مصر تجدد ثوابتها تجاه العراق .. رسائل الرئيس من الأردن: نقف خلف بغداد لتصنع المستقبل كما صنعت التاريخ
الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022 04:45 م
يٌدرك الرئيس عبد الفتاح السيسي البٌعد التاريخي لثقل العاصمتين العربيتين الوحدويتين على مدار التاريخ العربي" القاهرة وبغداد"، اللتين شهدتا عاصمة الدولة العربية، ويدرك الرئيس أيضاً أن قوة بغداد إضافة إلى قوة القاهرة وقوة القاهرة إضافة إلى كل العرب، ولعل ذلك كان أحد الأسباب التي جعلت الرئيس يحرص على زيارة العاصمة العراقية بغداد في إطار جولاته الخارجية، وكانت زيارته في 27 يونيو العام الماضي بمثابة أول زيارة لرئيس مصري للعراق منذ 30 عاماً، والتي جاءت انعكاساً لقوة العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر والعراق حكومةً وشعباً.
الرئيس السيسي جدد من خلال كلمته اليوم بقمة بغداد للتعاون والشراكة، المنعقدة بالأردن، على رفض مصر لأي تدخل في شئون العراق، منوهاً أن مصر تعاهدت والدول المشاركة في القمة الأولى التي عُقدت في أغسطس 2021، على دعم الجهود الوطنية لدولة العراق حكومة وشعباً في سبيل تحقيق أمن واستقرار بلادهم وحفظ سيادتها واستعادة مكانتها التاريخية ودورها العربي والإقليمي الفاعل، واشاد الرئيس بتحسُن الأوضاع بالعراق، و ما حققته من إنجازات مهمه اعادت دور مؤسسات الدولة والقضاء علي مشروعات الإرهاب الظلامية وتحقيق أمن واستقرار وسيادة العراق، وصون وحده نسيجها الوطني بمشروعات إعادة الاعمار.
في قمة بغداد الأولى العام الماضي أكد الرئيس السيسي على الحرص المصري لدعم شعب العراق من أجل بناء دولته والتصدي لمحاولات اختطافها من الجماعات الإرهابية في مقدمتها "داعش" التي لعبت على هدم مؤسسات الدولة العراقية ونشر الفوضى ومحاولة إضعاف تلك الدولة العريقة لتسقط صيداً ثميناً في فخ الحرب الأهلية ومن ثم "التقسيم" ،فضلاً عن تأكيداته بعدم السماح للتدخلات الخارجية بالعراق، وترك حرية تقرير المصير للشعب العراقي وحده.
وبعث الرئيس بعدة رسائل إلى الشعب العراقي لعل أبرزها وضع إمكانيات مصر أمام العراق لاستعادة دوره الريادي بالمنطقة و إن مصر تقف مع العراق لاستعادة مكانته التاريخية وترسيخ موقعه فى العالم العربى"، فالاستراتيجية التي صاغها الرئيس منذ تولية مقاليد الحكم في البلاد تعكس أولويته للعرب لدرجة "التضامن" وأولويته للدول العربية لدرجة "الإخاء"، وأولويته لشعوب العالم الثالث قاطبة إلى درجة "وحدة المصالح المشتركة".
من يتتبع خطوات السياسة المصرية يجد أنها لا تقوم أبداً على إضعاف الأخر، فما بالك وإن كان هذا الأخر "عربي" تربطه اللغة والدين والثقافة والقيم والتاريخ والمواقف العصيبة، فالعراق التي وقفت جوار مصر في حربها الأعظم 1973، ومصر التي أيدت العراق في حربها الأطول من 1980 حتي 1988 ضد إيران، ناهيك عن العلاقات الشعبية العميقة بين مواطني الدولتين.
الموقف المصري تجاه دولة العراق ثابتاً على الدوام ولم يتغير، فهو موقف داعم لمساعدة بغداد الخروج من فخ التقسيم بأقل خسائر، والوقوف مره أخرى لبناء الدولة العراقية وتثبيت أركانها ومن ثم المضي قدماً نحو البناء والتنمية، ومن هنا كانت وصية الرئيس السيسي للشعب العراقي في قمة العام الماضي حين قال: "حديثى إليكم اليوم وندائى حافظوا على بلدكم، ابنوا وعمروا وتعاونوا، وشاركوا، ابنوا مستقبلكم ومستقبل أبنائكم، عمروا مدنكم ومزارعكم ومصانعكم، وتعانوا من أجل المستقبل، شاركوا في الانتخابات، الانتخابات مسئولية عظيمة في بناء مستقبل الدول".
وصية الرئيس السيسي لشعب العراق دائماً ما تحمل بين طياتها تخوفات نجاح المخططات الشيطانية التي لعبت على تقسيم المنطقة العربية والتي كان بداية محاولاتها باتفاقية سايكس بيكو 1916 لاقتسام منطقة الهلال الخصيب، ومن بعدها هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى التي أعقبها تقسيم كل الدول التي كانت تحتلها بين دول الحلفاء، وبعد ما يقرب من 9 عقود ظهر مصطلح جديد في منتصف الألفينيات ألا وهو " الشرق الأوسط الجديد" برعاية كوندليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق والتي سعت من خلال هذا المشروع لتقسيم الدول العربية، إلا أن مصر استطاعت رصد هذا المخطط مبكراً والتنبه له والتعامل معه وهو ما عاد على الدولة المصرية بالاستقرار لتتفادى الوقوع في فخ التقسيم، وهذا ما يخشاه الرئيس السيسي على العراق وشعبه.