دينا الحسيني تكتب: مصر المخرج الآمن للتوافق السياسي.. اجتماعات القاهرة تسهل حل الأزمتين الليبية والسودانية
الثلاثاء، 07 فبراير 2023 08:01 م
دبلوماسية عاقلة ترسم ملامح عمل الدولة المصرية إقليميًا ودوليًا، تتأسس على رؤية وطنية ناضجة وإعلاء لقيم التعاون والتكامل والسعي من أجل مصالح كل الأطراف، وفي القلب من ذلك الأشقاء، خاصة دول الجوار التي تضع مصر مصالحها العليا في القلب من اهتماماتها، وفى طليعتها ليبيا والسودان.
طوال السنوات الماضية لعبت مصر أدوارًا دبلوماسية داعمة للتوافق والتوصل إلى حلول سلمية بغرض تهدئة الأوضاع في ليبيا والسودان، واستعادة الاستقرار والمسار السياسي على أرضية وطنية قوية ومنضبطة، وأحدث حلقات تلك الجهود استضافة حوارين في يوم واحد للقوى السياسية السودانية والليبية، لتؤكد القاهرة من جديد أنها وطن للعرب جميعًا، وحاضنة موضوعية مُحايدة للقضايا العربية على أرضية الصدق والتجرد والإخلاص.
القاهرة استضافت اليوم، اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5" برعاية الأمم المتحدة، التي تعقد على مدار يومين؛ لبحث خطة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، وذلك بمشاركة المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي وممثلين عن دول جوار ليبيا (السودان -تشاد-النيجر).
وأعرب المبعوث الأممي لدى ليبيا- في كلمته خلال الاجتماع- عن شكره وتقديره للحكومة المصرية؛ لاستضافتها اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة ودعمها المستمر وجهودها الرامية إلى إحلال السلام والاستقرار في ليبيا.
كما عقد اليوم أيضاً بالقاهرة ورشة عمل سودانية، بعنوان "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع" بدعوة وجهتها مصر لكافة القوى السياسية والمجتمعية السودانية، بهدف اتاحة الفرصة لها لحوار سوداني/سوداني خلال الفترة 2-7/2/2023، فقد انتظمت القوي السياسية التي لبت الدعوة في ورشة عمل ، حول سبل تجاوز الأزمة السياسية التي تطاول امدها، وقد شارك في الورشة عدد 85 شخصية يمثلون 35 حزباً وحركة تمثل طيف عريض من القوي السياسية والمجتمعية وقوى النضال المسلح في السودان.
انطلاق الحوار السياسي بين الأطراف الليبية، والأطراف السودانية اليوم من القاهرة يؤكد على الكبير الذي لعبته الدبلوماسية المصرية بحيادية وتجرد فى تهدئة الساحة الليبية، والسودانية أيضاً وضبط الأوضاع الداخلية، خلال السنوات الأخيرة، دون تحيز لطرف عن الآخر، مما أسفر عن استقرار ملموس فى الأوضاع وتضييق الخناق على محاولات تقويض الأمن والاستقرار فى البلدين الشقيقتين.
ما حدث اليوم فى القاهرة، من توافق بين الأطراف السودانية وتقارب لوجهات النظر، بالتزامن مع ما أعلنته اللجنة العسكرية الليبية المشتركة في جلستها اليوم، وماسبقها في يناير الماضي من احتضان البرلمان المصرى جولة جديدة من الحوار الليبي انتهت بمؤتمر صحفى ثلاثى جمع رئيس مجلس النواب المستشار حنفى جبالى مع رئيس البرلمان الليبى عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشرى، فى دبلوماسية نيابية تمثل خطوة جديدة وإيجابية باتجاه تحقيق التفاهم بين الأطراف الليبية، ودفع مسار التسوية السلمية للأزمة إلى الأمام، ما هو إلا تتويج لتحركات ومساعى القاهرة السابقة على كافة الأصعدة نحو استقرار ليبيا والسودان، وحرصها الدائم على تقديم كافة أوجه الدعم السياسي واللوجيستي لوقف الصراعات وتجاوز المرحلة الانتقالية، بتهيئة المناخ السياسي الأمن للحوار بعيداً أي توترا أو ضغوط، بإرادة ليبية – ليبية، وسودانية – سودانية خالصة، بما يحفظ وحدة ليبيا والسودان وسيادتهما على أراضيهما ويحقق أمنهما.
وما تزال مصر تواصل دورها الفاعل انطلاقا من مسؤوليتها الإقليمية كأكبر وأهم دول المنطقة، ودورها الريادي في القارة الإفريقية، والتزاما منها بمبادئ حُسن الجوار، والدفع فى اتجاه تأمين ليبيا والسودان، وضمان سلامة شعبيهما، وتفويت الفرصة لأى محاولات للتدخل الأجنبي أو دعم استمرار الفوضى والانقسامات في الداخل الليبي والسوداني.