أمين "البحوث الإسلامية": الإسلام رسم أساس الحياة الجديدة في المجتمع بأسره
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022 01:59 ممنال القاضي
قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عيّاد، إنّ الإسلام دينٌ شاملٌ للحياة كلّها، وصالحٌ لكلّ زمانٍ ومكانٍ، ينظّم علاقات الإنسان بنفسه وبربه وببني جنسه وبالكون أجمع، وقد خصّ الله تعالى الشريعة الإسلامية الغرّاء بأن تكون آخر الرسالات وخاتمة الشرائع، وأودع فيها من أدواتٍ وحباها من شمولٍ وقيمٍ أبرزها قيمة التسامح، هذه القيمة التي تعدّ معلمًا بارزًا فيها، وأثرًا إيجابيًا من آثارها، وأساسًا متينًا في العلاقة بين المسلمين وغيرهم.
أضاف الأمين العام خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الذي تعقده مكتبة الإسكندرية تحت رعاية الأزهر الشريف وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للمؤرخين بعنوان: "التعايش والتسامح وقبول الآخر .. نحو مستقبل أفضل"، أنه مع هذا الاختلاف بين بني الإنسان فإنه لم يمنع من إيجاد العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان، بل أقامها على أساس التعارف، قال تعالى: "يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم مّن ذكرٍ وأنثىٰ وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا"، فالمطالع للحضارة الإسلامية عبر تاريخها الطويل يجد أنّها قد أقرت هذا الاختلاف، ولا تزال التعاليم الإسلامية قادرةً على توجيه سلوك المسلمين وتعاملهم مع أنفسهم ومع غيرهم في كلّ زمانٍ ومكانٍ، انطلاقًا من وسطية الإسلام واعتداله ودعوته إلى التسامح والاحترام المتبادل بين أصحاب الشرائع المختلفة والوجهات المتعددة، في جوٍّ من التعارف الجادّ والتعاون المثمر والإخاء الإنسانيّ البنّاء، الذي يحفظ لكلٍّ ما يخصّه، ويمنع من الذوبان أو التساهل المؤديان إلى معارضة أصول دينه وتعاليم مذهبه.
أوضح عياد أن هذا التسامح تجسّد في التعاليم الإسلامية حين رسم الإسلام أساس الحياة الجديدة في المجتمع بأسره، فعمل على نبذ الطائفية وأزال الفوارق وقضى على العنصرية، ووضع أساسًا ليرتكز الناس عليه في تعاملاتهم، ومقياسًا للتفاضل بينهم؛ هذا الأساس هو التقوى والعمل الصالح؛ قال تعالى: "إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ" وفي الحديث:«يا أيّها الناس، ألا إن ربّكم واحدٌ، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلّا بالتقوى».
وتابع قائلًا: أن الحضارة الإسلامية حرصت أيضًا على نشر ثقافة التسامح والدعوة إليه، والتشجيع عليه سيّما أنها اعتمدت في ذلك على نصوص دينها قرآنًا وسنةً من خلال مظاهر عدة، منها: الاعتراف بالحرية للآخرين وأقصد بها حرية المعتقد وممارسة الشعائر وصون أماكن العبادة، وكذلك التزام العدل مع الجميع حتى مع المخالفين، فقد أقام الإسلام علاقةً متوازنةً بين المسلمين وغيرهم، من حيث الحقوق والواجبات، علاقةً قائمةً على التسامح، بالإضافة إلى المحافظة على الدماء والأموال والأعراض: فمما لا شكّ فيه أن الأديان لا تأمر إلاّ بالخير والحقّ والصلاح ولا تدعو إلاّ إلى البرّ والحبّ والرحمة والإحسان، ولا توصي إلاّ بالأمن والسلم والسلام.
واستطرد قائلًا: إن من هذه المظاهر أيضًا التزام التسامح في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأنّ الهدف من هذا الدين هو هداية الناس أجمعين دون أن تقتصر الدعوة على جنسٍ بذاته، أو قومٍ دون آخرين، أو مكان معينٍ؛ فهي موجهةٌ إلى الناس كافةً، قال تعالى "ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن"، ومنها أيضًا أن أساس السلام العالميّ اللامحدود: حيث أقام الإسلام نوعًا من العلاقات الدولية مرتكزًا على قاعدتين رئيستين، الأولى: في قوله تعالى:{وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على اللّه إنّه هو السّميع العليم}، والثانية: في قوله تعالى: { وقاتلوا في سبيل اللّه الّذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ اللّه لا يحبّ المعتدين}، فمفهوم السلام في ديننا الإسلامي، مفهومٌ لا محدود، جامعٌ لمعاني السلام، والسلامة، والصلح، والاطمئنان والرضا؛ والمودة، والبرّ، والقسط مع النفس والغير.
وأشار عياد أنه ومن هنا أدرك الأزهر الشريف أهمية فقه التعايش السلميّ وأثره في بناء الدول والأوطان، من أجل ترسيخ الفهم الوسطيّ لتعاليم الإسلام، والعمل على تعزيزه في وقتنا المعاصر، فكان مؤتمر السلام العالميّ بحضور البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، الذي عقد بالقاهرة في الفترة من الثلاثين من شهر رجب وحتى غرة شعبان عام 1438هـ - الموافق السابع والعشرين والثامن والعشرين من شهر إبريل 2017م هذا، ولا يزال الأزهر يسعى من…