مفتى الجمهورية يجيب لـ"صوت الأمة" على أسئلة الصائمين

السبت، 25 مارس 2023 08:18 م
مفتى الجمهورية يجيب لـ"صوت الأمة" على أسئلة الصائمين
منال القاضي

 الدكتور شوقي علام:
الموظف أو العامل مؤتمن على العمل.. وإهماله والتقصير فيه بحجة الصيام "خيانةً للأمانة"  
المحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع إضرارًا بالناس حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها
أبواب الخير في رمضان كثيرة أعظمها تعوُّد الصائمين على إفطار غيرهم الصائمين خاصة الفقراء والمساكين
أنشأنا خطًّا ساخنًا لفتاوى الصيام للردِّ على أسئلة المستفتيين يوميًّا.. وعدد السيدات الباحثات داخل الدار زاد  
 
 
مجموعة من النصائح المهمة، أوصى بها الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، المسلمين خلال شهر رمضان، أهمها "أن نغيِّر من سلوكياتنا وأفعالنا السيئة إلى الأعمال الحسنة والإيجابية والتوبة من الأفعال التي لا يرضاها الله عز وجل؛ فيكون لهذا مردود على كل من يحيط بنا"، فضلاً عن زيادة التراحم، وأن يتعود الصائمين على إفطار غيرهم الصائمين.
 
وأجاب الدكتور شوقي علام في حوار لـ"صوت الأمة"، على عدد من الأسئلة والاستفسارات التي تشغل بال المسلمين خلال الشهر الكريم، مؤكداً أن محتكر السلع منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها؛ كما أكد أن الموظف أو العامل مؤتمن على العمل الذي كُلِّف به وفُوِّض إليه، وعدم تأديته على الوجه المطلوب منه مع أخذه الأُجرة عليه فيه تَعَدٍّ غير جائزٍ.
وإلى نص الحوار.. 
 
بداية، ما الجديد في خطة العمل الافتائي لدار الافتاء المصرية خلال شهر رمضان؟
 
وضعت دار الإفتاء المصرية كعادتها كلَّ عام خطَّة متكاملة ومتنوعة لخدماتها وبرامجها التي ستقدِّمها للجمهور خلال شهر رمضان المبارك، بمختلف الآليات والوسائل لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا الشهر الكريم، وقيامًا منها بواجبها في بيان صحيح الدين والأحكام الشرعية والإجابة عن كافة التساؤلات التي تدور في أذهان الصائمين؛ فقد خصَّصت خطًّا ساخنًا لفتاوى الصيام خلال شهر رمضان للردِّ على أسئلة المستفتيين يوميًّا لتسهيل التواصل مع السائلين.
 
كما أن الدار ستعمل كذلك على تكثيف نشاطها على وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي للدار خلال شهر رمضان المعظَّم، وستقدم العديد من الخدمات من بينها خدمة البثِّ المباشر اليومي للإجابة على أسئلة الصائمين بشكل مباشر، وبث قرآن المغرب والفجر بصوت كبار القراء، ونشر فيديوهات قصيرة خاصة بالصيام، فضلًا عن العديد من الفعاليات والأنشطة الأخرى.
ما الأخلاق التي يجب أن يتأسى بها المسلم في شهر رمضان؟
 
كان صلى الله عليه وسلم يحرص على إخلاص النية، والجد والاجتهاد في الطاعة، والإكثار من القربات وإتقان العمل؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رمضان شد مئزره -كناية عن الاجتهاد في العبادة-، ثم لم يأت فراشه حتى ينسلخ" "صحيح ابن خزيمة".
 
كما يسن الإكثار من النوافل، والصدقة، والإحسان للنفس والغير، والذكر، وفعل المستطاع من أعمال البر والخير؛ تأسيًا به صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. "متفقٌ عليه"، وهي سمات راقية تؤكد على أن أفضل ما يتقرب المسلم به إلى الله تعالى في هذا الشهر الفضيل يكون بإقامة الفرائض والواجبات المطلوبة منه؛ كالصلوات الخمس على أوقاتها، والزكاة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام خاصة الأقرب فالأقرب، وأداء مهام العمل، وإتقان الكسب، مع مراعاة شروط كل عبادة وآدابها؛ حتى تقع صحيحة، وتلقى القبول والرضا وجزيل المثوبة؛ لأن ذلك يُعَدُّ من أحب الأعمال إلى الله تعالى.
 
وما هى نصيحة فضيلتكم للصائمين لتعظيم الاستفادة من الشهر الكريم؟
 
علينا في رمضان أن نغيِّر من سلوكياتنا وأفعالنا السيئة إلى الأعمال الحسنة والإيجابية والتوبة من الأفعال التي لا يرضاها الله عز وجل؛ فيكون لهذا مردود على كل من يحيط بنا.
 
وما هو فضل الصدقات في رمضان؟
 
إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في رمضان كان جوادًا يفيض بالكرم كأنه الريح المرسلة، ينفق نفقةَ مَن لا يخشى الفقر، وكان يُفطر الصائم، ويرغِّب في بذلك بقوله: "من فطَّر صائمًا كان له من الأجر مثل أجره ولا ينقص من أجر الصائم شيئًا"، ففضل الصدقات سواء بإطعام المحتاجين والفقراء أو غيرها من الصدقات في رمضان لها أجر عظيم.
 
ما هي مظاهر التكافل والتراحم خلال الشهر الفضيل؟
 
أبواب الخير في رمضان كثيرة، ولعل من أعظمها تعوُّد الصائمين على إفطار غيرهم الصائمين، خاصة الفقراء منهم والمساكين، فمن خصائص هذا الشهر الكريم أنه شهر المواساة، يتكافل فيه كافة أفراد المجتمع، وتَعمُر فيه البيوت والطرقات بموائد الطعام التي يجهِّزها المقتدرون لإطعام الطعام ليحوزوا فضل الكرم والإنفاق.
 
ما حكم احتكار السلع خاصة في رمضان مع الحافظ على التكافل المجتمعى؟
 
لا خلاف بين الفقهاء في أن الاحتكار حرامٌ في الأقوات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» وغيره من الأدلة، فالمحتكر منعدم الضمير وآثم إذا قصد حجب السلع عن أيدي الناس إضرارًا بهم حتى يصعب الحصول عليها وترتفع قيمتها؛ وبهذا يحصل المحتكرون على الأرباح الباهظة دون منافسة تجارية عادلة، وهو من أشدِّ أبواب التضييق والضرر، والسلع التي يجري فيها الاحتكار هي كل ما يقع على الناس الضرر بحبسها، ولا مانع من اتِّخاذ الدولة لإجراءات تمنع الاحتكار.
 
ما النهج الذي يجب أن ينتهجه المسلم في التعامل مع الأزمات الاقتصادية خاصة في رمضان؟
 
ينبغي نشر ثقافة التراحم والتكافل في رمضان، فقضية التكافل والتراحم الاجتماعي متفرعة من قاعدة عليا جليلة في الإسلام وقيمة ورمزية عالية في الإنسانية ألا وهي قيمة الرحمة؛ فهي مفردة متغلغلة في السلوك الإنساني، وأصل من الأصول العامة الضابطة لحركة الناس؛ لكونها منبعًا كريمًا ينتج لدى الإنسان اللِّين والعطاء والعطف بما يثمر في إشاعة السعادة وحب الخير للغير؛ فروح الإنسانية ونقاء شخصية الإنسان وصدق تدينه لن يعود إلا بالتمسك بمنظومة القيم وعلى رأسها قيمة "الرحمة"، فبها تنبعث سمات الحب والعدل والمساواة والتعاون والتكامل والسلم والاستقرار والصدق والتآخي، وهناك نصوصًا كثيرة تحث على التراحم والتكافل، وهي من الكثرة بحيث يصعب حصرها، حيث يصف ربنا نفسه بالرحمة ابتداءً، وعليه يبتدئ المسلم عمله صغيرًا كان أو كبيرًا بـ "باسم الله الرحمن الرحيم"، وكل عمل الإنسان يجب أن يكون مشتقًّا من الرحمة ليثمر التراحم، حيث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»، وهذا التعبير الرائع يصلح عنوانًا لكل إنسان مسلم، بحيث يجب أن تكون حياته رحمة وتراحمًا مع غيره، والرحمة تشمل عدم ظلم الإنسان لغيره من الناس كما يفعل بعض التجار وقت الأزمات من احتكار السلع من أجل تحقيق زيادات سعرية غير مشروعة أو غير قانونية.
 
كيف يوازن المسلم بين الصوم والعبادات، والعمل في رمضان دون إهمال أي منهما؟
 
الموظف أو العامل مؤتمن على العمل الذي كُلِّف به وفُوِّض إليه، وعدم تأديته على الوجه المطلوب منه مع أخذه الأُجرة عليه فيه تَعَدٍّ غير جائزٍ؛ فإهمال العمل والتقصير فيه بحجة الصيام يُعدُّ خيانةً للأمانة، ومِن جملة الغِشِّ والمَكْر والخِدَاع
 
كيف نغتنم الشهر في خطوات بسيطة يستفيد الجميع من تطبيقها؟
 
جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان موسمًا عظيمًا تنهل منه الأمة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، وميدانًا فسيحًا للتنافس بين أفرادها؛ باغتنام أوقاته المباركة بالإخلاص والجد والاجتهاد وإتقان العمل والإكثار من الأعمال الصالحات.
 
ما الدور الذى تقوم به الدار في تعزيز التواصل مع المجتمعات المسلمة في كل أرجاء العالم وخاصه في دول الغرب؟
 
هناك جهود كبيرة تقوم بها دار الإفتاء المصرية في العالم لتنمية وتطوير مؤسسات الفتوى في العالم، حتى تستطيع القيام بواجباتها الدينية والوطنية في تقديم الفتاوى الصحيحة المعبرة عن أحكام الشرع الشريف ومقاصده؛ الأمر الذي يرسِّخ السلام والأمان، ويكافح التطرف والإرهاب.
 
ما كيفية مواجهة التحديات ووضع الحلول لها وعلى رأسها ظاهرة الإسلام فوبيا؟
 
تقدم دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كافة أشكال الدعم العلمي والشرعي للمسلمين في الخارج، وكذلك تدريب علماء هذه الدول وطلابها على مهارات الإفتاء من خلال البرامج التدريبية التي وضعتها دار الإفتاء.
 
هل هناك خطة تشمل تعيين مزيد من المفتيات السيدات على غرار تعين أول  سيده فى امانة الفتوى؟
 
معايير اختيار الباحثين في المجال الشرعي أو الإعلامي داخل دار الإفتاء المصرية يعتمد على العلم والكفاءة بغض النظر عن صفته رجلًا أو امرأة، بل لقد ازداد عدد السيدات الباحثات داخل الدار في السنوات الأخيرة؛ مما يبرهن على أن المرأة قادرة على أن تعطي في هذا المجال ما دامت امتلكت أدواته وقدراته.
 
وهناك مؤشرات كثيرة تدل على أن المجتمع يتجه نحو الرقي والتقدم، منها ما هو ملاحظ وظاهر في تزايد نسبة حضور المرأة في العمل التشريعي والوظيفة العامة الآن مقارنة بسنوات سابقة، بل نجد أن الدولة ترسِّخ أقدامها في هذا الإطار بالاعتماد على الكفاءة بغض النظر عن كون الكفء الذي يتولى الوظيفة رجلًا أو امرأة.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة