أول أمينة فتوى في دار الإفتاء لـ«صوت الأمة»: أغلب الاستفسارات تصل إلينا من الرجال

السبت، 18 مارس 2023 06:00 م
أول أمينة فتوى في دار الإفتاء لـ«صوت الأمة»: أغلب الاستفسارات تصل إلينا من الرجال
أول أمينة فتوى تتحدث لصوت الأمة
حوار: منال القاضي

- رحلتي في دراسة العلوم الشرعية أهلتني للعمل في دار الإفتاء.. والدين ليس منفصلا عن المجتمع

- أستعين بأهل الاختصاص في الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس والطب عندما أتعرض لفتاوى لمسائل مرتبطة بهذا العلم

للمرة الأولى في تاريخ دار الإفتاء المصرية يتم اختيار امراة في العمل بالأمانة العامة للفتوى، بعدما جمعت العلوم من رحاب الجامع الأزهر ومن قبله جامعته، ما مكنها من دراسة كل ما يتعلق بعلم الفتوى وأهلها إلى دورها المحوري كجزء من المؤسسة الشرعية المصرية.

الدكتورة زينب السعيد أمنية الفتوى بدار الإفتاء المصرية روت لنا رحلتها العلمية، ما أتحاح لها تقلد أعلى المناصب بدار الإفتاء المصرية.. وإلكم نص الحوار.

بداية حدثيني عن مشوراك العلمي في رحاب الأزهر الشريف؟  

من نعم الله تعالى عليّ أن جعل طريقي للعلم يبدأ بالأزهر الشريف، فقد تدرجت في سلم التعليم الأزهري إلى أن حصلت على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية عام 2006، وبجانب الدراسة الأكاديمية حرصت على التمكن أكثر في العلوم الشرعية فحضرت في الدروس الحرة والمجالس العلمية التي يعقدها الجامع الأزهر الشريف؛ حيث يقوم كبار العلماء بتدريس كافة العلوم الشرعية بطريقة الدراسة الحرة، فيختار أحد الكتب التراثية في علم معين كالفقه وأصول الفقه والعقيدة والمنطق والنحو والبلاغة والحديث وعلومه وهكذا، ليقوم بتدريسها للطلاب الراغبين والمحبين لطلب العلم الشرعي.

وصاحب ذلك حرصي على إتمام الدراسة الأكاديمية فحصلت على الدراسات العليا، وسجلت رسالة الماجستير، وأنا الآن في مرحلة الاستعداد للمناقشة إن شاء الله.

ما المقومات التي أهلتك لمنصب أمانة الفتوى كأول سيدة مصرية تتقلد هذا المنصب؟

من رحلتي العلمية التكوينية التي ذكرتُ ملامحها بصورة إجمالية زاد حبي وشغفي بمجال الفتوى، فكنت من أوائل الدفعات التي التحقت بموقع إعداد المفتيين الذي أطلقته دار الإفتاء المصرية للتعليم عن بُعْد، والذي يهتم بجانب دراسة العلوم الدينية والتراث الإسلامي بدراسة علوم الواقع كعلم الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس تحت أيدى الخبراء والمتخصصين بكل فن، ما يؤول بالدارس في نهاية سنين دراسته أن يكون على إحاطة بعلوم الواقع ومستجداته إضافة إلى إحاطته بالعلوم الدينية ما يؤهله للفتوى الصحيحة؛ حيث إن العمل بمجال الفتوى يتطلب دراية ووعي بالواقع.

ثم صادف وقت دراستي في هذا الصرح العلمي الرائع وهو موقع إعداد المفتيين عن بعد أن أعلنت دار الإفتاء عن دورة مكثفة لإعداد المفتيين بالحضور المباشر، فلم أتردد في الالتحاق بهذه الدورة والتي استمرت لأكثر من عام متواصل، وخضعت بها للتدريب العملي والنظري بصورة مكثفة جدا حتى تم تعييني بعد اجتياز عدد من الاختبارات للعمل الشرعي بدار الإفتاء المصرية.

بعدها مارست العمل الإفتائي بمجال الفتوى المكتوبة في الإدارات المختصة بذلك طيلة 8 سنوات متواصلة، وهي إدارات طبيعة العمل فيها تجمع بين البحث الشرعي والفقهي وبين استقبال المستفتين.

وفي غضون العام الماضي طوَّر فضيلة المفتي لجنة أمانة الفتوى لتكون مجمعًا علميًّا؛ فتم اختياري كأول امرأة تنضم للجان المنبثقة من هذه اللجنة النوعية، فكنت عضوًا من أعضاء لجنة الأحوال الشخصية.

وكان لدي همة عالية في القيام بالمهام التي توكل إليَّ، حتى فوجئت بثقة فضيلة المفتي وقرار ضمي كعضو من أعضاء اللجنة العامة لأمانة الفتوى، وذلك يُعد أكبر دليل على التطور الكبير الذي تشهده مؤسسة دار الإفتاء المصرية في عهد فضيلته من حيث الاهتمام بالمرأة ودورها في المجتمع.

