شارك الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء فى المائدة المستديرة الرئاسية التى ناقشت " أولويات تمويل البنية التحتية فى أفريقيا فى إطار برنامج تنمية البنية التحتية الأفريقية PIDA PAP 2 "، والتى أعقبت الجلسة الافتتاحية لقمة "داكار لتمويل تنمية البنية التحتية فى أفريقيا"، وحضرها كل من وماكى سال، رئيس جمهورية السنغال، رئيس الاتحاد الأفريقى، وبول كاجامى، رئيس جمهورية رواندا، رئيس اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية الأفريقية (النيباد)، وأيمن بن عبدالرحمان، الوزير الأول بجمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية، وموسى فقيه محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، وبنديكت أوراما، رئيس مجلس إدارة Afreximbank، وأحمدو عبدالله ديالو، المدير العام لصندوق التضامن الأفريقى، وسلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى، لموانئ دبى العالمية، ومارى لور أكين أولوغباد، نائبة الرئيس للتنمية الإقليمية والتكامل وتقديم الخدمات، بمصرف التنمية الأفريقي.
وركز رئيس مجلس الوزراء، فى مداخلته، على الدور الذى قامت به الحكومة المصرية فى تشجيع القطاع الخاص للاستثمار فى مجال البنية التحتية، فى ظل الاستثمارات الضخمة التى ضختها الدولة المصرية فى هذا القطاع على مدار السنوات الماضية
وفى مستهل مداخلته، قال الدكتور مصطفى مدبولي: اسمحوا لى أن أسرد لكم مجموعة من الأرقام المهمة التى تعكس كيف كان الوضع فى مصر قبل تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، مقاليد الأمور فى مصر، موضحا أن البنية التحتية فى مصر قبل تسلُم الرئيس السُلطة كانت متأخرة لعقود.
وأضاف أنه فيما يتعلق بقطاع الكهرباء على سبيل المثال، كان إجمالى قدراتنا الكهربائية يبلغ 28 ألف ميجا وات، فى بلد يستهلك يوميا ما يزيد على 30 ألف ميجا وات، وخلال 8 سنوات فقط زادت هذه القدرات إلى 52 ألف ميجا وات.
(واستقبل الحضور فى المائدة المستديرة هذه النتائج المتحققة بتصفيق من جانبهم فى إشارة إلى تثمين هذه الجهود).
وأضاف مدبولي: الشيء المهم فى هذا السياق هو أن هذه القدرات المتحققة هى مزيج من الكهرباء التقليدية، والكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة، موضحا فى هذا الإطار أن مصر لديها الآن رابع أكبر محطة فى العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، هى محطة "بنبنان" فى أسوان، والتى تعد شراكة كاملة بين القطاعين العام والخاص.
ثم انتقل الدكتور مصطفى مدبولى بعد ذلك للحديث عن التجربة المصرية فى إنشاء الطرق، قائلا: فيما يتعلق بالاستثمار فى قطاع الطرق، فإنه إذا أردت أن تجتذب استثمارات فى المجالات المختلفة، يجب عليك أن يكون لديك شبكة طرق ذات كفاءة تربط بين المدن والمناطق الصناعية والموانئ، وغيرها من المرافق، ونحن استطعنا إنشاء وتطوير أكثر من 17 ألف كيلو متر من الطرق السريعة والرئيسية على مستوى الجمهورية، وكذلك نجحنا فى إعادة بناء موانئنا ومطاراتنا حتى نستطيع تجهيز هذه المرافق بشكل كفء وعصرى وبالتالى يمكننا اجتذاب المزيد من الاستثمارات.
ثم تطرق مدبولى إلى ما أنجزته الدولة المصرية بقطاع الاتصالات، مشيرا إلى أن مصر تتمتع الآن ببنية تحتية وشبكة متقدمة لتكنولوجيا المعلومات، كما تحدث رئيس الوزراء عن الإنجاز الضخم للدولة المصرية المتعلق بتحويل مصر إلى مُصَدّر للغاز الطبيعى بدلا من كونها مستوردا له، وكذلك جهود الحكومة لتحويل مصر إلى مركز للغاز الطبيعى لدول شرق البحر المتوسط والدول الأفريقية.
و قال أن هذه الاستثمارات ـ التى تبلغ مليارات الدولارات ـ هدفها تهيئة المناخ وإعداد بيئة أكثر جاذبية للاستثمار؛ فالقطاع الخاص لن يبحث عن سوق بدون التأكد من جودة البنية التحتية به، مشيرا إلى أنه، بالإضافة إلى البنية التحتية، توجد كذلك مسألة التشريعات والقوانين الخاصة بالاستثمار، وهى أيضا موضوعات مهمة للغاية، وبذلت مصر الكثير من الجهود على مدار الفترة الماضية من أجل تسهيل الإجراءات لجذب القطاع الخاص، مضيفا: كنا نعمل بشكل أساسى وبصورة مركزة على تسهيل الإجراءات، وجذب القطاع الخاص؛ لكى يأتى ويعمل لدينا خلال الفترة القادمة.
وأوضح "مدبولي" أنه قد تكون هناك واحدة من أهم الخطوات التى لم يتم اتخاذها من جانب العديد من الدول الأخرى، وهى إطلاق الدولة المصرية مؤخرًا وثيقة هامة، يطلق عليها "وثيقة سياسة ملكية الدولة" والتى تعد بمثابة خارطة طريق لبيان نوعية المجالات التى ستعمل الدولة على تمكين القطاع الخاص بها، مشيرًا إلى أهمية هذه الوثيقة، والدور المهم فى تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لدول أفريقيا كلها.
واستطرد رئيس الوزراء، خلال حديثه، إلى قضية هامة، وهى إمكانية الوصول للتمويل، مشيرًا فى هذا الصدد إلى شركاء التنمية الدوليين، قائلًا: طالما اعتبرت أفريقيا موقعا ذهبيا فقط لاستغلال ثرواتها من الموارد الطبيعية والمناجم وغيرها، لذا ينبغى العمل على تغيير مثل هذه الرؤية..
(وهو ما نال استحسان الحضور بشكل ملحوظ لدرجة التصفيق مرة ثانية).
وتابع: إذا كنا نتحدث عن القارة الأفريقية الآن والتى تستوعب أكثر من مليار ونصف مليار نسمة ومن المتوقع أن تنمو أكثر وتصبح واحدة من أكبر القارات من حيث الموارد البشرية وحتى من حيث الاقتصاد، فإنه على الشركاء الدوليين إعادة النظر فى رؤيتهم تجاه القارة بأكملها والعمل على الإنفاق ومساعدة هذه البلدان لبناء وتقوية بنيتها التحتية؛ كون العائد الأساسى فى حال إنفاقهم على هذه المجالات سيكون أكثر فائدة بالنسبة لهم فى المستقبل.
وأوضح رئيس الوزراء، أن هذا الأمر يعنى أنه يتعين على المؤسسات الدولية العمل على تقديم القروض الميسرة وطويلة الأجل وتيسير الوصول إلى التمويل للبلدان الأفريقية، وعدم تصنيفها على أنها دول "ذات مخاطر ائتمانية"؛ لأن هذا يعنى ببساطة حتى مع قدرة هذه الدول على الوصول إلى التمويل، أن هذه التمويلات سوف تكون بمعدلات فائدة مرتفعة والتى قد تكون سببا فى تعثر هذه الدول فى السداد، ولذا يجب العمل على إعادة النظر فى مثل هذا النوع من الأمور بشكل كامل من قِبل المؤسسات الدولية التى تقدم التمويل؛ حتى تتمكن من مساعدة هذه البلدان فى بناء بنيتها التحتية التى ستستفيد بالتأكيد منها على المدى المتوسط والطويل.
واختتم رئيس الوزراء كلمته موجهًا رسالة للدول الأفريقية كلها قائلًا: أعتقد أنه حان الوقت الآن – كما أشار فخامة الرئيس السنغالى ماكى سال – أن نبنى شراكات ومصالح متبادلة مع القطاع الخاص فى دولنا الأفريقية، كون القطاع الخاص لديه القدرات والموارد البشرية وحتى التمويلات اللازمة للبناء والتنمية، لتكوين تحالفات يمكنها أن تعمل على تقوية وتعزيز البنية التحتية وأعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من المجالات اعتمادا على قدراتها الخاصة، هذا مهم للغاية ولهذا السبب يتعين علينا الحصول على إرادة سياسية حقيقية لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية لأنها ستمثل القاعدة الرئيسية للاستفادة من مواردنا وقدراتنا.