طلال رسلان يكتب: شتاء الموت يضرب أوربا
السبت، 21 يناير 2023 10:00 م
- التضخم ونقص الغذاء وقفزة فواتير الغاز يزيد الاضطرابات ومعدلات السرقة في المتاجر
- مديرو السوبر ماركت في بريطانيا يشتكون من تعدد السرقات.. ومحطات الوقود الفرنسية تعانى الأضراب
- وزارة العمل الأمريكية تحذر: ارتفاع معدل التضخم السنوي فرض أعباء كبيرة على الأسر.. وتدهور الأوضاع الاقتصادية زاد معدلات التشرد
- مديرو السوبر ماركت في بريطانيا يشتكون من تعدد السرقات.. ومحطات الوقود الفرنسية تعانى الأضراب
- وزارة العمل الأمريكية تحذر: ارتفاع معدل التضخم السنوي فرض أعباء كبيرة على الأسر.. وتدهور الأوضاع الاقتصادية زاد معدلات التشرد
في الوقت الذي تواجه فيه الدولة المصرية أزمة الغلاء العالمية وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، رافعة شعار "المواطن أولا"، رغم أنها ما تزال تخطو الخطوات الأولى في التنمية وبالكاد تأسيس بنية تحتية قوية تستوعب التحول الاقتصادي، يعاني مواطني أوروبا من نقص الغذاء وقفزة فواتير الغاز وانخفاض الوقود وانعدام التدفئة فيما وصفوه بشتاء الموت، في إشارة إلى انهيار مستوى المعيشة ونقص مواد الإنتاج الرئيسية، إلى حد وصل لدرجة اقتحام مواطنين في بريطانيا سلاسل المتاجر الكبرى لتوفير الطعام.
على مدار أسابيع، شهدت المملكة المتحدة ارتفاعا في معدلات السرقة في المتاجر، وسط تضخم قياسي تعيشه البلاد، وفق ما نقلته صحيفة "ديلي ميل"، عن مديري السوبر ماركت والخبراء.
وتشير الصحيفة إلى أن عدد السرقات يتزايد منذ بداية العام، حين بدأت أسعار السلع والخدمات في الارتفاع بشكل حاد في المملكة. وقال برايان روبرتس، مؤسس شركة شوبفلور إنسايتس التجارية الاستشارية إن "الوضع يزداد سوءا بالتأكيد"، لافتا إلى إن معدلات الجرائم المبلغ عنها باتت في أعلى مستوياتها.
ونشرت مجلة "جروسر" التجارية في وقت سابق تصريحات العديد من مديري المتاجر الذين أشاروا إلى أن المخالفين عديمي الخبرة الذين يرتكبون السرقة لأول مرة ويحاولون إخراج سلع أساسية رخيصة من المتاجر، أصبحوا أكثر عرضة للوقوع أثناء السرقة. وتجدر الإشارة إلى أنهم يحاولون بشكل أساسي سرقة المشروبات الكحولية وشفرات الحلاقة وغيرها من السلع التي يزداد الطلب عليها، ما يجعل بيعها يدويا أو عبر الإنترنت أمرا سهلا. وبسبب هذا الوضع، بدأت العديد من سلاسل البيع بالتجزئة في تعزيز التدابير الأمنية.
تسارع وتيرة التضخم ببريطانيا بسبب الزيادة الحادة في تكلفة الكهرباء
وفي نهاية إبريل، تسارع التضخم السنوي في المملكة المتحدة إلى 9%، وهو أعلى رقم منذ 40 عاما. ويقدر بنك إنجلترا أن التضخم في المملكة المتحدة سيتجاوز 10% بنهاية العام. وأحد الأسباب الرئيسية هو الزيادة الحادة في تكلفة الكهرباء نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
وأغلق متاجر «Tesco» بلندن أقسام الأجبان والألبان، ولحم الخنزير المقدد والنقانق والأضلاع بالثلاجات، لمنع سرقتها، وتصاعدت موجة نهب ببريطانيا مع أزمة تكلفة المعيشة، حيث كثف متجر «Co-Op» الإجراءات الأمنية، لحماية الحليب والجبن والبيض، واستخدمت متاجر علامات بالمنتج لا تزال إلا بدفع ثمنها، وبلغ التضخم ببريطانيا 14.7%، بـ682 جنيهاً إسترلينياً لفاتورة التسوق السنوية، حيث تدفع الأسر 90% أكثر للغاز والكهرباء.
واتجه عددٌ من المتقاعدين البريطانيين لإغلاق منازلهم لمدة شهر، والعيش في مصر مقابل 650 جنيهًا إسترلينيًا فقط، وتجنب فواتير التدفئة والكهرباء والغاز، يقول ستيوارت ديفيس وزوجته بريندا ضمن فوج ضم 12 متقاعدا في الغردقة إن "التكلفة أقل وحصلنا على عرض بدفع 609 جنيهات إسترلينية، وهربنا من الجو البارد للاستمتاع بشواطئ مصر المشمسة". وأضافوا: «ننفق 100 و200 جنيه إسترليني أُسْبُوعِيًّا في الخارج»، وفقا لصحيفة إندبندنت العالمية.
كما تشهد بريطانيا العديد من الاضطرابات، بدأها المعلمين في ويلز وإنجلترا الذين صوتوا الأسبوع الماضى في استطلاع رأى لصالح الإضراب، فيما نظمت النقابات العمالية مظاهرة خارج البرلمان، احتجاجا على الخطط "المثيرة للجدل" لتعديلات في قانون النظام العام، بشأن الإضرابات، والذى يسمح للشرطة بالتدخل قبل أن تصبح الاحتجاجات مدمرة للغاية، إلى جانب المزيد من الوضوح حول متى يمكنها التدخل لمنع المتظاهرين من إغلاق الطرق أو السير البطيء.
حكومات أوروبا انشغلت في أزمة الحرب والغاز وتركت مواطنيها
وتزايدت وتيرة إضرابات الموظفين والعمال في أوروبا على وقع انهيار مستوى المعيشة والأجور في مقابل التضخم وقفزة الأسعار والغلاء، وتشهد أوروبا أيضا زيادة في أسعار الكهرباء، بحيث وصلت إلى مستويات قياسية، وذلك لأن الغاز يعد مصدرا أساسيا لتوليد الكهرباء.
ففي فرنسا، أعلنت الفيدراليات «النقابات» العمالية للعاملين في قطاع الطاقة دخولها في إضراب بسبب منع حصول الفرنسيين على النفط، واعتراضًا على قانون التقاعد الجديد الذي تنوي الحكومة الفرنسية التصديق عليه، رغم اعتراض الأغلبية العظمى من العمال الفرنسيين.
كما قال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران، إن حوالي 19% من محطات الوقود في منطقة باريس تواجه مشكلات في الحصول على إمدادات وقود كافية، وأدت الإضرابات وأعمال الصيانة غير المخطط لها إلى تعطل أكثر من 60% من طاقة التكرير الفرنسية، أي 740 ألف برميل يوميا، ما أجبر البلاد على استيراد المزيد من الوقود، في وقت أدى فيه الغموض بشأن الإمدادات العالمية إلى زيادة التكلفة، ويعد هذا الإضراب جزءا من تحركات عمالية أوسع في جميع أنحاء فرنسا، تطالب بزيادة الأجور ومعاشات التقاعد في ظل تراجع القوة الشرائية مع ارتفاع التضخم في جميع أنحاء أوروبا، وأدى ذلك إلى إضرابات في مفاعلات نووية، ما أدى إلى الحد من إمدادات الكهرباء.
واتخذت باريس إجراءات لتوفير الطاقة وخطط لإطفاء الأنوار عند برج إيفل الشهير، قبل أكثر من ساعة من الموعد المحدد لها، وفي الوقت نفسه، من المقرر أن تطفأ إضاءة المباني العامة والمتاجر أثناء فترة الليل.
وفي ألمانيا تم اتخاذ إجراءات مماثلة في برلين، حيث تحدثت العمدة فرانسيسكا جيفاي، لصالح عدم إضاءة المعالم العامة مثل بوابة «براندنبورج» التاريخية المعروفة، بعد منتصف الليل.
ووصلت كلفة استهلاك الكهرباء للعام المقبل، إلى ما يقرب من ألف يورو، لكل ميجاوات ساعة، بينما وصلت التكلفة في فرنسا إلى 1130 يورو.
أما إسبانيا، فقد طالبت في أغسطس الماضي بوضع حد لإضاءة المباني العامة ونوافذ المتاجر بعد الساعة العاشرة مساء، فيما أفادت تقارير بأن هناك أجزاء في سويسرا تطفئ نصف أضواء الإنارة في شوارعها أثناء فترة الليل، من أجل الحفاظ على الطاقة والتقليل من التلوث الضوئي.
أمريكيون بلا مأوى أو غذاء
وضغطت تداعيات الحرب على أمريكا، فقفزت مستويات الأسعار في شهر يونيو الماضي، بما يزيد على 10% مقارنة بشهر مايو السابق له، بينما سجلت أسعار الطاقة ارتفاعا بما يزيد على 34%.
ونظرا لتأثير ارتفاع التكاليف على القوة الشرائية للأسر، وتراجع الإنفاق، حذر مسؤولون من أن النمو في عدة دول معرض لخطر الانكماش الحاد، وقالت وزارة العمل إن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 8.6% في مايو الماضي، بعد أن تراجع في أبريل السابق له، كما فرض ارتفاع تكلفة المعيشة أعباء كبيرة على كاهل الأسر وضغوطا على صنّاع السياسات للسيطرة على الوضع.
ورصدت صحيفة "واشنطن بوست" تداعيات ارتفاع معدلات التضخم وما تلى ذلك من ارتفاع حاد في أسعار فواتير الكهرباء والغاز والمواد الغذائية على الأسر الأمريكية، مؤكدة أن تدهور الأوضاع الاقتصادية زاد من معدلات التشرد داخل البلاد وترك المزيد من الأمريكيين بلا مأوى، لافتة إلى أن ارتفاع تكاليف السكن، إلى جانب التضخم المستمر للضروريات الأساسية مثل الغاز والطعام، ترك المزيد من الأمريكيين بلا مأوى وملايين آخرين يخشون من أنهم سيفقدون منازلهم قريبًا، كما أبلغت الملاجئ في جميع أنحاء البلاد عن زيادة مفاجئة في أعداد الأشخاص الذين يبحثون عن المساعدة، بينما يكافحون لتغطية أساسيات الحياة، وفي حين وصل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا تسعى العديد من الأسر الأمريكية الفقيرة للتكيف مع الحياة دون دفعة كافية من التحفيز أو الحماية الحكومية لمنع طردهم من مساكنهم.