في كل رحلة علمية لابد للدارس أن يتأثر بشخصيات تنير طريقه للعلم.. فما أكثر الشخصيات التي أثرت في رحلتك العلمية؟

الإنسان الراغب في تطوير نفسه يفتح قلبه وعقله لكل من يتلقى عنه، فلذلك كنت حريصة أشد الحرص على أن استفيد من كل عالم مررت به في طريقي لطلب العلم، ومن كل صاحب تأليف قرأت له، حتى يمكن القول بأن كل من تعلمت على يديهم كان لهم أثرًا بارزًا في تكويني العلمي والفقهي والعقلي، ولولا ذلك لما كنت تطورت  وسأظل في سعي دايم لتطوير نفسي، ولذلك استفيد من الجميع.

بطبيعة العمل في العلوم الشرعية أو كل ما يخص علوم الدين ستكون هناك تحديات صعبة فما بالنا بالعمل الإفتائي.. فما التحديات التي واجهتك كامرأة؟

العمل داخل دار الإفتاء المصرية يقوم على تضافر الجهود وتكاملها، وعدم إحداث فارق بين الرجل والمرأة، الكل يعمل على تحقيق هدف واحد وهو القيام برسالة المؤسسة والنهوض بمهامها.

فمن هذه الناحية لم أشعر بتحديات، والتحديات التي أوجهها هي أعباء العمل العادية، ومع ذلك فـالتحدي الأكبر في العمل الإفتائي هو خطورة ذلك المقام، والذي يستلزم أن يمتاز المفتي بأكبر درجات الدقة في تخريج الفتوى على الفرع الفقهي الذي تندرج تحته.. وقد تغلبت على ذلك بكثرة ممارسة الفتوى في فروعها المختلفة، إضافة إلى كثرة النقاش في المسائل الشائكة مع من لهم خبرة كبيرة في الفتوى، حتى كان يصل الأمر في كثير من الأحيان أن تكون هذه النقاشات العلمية مع فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام، فكان يسمع مني ويناقشني إلى أن يتضح لي المسلك الفقهي الحكيم والدقيق للواقعة محل البحث.

وأحيانًا أستعين بأهل الاختصاص من العلوم المختلفة كعلماء الاقتصاد والاجتماع والنفس وكذلك أهل الطب بتخصصاته المتنوعة عند التعرض لمسائل مرتبطة بهذا العلم، حتى استبصر كافة التفصيلات المرتبطة بالمسألة محل السؤال وأدركها إدراكًا كاملًا حتى تحون الفتوى وفق منهجية علمية منضبطة.

هل لديكِ طموحات في إحداث تطوير في أمانة الفتوى بما يتواكب مع محدثات العصر؟

العمل بدار الإفتاء دائما في تطور وتقدم مستمر وأمانة الفتوى جزء من هذا العمل.

ولدي طموح وهمة عالية في المشاركة الإيجابية وأن أكون جزءًا من ذلك بحسب موقعي الفني والإداري، لأن الكل يعمل على تحقيق هدف واحد وهو النهوض برسالة هذه المؤسسة العريقة وما يقوم به فضيلة المفتي من جهود كبيرة ومشكورة.

وهل عملك مقتصرًا على الفتاوى النسائية فقط؟

لا.. على الإطلاق مارست العمل الإفتائي في شتى مسائل الفقه من المعاملات والعبادات والأحوال الشخصية وغيرها.

وما المواصفات التي يجب توفرها في المرأة التي تقوم بالعمل كمفتية؟

هي ذات المقومات التي ينبغي أن تكون متوفرة فيمن يعمل بمجال الفتوى، من الدراسة الرصينة لعلوم الدين والدنيا، ثم التخصص في مجال الإفتاء والذي لا يكون إلا بالتدريب العملي والنظري، وكذلك إدراك الواقع المعاصر بمتغيراته المتسارعة حتى تخرج الفتوى مراعية للواقع ومتناغمة معه.

وجدير بالذكر في هذا الخصوص أن "الموَّقِّعات عن الله" من أهل الفتوى والدراية العلمية من النساء لهن قاعدة علمية واسعة وممتدة في هذا المجال منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر الشيخ ابن القيم (ت 751هـ/1350م) نحو اثنتين وعشرين مفتية، وفي كتب التاريخ والطبقات إحصاءات رقمية تثبت رسوخ حضور المرأة وبقوة مجال الإفتاء الشرعي وتأثيرهن في أوساطه.

ومن الذي دعمك لحصول هذا المنصب الرفيع في كبرى المؤسسات الدينية التي حملت على عاتقها أمانة الكلمة في إراحة المواطنين بالفتوى الشرعية في جميع جوانب الحياة بما يتفق مع الشريعة الإسلامية السمحة؟

ثقة فضيلة المفتي، والتطوير الفني والإداري الذي تشهده دار الإفتاء في عهده، فمن الجميل جدا أننا في دار الافتاء نعمل ونتعلم في آن واحد، وينبني على العمل الترقي هوالترشيحات للمناصب المختلفة وفق سيرورة منضبطة تعتمد أصالة على الكفاءة والانتاج.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق