سيناء كاملة بينا.. الإرهاب أصبح تاريخ والعمران والتنمية هي المستقبل (ملف)
السبت، 04 مارس 2023 06:00 م
- الدولة اختارت المسار الصعب بالقضاء على الإرهاب وبدء أكبر تنمية حقيقية لم تشهدها سيناء في تاريخها من قبل
في 2014 قال الرئيس عبد الفتاح السيسى إن «المخطط كان أن تصبح سيناء كتلة إرهاب وتطرف لا يستطيع أحد أن يتخلص منها، وأن المعركة لن تظل أسبوع أو اثنين أو شهر ولا حتى سنة، بل ممتدة ولن تنتهي»، مؤكداً على أنه لن يستطيع أحد أن يكسر إرادة المصريين ولن يستطيع أحد أن يفصل سيناء عن مصر، وقلب الدولة المصرية، ولهذا كان لدى الدولة المصرية في هذه المرحلة خياران؛ أولهما والأسهل هو توجيه جهود الدولة لمواجهة الإرهاب فقط وعقب الانتهاء من الإرهاب يتم النظر لعملية التنمية، إلا أن الخيار الثاني الأصعب والأعقد الذي تم اتخاذه من قبل القيادة السياسية وهو بالتوازي مع القضاء على الارهاب، تبدأ كذلك عملية التنمية الحقيقية التي لم تشهدها سيناء في تاريخها من قبل.
ولطالما كانت سيناء الرقم الصعب في معادلة الأمن القومي المصري، لخصوصية وحساسية موقعها الجيوستراتيجي الذي جعل منها مطمع للكثيرين.
بعد التحركات الشعبية في ثورة 25 يناير وما تبعها من فراغ أمني، سمح للتنظيمات الإرهابية أن تجد بيئة صالحة لتحركاتها وتنفيذ استراتيجيتها على الأرض، كانت سيناء منذ الوهلة الأولى مستهدف لأن تصبح قاعدة انطلاق للعمليات الإرهابية، وأيضًا موطئ لمعسكرات اعداد وتدريب العناصر الإرهابية المسلحة، ومن ثم تنتشر إلى باقي محافظات مصر.
الخطط التي كشفت عنها معلومات الاجهزة المختصة وتحقيقات الجهات القضائية مع العناصر التي وقعت في يد الأمن المصري، كشفت عن فضاحة ما رسم لمستقبل تلك البقعة التي تمثل بوابة مصر الشرقية، فكانت الخطوة الحقيقية هو إعلانها من قبل التنظيمات الإرهابية كإمارة مزعومة لهم في مصر، وبدأت تنطلق منها عمليات نوعية هي الأكبر في تاريخ حرب مصر مع الإرهاب.
كان الرهان من بعض الداخل والخارج أن تكون سيناء هي أول السبيل إلى انهيار الدولة المصرية، وآن تسلك طريق اللاعودة، أو على أقل تقدير تقضي عقود في محاولة الوقوف على أقدامها مرة أخرى، لكن مصر قررت أن تقضى على اضغاث الأحلام تلك، وأن تخوض غمار الحرب عازمة على نصر لا بديل له، بل وأن تعيد أيضًا روح العبور مرة أخرى، وتكون هذه الحرب هي بداية عهد جديد من الاعمار والتنمية، بل زادت في الأمر أن تكون سيناء قادرة على استيعاب 3 مليون مواطن مصري قادمين من جميع محافظات مصر، وهو الرد الأمثل على ما تم الترويج له بشأن تهجير الأهالي من الشريط الحدودي، وجاء الواقع ليثبت بالدليل القاطع عدم صحة ما تم الترويج له، لنجد أبناء القبائل في الشيخ زويد ورفح يعودون مرة أخرى إلى منازلهم ومزارعهم بعد أن انتصرت الدولة في معركتها ضد الإرهاب.
مؤسسات الدولة تدرك تماما أن معركة الإرهاب تقوم على شقين، الاول يتمثل في المواجهة المسلحة وتحييد القدرات القتالية للتنظيمات، وتجفيف منابع التمويل والدعم اللوجستي، والشق الثاني يرتكز على المواجهة الفكرية وتفكيك أدوات التجنيد للعناصر الجدد، والمحاصرة الفكرية للقدرات الدعوية التي يستخدمها قادة التنظيمات، وهي المرحلة الآنية التي تتزامن مع خطط التعمير والبناء والبنية التحتية، التي يجب أن تلقى اهتمام بالغ من المؤسسات المعنية بالثقافة والتعليم والشباب والدعوة الدينية.
لا يمكن أن ننكر التهميش الذي تعرضت له المحافظة الحدودية شديدة الحساسية على مدار عقود، وهو ما دفعت مصر ثمنه من جراء الإرهاب القادم من صوبها تجاه ربوع مصر، لكن مؤسسات الدولة تداركت الفاتورة جيدًا وتسعى بكل ما لديها من امكانيات في إعادة رسم خريطة شمال سيناء، وتجنب الوقوع في نفس الأخطاء القديمة من اهمال حالة ضعف القدرة المادية وفقر الموارد وغيرها من العوامل التي هيأت الأرض لانتشار الفكر المتطرف والعناصر الإرهابية على ارض سيناء، بالرغم من الرفض الشعبي لأبناء سيناء وتعاونهم الكلي في الحرب على الإرهاب.
أبناء سيناء كانوا ومازالو الرقم الصحيح في معادلة مساندة القوات المسلحة في حربها على الإرهاب، وقد بذلوا كل غالي ونفيس في سبيل القضاء على الجماعات الإرهابية، ولم يدخروا جهدا ولا دما ولا ولدا في معركة الحفاظ على بوابة مصر الشرقية، وأن كانت مقولة أهل مكة آدرى بشعابها، فإن أبناء القبائل هم كانوا الأقدر في معاونة القوات المسلحة في القضاء على خطة عزل سيناء عن مصر.
خاضت القوات المسلحة بجانب أبناء سيناء معركة لا تقل عن معركة التحرير بل قد تكون أصعب. العدو مجهول الهوية والموقع، متخفي بين جموع الجمهور لا يحمل علامة مميزة ولا مظهر كاشف للهوية، يتحرك في الظلام بمعدات واسلحة خفيفة كخفافيش الظلام، دون ان يتركوا أثر، على علم جيد بجغرافيا المكان، لكن النصر كان حليفها بعد أن امتلكت القدرة وعاونها القدر في كتابة شهادة وفاة الإرهاب.
لكن التاريخ القريب من بعد موجة الإرهاب التي حدثت عامي 2004 و2005 أكدت أن الإرهاب حالة مستمرة، قد تنخفض وتيرتها ويهرب جرذانها تحت الأرض حتى حين، لكن إذا واتتها الفرصة وتوفرت لها معطيات التحرك مرة أخرى، دبت في أوصالها الروح وعادت تعيث في الأرض فسادا، اللهم إذا كان الوعي الجمعي رافضا وفي حرب رفض دائم لمرجعياتها وأسباب تواجدها، وعملت الدولة بجهد مستمر على التصدي لدوافع تواجدها من فقر وجهل، وهو ما تؤكد الدولة أنها تملك خطة قوية لضمانة أن لا تعود إلى القتل والتكفير مرة أخرى، وفي المقدمة تأتي خطة التنمية التي بدأ سيناء في جني ثمارها.
في هذا الملف، نستعرض حرب العبور الثانية التي قامت بها الدولة الثانية لتحرير سيناء من الإرهاب، والانطلاق في حرب التعمير والتنمية، لهذا الجزء العزيز والغالى علينا جميعاً، مستعرضين من خلاله كل خطط الدولة التنموية وكيف تحولت الحلم إلى واقع على الأرض.
والأحد الماضى، شهد الرئيس السيسى اصطفاف المعدات المشاركة في تنفيذ خطة الدولة لتنمية وإعمار سيناء، تبلغ 540 معدة ومركبة هندسية تم تقسيمها إلى خمس مجموعات، الأولي بإجمالي 108 معدات ومركبات هندسية، وتشمل 72 عربة قلاب حمولة 20 طنا، و36 رافع أتربة بقدرة خمسة أمتار مكعبة، والمجموعة الثانية بإجمالي 72 معدة هندسية، وتشمل 36 رافع أتربة بقدرة ثلاثة أمتار مكعبة، و36 آلة للتسوية بإمكانيات التسوية 6 آلاف مكعب/ يوم، والمجموعة الثالثة بإجمالي 180 قلاب جرف بقدرة إزاحة 600 متر مكعب/ ساعة.
وتشمل المجموعة الرابعة 72 معدة هندسية، تضم 36 آلة تسوية بإمكانيات تسوية ستة آلاف متر مكعب/يوم، و36 رافع أتربة بقدرة أربعة أمتار مكعبة، والمجموعة الخامسة بإجمالي 108 معدات ومركبات هندسية، وتشمل 36 رافع أتربة بقدرة أربعة أمتار مكعبة، و44 قلابا حمولة 20 طنا، و28 عربة نقل وخلاط خرسانة سعة 10 أمتار مكعبة.