العنف والتمرد والإرهاب يهدد القارة السمراء.. إفريقيا للعالم: اسمعوا أوجاعنا
السبت، 25 فبراير 2023 07:00 ممحمد فزاع
- توقف البنادق يسرع بجهود التنمية وينقذ 50 مليون إفريقي.. منطقة التجارة الحرة تقضي على أزمات التمويل
- العنف والتمرد والإرهاب والتوترات المجتمعية يهدد القارة السمراء.. والتصحر والفيضانات يقتلون الألاف سنويا
- العنف والتمرد والإرهاب والتوترات المجتمعية يهدد القارة السمراء.. والتصحر والفيضانات يقتلون الألاف سنويا
تتكالب أزمات أمنية غير مسبوقة على قارة إفريقيا تعيق التنمية منها أزمة الأمن الغذائي التي فاقمتها وقائع المعارك في أوكرانيا، وزاد الأمر التنظيمات الإرهابية والنزاعات المسلحة، وحتى أزمات التغير المناخي التي ترجمتها موجة الجفاف التي تهدد الملايين.
وفي العامين الماضيين شهدنا حروبا أهلية في إثيوبيا وشرق الكونغو الديمقراطية أما الوضع في دول الساحل وحوض بحيرة تشاد والأجزاء الوسطى والشرقية من إفريقيا بات مثيرا للقلق، وتزعزع الجماعات المسلحة استقرار مساحات شاسعة منه بحثا عن موطئ قدم، وهو ما دفع الأمر لقلق أممي وعربي ألقى به أنطونيو غوتيريش وأحمد أبو الغيط على طاولة القادة والزعماء المشاركين بالقمة الأفريقية التي اختتمت اعمالها الأسبوع الماضى في أديس أبابا.
أبو الغيط، قال إن "الظروف والتحديات الدولية تدفعنا إلى تبادل الرؤى للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية الضاغطة، والتعاون العربي الأفريقي يستند إلى مصالح مشتركة ووجهات نظر متقاربة".
بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أن الاستثمار في أفريقيا يحتاج إلى تمويل والنظام المالي العالمي يتجاهل القارة، مشددا على شعوره بالقلق لتنامي أنشطة الجماعات المسلحة في الكونغو والساحل، فيما أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، إن دول القارة تقاوم الإرهاب رغم غياب التضامن فيما بينها، لكن التنظيمات المتشددة تمدد غرب القارة وحول بحيرة تشاد وفي القرن الأفريقي.
مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أكد انتشار تجارة الأسلحة بين موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، داعيا الدول إلى الوعي لمحاولة كبح انتشار الأسلحة، موضحا أن حصيلة القتلى بلغت 9 آلاف و300 شخص العام الماضي في أعمال عنف في منطقة الساحل.
وتتعدد مصادر العنف بين التمرد واللصوصية والإرهاب والتوترات المجتمعية، ما يجعلها بيئة خصبة لتداول الأسلحة بكميات كبيرة تأتي من القارة نفسها، وهي غالبًا ما يجري سرقتها من القوات الوطنية في ساحة المعركة أو من مستودعات الأسلحة أو شرائها من العملاء الفاسدين، وأحيانا أخرى يجري صناعتها يديويا، لتكون في أيدي الميليشيات المجتمعية.
ووسط تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية، يأتي دائما باتت عدة بلدان أفريقية، تحت مقصلة التنظيمات الإرهابية، التي جعلت من استقطاب الشباب هدفًا، واتساع النفوذ حلمًا، لا تراجع عن تحقيقه، فمن مالي وتشاد مرورًا بالنيجر والكونغو الديمقراطية إلى بوركينا فاسو ونيجيريا والصومال، تمدد الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي، كاشفًا عن وجهه القبيح بزيادة وتيرة العمليات الإرهابية، لكن تمدد نفوذ هذه التنظيمات بشكلٍ ملحوظ، يعود لتردي الأوضاع السياسية والمعيشية في القارة السمراء.
ويقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، إن الغالبية العظمى من دول أفريقيا تعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية؛ الأمر الذي يدفع الكثير من الشباب نحو خيارين؛ الهجرة غير الشرعية، أو الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن تدني مستوى التعليم في أفريقيا وارتفاع الأمية لأعلى مستوى بين قارات العالم، إضافة إلى "الرشوة والمحسوبية ونمطية العيش"، أسباب تدفع الشباب نحو اعتناق أفكار "متطرفة ومن ثم الانضمام إلى إحدى التنظيمات الإرهابية"، بهدف محاولة تغيير الوضع القائم بالعنف عن طريق السلاح.
ويؤكد المركز الأوروبي، إنه بينما تتواجد على أرض أفريقيا 64 من التنظيمات والجماعة الإرهابية الناشطة في مختلف مناطقها، تختلف انتماءاتها، إلا أنها تتفق في اتخاذ العنف وسيلة لها، ومنها تنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام، وحركة الشباب الصومالية، وداعش، موضحاً أن العمليات الإرهابية خلال 2022 شهدت تمددا وتزايدا، وتصدر فبوركينا فاسو ومالي والنيجر قائمة بلدان المنطقة من حيث عدد ضحايا الإرهاب، وسقط فيها مجتمعة نحو ألفي شخص 2022.
يؤكد المركز الأوروبي، أن الاستجابات الدولية والإقليمية للعنف فشلت في وقف الزيادة المتواصلة في مستويات الإرهاب، بسبب النمو السكاني العالي بالمنطقة، وزيادة معدلات انعدام الأمن الغذائي والنزوح بسبب عوامل التغير المناخي والنزاعات الأهلية، مشيرا إلى أن سبب نمو أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة يعود بشكل أساسي إلى عدم وجود استراتيجيات فاعلة لمكافحة الإرهاب، ما يتطلب، توفير الأطر التي تزود القوات الأمنية بأحدث المعلومات الاستخباراتية التي تحدد طبيعة الجماعات الإرهابية ومصادر تسليحها وتمويلها، توفير الدعم والموارد اللازمة للمنظمات الإقليمية، معالجة الأيدولوجيات والسلوكيات الخاطئة بالتعليم، بجانب إحداث التنمية.
الأمم المتحدة تؤكد أن التصحر منتشر بشكل في إفريقيا، وتفقد القارة الإفريقية 4.4 مليون هكتار إضافية من الأراضي كل عام، وذلك بمعدل زيادة متسارع عن 3.4 مليون هكتار سنويا كانت تفقدها إفريقيا خلال العقد الماضي، وتدهور ما يقدر بنحو 65% من الأراضى الصالحة للزراعة، و30% من أراضي الرعي و20% من الغابات، وهو ما يكلف القارة 68 مليار دولار سنويا، ويؤثر على 180 مليون شخص، معظمهم من فقراء الريف، مشيرة إلى أن فقدان الأراضي الصحية، وتراجع غلات المحاصيل، نتيجة عملية التصحر، يؤدي لعدم توافر الغذاء الكافي للأفراد، ويأتي التصحر عن عدة عوامل، بعضها متعلق بالتغيرات المناخية التي اشتدت وتيرتها السنوات الأخيرة، من فيضانات وجفاف وحرائق، والبعض الآخر ناتج عن تدخلات بشرية مثل الإفراط بالزراعة، والرعي الجائر، واحتجاز المياه، وإزالة الغابات.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه القارة بحسب برنامج الأغذية العالمي، الفيضانات، إذ بتأثّر خمسة ملايين شخص في 19 دولة في غرب ووسط أفريقيا بسبب هطول أمطار فوق معدلها السنوي وتسبب في وقوع ضحايا وفقدان المئات، وأثّرت على سبل العيش وشرّدت عشرات الآلاف من منازلهم ودمّرت أكثر من مليون هكتار من الأراضي الزراعية، وقال برنامج الأغذية العالمي إن هذه الكارثة المتعلقة بالمناخ هي واحدة من الأكثر دموية التي تشهدها المنطقة منذ سنوات، ومن المرجّح أن تعمّق حالة الجوع المقلقة بالفعل للملايين.
وقال كريس نيكوي، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في غرب أفريقيا: "لقد تم بالفعل دفع العائلات في غرب أفريقيا إلى أقصى حدّ في ضوء الصراعات، والتداعيات الاجتماعية والاقتصادية للجائحة، والارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية."
وجاءت القمة الأفريقية لتحاول مواكبة تهدئة الأوضاع باتفاقيات ترعاها في إثيوبيا والسودان، والتعاون الإقليمي حول سد النهضة الإثيوبي، وتخفيف التوترات في منطقة البحيرات الكبرى وأفريقيا الوسطى، ومتابعة ملف أزمة الانتقال السياسي بليبيا، وكان من أولويات الحسم في القمة للقادة الأفارقة إعطاء الأولوية لتسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ومعالجة القضية الملحة المتعلقة بتمويل مشروعات تعالج أزمات التغير المناخي.
وعلى الرغم من دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي أطلقت في 2019 بعد 17 عاما من المفاوضات، لتأسيس سوق موحد يضم 1.3 مليار شخص وناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 3.4 تريليون دولار، إلا أن القارة أحرزت تقدمًا محدودًا في تنفيذها، بسبب التأثير المستمر لوباء كورونا والحرب في أوكرانيا والتهديد المتزايد لتغير المناخ ووقوع 22 دولة أفريقية في ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير، ما أثر على تكاليف المعيشة والوظائف والدخل.
ودعت منظمات المجتمع المدني الإفريقي لحرية تنقل الأشخاص عبر القارة والتصديق عليه وتنفيذه، وتحسين الإدارة عبر الحدود من خلال تبسيط متطلبات التجارة، ورقمنة الإجراءات الإدارية، ووجود نقاط حدودية شاملة من أجل إطلاق العنان لاستثمارات إضافية للبنية التحتية الحيوية.
وتشير تقديرات البنك الدولي، إلى أن تنفيذ الاتفاق التاريخي مهمة شاقة أمام القادة الأفارقة، بسبب عراقيل خلافات خفض رسوم وإغلاق حدود، ولكن حال تطبيقها بالكامل ستُخرج 50 مليون إفريقي من الفقر المدقع وترفع المداخيل بنسبة 9% بحلول 2035.