معرض القاهرة الدولى للكتاب.. ثقافة وقراءة وضحك ولعب

السبت، 04 فبراير 2023 09:00 م
معرض القاهرة الدولى للكتاب.. ثقافة وقراءة وضحك ولعب
أحمد سامى

- أجواء كرنفاليه ثقافية تسيطر على ليالى المعرض.. والأطفال ايقونة الدورة الحالية.. واحتفاليات خاصة لأبناء الإسكان «بديل العشوائيات» 
 
مئات الاف الزائرين يومياً، يقصدون فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب، في دورته الـ54 تحت شعار "على اسم مصر… معا نقرأ… نفكر… نبدع"، الذى يشهد هذا العام مشاركة كبرى من دور النشر والمثقفين، وتكثيف للفعاليات والندوات خاصة للكتاب والمثقفين الأجانب، حيث تعتمد هذه الدورة على الهوية وخلق وعى حقيقي وصادق، وتأكيد على الهوية المصرية الأصيلة التى أبهرت العالم وعلمته الكثير، تنفيذا للمبادرة التي طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسي للحفاظ على الوعي والهوية.
 
ويستمر المعرض حتى السادس من فبراير بمشاركة 1047 دار نشر مصرية وعربية وأجنبية، ويضم البرنامج الثقافي لهذه الدورة قرابة الـ500 فعالية تتنوع بين الفن والسياسة والفكر والثقافة والاجتماع؛ بمشاركة ما يقرب من 53 دولة من مختلف أنحاء العالم.
 
والزئر للمعرض سيجد أنه نجح في تغيير الصورة النمطية لرواده، فلم يعد يقتصر على المثقفين أو كبار السن فقط بل امتد لجذب الأسر بأكملها من رجال ونساء وأطفال من مختلف الثقافات، لما يزخر به من تنوع ثقافي وفكري وترفيهي يقدمه لمرتاديه، وكل يوم يشهد المعرض إقبال عدد كبير من الزائرين إضافة إلى القادمين من مختلف المحافظات للاستمتاع في أجواء كرنفالية ثقافية، فيما يجذب الأطفال أيدي ذويهم نحو الأقسام المخصصة لهم والمعروضات المتنوعة مستمتعين ببهجة الموسيقى وتنوع المعروض من كتب تربوية وترفيهية، إضافة إلى المنتجات التي تتناسب مع أعمارهم.
 
ويقدم المعرض وجبة دسمة من المعارف والفنون، وحتى الحاجة إلى الوجبات الغذائية، فكانت الخدمات المرافقة لإقامة الدورة الحالية تتسع في باحات أرض المعارض لعشرات من المنتجات الغذائية، تعين الرواد على شحن طاقتهم لمواصلة الرحلة الثقافية والاستمتاع بالأجواء الكرنفالية.
 
وفي قاعات أخرى ملحقة بالمعرض، تقام عشرات الندوات على مدار اليوم لمناقشة عدد من المحاور المرتبطة بشعار الدورة الحالية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى عدد من ورش العمل التخصصية المتعلقة بالحقل الثقافي.
 
وكان لافتاً تنظيم العديد من الرحلات للمعرض، سواء من القرى أو المحافظات، حيث استقبل المعرض رحلة للأسر والأطفال من قاطني الإسكان "بديل العشوائيات"، من مدن الأسمرات، وأهالينا ١، وأهالينا ٢، وروضة السيدة، والخيالة، حيث تم تنظيم برنامج فني متكامل لهم، ضم ورشًا فنية، ورشًا للحكي ومسابقات ثقافية، بالجناح المُخصص للطفل، بصالة "5"، واختتم بحوار تفاعلي عن السلوكيات الإيجابية للطفل، و قصص عن معاني الصدق، الأمانة، الحفاظ على البيئة، حب الوطن والوالدين، والعديد من المعاني المؤصلة لغرس القيم الإيجابية، وعبروا خلاله بصدق عن أحلامهم وطموحاتهم المستقبلية.
 
وشهد مسرح "بلازا 1"، عددًا من العروض الفنية للموهوبين  من أبناء قصر ثقافة الأسمرات، والذين قدموا عديدًا من الفقرات الفنية في مجالات، إلقاء الشعر، التمثيل، الفنون الشعبية والتنورة، كورال موسيقى، وغيرها.
 
وأكدت وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلانى، أن الجمهورية الجديدة تهدف إلى بناء الإنسان كما تبني العمران، وتهتم بالتنوع الثقافي المصري، وتدرك الأهمية القصوى للمعرفة والعلم في بناء الشخصية المصرية، مشيرة إلى أن معرض القاهرة للكتاب رغم أنه يعقد لمدة أسبوعين في العام، لكن أثره وتأثيره وحراكه الثقافي يظل باقيا طوال العام، ليس فقط على مستوى الكتاب بل على مستوى الثقافة والوعي، موضحة أن دورة هذا المعرض بالتوازي مع البرنامج الثقافي الحافل والبرنامج الفني المبهر وبرنامجا خاصا للطفل، تضم برنامجا مهنيا يهتم في المقام الأول بالنشر كصناعة، ويناقش بوجود خبراء دوليين وضيوف من ناشري العالم، مستقبل النشر ومشكلاته وفرصه المستقبلية.
 
وأشارت وزيرة الثقافة إلى أن المعرض لم يغفل مكانة الملكية الفكرية التي وضعت مصر لها استراتيجية مهمة وواعدة، حيث شهد أول أيام المعرض تنظيم مؤتمرا كبيرا بمشاركة حافلة حول حماية الإبداع في الجمهورية الجديدة والملكية الفكرية، فضلا عن تنظيم مؤتمر "الترجمة عن العربية جسر للحضارة"، ليكون المعرض مواكبا بحق لتطلعات مصر والمصريين من الجمهورية الجديدة، ومتناسقا مع ما تحتاجه مصر على الصعيد الثقافي، وكيف تعرض إبداعها للعالم.
 
ويكتسب معرض القاهرة الدولي للكتاب أهميته من قدرته على خلق حالة من الزخم الإبداعي على مدار عقود مضت، نجح خلالها في فرض وجوده على خريطة الثقافة العربية بشكل كبير، كما يستقطب معرض القاهرة الدولي للكتاب عددا ضخما من أبرز الوجوه الثقافية التي لديها منجز إبداعي في شتى المجالات، ومن كل الدول العربية وعالميا أيضا، ويلعب معرض القاهرة الدولي للكتاب دورا فاعلا لإثراء المشهد الثقافي العربي وتعزيز العملية الإبداعية بما يتماشى مع رؤية الدولة المصري 2030 ويحقق أهداف التنمية الثقافية وتسويق الصناعات الثقافية كأحد أبرز وسائل دعم وإثراء الهوية.
 
وتحل المملكة الأردنية الهاشمية، ضيف شرف على فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، وحرصت وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار، على حضور الافتتاح الرسمي للمعرض والعديد من الفعاليات، مشيدة بالجهد المبذول، وقالت: "هناك تجديد كبير في الدورة الحالية، وجناح الأردن مختلف من كافة النواحي، سواء بالنسبة للموضوعات المطروحة أو التصميم، ليُمثل رؤية لمشروعنا الثقافي والبعد الاقتصادي الثقافي، والأمن الاجتماعي والبعد الإبداعي بكل ما تعنيه كلمة إبداع من معنى".
 
وكان من أبرز فعاليات المعرض، ندوة الكاتب الفرنسي "رولان لومباردي" وآخر كتاباته، والتي أدارها الكاتب محمد سلماوي، بحضور الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، وعدد كبير من الكتاب والنقاد والصحفيين وجمهور المعرض، حيث قال سلماوي، إن "رولان" ضيف من نوع خاص، له عدة كتب في السياسة الدولية والتاريخ، والعديد من المساهمات الأكاديمية، ويُعد من أهم المحللين السياسيين الفرنسيين، وقد أصدر كتابًا يُعد الأول باللغة الفرنسية عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وترجع أهمية الكتاب إلى أن مؤلفه خبير في قضايا الشرق الأوسط، يدرس ويُحلل ويستنتج من خلال رؤية واقعية من الواقع الملامس له، فهو أول من تنبأ برحيل الإخوان وقيادة السيسي لمصر.
 
وأشار "رولان لومباردي"، أنه باعتباره باحث، فهو يُفضل أن يكون عمله على الأرض، لذا كان كتابه عن الرئيس السيسي من خلال ما رصده على أرض الواقع، مشيرًا إلى أنه كتب تجارب سمعها من الناس، وكان لابد أن ينقلها كحقائق للمجتمع الغربي بشكل صحيح، وأشار أنه تابع ما حدث في مصر وتونس وسوريا عام 2011م، وهي فترة مُهمة جدًا للدارسين في الجامعات الأوروبية عن مصر بشكل خاص، حيث أنه كانت هناك صورة ذهنية عن مصر لا تُمثل الحقيقة، فكان لابد من تصحيحها بناءً على فهمه ومتابعته عن قرب لطبيعة الشعب المصري.
 
وقال لومباردى إن ما دفعه للكتابة عن الرئيس السيسى "ما لمسته على أرض الواقع  بعين الباحث المُدقق من دور تاريخي مُهم لعبه الرئيس السيسي في مصر والمنطقة، وكيف أنقذ مصر خلال فترة حرجة، وكيف تشكلت المنطقة بشكل جديد بعد توليه الحكم"، مشيراً إلى أنه كتب مقالًا في يناير 2013 عن الوقت الصعب الذي تمر به مصر، وتنبأ أن الرئيس السيسي سيتولى مقاليد الأمور، لأنه مؤهل لقيادة مصر والوصول بها لبر الأمان، موضحاً أنه ألف كتابه بناءً على متابعته للأوضاع في مصر في آخر عشرة سنوات، وفيه يعرض وجهة نظره ورؤيته لمصر ودورها المحوري في المنطقة المحيطة بها.
 
لماذا «صلاح جاهين»؟
 
واختير الشاعر الكبير صلاح جاهين شخصية المعرض فى دورته الـ 54، وتمتع صلاح جاهين بقدرة هائلة على وصف ما يراه بدقة شديدة، انطلاقا من حساسيته الأدبية والفنية، وعبر التقاط كل شاردة وواردة تصادفه ثم إعادة تنظيم ما سمعه ورآه في أسلوب أدبي، وهو ما ظهر جليا في شعره بالعامية، واصفا ذلك في رباعيته "أنا قلبي كان شخشيخة أصبح جرس.. جلجلت به صحيوا الخدم والحرس.. أنا المهرج، قمتوا ليه خفتوا ليه.. لا في إيدي سيف ولا تحت مني فرس.. عجبي!".
 
فـ"سحر خاص"، هو أدق تعبير يمكن به وصف الحالة التي يكون عليها القارئ لشعر ورباعيات جاهين أو المشاهد لفنونه المختلفة التي كان يبدعها.. فتصدق فيه المقولة التي كانت تطلق على المتنبي "ملأ الدنيا وشغل الناس".
 
ورفع جاهين التعبيرات الثقافية إلى مستوى الخطاب الأدبي الذي يتحول فيه شعر العامية إلى لغة داخل اللغة، وثقافة داخل الثقافة، وليس ذلك فقط وإنما أيضا تكاملت لديه فنون الإبداع المختلفة، اتساقا مع وصفه لنفسه خلال إحدى اللقاءات الصحفية بأنه فنان "متكامل" وليس فنان "شامل"، مضيفا "التخصص يقتلني، وأنا لا أطيق الحياة بعيدا عن الفنون المختلفة".
 
واستحق صلاح جاهين بحق، إنطلاقا من شعره بالعامية، أن يطلق عليه العديد من الألقاب "الضاحك الباكي" و"فيلسوف الفقراء"، كما رأى العديد من شعراء وأدباء الوطن العربي أنه أبدع أروع الأعمال الشعرية، سواء الرباعيات أو الأغاني، فقال محمود درويش "إن جاهين كتب في إحدي لحظات الفرح أجمل قصيدة عشق للوطن"، ويقصد هنا قصيدة "على اسم مصر"، والتي تم استخدامها كشعار لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية الـ54 "على اسم مصر.. معًا نقرأ.. نفكر.. نبدع"، نظرا لاختيار صلاح جاهين "شخصية المعرض".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة