حوار المصارحة بين الرئيس والشعب.. حِصن مصر الأمين أمام الأزمات
السبت، 14 يناير 2023 07:10 مطلال رسلان
- «أنا عمري ما خبيت عنكم ولا هخبي حاجة».. دستور الرئيس السيسي لحل الأزمات معتمدا على وعي المصريين
- توجيهات رئاسية مستمرة للمسؤولين بمكاشفة المواطنين بكافة التفاصيل وعدم عزلهم عن همومهم
- توجيهات رئاسية مستمرة للمسؤولين بمكاشفة المواطنين بكافة التفاصيل وعدم عزلهم عن همومهم
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد رسم سياسة واضحة للتعامل مع إدارة البلاد، سياسة قائمة على المصارحة والمكاشفة أمام المصريين، بل إن الرئيس يعتبر أنه لا نجاح في ملفات إدارة شؤون البلاد إلا بمشاركة المصريين في حل الأزمات.
خلال فترة رئاسة جماعة الإخوان الإرهابية، كان اجتماع مجلس الوزراء، بحضور الفريق أول عبد الفتاح السيسي وقتها لمناقشة أزمة انقطاع الكهرباء والبنزين، ونقص بعض الخدمات التموينية، حيث طلب الفريق السيسي حينها، من هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، بأهمية مصارحة الشعب المصري بحقيقة الأوضاع.
وقال الفريق أول عبد الفتاح السيسي آنذاك، لحكومة الإخوان: اتكلموا مع الناس ولازم نفهم الناس كل حاجة، مش لازم نتعامل مع المصريين على أساس إننا أوصياء عليهم، الوقود والتموين والصحة، لازم نتكلم مع الشعب بصدق، لازم نتكلم مع الناس قبل غيرنا ما يستغل الأزمات، دي تحديات ممكن تكون أكبر من الحكومة والرئاسة، لكنها مش أكبر من الشعب.
كان واضحا حتى قبل قدوم الرئيس السيسي إلى حكم البلاد أن نجاحه في إدارة أزمات البلاد والملفات الحساسة وحب الشعب وقربه منه قائم على سياسية المصارحة والمكاشفة أمام الشعب لإدارة التحديات الصعبة أمام البلاد.
في جملة من المناسبات أكد الرئيس السيسي على مفهوم جديد للوطنية قائم على مشاركة الشعب في حل المشكلات، ولذلك ردد الرئيس دائما "أن عمري ما خبيت عنكم حاجة أبدا. أنا دايما بقولكوا بيني وبينكم ربنا. وعمري ما ضيعتكم أبدا، وبتلاقوني قولتلكم تفاصيل أي أزمة أيا كانت النتائج".
مع سياسية الرئيس السيسي بمشاركة الشعب، زاد وعي الشعب المصري، وصار المواطن حائط الصد الأول أمام الشائعات التي تستهدف أمنه ومستقبله وزعزعة الاستقرار، ومنا هنا جاء دوره الرد في الأزمات أو مواقفه للتعامل معها.
الرئيس السيسي: حاسس بيكم وعارف غلاء الأسعار
«حاسس بيكم ولا بد من تكاتف الجميع لمواجهة غلاء الأسعار»، جملة قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا في عدد من المناسبات أبرزها أثناء حضوره إلى قداس عيد الميلاد بكاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة لتهنئة الأخوة المسيحيين، أكدت سياسية الرئيس للتعامل مع الأزمات التي تهم المواطن المصري، هذه الجملة أكملت منظومة المصارحة والمكاشفة التي بدأها الرئيس السيسي على أرضية وطنية قوامها الصدق، ولخصت مدى اهتمامه بالأحوال المعيشية للمواطنين، إذ حرص الرئيس، على طمأنة المواطنين من خلال رسائل موجزة، انطلقت من عدة محاور، أبرزها أهمية التكاتف لمواجهة غلاء الأسعار، قائلاً: «هذا هو الوقت الحقيقى لإبراز حرصنا على بعضنا البعض، ونحن نتحدث هنا عن الطعام والشراب والسلع الأساسية».
وكعادة الرئيس السيسي مع ما يشغل المواطن المصري، طمأن المصريين بشأن صندوق قناة السويس الذي ينشأ قريبا، وقال إن ذلك أمر ضروري لتطوير الهيئة «وقلت لرئيس الهيئة لو عاوزين نعمل تطوير للقناة هتجيب منين؟ قال لى هروح لوزير المالية، هقول لكم رقم كاشف جداً، قناة السويس بافتتاحها الجديد من 1975 لليوم جابت تقريباً نحو 200 مليار دولار، لو حد كان شال 10% من الرقم ده وحطه فى صندوق، كانت ممكن أمور كتير تتغير.. وهو الصندوق دخل البرلمان ليه؟ علشان يكون فيه إشراف عليه».
وحرص «السيسى» على توجيه الحكومة بأن يتضمن قانون الأحوال الشخصية الجديد تخصيص صندوق لدعم الأسرة المصرية فى أوقاتها الحرجة، ومن يخطط للزواج يجب عليه وضع مبلغ فى الصندوق، والحكومة من جانبها، تسهم بنفس القدر الذى يسهم به المتزوجون. وقال الرئيس إن الخلافات الأسرية قد تسفر عن توقف عائل الأسرة عن الإنفاق على أولاده، وبالتالى يتحول الأبناء إلى «ضحية للخلافات»، لذا يجب تأسيس الصندوق لحماية الأبناء من تداعيات الطلاق.
كم أنفقنا على ملفات التطوير؟
في 2018 كان حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات مؤتمر الشباب، متسما بالصدق والمصارحة للشعب المصرى، وفتح قلبه لجموع المصريين وتطرق لكل الملفات والموضوعات، إضافة إلى حرصه على أن تكون مصارحة الشعب من خلال الأرقام وبلغة مباشرة وسهلة.
مثل عادته منذ وصوله للحكم على الحديث مع المصريين بهذه الصراحة المطلقة، حتى يدركوا حجم التحديات التى تواجهها الدولة المصرية، بداية من تثبيت أركانها، وإحداث تنمية شاملة فى كل الملفات، فضلا عن قرارات الإصلاح الاقتصادي الجريئة والصعبة التى تستلزم تكاتف جموع الشعب من أجل استكمال مرحلة البناء.
وقتها حديث الرئيس السيسي بالأرقام شمل ما أنفقته الدولة لتطوير شبكة الكهرباء والمترو، وخطط بناء المصانع الجديدة، وخطط خفض الإيرادات، وغيرها من الأمور التى كشف عنها الرئيس خلال الجلسة الثانية للمؤتمر، وكان مردوده إيجابي لدى الشعب من خلال التأكيد على رغبة الرئيس في تعريفه بكل مجالات التطور والبناء للدولة المصرية.
أزمة سد النهضة.. الرئيس السيسي للشعب: لا تقلقوا عيشوا حياتكم
ليس هناك أزمة بقدر سد النهضة الإثيوبي وتهديد وجود الشعب المصري وتدفق النيل العظيم، ولذلك كان مبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بداية الأزمة هو مصارحة وطمأنة الشعب خطوة بخطوة، حيث أكد الرئيس أن تحرك مصر في مجلس الأمن الدولي بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي جاء لوضع القضية على أجندة المجتمع الدولي، مضيفًا أن مصر طالبت باتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وأشار إلى أن مشاريع مصر تستهدف الحفاظ على كل نقطة مياه.
وقتها جدد الرئيس السيسي العهد أمام رموز الشعب المصري، بالعمل من أجل الوطن وصالحه، وقال إن «الأحلام لا تسقط بالتقادم والإيمان بالحلم يصوغ الحاضر ويصنع المستقبل»، وشدد الرئيس السيسي على أن الدولة تتعامل مع كل القضايا بتخطيط عميق.
وشدد الرئيس السيسي، على المصريين بضرورة ألا يقلقوا بشأن قضايا المياه، وقال الرئيس موجهًا حديثه للشعب «لا يليق بنا أن نقلق أبدا.. عيشوا حياتكم».
السيسي: لن ألجأ إلى المسكنات لحل أزمات الاقتصاد ولن أروج الوهم للمصريين
ونحو إيجاد حلول للاقتصاد المصري، صارح الرئيس السيسي الشعب في 2018 عندما شدد على أن الدولة استندت إلى منهج شامل ومتكامل للتعامل مع التحديات الراهنة التى فرضتها ظروف دولية وإقليمية وداخلية، ولم تلجأ لمسكنات ضررها أكبر من نفعها، ولم تروج للوهم والآمال الكاذبة.
وقال الرئيس وقتها: «عمدنا لمصارحة الشعب بالحقائق كما هى، وتعاهدنا جميعاً على تحمّل فواتير الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الحقيقى، الذى وإن كانت له تكلفته، فإنه الطريق السليم والوحيد لبلوغ آمالنا الكبيرة لوطننا، الذى عاهدنا الله أن نضعه فى مصاف الأمم والمجتمعات المتقدمة، بجهودنا المشتركة وتضحياتنا جميعاً بالعرق والجهد والدم».
وأضاف أن من بين التحديات التى تواجه مصر الإرهاب الذى أطل بوجهه القبيح، أو حالة عدم الاستقرار السياسى التى شهدتها مصر بعد 2011 أو فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية، لافتاً إلى أن الدولة سعت لترسيخ أركانها، كما وضعت استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب، تتضمن أبعاداً ثقافية واجتماعية، بجانب العسكرية والأمنية. وتابع: «يأتى فى القلب من معركة الإصلاح والتحديث الشامل التى نخوضها هذا النشاط الذى نراه فى مجال البحث العلمى ودعم الابتكار والمبتكرين، وتمكين الشباب، وربط البحث العلمى بخطط الدولة للتنمية، ودعم المشروعات القومية، وفى السنوات الأربع الأخيرة قدمت الحكومة دعماً لمشروعات البحث العلمى ودعم الابتكار يقترب من 3 مليارات جنيه».
الرئيس يؤمن دوماً بأن "المكاشفة والمصارحة" هي الطريق الآمن لبناء جبهة داخلية قوية، لإنها تقطع الباب أمام أية محاولات لاختراق المجتمع المصرى، خاصة مع أدرك الرئيس السيسي أن المكاشفة مع الشعب ستكون الطريق الصحيح لبناء الداخل وقطع الطريق أمام محاولات اختراق المجتمع المصري، لذلك كانت الدولة المصرية الأكثر استهدافاً من قوى ظلامية تعمل ليل نهار على تغذية مواقع التواصل الاجتماعي تحديداً بشائعات ومعلومات مغلوطة، يستهدفون من ورائها ضرب التماسك الداخلى، وإثارة الفتن، بل والعمل على تأليب المواطنين على مؤسسات الدولة، لذلك كان الرئيس حريصاً منذ البداية على تنبيه المصريين ومعهم الحكومة وكافة المؤسسات من خطورة حروب الجيلين الرابع والخامس، التي يستخدم فهيا أعداء الدولة المصرية وسائل التواصل الاجتماعى والشائعات لضرب التماسك الداخلى.
كانت رسالة الرئيس السيسي دائما واضحة للحكومة "اطرحوا الحقائق أمام المصريين كما هي وشاركوهم في الأزمات فهم المخرج والحل دائما"، مؤكدا على الحكومة طرح الحقائق على المواطنين ومخاطبة الرأي العام وعدم إخفاء أي شيء، لإن قلة البيانات تتيح الفرصة للشائعات، وهذا لن يحدث إلا بأسلوب المكاشفة والمصارحة الذى يسير عليه الرئيس دوماً، والذى يؤدى في كل ظهور للرئيس إلى طمأنة المواطنين على عدم حدوث أية أخطاء في المستقبل.
في عدد من القضايا وأكثرها صعوبة كان ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي، مرتبطا في أذهان المصريين بمعرفة الحقائق كاملة، لذلك رد الرئيس على الموضوعات والأسئلة المطروحة في الشارع، منها المتعلقة بالأسعار وتدبير العملة لمستلزمات الإنتاج من البنوك، والأسواق، وغيرها من القضايا التي تهم الشعب، ويدرك الرئيس السيسى جيداً أهمية شرحها وتبسيطها للمواطنين ليكونوا على معرفة ودراية بما يجرى ، حتى لا يكون هناك مجال لقوى الشر في استغلال قلة المعلومات لدى الشعب أو المعرفة والدخول بآلة الشائعات، والتأثير على الجبهة الداخلية.
لم تتوان الدولة المصرية في مواجهة الأزمات، وخاصة ما أفرغته تداعيات انتشار فيروس كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية وما فرضته على العالم من تضخم وغلاء ونقص خطوط الإمداد وانهيار الأسواق والاقتصاديات العالمية، بالتأكيد كانت الدولة حاضرة في مواجهة كافة الأزمات الدولية ، بل تسعى لمعالجتها لتقليل تأثيراتها على المواطنين، لكن هذا الجهد كان يحتاج ما رسمه الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بداية توليه إدارة شؤون البلاد، وهو آلية تواصل جيدة بين الحكومة والشعب، وهذا لن يحدث الا بتنفيذ ما قاله الرئيس بتوفير المعلومات وشرح مشروعات القوانين وعقد حوارات مجتمعية، حتى يمكن للمواطن أن يعرف ويتفهم ما يجرى وما يخصه فى هذه الموضوعات، بل ويكون شريكاً في المسئولية، وأمامنا هنا تجربة لابد أن تكون امامنا جميعاً وحاضرة، وهى قرارات الإصلاح الاقتصادى التي تم الإعلان عنها في 2016، فرغم الكثير من التحذيرات والتخوفات من ردة فعل الشارع عليها، الا ان الرئيس السيسى كان يراهن على وعى الشعب، الذى زاد بعدما وضعه الرئيس أمام الصورة الكاملة للوضع الاقتصادى المصرى، والمؤشرات المستقبلية التي كانت تقول بكل وضوح أن المستقبل سيكون أكثر سوءا اذا لم تتخذ الدولة قرارات جريئة، وقتها تفهم الشعب ما قاله الرئيس السيسى، وكان كما قال الرئيس "البطل" في تحمل تبعات قرارات الإصلاح الاقتصادى، وهو ما لم يكن ليحدث لولا الثقة الشعبية في الرئيس السيسى وفيما يقوله لهم.