هذا البلد الأمين أبدا لن يسقط..

مصطفى الجمل يكتب: للوطن شعب وسيف

السبت، 15 أكتوبر 2022 08:00 م
مصطفى الجمل يكتب: للوطن شعب وسيف

- بمعاونتهم للقوات المسلحة هرب الجرذان.. وفي الاستحقاقات كانوا دائما فرس الرهان

- المصريون وقفوا بجوار الدولة في حربها ضد الإرهاب وخططها الرامية للتنمية العادلة آمنوا بأن مستقبل أبنائهم لن يصيغه سواهم

- الشعب وضع كامل ثقتهم في القيادة السياسية وصموا آذانهم عما يحاول شق صفهم.. وبمدخراتهم وسواعدهم شقت القناة


أن الوطن بأرضه ومقدراته مطمعاً لقوى خارجية، ليس أمراً جديداً، عرفناه صغاراً وتدارسناه كباراَ وقرأنا عنه ما قدر لنا، وعرفنا أن قدرنا أن نعيش أبد الدهر ندافع عن أرضنا وأراضي جيراننا ممن نعدهم أشقاء في الهوية العربية وجيران أمننا القومي امتداد لأمننا واستقرارنا، فإن نحن سقطنا سقط محيطنا بأكمله، ولا ترى الشرق يرفع الرأس بعدنا.

وأن يكون عدوك خارجي أو حتى داخلي لكنه ظاهر واضح صريح، هذا أيسر وأسهل بكثير من أن تحارب بدلاً من المجهول مجهولين كثر، كلهم يوكلون ما يخرب في بلادنا بالنيابة عنهم، وما أن تنتهي من دحض مخطط شيطاني حتى تلاقي التالي يدق بابك عبر منفذ مختلف.

وشاء من شاء وأبى من أبى، لم يمر على مصر منذ فجر التاريخ، حقبة في غاية الصعوبة، وتناهي الخطورة مثل ما مررنا به منذ 2013 حتى هذه اللحظة، فلو قررنا أن نحصي ما مر علينا من مؤامرات لاحتجنا إلى ماكينة عد الأموال النقدية لتسعفنا، ولأنها كنانة الله على أرضه حفظها وصد عنها كل الشرور، بفضل قيادة سياسية وطنية أمينة مخلصة، وشعب واعي يعرف للوطن معنى ولا يقبل في حقه خبثاً ولو كان على ظهر نسمة طائرة.

وقف الشعب في وجه الهجمات الشرسة والغارات التي استهدفت إسقاط مصر، فخرج كما يخرج كل مرة منتصرا مرفوع الرأس، قاطعاً الطريق على تشفي المتآمرين في الخارج والشرذمة التي تعاونهم في الداخل، المحسوبين على الوطن وهم لا يرون فيه إلا حفنة تراب.

وقف الشعب بداية في وجه تقسيم الدولة لفريقين جاهزين للتناحر والتقاتل، عندما قررت الجماعة الإرهابية التضحية بأتباعها الغافلين بحشدهم في ميدان رابعة العدوية، قبل أن تتدخل الدولة لفض الاعتصام بنداءات المسالمة لكل من هو مسالم خالي من أي أنواع السلاح.

وعندما شككت الجماعة الإرهابية، في شرعية الثورة التي أطاحت بهم، نزلت الجماهير تحج من كل فج عميق لتفويض القائد العام للقوات المسلحة لمواجهة الإرهاب الذي لوحت به الجماعة الإرهابية لضرب جميع أنحاء البلاد، رداً على إزاحة الشعب لها.
لم يصدق الشعب المصري كلمة واحدة من تلك التي أشاعتها جماعات الخارج والداخل عن قيادتها سواء خلال فترة الرئيس المؤقت عدلي منصور، وما تلاه من سنوات تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي أمر البلاد.

كان الشعب المصري حائط الصد الأول لما يشاع في الخارج عن شرعية الثورة التي أطاحت بالجماعة الإرهابية، وكانت الجاليات المصرية في كل بلاد العالم خير سفراء لمصر بعد الثورة، عن طريق استقبالهم للبعثات الرسمية والشعبية التي كانت تجوب البلاد في فعاليات رسمية أو غير رسمية، لتوضيح حقيقة ما جرى في مصر من تغيير سياسي سلمي، يستحق الاحترام والتقدير والثناء.

فشلت الجماعات الإرهابية في اختراق صفوف المصريين مرة أخرى، لا بالترغيب ولا الترهيب ولا إغراءات التجنيد، ففروا كالجرذان إلى الخارج، يصوبون سهامهم للدولة من على الحدود الجنوبية والغربية والشمالية، وهنا ملحمة أخرى كان للشعب المصري فيها دور لا يستهان بجوار قواته المسلحة.

لم يسمح الشعب والجيش للخارجين والمتآمرين أن يستخدموا الحدود الشاسعة جنوباً بين مصر والسودان وغرباً بين مصر وليبيا وشمالاً شرقاً بين مصر وفلسطين، وكانوا لمحاولات تهريب الأسلحة بالمرصاد، وهنا وجد المتآمرون أنفسهم في مأزق يحتاج إلى التقهقر بدلاً من الخطوة خطوات إلى الخلف، ويغيرون في خططهم لاستهداف الدولة المصرية وتقسيم شعبها ودب الفرقة بين طوائفه.

وعندما قررت الدولة المصرية شق مشروع عملاق لتعظيم الفوائد من قناة السويس المحور الملاحي الأهم في العالم، جرى المتربصون بالمحروسة يشككون في جدواه، وفي نوايا الحكومة لتوظيف أموال المصريين، وخسارة الشهادة المقترحة من البنوك المصرية، فما كان من الشعب المصري إلا أن سارع ليضع مدخراته تحت أمر الدولة لتشق قناة السويس الجديدة، في فترة زمانية وقف العالم كله منبهراً أمامها، وأمام العزيمة الفولاذية التي كتبت أسطورة سيحكى عنها لمئات السنوات المقبلة.

بعد موجات التشكيك والقيل والقال، والمحاولات المستميتة من المتآمرين على الدولة المصرية، وضع المصريون ما يزيد عن 64 مليار جنيه، ليرد بالفعل لا القول على المشككين في ثقتهم بقيادتهم الحكيمة.

واستكمالاَ لما يتحقق على أرض قناة السويس، استغلت الجماعة الخارجة عن أعراف الوطن والإيمان بقدراته، جنوح سفينة بنمية بالمجرى الملاحي بقناة السويس، لكن الشعب المصري كان مصدر الرد على المشككين في قدرة المصريين وحدهم لا شريك لهم على حل المشكلة التي كانت محل اهتمام العالم الذي تعطلت مصالحه وعرف عن حق قيمة القناة بسبب جنوح هذه السفينة، ولم تخيب الدولة ظن الشعب فيها، وأبهرت العالم بتحريك السفينة الجانحة خلال ساعات من تأزم الموقف، ليقام مؤتمر صحافي عالمي على أرض القناة للرئيس عبد الفتاح السيسي، يرد فيه على المشككين ويطمأن أبنائه من الشعب المصري.

كان الرهان على الشعب طوال التسع سنوات المنصرمة، في أي استحقاق دستوري ناجحاً بشكل منقطع النظير، فما من استحقاق إلا ونزلت الجماهير لتدلي بصوتها وتؤكد على تمسكها في حقها الشرعي والدستوري في بناء مستقبلهم بأيديهم لا بأيدي أغيرهم الذين لا يعلمون نواياهم ولا ما تكنه ضمائرهم لهذا الوطن.

استعراض الأرقام والنسب المئوية للمشاركة خلال الاستحقاقات الدستورية الماضية، توضح مدى ثقة الشعب في حاضره الذي صاغه بنفسه عندما أزاح الجماعة الإرهابية، وانتخب رئيساً مستخدماً أدواته الديمقراطية التي كفلها الدستور، ومستقبله الذي يصيغه الآن أيضاً بمشاركته الدولة لحظة بلحظة وقرار بقرار، من أجل بناء الجمهورية الجديدة.

عندما قررت الدولة تطوير العشوائيات والمناطق الخطرة، حاول المتآمرون تشكيك المواطنين في مصيرهم بعد خروجهم من أماكنهم التي تكالب عليها الدهر والفقر والجهل والعشوائية، ولكن هيهات أن يستمعوا لهم، فكان جزاءهم أن يخرجوا من الظلمات إلى الجنان المشرقة، والمساكن التي تليق بهم.

وعندما دعت الدولة إلى حوار وطني شامل، كان الأفراد العاديون من الشعب المصري معادلون للأحزاب والهيئات المشاركة في الحوار بصفاتها الاعتبارية، مما يؤكد على ثقة هذا الشعب في دولته، وإيمانه بأهمية الحوار لوضع حلول منهجية وموضوعية للتحديات والأزمات التي نواجهها خلال هذه المرحلة، والتي هي في الأساس ليست من صنعنا، وإنما قدرت علينا لما يدور حولنا من كوارث طبيعية وبشرية، خلقت أكبر أزمة اقتصادية في تاريخ البشرية.

أصبح الآن لهذا الوطن درع وسيف يصدان عنه أي عدوان، وشعب واعي واثق في قياداته ومستقبله تحت أيديهم، ومستقبل أبنائه الذي يصيغه بنفسه، بتفهمه وتحمله مشقة المرحلة الحرجة التي نعيشها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق