«الكتاب لا يزال حيا».. الدورة 54 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب تضرب الأرقام
السبت، 11 فبراير 2023 06:00 مأمل غريب
- 3 مليون و600 زائر.. بيع 200 ألف نسخة من الهيئة العامة.. نجيب محفوظ وطه حسين الأكثر إقبالا.. الشباب والأطفال مفاجأة
جاء انتهاء الدورة الـ 54 من معرض القاهرة الدولى للكتاب، والتي انطلقت فى 25 يناير الماضي واختتمت فعالياتها الاثنين 6 فبراير، كاشفة عن الكثير من المفاجآت والمشاهد السارة هذا العام، فعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التى يعانى منها العالم وفي القلب منه مصر، إلا أن هذه الأزمة الطاحنة، لم تمنع جماهير المصريين من الإقبال الكثيف لجنبات المعرض على مدار 12 يومًا.
وحملت الدورة الـ 54 من معرض القاهرة الدولى للكتاب، شعار: "على اسم مصر- معًا نقرأ.. نفكر.. نبدع"، وشهد افتتاحا يليق حقا باسم دولة بحجم مصر، كانت ولاتزال هي عاصمة الثقافة فى الوطن العربي.
وتحرص الدولة المصرية، على واصلة دعمها لكل المحافل الثقافية الهامة، ومن بينها معرض القاهرة الدولى للكتاب، خاصة أنه ثان أكبر حدث ثقافى فى الوطن العربي، ولكونه يعكس مكانة مصر الثقافية ودورها في الدوائر العربية والاقليمية، من خلال الإسهامات الكبرى التي قدمتها القامات الفكرية المصرية الوطنية، على مر العصور، ولاتزل لها أبلغ الأثر في إثراء حركة الإبداع والتنوير فى الوطن العربي.
واستطاعت الدورة الـ 54 من عمر معرض القاهرة الدولى للكتاب، تحطيم العديد من الأرقام القياسية، حيث جاء في مقدمتها مشهد نسب الإقبال الضخمة، والتى فاقت توقعات الجميع، لاسيما وأن تلك الحشود من زوار وجمهور المعرض، تؤكد على وجود عدد ضخم، من القراء والمثقفين في مصر، وينفى شائعات عزوف المواطنين، خاصة الشباب، عن القراءة والاطلاع والثقافة، والحرص الشديد على التزود بالمعرفة، حيث سجل عدد زوار معرض الكتاب على مدار 12 يوما، حضور 3,609,395 مليون شخص، وهو الرقم الأكبر، منذ انتقال المعرض إلى مقره الجديد بأرض المعارض الدولية بالتجمع الخامس، ما يعكس المشهد الحضارى الذى جسدته الأسرة المصرية التي حرصت على اصطحاب الأطفال، من أجل زيارة المعرض للحصول على الزاد الثفافي والمعرفي، وكانت صور امتداد "طوابير" دخول الجمهور إلى معرض الكتاب، هى الأبرز من بين المشاهد التى ميزت المعرض هذا العام، على مدار الأيام منذ افتتاحه، خاصة هذا التنوع البشرى الذى شهدته هذه الـ "الطوابير" الممتدة، والتى شملت شبابا من الجنسين، وأسرا وأطفالا وعربا وأفارقة، فكان التميز الحقيقي الذى أكد على الدور الثقافي الذى تلعبه مصر، وكتابها ورموزها، وتأثيرهم في الثقافة المصرية والعربية والأفريقية كذلك، وهو ما يشير إلى أن هذا الاهتمام الجماهيري بحضور المعرض، بات سمة أساسية لدى الأسرة المصرية، والشباب وضيوف مصر، العرب والأجانب.
كان من بين الصور المميزة لمعرض الكتاب في دورته الـ 54، هو التنظيم والتنسيق الحضارى الذى يتبلور ويتأكد عاما تلو الأخر، على أثر قرار القيادة السياسية، بنقل معرض الكتاب إلى مكانه الحالى، بدلا من مكانه السابق، فى مركز القاهرة للمؤتمرات بمدينة نصر، الذى لم يعد يليق بالتطور الثقافي والعمرانى الغير مسبوق، الذى تشهده الجمهورية الجديدة، بقيادة الرئيس السيسي، وتأكيده على ضرورة وأهمية النقلة الحضارية التى تليق بمكانة مصر، كعاصمة للثقافة في الوطن العربي.
ويعد معرض القاهرة الدولى للكتاب، إحدى أكبر التجمعات الفعلية للناشرين على مستوى العالم، حيث شارك فيه 1074 ناشرًا مصريًا وعربيًا وأجنبيًا، من 53 دولة، من بينها دول تشارك هذا العام للمرة الأولى، منها "المجر والدومينيكان"، إلى جانب فعاليات ثقافية تضم لقاءات مع مبدعين وكتاب ومفكرين وفنانين ورموز وقامات مصرية عربية وعالمية، بهدف تعزيز دور الثقافة في بناء المستقبل، علاوة على أن عدد الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض، بلغت 141 فعالية، وشهدت زخما فكريا كبيرا، تنوعت بين مؤتمرات ولقاءات وندوات، استضافت رموز إبداعية في كافة مناحي الثقافة والفنون على المستوى الأكاديمي أو المهنى، كما وصل عدد الأنشطة الفنية 71 فعالية، شهدت حضورا وتفاعلا جماهيريا ضخما، تنوعت بين العزف على الآلات الموسيقية وغناء وإنشاد ديني وفنون شعبية وإلقاء شعر، إلى جانب فقرات السيرك القومي.
وللمرة الأولى في تاريخ معرض القاهرة الدولى للكتاب، يتم استخدام أحدث أساليب التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، حيث ظهرت شخصية المعرض الأديب "يحيى حقي"، بتقنية الهولوجرام، في عرض تفاعلي مع الجمهور، من خلال شاشة تعمل باللمس، كما استطاع رواد القاعة المخصصة للأطفال، من مشاهدة إحدى قصص الأديب الراحل "عبد التواب يوسف"، شخصية معرض كتاب الطفل، مجسمة افتراضيًا باستخدام نظّارات 3D، كما تم إطلاق مشروع الكتاب الرقمي وبدأ بـ "موسوعة مصر القديمة"، للدكتور "سليم حسن"، عالم الآثار المصرى الراحل.
وتمثل الدورة الـ 54 من معرض القاهرة الدولى للكتاب، الانطلاقة الثانية للمنصة الرقمية، والتى سجلت أكثر من 87 مليون زيارة، وبلغ عدد الزائرين المسجلين عليها نحو 520 الف زائر، فيما وصل عدد الجولات الافتراضية للمعرض 8000 جولة، بينما بلغ عدد التذاكر التي تم حجزها عبر المنصة الإلكترونية، نحو 160 ألف تذكرة، وكذلك وصل عدد مشاهدات الكتب على المنصة للهيئات ودور النشر المشاركة في المعرض، أكثر من 133 ألف مشاهدة.
وجاءت مبادرة الهيئة المصرية العامة للكتاب، التى حملت عنوان "الثقافة والفن للجميع"، من أهم المبادرات التي شهدها معرض الكتاب هذا العام، حيث شهد هذا الجناح إقبالاً كبيرًا، من جمهور بأعمار سنية مختلفة، وطلاب الجامعات والمدارس، وكذلك رحلات مؤسسات أهلية، حيث قدم الجناح مجموعة ضخمة، من الإصدارات والمؤلفات، بأسعار مخفضة، بدأت من جنيهًا واحدًا إلى 20 جنيهًا.
وقال إسلام بيومى مدير معرض الكتاب، أن هيئة الكتاب حققت رقما مفاجئا لعدد النسخ والذى وصل إلى 200 ألف نسخة مباعه، لافتاً إلى أن المصريين قدموا ملحمة عظيمة خلال أيام المعرض، مؤكداً أن نجاح المعرض يحملنا مسئوليات كبيرة بأن تكون الدورة القادمة أكبر نجاحا.
وكانت المفاجأة هذا العام كذلك، شهد جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة، إقبالا ضخما، على مجموعة "طه حسين"، التي أصدرت منها الهيئة 20 عنوانًا، في الذكرى الـ 50 على رحيل عميد الأدب العربي، بالإضافة إلى الإقبال الجماهيري لزوار الجناح على عناوين إصدارات "كنوز المسرح العالمي"، ونفدت طبعات بعض العناوين من سلسلة "الذخائر"، منها "بلاغات النساء" لابن طيفور، و"البخلاء" للجاحظ، ونفدت عناوين أخرى على النفاد مثل "المعارف" لابن قتيبة، وإصدارات العام المصري اليوناني، ومنها "الإلياذة والأوديسة".
كما ظهرت الطبعات الجديدة لأعمال الأديب المصرى العالمى، نجيب محفوظ، وذلك للمرة الأولى بعد انتقال حقوق النشر إلى دار ديوان، والتى خصصت جناحا مخصصا لمشروع نشر أعمال أديب نوبل للعام 1988، ضم جميع أعماله الصادرة فى طبعات جديدة، حيث شهد الجناح توافد أعداد ضخمة من الشباب، وجمهور المعرض، ونال إعجابهم شكل الطبعات الحديثة من أعمال طه حسين، باعتبارها تتناسب مع روح العصر.
وحرص جمهور معرض القاهرة الدولى للكتاب، مع إعلان الهيئة العامة لقصور الثقافة، على اقتناء العناوين الجديدة التى أصدرتها الهيئة من سلسلة "الهوية"، استكمالًا لتقديم أبرز الكتابات والدراسات التي تناولت الحديث عن هوية مصر، من مختلف العوامل الحضارية والبيئية والإنسانية والجوانب الجوانب والمكونات، والتي تلقي الضوء على ما تتميز به مصر، من سمات وخصائص، ساهمت في تكوين شخصيتها وفي بناء هويتها، على مر تاريخها الثابت بجذوره في قلب تاريخ الإنسانية.