو ما بعد انقضاء شهر رمضان، أما الضرورة التي تجيز ذلك فهي أن يتعين إجراء ذلك في نهار رمضان بأن تكون الحالة التي هي موضوع العلاج لو تأخر هذا الإجراء (وهو الإقدام على إفساد الصوم بالاستمناء في نهار رمضان) لضاعت الفرصة ولما تحققت المواصفات والظروف المفيدة لمثل هذا العلاج.
وفي جميع الأحوال يفسد صيام المريض بالاستمناء في نهار رمضان باتفاق الفقهاء ويجب عليه الإمساك بقية يومه لحرمة شهر رمضان، فإن استمنى بطل صومه وعليه القضاء فقط، ذكر ذلك السادة الحنفية، في الدر المختار وحاشية ابن عابدين (2/ 399)، والسادة الشافعية، في الحاوي الكبير (3/ 436)، والسادة الحنابلة، في حاشية الروض المربع (3/ 396).
وخالف السادة المالكية فقالوا: عليه القضاء والكفارة، ذكر ذلك العدوي في حاشيته على كفاية الطالب الرباني (1/ 459)، وذلك، لأن الكفارة عند المالكية، على تعمد الفطر بأي نوع من أنواع المفطرات، جاء ذلك في، إرشاد السالك إلى أشرف المسالك في فقه الإمام مالك (ص: 39).
وبالنسبة للمرأة: فلا يعتبر إدخال مني الرجل إلى فرج المرأة بواسطة القسطرة من المفطرات لأن عملية التلقيح هذه ليست أكلاً ولا شربًا ولا هي في معنى الأكل والشرب بأي وجه من الوجوه. كما أن إدخال المني بهذه الطريقة لا يعد جماعاً، ولذا لا يلزمها الغسل، فلا يجب الغسل على امرأة بمني وصل للفرج لو بجماع فيما دونه وكذا لا يجب عليها الوضوء ما لم تحصل ملامسة ولو التذت بوصوله لفرجها ما لم تنزل، كما أنها إذا استدخلت المني في فرجها ثم خرج منها لم يلزمها الغسل هذا هو الصواب الذي قطع به الجمهور، ذكره الدردير في الشرح الكبير ، والدسوقي في حاشيته (1/ 129، 130)، وذكر ذلك الإمام النووي في، روضة الطالبين وعمدة المفتين (1/ 85)، المجموع (2/ 151)، كما ذكره الماوردي في، الحاوي الكبير (1/ 214)، وذكر ذلك أيضاً الإمام البهوتي في، كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 142)، وجاء أيضاً في حاشية اللبدي على نيل المآرب (1/ 24)،
وعلى ذلك فيجب اجتناب ذلك أثناء صيام رمضان والاجتهاد بإجراء عملية التّلقيح قبل رمضان أو بعده، فإنما جاز للزوج الاستمناء لأجل التلقيح لحاجة النسل الذي يعتبر من مقاصد الشريعة، فإنه يجوز له أن يستخرج المني في هذه الحالة لأجل عملية التلقيح شريطة ألا يفعل ذلك الرجل بقصد الشهوة أو المتعة ويجب أن يمسك سائر اليوم مع وجوب القضاء بعد رمضان ولا يلزمه كفارة، ولا يؤثر ذلك على صيام الزوجة، فإن أمكن أخذ العينة المنوية من الزوج ليلا وأجريت الزوجة العملية نهارا لم يكن ذلك مفسدا لصومهما، وإن لم يكن بد من أخذ تلك العينة من الزوج نهارا، فلا ينبغي إجراء هذه العملية إلا إذا تعذر إجراؤها ليلا أو في غير رمضان، وتكون هذه حاجة مبيحة للفطر إذاً.
وهذا ما توصل إليه مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23-28 صفر 1418هـ الموافق 28 يونيو – 3 يوليو 1997م.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم، وهو من وراء القصد، والهادي إلى سواء السبيل.