الطريق يتسع الجميع.. الرئيس السيسي: نتعاهد أن نتحرك معا لإنجاح مسار الاقتصاد
السبت، 29 أكتوبر 2022 09:36 م
حديث المصارحة ورسائل قوية:
الحكومة: تؤدى بقوة وتحتاج مزيد من العمل
الشعب: يجب أن يعي تفاصيل الإنجاز المتحقق ومقدرات وطنه وإمكاناته المحدودة
الإعلام: دوره قوى في التوعية وطرح الأفكار الحقيقية الخلاقة
القوات المسلحة: صمام الأمان وفى ظهر المصريين
القوى السياسية: لا بديل عن التكاتف والحوار في كل المجالات
تصحيح مفاهيم خاطئة:
سعر الدولار ليس دليلاً على ضعف الاقتصاد
التبرعات لا تبني مشروعات
التعليم يحتاج بحر مال
تجديد الخطاب الديني حلم لن تنازل عنه
"أنا بتكلم مش عشان ادافع نفسي.. انا بتكلم عشان بشرح الحكاية".. بهذه الجملة لخص الرئيس عبد الفتاح السيسى، مجمل كلماته ومداخلاته خلال المؤتمر الاقتصادي الذي أقيم على مدار ثلاثة أيام من 23 أكتوبر حتى 25 أكتوبر الجارى.
تدخل الرئيس أكثر من مرة وألقى أكثر من كلمة، كان واضح من جميعهم أنه يريد أن يقف الجميع أمام مسئوليته الموكلة إليه، سواء بحكم ما هم صادر لهم قرارات رئاسية ومقسمين يميناً دستورياً على حماية هذا الوطن ومصالح شعبه، أو حتى من هم خارج الدولاب التشريعي والتنفيذ، وللوطن حق عليهم لتحمل مسئولياتهم في فترة حرجة من عمر المحروسة، وتحتاج إلى تكاتف الكل.
تحدث الرئيس السيسى بمنتهى الشفافية والمكاشفة للشعب عن حقيقة الأوضاع التي نعيشها، وما كنا مدفوعين إليه دفعاً، وما صدر من قرارات ونفذ من مشروعات كانت محل استفهام من البعض ولولاهم لما وصلنا لأمور كثيرة نتفاخر بها ليل نهار.
وبجانب كلمات الرئيس السيسى أمام المؤتمر الاقتصادى التي كانت صريحة كالعادة وكاشفة للكثير من النقاط أمام كل المصريين، جاءت أيضاً مداخلته الهاتفية المطولة مساء الثلاثاء الماضى لبرنامج "التاسعة مساء" مع الإعلامى يوسف الحسينى على التليفزيون المصري، لتعيد هذه المداخلة ومن قبلها كلماته أمام المؤتمر، تعيد التأكيد على فلسفة الحكم التي يتباناه الرئيس السيسى.
ولإن هذه الفلسفة ضرورية ومهمة، فقد رأينا في "صوت الأمة" أن نشير إليها مرة أخرى، في سياقها العام، وفقاً لما أرتاه الرئيس السيسى.
الحوار.. المنجاة
وكانت هناك فكرة رئيسية في حديث الرئيس السيسي على مدار الأيام الماضية، تتقارب مع جوهر وفلسفة الحوار الوطني الرئيسية، وهي أن الاختلاف في الرأي مهم ولا يمثل إشكالية، لكن المشكلة الحقيقية هي الاختلاف في الفهم، ومن هنا أعلن الرئيس أن الدولة تفتح كل أبوابها لاستقبال ما يمكن طرحه من أفكار غير تقليدية، وهنا يأتي دور الإعلام الملقى على عاتقه تشكيل الوعي وطرح الأفكار وتشجيع العامة على المشاركة دون تحيز، وعرض الأمور في نصابها الطبيعي دون تهويل، والرد على المغرضين.
وذكر الرئيس السيسى الحوار الوطني في كلمته أكثر من مرة، فقال أن الحوار الوطني الذي انطلق في شهر إبريل الماضي كان يستهدف أن نسمع بعضنا البعض رغم الاختلاف، وطرح كل القضايا لنتحدث فيها سواء في الاقتصاد أو السياسية أو الاجتماع أو الثقافة أو الإعلام أو الدين.
