حياة كريمة ترفع شعار قرى صديقة للبيئة.. التعاون مع مبادرة «اتحضر للأخضر» لتحسين جودة المناخ من القاهرة لأسوان

الأحد، 30 أكتوبر 2022 07:00 م
حياة كريمة ترفع شعار قرى صديقة للبيئة.. التعاون مع مبادرة «اتحضر للأخضر» لتحسين جودة المناخ من القاهرة لأسوان

الريف المصري دائما ما كان مساحة مفتوحة للبهجة والاستمتاع والخضرة والجمال ، حتى أنه كان مضرب المثل فى صفاء النفس وسلامة البال، لكن هذا المتّسع الفسيح من الجمال ، ينفصل عن عالمه المحيط، وبينما قفزت بنا الحياة أميالا إلى الأمام، بمزيد من العلم والمعرفة والتكنولوجيا والتطور، تركت تلك القفزات آثارا سلبية على الكوكب، بمُدنه وأريافه، باتت تُمثّل تحدّى البشرية الأكبر فى العصر الراهن، وربما لعقود طويلة مُقبلة.
 
 
وفي ظل استعدادت مصر  لاستضافة  cop27 فى مدينة شرم الشيخ أوائل نوفمبر المقبل، وهو الحدث الذى استعدت له الدولة المصرية لوجستيا وتنظيميا على مستويات عدّة، ليس أبرزها تحوّل شرم الشيخ بكاملها إلى مدينة خضراء، وإنما سبق تلك الاستعداد وترافق معها برنامج وطنى واسع وطموح للدفع باتجاه الاقتصاد الأخضر على كل المستويات، عبر أفكار وبرامج ومشروعات نوعية تحتفى بالطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر وتقليل الانبعاثات سعيًا باتجاه الحياد الكربونى، ومن مُنجزات تلك الرؤية جاء مجمع بنبان الأضخم عالميا لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ومجمعات طاقة الرياح على ساحل البحر الأحمر، ومبادرة «اتحضر للأخضر»، وعشرات من البرامج والأنشطة الاقتصادية والتنفيذية الطموح فى هذا المسار، ولم ينفصل ريف مصر عن تلك الرؤية أو يتخلف عن ركبها، فتولّدت من رحم استراتيجية الدولة أفكار ومبادرات نوعية على امتداد مصر، تحتفى بالعودة إلى الطبيعة والعمل على إنقاذ البيئة الخضراء
196297189_340902980712089_2385530420075391497_n
ومن أهم القري التي دخلت ضمن مبادرة (اتخضر للاخضر) قرية البسايسة عن مدينة الزقازيق جنوب محافظة الشرقية، هذه القرية الصغيرة التى كانت ومنذ سنوات على موعد مع تجربة فريدة من نوعها، بإنشاء أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية فى مصر للتخلص من تلوث الطاقة الكهربائية، عن طريق استخدام التكنولوجيا لتوليد الكهرباء التى يتم استخدمها لإنارة المنازل والشوارع، وتشغيل الأجهزة الكهربائية لتصبح «البسايسة» قرية رائدة من نوعها فى الاستفادة من الموارد الطبيعية، لخلق مجتمعات صديقة للبيئة فى الريف.
 
 من جانبه اكد سليمان عطية، من القائمين على أعمال جمعية البسايسة، التى تدير الملفات التنموية بالقرية، أن القرية تعتمد على الطاقة الشمسية والمكونات الطبيعية، عن طريق بطاريات ورفع الكمية المستخرجة من الألواح الشمسية، حيث توجد بطاريات الطاقة الشمسية فوق أسطح منازل القرية وجميع الأجهزة الكهربائية صارت تعمل بالطاقة الشمسية، علاوة على زراعة الأسطح بالنباتات المثمرة، وتعمل أكثر من 50 من منازل القرية بالطاقة الشمسية باشتراك شهرى رمزى 50 جنيها.
وادى الملاك قرية تستخدم الزراعة العضوية
 
images (5)
 
من جانب أخر تشهد قرى مركز زفتى بمحافظة الغربية البداية الأولى لتنفيذ المبادرة الرئاسية حياة كريمة والتى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، لتطوير الريف المصرى والتى أحدثت طفرة حقيقية فى كل المجالات والقطاعات الخدمية، لتقديم خدمات أفضل للمواطنين.
 
قرية سنباط إحدى أكبر قرى مركز زفتى قرر السكان فيها، تم تطبيق فكرة مختلفة لتنقل القرية نقلة مختلفة عن طريق إنتاج طاقة نظيفة فى المنازل، باستخدام روث الحيوانات من حظائر المزارعين مما لديهم رؤوس ماشية.
 
وتم اختيار مجموعة من المزارعين ممن يمتلكون ثروة حيوانية لتنفيذ الفكرة وإنتاج وقود نظيف بأقل الامكانيات للطهى واستخدامه فى الأعمال المنزلية اليومية يكون بديلا لأسطوانات البوتاجاز.
 
وفى منزل المواطن على عبدالمنعم صقر تم تطبيق الفكرة وإنتاج وقود نظيف دون أى يتحمل أى نفقات خاصة بحوض تجميع المخلفات أو الخزان الخاص بتخمر المخلفات أو التوصيلات المؤدية للمطبخ. وتغيرت حياة أسرة «على» المواطن البسيط للأفضل بعدما استطاع أن يحصل على وقود نظيف آمن بديل لأسطوانات البوتاجاز مرتفعة السعر.
 
يقول على عبدالمنعم صقر : مسؤولو مبادرة حياة كريمة عرضوا علىَّ تنفيذ هذه الفكرة وعلى عدد من المزارعين بالقرية، لإنتاج وقود نظيف خاصة المزارعين الذين يمتلكون عددا من رؤوس الماشية، دون أن تحمل أى تكاليف تخص أعمال التنفيذ.
Screenshot_٢٠٢٢١٠٣٠-١٨٣١١٢
وأكد أنه لم يتردد فى الموافقة ولم يتوقع أن يحقق المشروع هذه النتائج المذهلة، وتم عمل حوض لوضع المخلفات الحيوانية موصل بماسورة لخزان تحت الأرض للتخمير ويخرج منه خرطوم موصل للبوتاجاز.
 
 
وأضاف أنه تم تدريبه على كيفية إنتاج الوقود من المخلفات، عن طريق تجميع مخلفات الحيوانات يومياً ووضعها داخل حوض صغير وتخفيف كثافة المخلفات بالمياه ثم تمريرها عن طريق ماسورة لخزان مدفون تحت الأرض يتم فيه تخمير المخلفات لإنتاج الغاز ويخرج منه خرطوم موصل للبوتاجاز فى المطبخ.
وأكد ان هذه التجربة العظيمة وفرت له بديلا لأسطوانات البوتاجاز وأنتجت له وقودا نظيفا وساعدت على توفير بديل أفضل من أسطوانة البوتاجاز.
واشار بعد تحلل المخلفات تخرج لخزان آخر فى صورة مياه يتم تعبئته فى جراكن لاستخدامه كسماد عضوى لأرضه كبديل للأسمدة الكيماوية.
 
 
 
وتابع فى البداية لم نصدق هذه الفكرة او نتوقع نجاحها ولكن بعد تنفيذها فى منزلى اختلف الرأى خاصة مع النتيجة المذهلة التى شاهدتها وهى أننى أصبح لدى وقود نظيف دون الحاجة لأسطوانة البوتاجاز وتشجع المزارعين وطبقوها فى منازلهم.
 
 
وأضاف أننا نحصل على وقود نظيف بدون جهد كما نتخلص من المخلفات بطريقة آمنة وننتج منها سمادا عضويا للأرض.
ووجه «صقر»، الشكر للقائمين على تنفيذ حياه كريمة بمحافظة الغربية على كل ما تحقق من إنجازات ملموسة على أرض مركز زفتى غيرت حياتنا للأفضل.
أسطح قرى الغربية تتحول إلى اللون الأخضر.. بفضل «المبادرة الرئاسية»
 
 
 
«توفيق عوض الله»، مواطن مصرى بسيط لا يعرف معنى كلمة المناخ أو تحسين جودة، فقط علم عن طريق التليفزيون بانعقاد قمة أو مؤتمر كبير على حد وصفه للمناخ فى مصر نهاية العام، ورغم حدود علمه بتفاصيل هذا المؤتمر، فإنه يعتبر من أهم المشاركين فيه بمشاركته فى مبادرة «اتحضر للأخضر»، التى تم تنفيذ جانب منها فوق سطح منزله بإزالة المخلفات، ومشاركته فى مشروع زراعة أسطح المنازل بإحدى قرى الغربية، ليحجز الحاج توفيق مقعدا مهما بهذه المشاركة فى قمة المناخ.
 
 
استطاعت المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، لتنمية وتطوير الريف المصرى، أن تغير حياة المواطنين بقرى مركز زفتى، المحطة الأولى لتنفيذ المبادرة بمحافظة الغربية، للأفضل فى مختلف القطاعات الخدمية من إدخال خدمات الصرف الصحى، الغاز الطبيعى، مشروعات مياه الشرب، وأيضا تبطين الترع، وإنشاء مدارس جديدة ومجمعات حكومية لخدمة المواطنين. فضلا عن الدور المهم فى تنمية المواطنين، وتقديم خدمات أفضل لهم، من خلال المبادرات التى تنفذها المبادرة بمشاركة مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، ومنها مبادرة زراعة الأسطح بالنباتات والأشجار المثمرة والخضراوات، فى إطار خطة الدولة للحفاظ على البيئة والمناخ. وحولت المبادرة أسطح منازل عدد كبير من المواطنين بقرية سنباط، إحدى أكبر قرى مركز زفتى، للون الأخضر، من خلال مبادرة التشجير، حيث تم توفير أحواض لزراعة الخضراوات والفاكهة وأيضا نباتات الزينة، دون أن يتحمل أى منهم تكاليف تنفيذ المبادرة.
 .
 
 
 
اما في محافظة أسوان
مشروعات متعددة لـ«حياة كريمة».. موقع القرية المميز على النيل وخلوها من المصانع رشحاها لتكون نموذجية.. والأهالى: البيوت بسيطة والأشجار كثيرة ولا نحتاج إلى مكيفات
 
 
وسط حالة من الصمت تسمع خلالها «زقزقة» العصافير على الأشجار التى ملأت المكان فى كل الاتجاه، بهذا المشهد يمكن وصف حالة الهدوء التى تتسم بها قرية فارس التى تبعد أكثر من 800 كيلومتر جنوب العاصمة القاهرة، حيث تطل على نهر النيل مباشرة بمحافظة أسوان، وتشتهر بأنها واحدة من القرى الزراعية المنتجة والقرى النظيفة أيضا، وهو ما جعلها مرشحة لتكون قرية نموذجية صديقة للبيئة.
 
«انتقلت إلى قرية فارس التابعة لمركز كوم أمبو، لرصد المقومات التى جعلت القرية واحدة من القرى البيئية النموذجية وما تبذله الدولة من جهود على أرضها تتمثل فى مشروعات تنمية وتطوير ضمن المبادرة
 الرئاسية لتطوير الريف المصرى «حياة كريمة».
 
أبو طالب أحمد عبد الحميد، من أهالى قرية فارس بمحافظة أسوان، يصف المشهد على القرية قائلاً: «الحمد لله الذى أنعم علينا بهذه القرية الجميلة، التى رغم بساطتها فى المعيشة، إلا أنها تتمتع بموقع ساحر مطل على نهر النيل فهى تخلو من المصانع والضوضاء وغيرها من عوامل التلوث الصناعى، ويعتمد سكانها على الطبيعة فى المعيشة والزراعة والانتقالات من نجع إلى نجع».
 
 
 
 
 
محمد السبال، مزارع من أهالى القرية، أضاف أن القرية حباها الله بالخيرات الطبيعية من الزراعات المختلفة وذلك بسبب موقعها المطل على نهر النيل مباشرة، فالزراعة هى المهنة الأساسية لسكان القرية بجانب الاعتماد على التجارة والصيد فى مياه النيل، لافتا إلى أن من أبرز الزراعات التى تشتهر بها القرية هى، النخيل والمانجو والليمون والقمح وغيرها من المحاصيل الزراعية الأخرى، موضحا بأن هذه العوامل الطبيعة النظيفة تجعل الإنتاج الزراعى للثمرات عالى الجودة ونقى، ويعتمد معظم التجار على إنتاج فارس من المحاصيل المختلفة. 
 
 
 
وأشار «السبال»، إلى أن قرية فارس جديرة لتكون من القرى النموذجية النظيفة لأنها خالية تماما من المصانع التى تضر بالبيئة وهو ما أهلها لإقامة مشروع الطاقة الشمسية الجديد على أرضها، وهو أيضا مشروع صديق للبيئة منتج للطاقة النظيفة.
 
 
 
 
اما في قرية التلين، التابعة لمركز منيا القمح بالشرقية،  نفذت أول مكمورة للفحم صديقة للبيئة بدون عودام أو أدخنة ضارة، كبديل للطريقة التقليدية الضارة.
 
54177-new2
 
انتقلنا لرصد أول مكمورة صديقة للبيئة بالشرقية، والتقت سليم رأفت صاحب الفكرة، وأوضح أنها عبارة عن منظومة متكاملة تعمل على إنتاج فحم نباتى بجودة عالية، وتقوم بمعالجة الغازات الناتجة عن التفحيم وتحويلها إلى غازات تخليقية تستخدم كوقود.
 
 
 
وأكد أنه بدأ حياته العملية كتاجر ومصدر للفحم المصرى، الذى يجد منافسة من بعض الدول المنتجة للفحم صديقة للبيئة، قائلا: بسبب أننا نقوم بتصنيعه بالطريقة التقليدية، التى تعتمد على إشعال النيران فى الأخشاب وتركها حتى تخمد تماما ويخرج منها الفحم، الذى يكون نسيته أقل بكتير من حجم الخشب الذى تم إضرام النيران به، كما أنه يكون مفتقد مميزات الجودة، بالإضافة إلى مساهمة تلك الطريقة فى تلوث البيئة وتعرض العاملين فيه لمخاطر شديدة، بسبب انبعاثات الأدخنة التى تستمر لمدة 40 يوما متواصلة فى الجو، هو ما يؤثر على صحة المواطنين فى محيط المكمورة بسبب استنشاق الغارات الضارة وإصاباتهم بالأمراض، وأيضا ضرر للبيئة بسبب مساهمة تلك الطريقة فى تلوث الهواء.
 
 
يقول: استقررت فى مصر منذ أكثر من 10 سنوات، وبدأت فى تأسيس مكمورة للفحم، كنت رافضا تنفيذ النموذج البدائى الذى ما زال موجودا، لما يسببه من ضرر للبيئة، وبدأت فى البحث عن النماذج المنفذة بعدد من الدول، والتعرف على كل نموذج، من حيث مميزاته وعيوبه، التى أبرزها أن الضغط بالفرن عالى جدا، وأنا كواحد من أبناء المهنة ومتعمق فيها، فكرت فى تصميم نموذج متطور يتفادى كل العيوب التى رصدتها بالنماذج السابقة والاستفادة من الغازات الناتجة، وتحويلها كوقود من خلال وحدة معالجة ملحقة بكل فرن.
 
 
وأشار إلى أن الطريقة البدائية تقوم على وضع الأخشاب، التى يتم تشوينها لشهور طويلة لامتصاص الرطوبة منها ثم إشعال النار فيها، فيستمر الحريق مشتعلا لمدة 40 يوما، الذى يخلف الطن الواحد منه 140 متر مكعب غازات سامة مثل الكربون والنتروجين وغيرها فى الجو، أما الفرن المطور فدورة العمل فيه 8 ساعات يوميا بدرجة حرارة متوسطة بدون أى انبعاثات ضارة، وتقوم بتفحيم كل أنواع الخشب حتى الأخضر منه وتنتج 3 أضعاف الطريقة التقليدية.
 
 
وتابع: إن الأمر لم يكن بهذه السهولة، بل استغرق سنوات من البحث وإعداد التجارب وفشل الكثير منها، إلى أن وصلت إلى الفرن المستخدم حاليا، الذى يتميز بإنتاج كميات كبيرة وبمواصفات عالية الجودة منافسة فى السوق الدولى، حيث تكون نسبة الكوبون فى الفحم المنتج من الأفران صديقة للبيئة عالية تصل إلى 85% وهى النسبة المطلوبة فى السوق الدولى، لأن الفرن يجعل مدة اشتعال الفحم طويلة كما أن انبعاثات الأدخنة منه أقل، بخلاف المصنع من المكمورة البدائية، التى تقوم على الحرق المباشر فيكون الكربون بنسبة 60% أو أقل فيسبب أدخنة كثيفة وعمر أقل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق