فى بداية كتابها "معك"، تقول عبارة دائما ما كان يرددها زوجها طه حسين " إننا لا نحيا لنكون سعداء"، لتعلق عليها قائلة" عندما قلت لى هذه الكلمات – فى إشارة إلى طه حسين - فى عام 1934، أصابنى الذهول لكننى أدركت الآن ماذا كنت تعنى، أنه عندما يكون شأن المرء شأن طه، فإنه لا يعيش ليكون سعيدا وإنما لأداء ما طلب منه، لقد كنا على حافة اليأس، ورحت أفكر "لا، إننا لا نحيا لنكون سعداء، ولا حتى لنجعل الآخرين سعداء"، لكنى كنت على خطأ، فلقد منحت الفرح، وبذلت ما فى نفسك من الشجاعة والإيمان والأصل، وكنت تعرف تماما أنه لا وجود لهذه السعادة على الأرض، وأنك أساسا بما تمتاز به من زهد النفوس العظيمة، لم تكن تبحث عنها، فهل يحظر على الأمل بأن تكون هذه السعادة قد منحت لك الآن؟
ماذا قالت سوزان بيرسو عن طه حسين؟
بهذه الكلمات، تحدثت سوزان بيرسو، عن زوجها عميد الأدب العربى طه حسين، بعد سنوات قليلة من وفاته، وأصرت أن تكتب مذكراتها تكشف فيه حجم حبها لزوجها، الذى أصرت على الزواج منه في فرنسا رغم اختلاف الدين واللغة والدولة التي ينتميان لها، وكانت أكبر عون وسند له، لذلك قال عنها طه حسين "ما بيننا يفوق الحب"، كما قال عن سوزان بيرسو " يستحيل علي القيام بشيء آخر غير التفكير بك، ولا أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء كلما دخلت الغرفة، لقد استحالت الغرف معابد، وعلي أن أزورها كل يوم، ألمس الأشياء وأنثر القبلات هنا وهناك".
قصة حياة بينهما امتدت قرابة 60 عامًا، ويقول عن هذه القصة بدر الدين عرودكى " هو المصرى المسلم وهي الفرنسية المسيحية، هو الأديب والمفكر الذي أفنى عمره في البحث والتأليف وهي عيناه اللتان كان يرى ويقرأ بهما العالم، هما الزوجان اللذان لم يحييا حياة عادية، ولم يكن حبهما عاديًّا".
لم تكن دور صفية العمرى في مسلسل الأيام، والذى أبهر المشاهدين، وكشف حجم المعاناة التي تكبدتها تلك السيدة خلال دعمها لزوجها الكفيف الذى أصبح فيما أبعد أحد أبرز الأدباء والكتاب ليس في العالم العربى بل العالم أجمع، وأصبح رمزا للكفاح، سوى قصة حقيقية لسوزان بيرسو، زوجة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، أحبته من قلبها، وكرست حياتها من أجل خدمته، فقدما الاثنان قصة نجاح وكفاح لا زالت يذكرها الجميع، ويعتبرها الكثير، نبراسا لهم لتحقيق النجاح، وينظر الجميع بدهشة، كيف لسيدة تنتمى لمجتمع مختلف تماما عن المجتمع الذى ينتمى لها زوجها، تستطيع أن تفهمه وتقرأ أفكاره وتصل لقلبه، وتكون هي العكاز الذى يستند له خلال سيره في مشوار الحياه الصعب، والعين التي حرم منها والتي تجعله يرى النور، هذا النور الذى كان السبيل الوحيد لتحقيق ما حققه من ما يمكن أن نسميه إعجاز بالمعنى الحرفى، ويترك إرث أدبي عظيم.
بدر الدين عرودكى خلال ترجمته لكتاب "معك" لسوزان بيرسو يقول إن الموسيقى التي احتلت مكانة واسعة في حياة طه حسين، وهو وحده القادر على أن يقول مكانة الموسيقى بالنسبة إليه، والتي ربما كانت الرابطة الأقوى بينه وبين سوزان، كان بوسعنا الاستماع للموسيقى على نحو خاص، وكان ذلك نعمة، حيث يذهب مل من سوزان وطه حسين إلى الحفلات الموسيقية، ويستمعان إليها عبر الأسطوانات أو الراديو في بيتهما أو أثناء الرحلات، ويلتقيان فى مصر وفى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا مؤلفين وموسيقيين وعازفين يعجبان بهم، وبعد رحيل طه حسين، لا تزال الموسيقى هى التى تجمعهما.
تقول سوزان بيرسو عن زوجها في مذكراتها: "ليس بوسعى أن أستمع إلى الموسيقى التي كنت تحبها ببرود أعصاب، فها هنا أعثر عليك من جديد بشكل أفضل، واصغى للموسيقى معك".
رافقت سوزان بيرسو، زوجها طه حسين في كل سفرياته بالخارج، تعينه وتشجعه وتسانده، يذهبان معا للأماكن المفضلة، يشتركان فى نفس الهوايات، تكون ملهمة له عند كتاب المؤلفات والروايات، لذلك قال عنها طه حسين: "بدونك أشعر أنني أعمى حقاً".
الحب والعطاء بين طه حسين وسوزان بيرسو
حجم الحب المتبادل والعطاء الذى قدمته هذه السيدة لزوجها يتخلد فى تلك الكلمات التى وجهتها له فى كتابها بعد وفاته عندما قالت: "أريد بكل بساطة أن أخلد للذكرى مستعيدة ذلك الحنان الهائل الذى لا يعوض، لا شك أنك تدرك ذلك، أنت الذى كتبت لى ذات يوم" لسنا معتادين على أن يتألم الواحد منا بمعزل عن الآخر" لقد قضينا فى قلب هذا الوادى فى قلب الدولوميت، أسابيع طويلة من الصيف خلال ثمانية أعوام، وقبل عامين، كنا نقضى فيه أيضا أسابيع أخرى، لقد أردت العودة إليه، لكنك لم تكن قادرا على المشى، وما كنت لأتركك وحدك قط، كان سكرتيرك يقرأ لك القرآن والتوراه، كتابان كانا دوما ضمن حقائبنا مع كتب أخرى كنا نحملها، نصوص قديمة أو مؤلفات حديثة، وكنت أترجم لك مقالات من صحيفة "كورييه دو لاسيرا" لأن الصحف الفرنسية لم تكن تصل إلى هذه البلدة الصغيرة، ولأنك لم تكن تعرف اللغة الإيطالية، أما فى المساء فقد كنا نتشبث بجهاز الترانزستور لنستمع إلى الأخبار من إذاعة مونت كارلو، أ إلى إذاعة فرنسا المحلية، كنا نبحث بتلهف عن حفلة موسيقية جميلة، وما كان أشد فرحنا حين نستطيع التقاط مهرجان ستراسبورج أو نستمع إلى إحدى المسرحيات، ونادرا ما كنا نوفق إلى برنامج إذاعى من مصر، وعندما استشعرك بالقرب منى فأنت على يسارى، لكنك مع ذلك كنت دوما على يمينى، وكنت أتناول ذارعك اليسرى، أننى الآن أجلس مكانك فى السيارة ولكن ماذا عن الأمكنة الأخرى؟ أم أن ذلك مجرد وهم؟ إننى أدرك جيدا أننى لم أعد أجلس بالقرب منك.
هذه الكلمات الجميلة البسيطة، تفسر حجم الحب الكبير الذى أعطته سوزان بيرسو لعميد الأدب العربى، هذا الحب الذى ستستغرب عندما تعلم أن لقائهما كان صدفة، حيث تعرفت سوزان بيرسو على طه حسين في جامعة السوربون، عندما كان ضمن البعثة المصرية التي تكمل دراستها العليا، وحينها اقترحت عليه أن تساعده في المذاكرة لأنه كفيف وتطورت علاقتهما الذى سريعا ما تطور إلى اعتراف من طه حسين لسوزان بحبه لها، هذا الحب الذى واجهه صعوبات كبيرة لأن أسرة سوزان رافضة نظرا لـ3 أشياء وهى اختلاف الديانة واختلاف البلد التي ينتميان لها بجانب أنه كفيف ، ولكن الغريب أن أحد أقاربها القسيس هو الذى ساعد فى زواجهما عندما قال لها "لن أطمئن عليك إلا مع طه حسين".
تعد سوزان بيرسو هي السبب الأول في تشجيع طه حسين على الحصول على الدكتوراه في فرنسا، خاصة أنها كانت تذهب معه دائما للجامعة، وتشجعه على استكمال مسيرة التعليم فى جامعة السوربون، ثم تستكمل معه سائر مشوار الحياه، قصة حياة امتدَّتْ قرابة 60 عامًا، واجه فيها طه حسين الكثير من الصعاب، والتضييقات خلال فترة الثلاثينيات وكذلك كثير من النجاحات، كان العنوان المشترك فيها هو دعم زوجته له ووقوفها بجانبه، فهذه السيدة التى تحدت أسترها من أجل الزواج من الرجل الكفيف هى ذات المرأة التى تحدت العالم أجمع لتساند زوجها حتى يصبح أحد أبرز أعلام الأدب والثقافة فى العالم.
تواصلنا مع الدكتورة مها عون، حفيدة عميد الأدب العربى طه حسين، والتي تعيش فى فرنسا، لتحدثنا عن كيف كان دعم سوزان بيرسو لطه حسين، وكيف تمكنت من تشجيعه وأن تكون السند والداعم الأول له، وكان معها هذا الحوار التالى..
كيف تحدت الراحلة سوزان بيرسو عائلتها وتزوجت من الدكتور طه حسين المسلم خريج الأزهر الشريف؟
بالنسبة لعائلة سوزان، عندما كان طه حسين يدرس فى فرنسا كان يحتاج لشخص يقرأ له كتب، فوضع إعلان يوضح فيه أنه يحتاج إلى شخص قرأ له الكتب وسوزان بيرسو كانت تعيش فى مونتلييه، حيث عاشت هى ووالدتها وكان هذا في أوائل الحرب العالمية الأولى، حيث هاجروا من شمال فرنسا وكانت تبحث عن عمل، وبالفعل تواصلت مع طه حسين كى تقرأ له ، وتحول الأمر لقصة حب بينهما، واراد طه حسين أن يتزوج منها.
ولكن أسرة سوزان بيرسو كانت ترفض زواج طه حسين منها؟
طه حسين أحب سوزان بيرسو وسعى للزواج منها ولكن والدتها لم تكن موافقة وكانت بتقول عنه "شخص أجنبى من مصر وهو كفيف" ولكن عندما قابل طه حسين خالها وكان قسيسا وشديد التدين وهو الذى أقنع والدة سوزان لأن يتزوجا.
وما الذى جعل خالها القسيس يقتنع بطه حسين؟
لأن أى شخص متدين من أى دين يرى الأشياء المهمة فى الشخصية، وبالفعل اقتنع بطه حسين وأقنع والدتها.
كيف ساعدت سوزان بيرسو زوجها طه حسين خلال حياتهما فى فرنسا؟من ناحية المساعدة فى فرنسا كان هناك مساعدة أساسية، فإذا كان الشخص يعيش في دولة وينتمى لدولة أخرى فإنه يتعرف على أشخاص يساعدونه على فهم طقوس هذه الدولة وفهم حياتها، وهذا ما فعلته زوجته سوزان، حيث ساعدته فى فهم الطقوس والحياة اليومية فى البلد التى عاش فيها وكان هناك بعض المواد صعبة على طه حسين وكان المواد تعتمد على البصر مثل مادة الجغرافيا وطه حسين فاقد البصر فى سن صغير للغاية ولا يفهم مثل هذه المواد التي تحتاج لشخص يبصر، وليس واعيا للجبال والوديان، وبالفعل سوزان رسمت له بالورق جبال ووديان وظلت تمسك يديه وتسير على الورق وتعرفه الجبال والوديان، كيف يستطيع فهم مادة الجغرافيا، وهذه القصة سمعتها من والدتى وقرأتها أيضا وهذا مثال صغير للمساعدة التي قدمتها زوجته له.
كيف تحملت سوزان بيرسو مشقة التعامل مع رجل كفيف وساعدته على الوصول لأرفع المناصب؟لا أظن أن سوزان تحدثت على عبء طه حسين ، فإذا سألت أي امرأة إذا كانت تفضل الزواج من رجل كفيف لكن رجل بفكر وتقدم طه حسين، فى رأيه عن المرأة، واستقلال المرأة، وطريقة فكره وتقبله للآخر، ولكن كفيف، يفضلون هذا عن الزواج من رجل ليس لديه هذه الأفكار، فهذا لم يكن عبء كبير عليها على الإطلاق، ولم تتحدث عن هذا الموضوع على الإطلاق، ولا يوجد أى شخص من العائلة كان يرى أن فقدان البصر مشكلة كبيرة له، ولكن فقدان البصر كان مشكلة كبيرة لطه حسين عندما كان طفلا فى الجو الذى عاش فيه ولكن استطاع طه حسين أن يتخطاه وبالعكس، هذا لم يكن عائقا أمام سوزان طه حسين، فلابد أن نتذكر أن طه حسين كان من أوائل الناس الذين كانوا ينادون باستقلال المرأة وتعليم المرأة، وجدتى رحمها الله أمينة مارجريت كانت من أوائل من تخرجن من الجامعة، بشهادة جامعية، وطه حسين كان متحمسا للغاية للحركة النسائية بمصر وكان من أكبر الداعمين لهدى شعراوى وهذه كلها أشياء لابد أن نتذكرها.
حدثينا عن تفاصيل كتاب معك الذى كتبت فيه سوزان بيرسو مذكراتها؟
كتاب معك عندما تم نشره نشر باللغة العربية، حيث كتبته باللغة الفرنسية، وترجم ونشر باللغة العربية، فهى كتبته باللغة العربية.
ماذا عن تخلى سوزان بيرسو عن جنسيتها الفرنسية من أجل مصر؟
عندما حدث العدوانى الثلاثى على مصر وشاركت فيه فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، وسوزان كانت متأثرة للغاية بمشاركة فرنسا فى العدوان على مصر وأعادت جواز سفرها الفرنسى للسفارة وتخلت عن جنسيتها الفرنسية فهى كانت متأثرة بموقف فرنسى وهذا مثال على دعمها للحقوق .
ماذا عن من يزعمون أن كتابات طه حسين معقدة؟
أحب أن أشجع الناس أن تقرأ لعميد الأدب العربى، أظن أن هناك فكر خاطئ بأن كتبه معقده أو موضوعاتها ثقيلة وهذا غير صحيح على الإطلاق، وأتمنى مثلا أن ننشر قصة من قصصه القصيرة أو مقطع من كتاب لتشجيع القراء في الصحف المصرية، كما أدعو الجميع لتصفح موقع هنداوى الذى يتواجد فيه كل أعمال طه حسين بالمجان وهذا هو الموقع الوحيد الذى وافقت عائلة طه حسين وافقت على أن ينشر كتبه ومتأكدين من جودته.
المؤرخ محمد الشافعى يكشف سمات لدى سوزان بيرسو ساهمت في نجاح طه حسين
حوارنا أيضا التعرف على تفاصيل أخرى من حياة سوزان بيرسو وطرق دعمها لزوجها طه حسين، لذلك أجرينا حوارا مع المؤرخ محمد الشافعى، الذى تحدث عن تفاصيل زواج طه حسين بسوزان بيرسو وكيف كان قريبها القسيس السبب في زواجهما وكيف ساهمت في نجاح زوجها ليصبح أحد أعمدة الأدب والفكر في الوطن العربى.
لك رأى خاص فيما يتعلق بزواج طه حسين بسوزان بيرسو.. حدثنا عنه؟بالفعل .. أرى أن زواج طه حسين بسوزان هو مثال لاجتماع استنارة الإسلام مع استنارة المسيحية.
كيف ذلك؟لأن الأزهر يمثل الوسطية بين المسلمين ودائما ممثل شرعى لوسطية الإسلام وطه حسين ابن الأزهر وكان رجل له قدرة على حرية التعبير وندية في مقارعة شيوخه، وحينها قال جملته الشهير في الامتحان خلال إحدى الاختبارات التي أجريت له "أهو امتحان أم محنة"، ويظل طه حسين تركيبته أزهرية، عندما ذهب مونبيليه وبحث عن بنت تقر له وجدت سوزان وكانت تقرأ له بأجر لأن طريقة برايل لم تظهر على نطاق واسع في ذلك الحين، وكان أحد أقاربها القسيس هو سبب زواجهما عندما جلس مع طه حسين واقتنع به وبالتالي أقنع عائلة سوزان بيرسو بأن تتزوج منه.
احك لنا عن تفاصيل اللقاء بين طه حسين والقسيس؟
في البداية أحب طه حسين سوزان بيريسو، وهى تعاطفت معه ولم تمانع من الزواج مه فهو شخص مكافح وسيكون دكتور في الجامعة وعرضت الأمر على أهلها ورفضوا لأن طه حسين شخص عربى مسلم وكفيف وجاء من المنطقة العربية، وحينها فرنسا كانت تحتل عدد من الدول العربية، وبالتالي أهلها رفضوا الزواج وتسائلوا كيف ستتزوج هذا المسلم العربى الكفيف؟ ولكن أحد أقاربها القسيس وطلب أن يجلس معها ، وهنا توافقت استنارة المسيحية مع استنارة الإسلام ووجد القسيس أنه يمكن أن يراهن على هذا الفتى طه حسين وسيكون له شأن في المستقبل وسوزان عندما تتزوج من هذا الفتى هي من ستكسب لأن هذا القسيس لديه بصيرة ويرى أن طه حسين مكافح ومجتهد وناجح ، وحينها أقنع القسيس، عائلة سوزان أن تتزوج من طه حسين ونجحت رؤيته لأن طه حسين فيما بعد أصبح من كبار الأدباء والمفكرين في الوطن العربى وعميد الأدب العربى وتم ترجمة كتبه في العديد من الدول.
ما هي أبرز السمات التي تميزت بها سوزان بيرسو ساعدت في نجاح طه حسين؟
سوزان بيرسو كانت سيدة تتسم انضباط كبير للغاية، وكانت تضع لطه حسين برنامج عمل دائم كل يوم، وكانت تعد له الطعام في أوقات محددة، فقد كانت تتسم بالشدة والصرامة في المواعيد وهذا ساعد طه حسين وسهل مهمته في تحقيق هذا النجاح الكبير، ومن المواقف المثيرة أن كلية الفنون الجميلة في الزمالك كانت بيت طه حسين ولكن الفيضان كان يغرق البيت ، فاضطر إلى أن يترك البيت بطلب من سوزان بيرسو وينتقل لمكان أخر.