لم يقف الرئيس عند حاجز تلقي الأفكار ممن يرون في أنفسهم القدرة على تقديم الحلول - وهنا لم يسم الرئيس فئة بعينها لتصبح الدعوة عامة شاملة –، بل امتد حديثه إلى أن من يرى في نفسه القدرة فليتفضل، وسيكون الكل سعيداً به.
استعرض الرئيس السيسى بمنتهى الدقة التحديات التي تواجه هذا البلد وما نحتاج إليه من عمل متفان ومخلص لمدة سنين طويلة جدا، مشيرا إلى أن كثيرا ممن تحدثوا عن التجارب التي مرت بها دول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا، تطرقوا إلى التجارب فقط، لكن لم يتحدثوا عن السياق الذي كانت تسير فيه الدولة فعلى الأقل كانت تأخذ مسارا ما بين 20 أو 30 سنة.
ولم ينكر الرئيس على المواطنين تطلعاتهم للحصول على خدمات أكثر مما هي مقدمة لهم الآن، فقال: "كل مواطن عليه أن يعلم أننا غير قادرين على تقديم أكثر مما نقدم لهم، لدينا إرادة لتقديم أفضل شيء".
وهنا وضع الرئيس الشعب أمام مسئوليته، قائلاً إن بناء الدولة يحتاج إلى تضحيات من الشعب، مضيفا "أن الدولة كانت تسير بشكل جيد جدا حتى قبل جائحة كورونا والناتج المحلي كان في ارتفاع"، وأكد الرئيس السيسي أنه تم الحرص على عدم انهيار الدولة خلال جائحة "كورونا"، مؤكداً أن مصر دولة ظروفها الاقتصادية صعبة، مطالبا المصريين بالتكاتف من أجل الوطن، وأنه لا يشغله سوى متابعة المشروعات التي تنفذ وتقديم كل ما بوسعه من أجل مستقبل أفضل لمصر وأهلها.
وعلى الرغم أن المؤتمر لبحث تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد المصري، وتدارس حول الحلول المقترحة للخروج بأقل الخسائر، وخطة التحول من مرحلة الخسارة إلى الربح، إلا أن الرئيس لم يغفل الحديث عن قضايا أخرى محورية ورئيسية، ولن تستقيم الأوضاع دون تصحيح مسارها الخاطئ، كقضية تجديد الخطاب الديني، الذي تؤول إليه القضية الأخطر على أي اقتصاد مهما كان حجمه، وهي قضية الزيادة السكانية.
الجيش القوى حمى المصريين
وعاد الرئيس السيسى بذاكرة الشعب إلى ما قبل توليه الأمر، وكيف كانت هي الأوضاع، وهنا سيبرز تضاد بين ما كنا عليه وما وصلنا له الآن، والتضاد في الجمل والمواقف يبرز المعاني ويجعلها جلية واضحة، فلولا الموقف الوطني من القوات المسلحة في 2011 و 2013 لكان لمصر الآن مصير مختلف.
قال الرئيس في هذه النقطة بالنص: "لولا اليد من حديد في 2011 و2013 كانت الناس اتدبحت في الشوارع ولا يستطيع أحد حينها رفع صوته لولا وجود الجيش القوي". وأضاف: "كل اللي كان مطلوب مني في 2013 إني أسكت ويتم وضعي على الرأس واترككم.. ولن يستطيع أحد أن يقترب لهم ولديهم قواعد تم القضاء عليها في 8 سنوات وقدمنا أكثر من 3 آلاف شهيد و13 ألف مصاب، هذا دوري الذي مكنني الله سبحانه وتعالى، أنا التاريخ كله عندي وأنا كنت مدير الاستخبارات ومسؤول عن الأجهزة الأمنية في هذه الفترة، وأدرك جيدا ما الذي يقومون بفعله".
تحدث الرئيس السيسى عما نعانيه الآن من نقص في المنتج الصناعي، الذي هو أساس توفير العملة الصعبة التي يتم من خلالها استيراد مستلزمات الإنتاج والتي تكلف الدولة سنوياً ما يقارب الـ 30 مليار دولار، وهنا معضلة أن جزء من هذا الرقم ينفق على مستلزمات غير أساسية، وهنا أكد الرئيس أن الدولة المصرية خلال الفترة الحالية حريصة على أن يكون المتوفر من النقد الأجنبي كافي لتغطية استيراد السلع الأساسية، ولا سيما أننا نستورد سنوياً ما يقارب من 10 مليون طن من القمح فقط.
حماية الصناعة
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن قطاع الصناعة المصري حدثت له 3 هزات، الأولى كانت في أحداث 2011 - 2013 حيث خرجت مصانع من الخدمة، والثانية في عام 2016، عندما صعد الدولار من 8 جنيهات إلى 16 جنيها، عندما تغير سعر الصرف، مشيراً إلى أن الدولة حاولت إصلاح وضع المصانع التي تأثرت بسعر الصرف وقتها، من خلال العديد من المبادرات لمنحها فرصة النهوض مرة أخرى، والضربة الثالثة للصناعة كانت مزدوجة، خلال فترة جائحة "كورونا" والأزمة الروسية الأوكرانية، ونتيجة تلك الأزمة تأثرت سلاسل الإمداد وتأثرت الأسعار، وكان لابد من وضع خطة لمساعدة القطاع الصناعي على التعافي، والعودة للإنتاج الصناعي وزيادة المنتجات الصناعية من أجل الاكتفاء ذاتياً أولا والتصدير ثانياً.
وبالتوازي مع العمل على زيادة المنتجات الصناعية، كان لابد من التدخل لتطوير الموانئ المستقبلة والمصدرة للمنتجات، فتحدث الرئيس السيسى عن أنه هناك أفلاما تسجل شكل الموانئ المصرية على مدار 50 سنة ماضية ومنها موانئ الإسكندرية والسخنة والسويس وبورسعيد، ومن الممكن أن تدر هذه الموانئ دخلا للبلاد، لكن لابد أن يتم العمل على تطويرها على أعلى مستوى، موضحاً أن جميع موانئ مصر كان بها 35 كيلو أرصفة واليوم أصبح هناك 70 كيلو أرصفة فيها، لافتا إلى أن ميناء الإسكندرية يشهد تطويرا كبيرا ويتم زيادة الأرصفة فيه، وأن ميناء أبو قير به 15 كيلومتر أرصفة بـ 3 ملايين متر مربع، وله ظهير يتم فيه بناء 7 ملايين متر بعمق 3 كيلو في البحر، وعمق الرصيف 22 مترا في البحر المتوسط، وميناء دمياط يتم رفع كفاءته ويتم عمل أرصفة جديدة فضلا عن حل كافة المشاكل التي كانت متواجدة على مدى السنوات الماضية مع المستثمرين لكي يتم تطوير الميناء، كما تم في ميناء السخنة زيادة 15 كيلومترا ويتم العمل على هذه المساحة حاليا وبحلول نهاية العام القادم سيتم الانتهاء منها.
وأكد الرئيس السيسي أن الدولة دخلت مجال تطوير وإنشاء الموانيء المطلوبة لكي تكون قادرة على تلبية متطلبات التجارة العالمية ، وقال إن الخبراء أوصوا بإشراك القطاع الخاص والمستثمرين لتنفيذ ذلك.
وأشار إلى أنه لم يطلب من القطاع الخاص أية استثمارات في الموانئ، وهذا أيضا ينطبق على المطارات والبنية الأساسية للدولة كلها من بينها السكك الحديدية.
الدولار ليس معياراً
وصحح الرئيس السيسى مفهوماً خاطئاً لدى كثيرين، ويتردد على ألسنة عامة ومتخصصي، وهو ربط قوة الاقتصاد بسعر الصرف للعملة الصعبة، وقال نصاً إن ربط قوة الاقتصاد بسعر صرف الدولار فكرة غير دقيقة، مشيرا إلى ضرورة توافر العملة المطلوبة لتوفير كل المطالب وما يزيد عليها، على سبيل المثال إذا كان حجم الإنفاق الكافي يصل إلى 100 مليار، يجب أن يكون لدينا ما يقرب من 130 مليار، ليتم إنفاق الـ100، ثم يوضع الباقي في الاحتياطي، موضحا أن ذلك لن يحدث إلا بتقليل فاتورة الاستيراد، وزيادة فاتورة التصدير عن طريق الصناعة.
التبرعات لا تبني مشروعات
كما صحح الرئيس مفهوماً خاطئاً جديداً يتعلق باعتماد الدولة على التبرعات في تنفيذ بعض المشروعات، وهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة، فقال إن الدكتور أحمد زويل رحمه الله قال له في عام 2014 إنه يريد عمل مدينة علمية وطلب أن تقوم الهيئة الهندسية بتنفيذها، على أن يقوم بدفع تمويل إنشاء المدينة وقال إنه سيوفر 500 مليون جنيه، وتم تقييم الرسومات ووصلت تكلفة المدينة لـ 3.5 مليار جنيه، وبعد وفاة الدكتور زويل تم تكملة المدينة ولم يدفع أحد أي شيء.
وفي نفس السياق، أشار إلى أن رجال أعمال طرحوا عليه فكرة إنشاء مستشفى "500 500" لعلاج السرطان، فسألهم عن معرفتهم لعلاج مريض السرطان الواحد، حيث يتكلف 300 ألف جنيه، وأن المستشفى بالكامل ستتكلف 17 مليار جنيه، وأوضح أنه شرع في إنشاء مستشفى "500 500" دون انتظار رجال الأعمال، قائلا: «لو أنا استنيت الرقم مش هتتعمل، ومش ممكن أي تبرعات تبقى كافية لتكلفة العلاج"، مشيراً إلى أن الشعب المتدين بطبعه، "عندما طلب منه تبرعات للمسجد والكاتدرائية في العاصمة الإدارية، تبرع بـ 10 % من تكلفة إنشائهما والباقي تحملته الدولة".
لماذا العاصمة الإدارية؟
منذ أن شرعت الدولة في تنفيذها وهي لا تكف عن إثارة الجدل، فكثيرون تسائلوا خلال الأزمة الماضية، لماذا كان الإصرار على العاصمة الإدارية الجديدة، وأتت الإجابة من الرئيس السيسى مباشرة، بأن إنشاءات العاصمة الإدارية وفرت 2 تريليون جنيه حتى الآن، على الرغم من تطوير 40 ألف فدان من أصل 175 ألف فدان إجمالي المشروع.
وقال الرئيس نصاً: "اللي ما يعرفش ما يتكلمش لكي لا يبني رأيا عاما خاطئا ويضيع حق الناس، أنا كسبت 2 تريليون جنيه من العاصمة الإدارية التي تقام على 750 مليون متر مربع، يعني لو المتر بـ100 جنيه يبقى 75 مليار جنيه، ولو المتر بـ10000جنيه يبقى 7.5 تريليون جنيه، تم بناء الحي الحكومي وعمل المرافق الخاصة به من عمليات البيع، ولدي كشف البنوك من شركة العاصمة اللي عندها 45 مليار جنيه، وائتمان بقيمة 45 مليار جنيه أخرى، أنا بعمل كيانات اقتصادية عشان أقدر أغني أهلي في كل مصر، أبني كيانات تجيب فلوس".
وقال الرئيس: «عندما جئنا في العاصمة الإدارية قلت لهم إن شركة العاصمة أقامت المنشآت للحكومة وستقوم بتأجيرها لها ، مشيرا إلى أن المطور الاستراتيجي يأتي بأرض لا تساوي شيئا ويصرف عليها أموال وبدلا من أن يكون سعر المتر 100 جنيه أو 500 جنيه أو ألف جنيه يكون بألفين و ثلاثة وأربعة آلاف جنيه»، ولفت إلى أنه عند البدء في إنشاء العاصمة الإدارية كانت المساحة 175 ألف فدان (حوالي 750 مليون متر)
وتابع: «كان الطرح أن أحدا ينفذها ونعطي له فرصة ويعطي أموالا لنا على مدى 50 عاما ، وأنا قلت أنا سوف أعملها وتكون الماسة أول حاجة يعملها الجيش، وبعد ذلك نعمل مدينة الثقافة والفنون وساحة الشعب والمسجد والكاتدرائية».
رباط المجتمع المقدس.. خط أحمر
يرى الرئيس السيسي أن الزواج رباط مقدس يجب الحفاظ عليه، وحمايته بقوة الشرع والقانون، ومن هنا تحدث مجدداً عن قضية تجديد الخطاب الديني، والطلاق الشفهي، مؤكداً أن الطلاق يجب أن يكون موثقاً ومكتوبا لحماية حقوق الناس، مشيراً إلى أنه طُرح الموضوع على لجنة علمية متخصصة ووافق عليه نسبة كبيرة من أعضائها بينما لم يوافق عليه البعض، لافتاً إلى أهمية التصويب وإصلاح الخطاب الديني ، مشيرا إلى أنه تحدث عن الواقع الذي نراه فى منطقتنا، والفهم والممارسات الدينية الحالية في بلادنا، والتي تحتاج إلى إعادة الطرح وفق فهم عصري، ليس لثوابت الدين، بل للفقه الذي يتعامل مع المتغيرات والتحديات الموجودة في كل مجتمع.
وتساءل الرئيس: لماذا لم تقروا وثيقة الطلاق المكتوبة ، موضحاً أنه تلقى ردا مفاده "لو وافقنا عليه سنصبح داعمين للسلطة"، وأضاف: " بمجرد طرحي لموضوع الطلاق المكتوب ، أصبح غير قابل للتنفيذ حتى لا تبدو المؤسسة داعمة للسلطة".
وأكد الرئيس أن بناء أمة لا يقوم فقط على الاقتصاد بل أشياء كثيرة جدا أخرى من بينها الاقتصاد، مضيفاً:« عندما طرحنا توثيق الطلاق ، تبارى الجميع وقالوا لا»، وتساءل عن حجم الضرر الناجم عن ذلك على المجتمع وكم يساوي وما هي إجراءات مجابهته؟ .كما تساءل الرئيس :هل البيئة العلمية من 1400 سنة لدى كل المواطنين في ذلك العصر تساوي البيئة العلمية والفكرية والثقافية للمجتمع الموجودين في مصر والعالم العربي والاسلامي كله؟ وأجاب"لا".
من يتق الله يجعل له مخرجا
منذ أن تولى الأمر في 2014 وهو لا يدع فرصة للتأكيد على أن ممارسة العمل العام في أي موقع لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإنسانية، وقال الرئيس السيسي: "أنا لا اعتبر نفسي رئيسا لمصر، بل إنسان طُلب منه التدخل لحماية وطنه.. وأنا صادق في ذلك، إن أدبيات الرئيس حاجة وأدبيات المواطن حاجة تانية، وكذلك أدبيات السياسي حاجة وأدبيات المواطن حاجة تانية .. وأدبيات الرئيس حاجة وأدبيات البطل حاجة تانية".
وتابع معاتباً البعض: « في 2011 و 2012 و 2013 .. الدنيا كلها كانت بتقول هو ساكت ليه وسايبنا ليهم ليه وهم هيعملوا فينا أيه، والجيش يعرف اللي أنا بقوله ده كويس، وتم التحرك بالشكل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى خلال هذه المرحلة وإعطاء الفرصة كاملة لمن كان موجودا في موقع المسؤولية بالنصيحة الأمينة المخلصة والشريفة في أي قضية من القضايا، وهناك من كان موجودا بمجلس الوزراء في هذا الوقت، وكنت وزيرا وأقول لهم كل شيء بمن فيهم القيادة لأن الموضوع كان شريف أوي وأن الشرف لا يتجزأ ، يعني ميتعملش شوية وينتهي وخلاص بقى ..وأنا لم أتغير والرزق على الله».
وتابع الرئيس، قائلاً: « الله حبيبي وغالي عليا، وأن كرم الله على مصر فوق خيالكم وأن من يذكر الحق سبحانه وتعالى في ملأ سيذكره الله في ملأ أكبر»، مشيراً إلى أن أنه عندما أصدر بيان 3 يوليو عام 2013 كان حريصا كل الحرص على أن يحافظ على التماسك الهش للدولة المصرية، بما فيها ذلك الفصيل لأجل خاطر مصر ، لأنها في هذا التوقيت لم تكن تستطيع تحمل أي شيء جديد.
وأضاف: «وقت وجودي وزيرا للدفاع، كنت موجودا في مجلس الوزراء، وكانوا يقولون نريد أن نحافظ عليك ،أنت الأيقونة وأنت البطل هو البطل انتهى ولا إيه؟».
رجال ضد الاستثمار
وانتقد الرئيس السيسي ما يثار من بعض رجال الأعمال المصريين من أن الدولة تضيق عليهم ولا تمنحهم فرصة المنافسة، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يشجع على جذب الاستثمار الأجنبي إلى مصر، وتابع الرئيس السيسي :"عندما أجريت أول لقاء مع المستثمرين خلال فترة الترشح للانتخابات الرئاسية، قلت لهم أتصور أنني بحاجة إلى 100 مليار جنيه لمجابهة الآثار الناجمة عن الحالة التي أفرزتها الثورة في عامي 2011 و2013 "، لافتا إلى أن الانطباع الذي خشيت أن يكون لديهم، أني قادم للاستيلاء على أموال الناس، وهذا لا يرضي الله».
القوات المسلحة.. صمام الأمان
ووجه الرئيس السيسي، التحية للجيش على دوره في دعم الدولة وتحقيق التنمية ،موجها حديث إلى وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي قائلا " أي موضوع عايز أخلصه بقول يعمله الجيش"، موجها التحية لوزير الدفاع وللجيش ليس فقط لأنه منه ولكن هي شهادة يسجلها التاريخ، مشيرا إلى أن الجيش استفاد مما حدث عقب هزيمة يونيو 1967 وحالة العوز والحاجة التي عاشها والتي دفعت بعض الفنانين العظماء للقيام بجولة من أجل الحصول على الدعم للجيش في حربه المقدسة ، مؤكدا أن الأمن القومي المصري مُعلّق في رقبة الجيش مثل ما حدث في عامي 2011 و2013 وعليه أن يستكمل هذا الدعم ما أمكن ذلك وهذا دور يقوم به بالفعل.
تكلفة التعليم
وتطرق الرئيس إلى واحدة من احتياجات الشعب الرئيسية، وهي قضية التعليم، موضحاً أن تكلفة تعليم 25 مليون طالب يحتاجون في الدول الغنية القادرة إلى 10 آلاف دولار للطالب الواحد في السنة أي مايعادل 250 مليار دولار لتنفيذ ذلك في التعليم الأساسي فقط وحتى لو كانت هذه التكلفة 250 مليار جنيه فإن موازنة الدولة لاتستطيع تدبير هذا المبلغ للتعليم .
وأكد حاجة الدولة لتوفير 60 ألف فصل دراسي سنويا لمواجهة كثافة الفصول الناتجة عن الزيادة السكانية في مصر ولكي نصل إلى معدل يتراوح ما بين 30-40 طالبا في الفصل الدراسي الواحد ، موضحا أنه في حالة بلغت تكلفة إنشاء الفصل الواحد مليون جنيه سنكون بحاجة إلى 60 مليار جنيه سنويا وهذه تكلفة الإنشاء فقط دون التشغيل أو توفير مدرسين وأطقم الخدمات بخلاف الكهرباء والمياه.
وأضاف: "رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي تحدث عن الحاجة إلى رفع كفاءة 60 ألف مدرسة ، قبل بداية العام الدراسي فسنكون بحاجة إلى مليون جنيه لكل مدرسة لرفع كفاءتها وتحسين موقفها في الفصول والمنشآت أي أننا نحتاج إلى مبلغ 60 مليار جنيه وهذا المبلغ غير موجود في وقت يتحدث فيه البعض عن الحال الذي وصلت إليه المدرسة".
وأضاف الرئيس السيسي" إن الدستور ينص على أن التعليم للجميع ومجاني ولكن هل تستطيع الدولة توفيره ؟وماهي مخرجاته ؟، مضيفاً: «مع كل الاحترام والتقدير للبناء الفكري للدستور، لم يكن منتبها لقدرة الدولة على تلبية هذه المطالب ووضعها كالتزام، ويتولى البرلمان محاسبة الحكومة والوزراء الذين يُطلب منهم أشياء غير متاحة».
مسئول وغير مسئول
أوضح الرئيس أنه عرض على الكثير من الاقتصاديين المتواجدين حاليا في المؤتمر، وغيرهم من غير المتواجدين، خلال عام 2014 تولي حقائب وزارية ،وكان ردهم بالرفض ومنهم من قال: "نحن لنا تاريخ ونعرف ما هو الوضع وهل ممكن أن ننجح أم لا؟ ونفضل أن نكون بعيدين حتى لانوصف بالفشل».
وأضاف الرئيس السيسي: "البعض الآخر كان رده أنه كان يتقاضى أجرا شهريا حوالي 2 مليون جنيه ،فقلت له لا أستطيع أن أعطيك هذا المبلغ ، وكان قراره البقاء في موقعه ولو هناك نصيحة يمكن أن يقدمها".
اكره الفقر ولا تكره الفقير
أشار الرئيس السيسي إلى أهمية تغيير سلوك غير القادرين على الوفاء بالتزاماتهم في المشروعات التي تنفذها الدولة في المناطق البديلة للعشوائية مثل الأسمرات وبشاير.وقال الرئيس السيسي: " أوعى تخلي غضبك من سوء الأداء يتحول لعداوة مع الذين يقومون بذلك .. أكره الفقر ولكن لا تكره الفقير .. أنا لازم أعرف هو ليه كده وأساعده أنه لا يكون كذلك، ولا أكره سلوكيات الفقر وأكره الفقر نفسه واستهدف الفقر نفسه ونغيره مع بعض".
وأضاف: "عندما نفذنا المشروعات البديلة للمناطق الخطرة، قلنا لن نأخذ من الناس أموال، لكن سنأخذ أموالا للصيانة فقط "، وتساءل الرئيس: هل أحد يصدق إنني أتابع الناس دفعت مبلغ الـ 300 جنيه في (الأسمرات) و(بشاير) أم لا في الوقت الذي لايعلم ذلك مسؤول المحافظة أو المحليات؟.
وأكد الرئيس السيسي أن أي اجراء يقوم بعمله في مصر يستهدف التخلص من حالة القبح وزيادة الحسن في كل المجالات سواء التعليم أو النقل أو المواصلات أو الإسكان أو في المناطق الخطرة كالعشوائيات، مشددا على أن الدولة تكون مضطرة أحيانا للدخول في مشروعات تمثل مسألة أمن قومي.
حديث من القلب
وتحدث الرئيس السيسي عن ضعف المرتبات قائلا "أنا أحدثكم من قلبي.. من يعمل بأقل من 10 آلاف جنيه سيلقى صعوبة في العيش"، متسائلا :كيف يعيش هؤلاء، مؤكدا في الوقت نفسه ضرورة تحقيق التوازن ما بين الاحتياجات الأساسية وإقامة المشروعات التنموية.
الزراعة.. حل من الحلول
تحدث الرئيس عن واحدة من الحلول السحرية للأزمة الاقتصادية، وهو توسيع الاعتماد على الرقعة الزراعية، وكان المشروع الرئيسي للدولة في هذا الملف هو مشروع المليون ونصف فدان، وقال الرئيس السيسي في هذا الشأن: «عندما بدأنا في تنفيذ مشروع استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان قمنا بعمل دراسات مع وزارتي الري والزراعة والمحافظات المعنية لبحث إمكانية قيام الدولة بتنفيذ البنية الأساسية للمشروع وإعطائها للناس أم لا، وكان هناك نقاش طويل في هذا الموضوع، لكن المستثمرين قالوا إنهم سيقومون بعمل البنية الأساسية وزراعة هذه الأرض».
وتساءل الرئيس: ما هو حجم ما تم زراعته من المليون ونصف المليون فدان ؟ وأجاب "نسبة تتراوح مابين 10 % و20 % ؟ وهل تمت الزراعة بنفس الجودة والكفاءة التي نتمناها لقطاع الزراعة في مصر؟.
أشار الرئيس السيسي، إلى أنه خلال تنفيذ البنية الاساسية وتجهيز الدولة للزراعة منذ عام 1805 في عصر محمد علي، لم يكن لديهم مشاكل سوى بناء قناطر وجسور لتمرير المياه القادمة إلى الأراضي التي يريدون زراعتها، حيث تمت زراعة 5 ملايين فدان في هذا التوقيت والمبلغ الذي تم انفاقه وقتها، تمكنت الدولة من استيعاب تكلفته على مدى المائة عام الماضية، ونبه الرئيس إلى ارتفاع تكلفة استصلاح وزراعة الأراضي ،وقال إن تجهيز مليون فدان يتطلب تكلفة تصل إلى 150 مليار جنيه لأن الأراضي التي كانت تروى بالغمر انتهت ، والآن ري الأراضي يتم عكس اتجاه الانحدار الطبيعي ، لذا المطلوب هو شق ترع عكس الاتجاه وانشاء محطات رفع ، فضلا عن انشاء محطات لمعالجة المياه.
هل ضحى الرئيس بشعبيته؟
أكد الرئيس أن الأزمة العميقة التي عانت منها الدولة المصرية خلال الخمسين عاما الماضية تطلبت إجراءات حادة وقاسية وحلولا جذرية ومستمرة لعلاج كافة الاختلالات، وقال: «في عام 2015 عندما رفعنا الدعم جزئيا عن الوقود قال الناس إنني أغامر بشعبيتي.. وفي تقديري أنه كان لابد من استثمار الرصيد الموجود لدى الناس من أجل الإصلاح وعدم إهدار هذه الفرصة التي ربما لن تتكرر مرة أخرى لمن يتولى المسؤولية"، مؤكدا أن مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية كان يستلزم وجود دعم شعبي وتقديم تضحيات لم يكن الرأي العام مستعدا لتقديمها"، مؤكداً أن أي مسار اقتصادي وأية حلول تطرح لابد على متخذي القرار والمسؤولين عنها النظر إلى البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية وما إذا كانت ستساعده تمرير هذا المسار أم لا؟.
وأشار الرئيس إلى أن القرارات الصادرة عام 1977 كانت كاشفة عن أن ردة الفعل بشأنها كانت أكبر من العائد منها الذي يمكن أن يتحقق كبداية طريق إصلاح، وتم التراجع عن الموقف، وشدد الرئيس على أهمية أن يحكم المسار الاقتصادي أو أي مسار آخر عوامل متشابكة ومؤثرة على القرار الذي سوف يتم اتخاذه وهي فلسفة الحكم، والمسؤولية، وضرورة أن ينتبه القائم على مسؤولية الدولة والحفاظ عليها وعلى تقدمها ومستقبلها لكل خطوة قبل أن يخطوها.
وقال الرئيس السيسي إن مجابهة التحديات كانت تصطدم بمحاذير الحفاظ على الاستقرار الهش للدولة بدلا من التحرك في مسارات الحلول الحاسمة والتي تتسم بالخطورة، وتساءل: هل توجد علاقة بين الاثنين ؟، وأجاب "بالطبع نعم .. أنا أقوم بدراسة البيئة المصاحبة له وعند مناقشة الأمر هل الدولة والرأي العام صلب بقدر يمكنني من التحرك في هذا المسار أم لا ؟".وأشار الرئيس إلى أنه في عام 2015 تم رفع الدعم جزئيا عن الوقود والناس تساءلت هل الرئيس السيسي يغامر بشعبيته؟ وقال "أنا في تقديري في هذا الوقت أن الرصيد الموجود لابد من استثماره بأكبر حجم ممكن في الإصلاح والبناء لأن هذه الفرصة لن تعوض أو تتكرر مرة أخرى لمسؤول آخر يتولى المسؤولية ويتوفر له هذا الحجم من الأرصدة التي تدفع الناس للقبول بقراراته".
التحدي الحقيقي
قال الرئيس السيسي إن التحدي الحقيقي يكمن في أن حجم الأطروحات والحلول أقل من حجم التحدي، وضرب مثالا على ذلك بالقول: «في كل أسرة بسيطة يوجد حالة ثانوية عامة أو زواج ابنة ، ويتم خلال عامين حشد القوى والتنازل عن بعض المطالب من أجل دعم نجاح البنت أو الابن في مساره في الثانوية العامة ونفس الكلام مع زواج الابنة ، يتم التنازل عن أشياء كثيرة داخل هذه الكتلة التي تمثل الأغلبية في مصر وهى ليست الكتلة الغنية ، وهذا الأمر لم يتغير منذ سنوات طويلة ولن يتغير إلا بعمل وتضحية مستمرة وفهم».
ونبه الرئيس إلى ضرورة عدم اتخاذ الدولة خصما في مواجهة التحديات التي تواجه المواطنين قائلا: «المواطنون لم تكن لديهم قدرة على الاحتمال وما زالت تقدم تضحيات في ضوء حال الفقر والعوز التي تعيشها منذ سنوات ، لكني أتساءل : هل يوجد أب قال لأولاده لا تغضب مني أنا أنجبت أربعة أبناء ولا استطيع الإنفاق عليهم ، أم يقول أن الدولة لا تستطيع توفير النفقات لك؟ وهل يقول أنا كنت أحب كثرة الأبناء لذلك أنجبت، أم يقول "البلد مش نافعة قوم هدها" ؟.