سيناء دامت شمسك نور.. من الإرهاب إلى الاستقرار
السبت، 28 يناير 2023 09:00 ممحمد الشرقاوي
- أرض الفيروز تستعد لأكبر احتفالية في العريش ورفح والشيخ زويد بالقضاء على الإرهاب
- التجربة المصرية علمت العالم كيفية المجابهة الشاملة للإرهاب أمنيا وفكريا وحماية المجتمع من المفاهيم المتشددة
- التجربة المصرية علمت العالم كيفية المجابهة الشاملة للإرهاب أمنيا وفكريا وحماية المجتمع من المفاهيم المتشددة
سيناء يا أرض الكرامة والإباء.. فديناك سنين الدهر بالروح والدماء.. فنعمت سنين الدهر يا أرض الأنبياء.. يظل التاريخ يحكي عن بسالة المصريين في الدفاع عن أرض سيناء، بوابة مصر الشرقية، ورد الأعداء والاحتلال من قديم الدهر، مروراً بحرب أكتوبر المجيدة، وصولاً لتطهيرها من دنس الإرهاب واقتلاع جذوره.
في احتفالات الدولة بالذكرى الـ71 لعيد الشرطة المصرية، ارتجل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بكل فخر، قائلاً: "نجحنا بنسبة كبيرة في القضاء على الإرهاب وسننظم احتفالية في العريش ورفح والشيخ زويد".
قبل أسبوعين حطت طائرة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مطار العريش، لإيصال رسالة من القيادة السياسية تقول: لن نهدأ حتى يعود الاستقرار، فعاد بكل القوة ومدت الدولة شرايين التنمية إلى أرض الفيروز، مدفوعة بعزيمة تقول: أقسم بالله اللي هيقرب منها هشيله من على وش الأرض.
كانت تلك رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمصريين، بأن حقوقهم محفوظة وأرضهم مصانة وسماءها محمية وأنها ستظل أبية أبد الدهر، حيث أكد الرئيس في كلمته أننا نجحنا بنسبة كبيرة في القضاء على الإرهاب وسنقوم بتنظيم احتفالية كبيرة في العريش ورفح والشيخ زويد، لافتاً إلى أن طائرة رئيس الوزراء كانت أول طائرة تهبط في مطار العريش منذ 7 أو 8 سنوات وأنه لم يكن في مقدورنا إقامة تلك الاحتفالية حين كانت العريش ورفح في تلك الحالة، مشددا على ضرورة تأكيد قدرة الدولة المصرية في السيادة على أراضيها وأنه لا يمكن لأي أحد أن يأخذ أو يسيطر عليها بفضل الله سبحانه وتعالى، مشيرا إلى أن ثمن ذلك كان كبيرا، ليس أموالاً بل دما ومصابين وشهداء انتقلوا إلى جوار ربهم، ونتمنى أن يجمعنا الله بهم في سلام وأمان في يوم القيامة، وشعب مصر دفع الثمن بالكامل.
وعلى مدار سنوات منذ عزل جماعة الإخوان الإرهابية عن الحكم، أدركت القيادة السياسية حجم التحديات، وتعاملت معها بكل الحزم، ففي الكلمة التي القاها اللواء محمود توفيق وزير الداخلية خلال الاحتفال بالعيد الـ71 للشرطة، قال: "يأتي في مقدمة التحديات الأمنية آفة الإرهاب والأفكار المتطرفة ومخططات نشر الشائعات والفوضى، حيث يتخذ رجال الشرطة إلى جانب رفقائهم بالقوات المسلحة مواقعهم لإجهاض مساعي التنظيمات الإرهابية ومن يروج لها، ويدور في فلكها لاستعادة تماسكها وتوازنها التي فقدته عبر الضربات الأمنية الحاسمة وتجفيف منابع تمويلها، وتعي أجهزة الوزارة ضرورة استمرار اليقظة الأمنية والقراءة الدقيقة لحركة وأنماط الأنشطة الإرهابية والإثارية إقليميا ودوليا واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع امتدادها إلى داخل البلاد".
وأكد وزير الداخلية أنه استكمالا لمنظومة المواجهة الشاملة للإرهاب، تتخذ الوزارة العديد من الإجراءات بالتنسيق مع نخبة من علماء الدين والاجتماع لتصحيح أفكار المحكوم عليهم من العناصر الإرهابية إلى جانب المشاركة في إعداد برامج وفق أسس علمية لحماية المجتمع من المفاهيم المتشددة باعتبارها الحاضن الرئيسي لإفراز الإرهاب.
والشاهد ان الاستراتيجية الأمنية المعاصرة حققت نقلة نوعية في مواجهة مخاطر الجريمة المنظمة عبر الوطنية بكافة أنماطها ونجحت فى توجيه العديد من الضربات الأمنية للبؤر الإجرامية التي تعمل في مجال الهجرة غير الشرعية والإتجار غير المشروع فى الأسلحة والذخائر وغسل المتحصلات المالية الناجمة عن تلك الأنشطة.
مشهد نهاري
بعد سنوات من دفع الأرواح والشهداء، قريباً يقف الرئيس عبد الفتاح السيسي وجميع قادة النصر على أرض سيناء، ليعلن للعالم أجمع عظمة إرادة وقوة المصريين الذين حاربوا الإرهاب نيابة عن العالم، وانتقلوا من معدل عمليات إرهابية في الشهر تتجاوز 100 عملية إرهابية في سيناء إلى مرور أشهر بلا شيء.
في مؤتمر ميونخ للأمن 2019 قال الرئيس السيسي إن "الإرهاب بات ظاهرة دوليّة لها مخاطر متعاظمة تؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات، وهو ما يستلزم من الجميع بذل جهود حثيثة وصادقة، لاقتلاع جذور تلك الظاهرة البغيضة التي تعدّ التهديد الأوّل لمساعي تحقيق التنمية، بما في ذلك تضييق الخناق على الجماعات والتنظيمات التي تمارس الإرهاب، أو الدول التي ترى في غض الطرف عنه، بل وفي حالات فجّة تقوم بدعمه، وسيلة لتحقيق أهداف سياسية ومطامع إقليمية".
قبل 2019 كان الوضع مختلفاً في سيناء، هدوء حذر تتزايد نسبته بمرور الوقت، وعمليات إرهابية بين الحين والآخر، في محاولة لتخفيف الضغط عن العناصر الإرهابية في شمال سيناء وتشتيت القوة الأمنية، وهو الأمر الذي انتبهت له قوات إنفاذ القانون جيداً، بالتزامن مع العملية الأمنية الشاملة في سيناء.
ولكي يتضح لك نهارية المشهد، عليك أن تفند جيداً مؤشرات الإرهاب في مصر من 2011 تستعرضها دراسة للباحث أحمد كامل البحيري، المتخصص في شؤون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والتي قسمت الإرهاب إلى مراحل:
ما بعد ثورة يناير (11 فبراير 2011 ـ 29 يونيو)
في هذه المرحلة الانتقالية بدأ الاشتباك مبكراً في سيناء، حيث استغلت العناصر الإرهابية الوضع في القاهرة وتغيرات المشهد السياسي لتوريط الدولة مع دول الجوار، مدفوعة بمخططات خارجية هدفت لتقسيمها وفصل سيناء عن الحضن المصرى، وبحسب الدراسة، شهدت هذه المرحلة عمليات إرهابية عدة تمركزت في شمال سيناء، وتحركت في نسقين، الأول: "عمليات انتحارية"، نفذتها جماعات سلفية جهادية بسيناء وصلت نحو 15 عملية إرهابية، استهدفت خطوط الغاز بسيناء، وتصاعدت حدة العنف كثيرأً، حيث اتحدت الجماعات الإرهابية ونفذت نحو 19 عملية، أبرزها في 29 يوليو 2011 وأسفرت عن مقتل 5 من بينهم ضابط بالقوات المسلحة المصرية، تلاها فندق طابا في 10 يناير 2012، والاستيلاء على سيارة لقوات الأمن المركزي ومقتل بعض القوات بمنطقة الحسنة بوسط سيناء في 24 مارس 2012، ثم الهجوم على نقطة أمنية بمنطقة فيران بجنوب سيناء، وأسفرت عن مقتل مجندين.
أيام الإخوان– مرحلة النكاية
لم تسلم سيناء من عنف الإرهاب في عهد الإخوان، وهو أمر لا يحسب للجماعة وأنها أيضاً واجهت العنف، والرد على ذلك بسيط، أليس الرئيس الأسبق محمد مرسي، هو القائل: سنحافظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين، وأليست تلك العمليات التي استغلها في تمرير سياسات له وعقد صفقات، وأليس محمد البلتاجى عضو مكتب الإرشاد للجماعة: سيتوقف الإرهاب في اللحظة التي يعود فيها مرسي إلى الحكم.
تقول الدراسة إن هذه المرحلة بدأت من 30 يونيو 2012 إلى 3 يوليو 2013، وشهدت 11 عملية إرهابية و 22 شهيداً من قوات الأمن المصرية في سيناء، وكانت أكثرها عنفاً حادثة رفح في 5 أغسطس 2012، أسفرت 16 ضابطاً وجنديا مصريا من قوات الشرطة بمنطقة رفح تلك العملية التي تعتبر نقطة تحول في المشهد السياسي والأمني المصري، لأن جماعة الإخوان استغلت الحادث الذى كان مرتباً من جانبها، لالغاء الإعلان الدستوري الصادر في 17 يونيو 2012، والذي يعطي الحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مناقشة الموازنة العسكرية وحق الاعتراض على بعض بنود الدستور المقترحة، وأعقبه إجراء تعديلات عسكرية بخروج المشير طنطاوي وزير الدفاع والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة وبعض القيادات العسكرية والأمنية من الخدمة، وهو ما يؤكد تورط الجماعة.
ما بعد الإخوان
يبدو أن خلع الإخوان من الحكم، خلع معه صبابة أمان قنبلة العنف، فارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية في سيناء وتزايدت في الوادي والدلتا، في 5 أغسطس 2012، استهدفت الأقباط والكنائس ودور العبادة، وصلت حتى 2014 إلى نحو (222) عملية، استهدفت قادة الجيش وضباط وقادة ألوية، وفي 19 أغسطس 2013 عرفت بمذبحة رفح الثانية، وأسفرت عن مقتل 25 ضابطاً وجندياً.
وبدأت المحطة الثانية من مرحلة ما بعد الإخوان، من 8 يونيو 2014 وحتى 25 يناير 2017 – آخر الفترة الزمنية للدراسة- وبلغت 1003 عملية، تعددت فيها أشكال العمليات الإرهابية ركزت على قوات الأمن من الجيش والشرطة ومحطات الكهرباء ولمرافق الاستراتيجية والسفارات ورجال القضاء وأبرزها استهداف موكب النائب العام الراحل هشام بركات في 29 يونيو 2015.
وفي 2017 وحدها بلغت العمليات الإرهابية نحو 110 عمليات، وإحباط ما يقرب من 144 عملية إرهابية، ومن أبرز الحوادث حادث كنيسة القديسين بطرس وبولس، والكنيسة البطرسية بالعباسية، ومع أنها كانت نقطة دامية، إلا أنها تعتبر محطة لتراجع العمليات الإرهابية، فشهد عام 2018 نحو 8 عمليات إرهابية فقط، جاءت خمس منها بعبوات ناسفة غير متطورة الصنع، وفشل عدد منها في تحقيق أهدافه، بفضل العملية الشاملة التي يقودها الجيش المصري ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية في سيناء، وفق تقرير الهيئة العامة للاستعلامات.
تجربة مصرية تدرس للعالم
من رحم المعاناة يولد الأبطال، لكن المصريين يخرجون من المعاناة دائماً ليعلموا العالم، وهو أمر كشف عنه نجاح التجربة، فبحسب التقرير الوطني لمكافحة الإرهاب لعام 2022، فقد عملت الدولة على تنفيذ مقاربة شاملة للتعامل مع الأبعاد المختلفة لظاهرة الإرهاب.
واستعرض التقرير سبل المواجهة الأمنية، فجاء فيه: فيما يتعلق بالاستراتيجية الأمنية لمكافحة الإرهاب، يتم اتخاذ العديد من الإجراءات لملاحقة تنظيم الإخوان الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى بهدف تقويض قدرتها على ارتكاب العمليات الإجرامية وفقا للعديد من المحاور، ومن بين هذه الإجراءات كشف هياكل الجناح المسلح لتنظيم الإخوان الإرهابي والوقوف على مخططاته وتوجيه الضربات الاستباقية لتقويض حركة عناصره وقطع الدعم اللوجيستي عنها وملاحقة عناصره الهاربة، ورصد الشائعات والادعاءات التي تروج لها عناصر التنظيم وأبواقه الإعلامية لاستثارة المواطنين وتأليبهم ضد الدولة ومؤسساتها، وتحديد القائمين على ذلك وتقنين الإجراءات تجاههم.
أما فيما يتعلق بالتنظيمات الإرهابية الأخرى، فيتم التعامل معها من خلال المحاور الوقائية والأمنية والتعاون الأمني دوليا كما يلي، من خلال محورين وقائي، من خلال مكافحة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب من خلال إحكام الرقابة على المنافذ الشرعية واكتشاف أية محاولات لدخول العناصر الإرهابية للبلاد، ومكافحة عمليات التسلل عبر الحدود ومواجهة عصابات التهريب الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة ومنع وصولها للعناصر الإرهابية، واتخاذ الإجراءات الرقابية والقانونية لمكافحة الحيازة غير المشروعة للأسلحة النارية والذخائر والمفرقعات للحد من قدرات العناصر المتطرفة على ارتكاب الأعمال العدائية، تطبيق إجراءات تأمينية فاعلة لحماية الشخصيات والمنشآت الهامة والحيوية والدبلوماسية ودور العبادة للحيلولة دون استهدافها بأعمال عدائية.
ومحور أمني من خلال رصد التنظيمات المتطرفة والإرهابية وكشف هياكلها التنظيمية وتحديد عناصرها وقيادتها ومخططاتها، وتقويض قدرات التنظيمات الإرهابية من خلال استهدافها أمنياً وقانونياً والتأثير على مخططاتها العدائية، تحديد العناصر الإجرامية التي تستغلها التنظيمات الإرهابية في تنفيذ أعمال عنف بمقابل مادي دون الانتماء لها بهدف التربح فقط، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاهها، وكشف ملابسات ارتكاب الحوادث الإرهابية من خلال استخدام التقنيات الحديثة، ومكافحة جرائم غسل الأموال والجريمة المنظمة بالتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية في ضوء ارتباطها بصورة مباشرة بعمليات تمويل الإرهاب.
متابعة الصفحات التحريضية ومواقع الجماعات المتطرفة على شبكة الإنترنت وتحديد القائمين على إدارتها واستهدافهم في إطار مقنن.
المواجهة الشاملة ليست أمنية فقط
يقول التقرير: واصلت مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013 تنفيذ مقاربة شاملة للتعامل مع الأبعاد المختلفة لظاهرة الإرهاب، بهدف تقويض ما يُسمى بالجماعات "المُتأسلمة"، وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، التي تَتَّخذ من الدين ستاراً لتحقيق مآربها السياسية في فرض نموذج تكفيري ينحرف عن صحيح الدين ومبادئه السمحة على المجتمع، ويشمل إسقاط مُؤسسات الدولة الوطنية على غرار ما شهدته عدد من دول المنطقة.
وبحسب الفصل الأول من التقرير: "المقاربة المصرية الشاملة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف المؤدى إلى الإرهاب"، فإنه بالرغم من الجهود الدولية المبذولة للتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف وتعدُّد المُبادرات والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن، إلا أن المُجتمع الدولي مازال يُعاني من تفَشِّي تلك الظاهرة، لذا، طالبت مصر المُجتمع الدولي بتعزيز فاعلية الجهود الدولية من خلال تبني مُقاربة شاملة لمُواجهة ظاهرة الإرهاب، بحيث لا تقتصر على المُواجهة الأمنية فحسب، وإنما تشمل كذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتنموية، وإيلاء البُعد الفِكري والأيديولوجي الأولوية اللازمة باعتباره المُحفز الرئيسي لارتكاب أعمال إرهابية، مع التأكيد على عدم ارتباط الإرهاب بأي دين أو ثقافة أو منطقة جغرافية بعينها.
وتنطلق تلك المُقاربة من ضرورة الحفاظ على مُقومات الدولة الوطنية ومُؤسساتها، واحترام مبدأ "المسئولية الرئيسية للدولة " ومركزية دور مُؤسساتها الوطنية المعنية بإنفاذ القانون في سياق جهود مُكافحة الإرهاب والتطرف، وضرورة احترام ما يتصل بمبدأ سيادة الدول في هذا الخصوص، وأن الدور الذي يُمكن أن يضطلع به المُجتمع المدني هو دور مُكمل يدعم جهود الدولة وتحت مظلتها الرسمية.
ترى مصر أن تلك المُقاربة التي تستهدف مُعالجة الجذور المُسَبِّبة للإرهاب تتطلب الآتي:
مُواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء بالنظر إلى انبثاقها عن ذات المصدر الأيديولوجي وهو تنظيم الإخوان الإرهابي القائم على الفِكر التكفيري المُتطرف الذي أرساه سيد قطب وحسن البنا ويستند إلى تفسيرات دينية مُنحرفة لتحقيق مآرب سياسية.
كذلك عدم الفصل أو التمييز بين العمل الإرهابي المادي وبين الفِكر أو الخطاب المُتطرف التحريضي المُؤدي إلى الإرهاب، وتعزيز التعاون الدولي لتقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة، بما في ذلك المُقاتلين الإرهابيين الأجانب، خاصةً من الشباب، من خلال:
منع التنظيمات الإرهابية وداعميها من استخدام وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الفِكر المُتطرف وخطاب الكراهية؛ سواء كان نابعاً من أيديولوجية تكفيرية للتنظيمات الإرهابية، والداعمين لها، أو العنصرية وكراهية الأجانب، فكلاهما يُؤديان في النهاية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ويُهددان السلم والأمن الدوليين؛ مع إلزام الشركات المُوَفِّرة لخدمات التواصل الاجتماعي بحذف المُحتوى المُتطرف التحريضي من على مواقعها، بما في ذلك من خلال إغلاق المواقع التي تتضمن مثل هذا المُحتوى، والاستجابة لطلبات الدول بتوفير البيانات المطلوبة حول مُستخدمي تلك المواقع لأغراض الإرهاب لتقديمها إلى جهات إنفاذ القانون، مع أهمية عدم الخلط هنا بين الحق في حرية التعبير من ناحية، وإساءة استخدام هذا الحق لأغراض إرهابية من ناحية أخرى. لذا، تُطالب مصر بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2354 لعام 2017 الخاص بمُكافحة الخطاب الإرهابي، الذي سَبَقَ وأن تقدمت به إبان عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن، بما يكفل ضمان فاعلية الجهود الدولية لمُكافحة الإرهاب.
تعزيز الجهود الدولية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، سواء من خلال الأفراد أو شبكات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، أو الدول والكيانات الإرهابية التي تتخذُ من بعضِ المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية والإغاثية والدعوية “ستاراً” لها لجمع التبرعات لتمويل أنشطة إرهابية، بما في ذلك لنشر الخطاب المُتطرف المُؤدي إلى الإرهاب، فضلاً عن منع حصول الإرهابيين على السلاح إعمالاً لقرار مجلس الأمن رقم 2370 لعام 2017 الذي سبق وأن تقدمت به مصر إبان عضويتها بمجلس الأمن.
التصدي للروابط القائمة بين التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، سواء تلك التي تعمل في تهريب المُخدرات، أو البشر، أو الإتجار في الأسلحة، وهو ما يعتبر أحد العناصر الرئيسية لتعزيز فعالية جهود مُكافحة الإرهاب، وأن السبيل الأنجع لتحقيق ذلك هو من خلال تعزيز ركائز الدولة الوطنية وبناء قدرات مُؤسساتها، باعتباره أمراً ضرورياً لملء الفراغ الذي تستغله جماعات الجريمة المُنظمة والتنظيمات الإرهابية لصالحها. ولعل ما تعرضت له بعض دول المنطقة خلال السنوات الماضية كان شاهداً على ذلك، حيث أدى انهيار المؤسسات الوطنية بتلك الدول إلى خلقِ فراغٍ سياسيٍ واجتماعيٍ تسلَّلت بعض التنظيمات الإرهابية والطائفية لتملؤه، وهو الأمر الذي نجحت مصر بفضل إدراك شعبها في التصدي له والحيلولة دون حدوثه، بالإضافة لتنفيذ تدابير فعَّالة للتصدي للطرق المُستحدثة الخاصة بتمويل الإرهاب، وذلك لمُواكبة التطور النوعي، وذلك على ضوء ما تم رصده مُؤخراً من تزايد لجوء التنظيمات الإرهابية إلى استخدام العُملات الافتراضية أو المُشفرة في التحويلات المالية بغرض غسل الأموال وتمويل أنشطتها الإرهابية.