واشنطن تصحح مسار علاقتها مع أفريقيا.. بايدن يغازل القارة السمراء بـ «مجموعة العشرين»
السبت، 17 ديسمبر 2022 10:00 مواشنطن- يوسف أيوب
- بايدن يغازل القارة السمراء بطلب دخول الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين.. ومذكرة تفاهم تاريخية لإنشاء منطقة تجارة حرة
ثمان سنوات احتاجتها واشنطن لتستعيد علاقاتها مرة أخرى مع أفريقيا من خلال عقد القمة الامريكية الافريقية الثانية، بعدما عقد الرئيس الاسبق باراك اوباما القمة الأولى فى اغسطس ٢٠١٤.
القمة التى استضافها الرئيس الامريكى جو بايدن وبحضور ٤٩ زعيم أفريقى فى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، جاءت فى وقت شديد الحساسية والصعوبة فى الوقت نفسه، سواء للولايات المتحدة الامريكية او للدول الافريقية، التى تعد الاكثر تأثرا من الازمات الدولية المتلاحقة بداية من جائحة كورونا ووصولا للحرب الروسية الاوكرانية التى انتجت ازمات متلاحقة سواء فى الامن الغذائى او الطاقة، مما اثر سلبا على الوضع الاقتصادى الدولى، وقلل من فرصة الثقة الدولي فى التوجهات الامريكية، وهو العبء الذى عمد بايدن ورجال ادارته إلى مواجهته خاص مع الدول الافريقية التى تشهد منذ سنوات تكالبا دوليا عليها يظهر من عدد القمم التى بدأت دول كبرى فى تنظميها مع القارة السمراء، مثل الصين روسيا وفرنسا وغيرها من الدول التى تنظر إلى افريقيا باعتبارها سوقا واسعا وفى نفس الوقت متنفس لتنفيذ استراتيجيات وسياسات متعددة تتلافى بها الركود الاقتصادى الدولى، وهو ما جدد التأكيد على الاهمية الاستراتيجية التى تمثلها القارة الافريقية ليس فقط للاقتصاد الدولى وانما ايضا للسياسات الدولية بشكل عام، خاصة ان افريقيا منذ عقود طويلة تعد القارة الوحيدة التى تتمسك بمواقف موحدة تجاه العديد من القضايا الدولية، وهو ما دفع الجميع الى محاولة استمالتها.
والاربعاء الماضى تعهد الرئيس بايدن ومسؤولو إدارته بالاعتراف بأفريقيا كلاعب جيوسياسي رئيسي في الساحة الدولية، معلناً مساندة الولايات المتحدة للاتحاد الأفريقي المكوّن من 55 دولة للانضمام إلى مجموعة الدول العشرين كعضو دائم، كما وقع مذكرة تفاهم تاريخية لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية، وقال إنها ستكون واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم بإجمالي 3.4 تريليون دولار، وتفتح المجال لفرص جديدة في التجارة والاستثمار، والتقريب بين الولايات المتحدة وأفريقيا أكثر من أي وقت مضى، مشيرا إلى توقيع شراكة بين شركات أميركية وأفريقية للاستثمار في البنية التحتية بقيمة 500 مليون دولار، لبناء الطرق وصيانتها، ووضع سياسات تقلل تكاليف النقل للسفن لشحن البضائع، وضخ استثمارات تقارب 1.2 مليار دولار في أفريقيا، وتخصيص مبلغ 2.5 مليار دولار من لجنة الاتصالات الفيدرالية خلال السنوات الثلاث المقبلة؛ لدعم المبادرات في قطاع الزارعة، والنقل، والطاقة المتجددة، وتغيير استعمال الفحم في محطات الطاقة في جنوب أفريقيا بمصادر للطاقة المتجددة مثل الهيدروجين النظيف، وربط شرق آسيا بأوروبا عن طريق مصر في مشروع اتصالات عالي السرعة تبلغ تكلفته 600 مليون دولار؛ لتوفير إنترنت عالي السرعة للبلدان الأفريقية. وأضاف بايدن أن الوكالة الدولية للتنمية الأميركية تستثمر 370 مليون دولار في مشاريع جديدة للطاقة النظيفة، وتوفير الأسمدة للمزارعين ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير مياه الشرب النظيفة.
وتحدث بايدن عن التغيرات التي يشهدها العالم؛ من وباء وحرب وعدم استقرار ومشاكل وتحديات اقتصادية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية وتأثيرات التغير المناخي قائلاً: إنه لا يمكن حل أي من هذه التحديات دون القيادة الأفريقية على الطاولة ومبادرات لمكافحة الأمراض وتعزيز الأمن الصحي خلال وباء «كوفيد-19»، وتوفير اللقاحات إلى 49 دولة في جميع أنحاء أفريقيا وبناء أنظمة صحية قوية.
بايدن يأمل فى ان تكون القمة التى انفضت الخميس الماضى فى واشنطن بداية تصحيح مسار السياسة الامريكية تجاه القارة، والعمل مع الحكومات الإفريقية والمجتمع المدني وتجمعات المهجر في الولايات المتحدة والقطاع الخاص لمواصلة تعزيز الرؤية المشتركة بشأن مستقبل العلاقات الأمريكية الإفريقية، وهو نفس المعنى الذى ذهبت إليه نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس، التى أكدت رغبة واشنطن القوية فى تعزيز علاقتها مع الدول الإفريقية، مشددة فى الوقت نفسه على التزام أمريكا تجاه شركائها الأفارقة في إطار من الاحترام المتبادل والمصالح والمبادئ المشتركة، وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين والشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستفادة من خبرات القطاع الخاص، ووصفت إفريقيا بأنها القارة الأسرع نموا في العالم، وعبرت عن التزام أمريكا بأن توفر لشركائها الأفارقة كافة الأدوات المتاحة ومنها تمويل التنمية والقروض والدعم الفني ودعم الإصلاحات التشريعية.
ووفق الاستراتيجة الامريكية فإن واشنطن تنظر لافريقيا على أنها ستعيد تشكيل المستقبل ليس فقط مستقبل الشعوب الإفريقية بل وأيضا مستقبل العالم، وأن إفريقيا ستحدث فرقا في مواجهة أكثر التحديات إلحاحا وفي اغتنام الفرص المتاحة أمام الجميع، لذلك فانهم منخرطون فى اتجاه تعزيز التزام اقتصادي جديد بين الجانبين ودعم السلام والأمن والحوكمة الرشيدة، وإعادة التأكيد على الالتزام بالديموقراطية وحقوق الإنسان ودور المجتمع المدني، والعمل المشترك لتعزيز الأمن الصحي الإقليمي والدولي وتعزيز الأمن الغذائي ومواجهة الأزمات المتعلقة بالتغيرات المناخية وتعزيز الروابط مع المهجر وتدعيم التعليم والقيادات الشابة.
وشهدت القمة الامريكية الافريقية عقد عدد من الفعاليات مثل منتدى المجتمع المدني بعنوان "الشراكة الشاملة من أجل تعزيز أجندة 2063"، والذى يمثل منصة مشتركة بين كبار الممثلين الحكوميين والمجتمع المدني، كما يتيح الفرصة لمنظمات المجتمع المدني أن تدلي برأيها فيما يتعلق بالفئات المهمشة في الحياة العامة وحقوق العمال ومكافحة الفساد وتعزيز المحاسبية.
كما شهدت القمة عقد منتدى قادة شباب إفريقيا والمهجر، والذى أكد على الالتزام بتعزيز الحوار بين المسئولين الأمريكيين والأفارقة في المهجر وتوفير منصة لشباب القادة الأفارقة من أجل التوصل إلى حلول مبتكرة للتحديات الراهنة، حيث تضمن المنتدى عدة جلسات حول التعليم العالي وتنمية وتطوير القوى العاملة والصناعات المبتكرة وتحقيق العدالة البيئية.
وتزامن ذلك مع عقد منتدى قادة الأعمال الأمريكيين والأفارقة تحت عنوان "الشراكة من أجل مستقبل أكثر ازدهارا لخلق فرص عمل وتحقيق النمو المستدام والشامل على جانبي المحيط الأطلنطي".