هل يمكن رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة؟..مفتي الجمهورية يُجيب

الأربعاء، 01 فبراير 2023 01:00 م
هل يمكن رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة؟..مفتي الجمهورية يُجيب
منال القاضي

أوضح الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية في إجابته على سؤال ورد إليه عن إمكانية رؤية الله عز وجل في الدنيا والأخرة، بأنه يجوز عقلًا وشرعًا رؤيته عز وجل في الآخرة باتفاق أهل السنة والجماعة، أما في الدنيا فلا نزاع في وقوعها منامًا وصحتها، أما يقظة فاختلف الصحابة ومن بعدهم في حصول ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عدمه، أما غيره صلى الله عليه وآله وسلم فلا تصح دعواه الرؤية في اليقظة، ومن زعمها كان من الضالين.

الرؤية لغة: النظر بالعين أو بالقلب. قال العلامة الزبيدي في "تاج العروس" (38/ 102 وما بعدها، باب الياء فصل الراء، ط. المجلس الوطني للثقافة والفنون بالكويت): [(الرؤية)

بالضم: إدراك المرئي، وذلك أضرب بحسب قوى النفس: الأول: النظر بالعين التي هي الحاسة، وما يجري مجراها، ومن الأخير قوله تعالى: ﴿وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرى اللهُ عَمَلَكُم ورَسُولُه﴾ [التوبة: 105] فإنه مما أجري مجرى الرؤية بالحاسة، فإن الحاسة لا تصح على الله تعالى، وعلى ذلك قوله: ﴿يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: 27]، والثاني: بالوهم والتخيل؛ نحو: أرى أن زيدًا منطلق. والثالث: بالتفكر؛ نحو: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ﴾ [الأنفال: 48].

والرابع: بالقلب، أي: بالعقل، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 11] وعلى ذلك قوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: 13]. قال الجوهري: الرؤية بالعين يتعدى إلى مفعول واحد، وبمعنى العلم يتعدى إلى مفعولين، يقال: رأى زيدًا عالمًا. وقال الراغب: رأى إذا عدي إلى مفعولين اقتضى معنى العلم، وإذا عدي بـ"إلى" اقتضى معنى النظر المؤدي إلى الاعتبار] اهـ

والنافون للرؤية قالوا: إن الرؤية هي انطباع صورة المرئي في الحدقة، ومن شرط ذلك انحصار المرئي في جهة معينة من المكان حتى يمكن اتجاه الحدقة إليه، ومن المعلوم أن الله ليس جسمًا ولا تحده جهة من الجهات، وبذلك يكون مرادهم من الرؤية هو المعنى الحاصل بين المخلوقات الذي يلزم منه اشتراط وجود الجهة والمقابلة وغير ذلك من الأمور التي تستدعي التشبيه الذي ينزه عنه الله عز وجل.

أما الكرامية والمجسمة، فإنهم جوزوا رؤيته تعالى بالمواجهة؛ لاعتقادهم كونه تعالى في الجهة والمكان، وهذا مخالف لما عليه اعتقاد المسلمين قاطبة.

ومذهب الأشاعرة أنه لا تلازم بين الرؤية والتشبيه، فيثبتون رؤية الله لكن ليست كرؤيتنا للأشياء في الدنيا، فإن الكيفية التي تحصل الرؤية بها اليوم ليست إلا كيفية من كيفيات كثيرة، كان الله عز وجل ولا يزال قادرًا على ربط حقيقة الرؤية بما شاء منها، وقد جرت العادة في رؤية بعضنا لبعض -أي: ما يقع بين الحوادث والممكنات- من حصول مقدمات يترتب عليها انطباع صورة المرئي في حدقة الرائي، وذلك بأن يكون المرئي في مقابلة الرائي مقابلة مكانية، وأن يكون البعد بين الرائي والمرئي مسافة معينة تقدر بحسب قدرة البصر قوة وضعفًا، ومن ثم فيحدث ارتسام صورة المرئي في سطح عين الرائي، أو خروج شعاع من عين الرائي يقع على المرئي، وما كل ذلك إلا على جهة الاتفاق العادي، لا على سبيل الاشتراط العقلي، فالله سبحانه وتعالى قادر على خلق صورة الشيء بدون هذه المقدمات، فليست هذه المقدمات شرطًا عقليًّا لا يجوز تخلفه، بل هي عبارة عن ترتيبات عادية تحصل بإرادة من الله تعالى، ولو شاء الله عز وجل ألا يجعلها كذلك لفعل.

يقول الشيخ محمد الحسيني الظواهري في "التحقيق التام في علم الكلام" (ص: 97، ط. مكتبة النهضة المصرية): [والمراد بالرؤية التي ندعي جوازها: الحالة التي يجدها الإنسان حين أن يرى الشيء بعد علمه به، فإنه يدرك تفرقة بين الحالتين، وتلك التفرقة ليس مرجعها ارتسام صورة المرئي في العين، أو اتصال شعاع خارج من العين إلى المرئي عند المواجهة، بل هي حالة أخرى مغايرة للعلم يمكن حصولها من غير ارتسام صورة وخروج شعاع يخلقها الله تعالى في الحي، ولا تشترط بضوء ولا مقابلة ولا غيرهما من الشرائط] اهـ.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة