ماتمنعوش الصادقين ولا تحرموش العاشقين
الأحد، 05 فبراير 2023 06:22 م
ما تمنعوش الصادقين من صدقهم، ولا تحرموش العاشقين من عشقهم، هكذا غنى علي الحجار من كلمات الأبنودي وألحان عمار الشريعي -مع حفظ الألقاب للجميع - في مسلسل أبو العلا البشري الشهير.
ومع الاعتذار للخال الأبنودي عن استخدام كلماته، وعزائي أن بلاغة الألفاظ صالحة لإعادة الاستخدام في مواضع عدة، أستمع للأغنية في شجن، وفي رأسي تدور الأفكار والذكريات الحزينة، عن فترة غيابي عن وطني على غير رغبتي الحارقة، في كل لحظة في العودة إلى تراب الوطن، لا أتمنى أن أدفن تحت غيره يوم تحين لحظة مماتي.
وإذا كانت تلك رغبتي فلا شك عندي أن غيري يعاني مما عانيت يومًا، ويشتاق لعشق "وطنه" كما كنت أعاني من الاشتياق والحنين يومًا، وذلك لا يشعر به حقيقة إلا من عاشه، ومنذ عودتي حملت على عاتقي عهدًا ألا أنسى من هو خارج وطنه، يشتاق شوق المحب إلى محبوبته، ولا يمنعه مانع إلا الاطمئنان أن حالة التهدئة السياسية مستمرة وراسخة ولا تتراجع - وهذا يقيني - وأن حالة استيعاب الرأي المختلف سائدة، وحالة النضج السياسي مع استقرار الدولة تسمح بعودة كل من اختلف في الرأي وعبر عن رأيك بالكلمة وحدها، بلا تحريض على العنف.
ذلك همي الذي أثق في الله أنه إلى زوال في القريب.
أما الصادقون، فظني أن مصر لا ينضب معين العقول فيها، وأن وطننا يمتلئ بأصحاب العقول الراجحة التي تملك تقديم حلول لمشاكل الدولة، ولا يمنعهم إلا فرصة إبداء الرأي في المجال العام من خلال قنوات شرعية، سواء كانت أحزابًا سياسية أو جمعيات أهلية أو وسائل إعلام -من داخل الدولة-، ولا أعني هنا أن كل من يظهر غير صادق ولا كل من لا يظهر صادقًا بالضرورة، أعني هنا فتح المجال العام لإظهار أصحاب الرأي، وتفجير طاقة المجتمع كله للخروج من أزمة تحتاج إلى تضافر جهود الجميع، فلا تقدم يمكن التعويل عليه إلا بتركيز طاقة الجميع على بذل الجهد والعطاء، ولا بذل إلا بإتاحة الفرص للجميع على التعبير الحر أو الفكر، وإعطاء المثل والقدوة وفتح الطرق أمام من يرغب في خدمة مجتمعه.
هي دعوة للاستفادة من أبناء الوطن جميعًا، وكلي ثقة أن الجميع قد استوعب درس الانقسام المجتمعي، وأن الرغبة في إنهاء هذا الوضع غير الصحي، موجودة وتنتظر وفقط شارة البدء.
وعلى الله قصد السبيل.