طلال رسلان يكتب: في الساعة 30 شائعة.. والحسابة بتحسب

السبت، 15 أكتوبر 2022 06:00 م
طلال رسلان يكتب: في الساعة 30 شائعة.. والحسابة بتحسب

- 53 ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر فقط.. و10 مليون حساب «مزيف» لتخريب مصر

- إنجازات الدولة سياسيا واقتصاديا وأمنيا وخارجياً أشعلت أجندات الجماعات الكارهة لمصر بالشائعات لإسقاط الدولة

- المخطط انتقل من الإرهاب إلى الاستهداف النفسي والفكري وفصل الدولة عن المواطن.. والأجندات الخارجية تحطمت على صخرة الوعي


على مدار سنوات لم تهدأ حملات الشائعات على مصر داخليا وخارجيا على كافة الأصعدة، سواء من أفراد وشخصيات أو مؤسسات كبرى، تجتمع كلها على أجندات خارجية لإسقاط الدولة المصرية واستهداف مؤسسات الدولة.

في البداية كانت حملات الشائعات ضد مؤسسات الدولة المصرية صريحة، والحرب معلنة بدعوات مباشرة لإسقاط المؤسسات، ثم تحولت إلى حملات غير مباشرة أو متخفية للتأثير على الوعي المصري، خاصة مع انكشاف مخططات وزيادة الوعي عند المصريين.

في 2019 مثلا، رصدت لجنة الاتصالات بمجلس النواب 53 ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر فقط، وكان الهدف منها بث حالة من السخط والإحباط وخاصة مع كل افتتاح لمشروع قومي، كنوع من التشويش على إنجازات الدولة المصرية، وبالطبع معروف أن تلك الحملات ممولة بملايين من الدولارات، ويتم استخدام فيها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكي تصل إلى أكبر عدد من المواطنين في الشارع المصري، وقتها رصدت مؤسسات مصرية معنية نحو 10 ملايين حساب مستعار من ضمن 65 مليون حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، كلها تظهر فجأة أمام المواطنين وبنفس فكرة الاستهداف أو بنفس الشائعات، كل هذه الحسابات كانت تبث الأخبار المزيفة والأخبار.

في 2021 رصد تقرير للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء ترتيب السنوات طبقاً لمعدل انتشار الشائعات خلال الفترة من 2014 لـ 2021، موضحاً أن عام 2021 جاء في الصدارة بنسبة تبلغ 23.5%، مقارنة بـ 22.9% عام 2020، و20.1% عام 2019، و12.9% عام 2018، و9.3% عام 2017، و6.5% عام 2016، و3.1% عام 2015، و1.7% عام 2014، علماً بأن هذا توزيع نسبي لإجمالي الفترة المذكورة.


وأشار التقرير إلى ترتيب الشهور طبقاً لمعدل انتشار الشائعات على مدار عام 2021، حيث جاء شهر يناير في المركز الأول بنسبة 12.5%، تلاه شهر مارس بنسبة 10.8%، ثم كل من فبراير ويونيو بنسبة 10%، وديسمبر 8.6%، ونوفمبر 8.2%، وأغسطس 7.5%، وأبريل 7.2%، وأكتوبر 6.8%، ومايو 6.5%، وسبتمبر 6.2%، ويوليو 5.7%.

واستعرض التقرير ترتيب القطاعات طبقاً لنسبة استهدافها بالشائعات خلال عام 2021، حيث جاء قطاع التعليم في الصدارة بنسبة 25,8%، تلاه قطاع الاقتصاد بنسبة 22,6%، ثم الصحة بنسبة 12,2%، والتموين بنسبة 10%، والزراعة بنسبة 5,4%، والكهرباء والوقود بنسبة 5%، والتضامن الاجتماعي بنسبة 4,7%، ثم كل من الإسكان والسياحة والآثار بنسبة 4,3%، والإصلاح الإداري بنسبة 3,6%، فيما استحوذت القطاعات الأخرى على 2,1% من إجمالي الشائعات.

وأظهر التقرير القطاع الأكثر استهدافاً بالشائعات طبقاً للشهور، حيث تصدر قطاع الاقتصاد شهر يناير بنسبة 22.9%، وفبراير بـ 35.7%، وأغسطس بـ 38.1%، وسبتمبر بـ 41.2%، بينما احتل قطاع التعليم الصدارة بنسبة 26.7% في مارس، و25% في يونيو، و42.1% في أكتوبر، و54.2% في ديسمبر.

بينما تصدر قطاع الصحة القطاعات الأكثر استهدافاً بالشائعات في شهر مايو بنسبة 27.8%، ونوفمبر بـ 17.4%، بينما احتل قطاع التموين الصدارة بنسبة 25% في شهري أبريل ويوليو، وعلى صعيد ترتيب القطاعات وفقاً لنسبة استهدافها بشائعات كورونا منذ بدء الأزمة في مصر بمارس 2020 وحتى ديسمبر 2021، كشف التقرير عن حدوث انخفاض في نسبة الشائعات المتعلقة بكورونا بمقدار 33.5 نقطة مئوية من إجمالي عدد الشائعات، حيث سجلت 18.3% عام 2021، مقارنة بـ 51.8% عام 2020.

أظهر التقرير أن شائعات كورونا المتعلقة بقطاع الصحة جاءت في المركز الأول بنسبة 49.3%، ثم قطاع التعليم بـ 21%، والاقتصاد بـ 13.6%، والتموين بـ 5.9%، والسياحة والآثار بـ 3.3%، وكل من التضامن الاجتماعي، والإصلاح الإداري بـ 1.8%، والزراعة بـ 1.5%، وكل من الكهرباء والوقود والنقل بـ 0.7%، والأوقاف بـ 0.4%.
واستعرض التقرير معدل انتشار شائعات كورونا وفقاً للشهور، وذلك منذ بدء الأزمة في مصر خلال الفترة من مارس 2020 حتى ديسمبر 2021، لافتاً إلى أن الإدارة الناجحة للأزمة ساهمت في انخفاض معدلات شائعات كورونا بشكل كبير منذ بدايتها، حيث سجلت 17.7% في مارس 2020، و18.1% في أبريل، و14.8% في مايو، و9.4% في يونيو، و4.3% في يوليو.

وسجلت هذه المعدلات 3.2% في شهري أغسطس وسبتمبر، و2.2% في أكتوبر، لتصل في الموجة الثانية في نوفمبر إلى 6.5%، ثم عاودت للانخفاض لتصل إلى 2.2% مرة أخرى في شهر ديسمبر، وفي عام 2021 سجل معدل انتشار شائعات كورونا 2.9% في يناير، و1.4% في فبراير، و1.8% في مارس، و1.1% في أبريل، فيما وصل في الموجة الثالثة في مايو إلى 2.2%.

واستكمالاً لمعدل انتشار شائعات كورونا خلال عام 2021، أضاف التقرير أنه سجل 1,1% في يونيو، و0.7% في يوليو، و1,1% في أغسطس، و1.8% في كل من سبتمبر وأكتوبر، في حين وصل في الموجة الرابعة في شهر نوفمبر إلى 1.4%، ثم 1,1% في ديسمبر، وأورد التقرير الشائعات التي استهدفت تشويه الإنجازات، وهي ضعف جدوى مشروع المونوريل واقتصار خدماته على قاطني العاصمة الإدارية الجديدة، وعدم جدوى المشروع القومي "الدلتا الجديدة" نتيجة لعدم توافر الموارد المائية اللازمة لري الأراضي الزراعية، وتنفيذ المشروع القومي لتطوير القرى ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" دون تحقيق احتياجات قاطنيها.

وتضمنت هذه الشائعات، شائعة إهدار مليارات الجنيهات على تنفيذ المشروع القومي لتأهيل الترع رغم عدم جدواه في خدمة الأراضي الزراعية، وإهدار الدولة مبالغ طائلة لتنفيذ مشروعات طرق وكباري غير مطابقة للمواصفات القياسية، واستيراد صفقة عربات قطارات السكك الحديدية بتكلفة باهظة تفوق مثيلاتها في دول العالم، كما شملت تجميد برنامج "تكافل وكرامة" لعدد من المستفيدين تمهيداً لإيقافه بشكل كامل، وسحب الوحدات السكنية البديلة للعشوائيات من قاطنيها عقب أيام من تسليمها، وتوقف العمل بمشروعات الآثار والترميم في ظل جائحة كورونا، وعدم جدوى قناة السويس الجديدة في تحقيق أي زيادات بإيرادات القناة تزامناً مع الذكرى السادسة لافتتاحها.

وبشأن أخطر الشائعات التي تم رصدها خلال عام 2021، أشار التقرير إلى الاستقطاع من حسابات المواطنين بالبنوك لتمويل باقي مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، واعتزام الدولة إصدار الصكوك السيادية كأداة لرهن الأصول المملوكة للدولة مقابل الاقتراض، وتداول رسالة صوتية تزعم انتشار مرض "الحصبة" بين الأطفال بمختلف محافظات الجمهورية.

ومن بين أخطر الشائعات كذلك، وفقاً للتقرير، شائعة استخدام مضادات حيوية محظورة عالمياً في مزارع الدواجن بمصر، وغياب الرقابة على إيرادات هيئة الأوقاف المصرية ومصروفاتها، وتعرض مصر لكتل هوائية سامة من غاز ثاني أكسيد الكبريت، والتخلص من النفايات الطبية الخاصة بمستشفيات العزل بطرق عشوائية غير آمنة.

وبجانب ما سبق، شملت أخطر الشائعات أيضاً، شائعة تداول منشور تحذيري منسوب لوزارة الداخلية يزعم انتشار مخدر جديد على شكل "مظروف مغلق" أو "صورة استيكر" يستخدم في حالات الخطف، ومنح الحكومة تراخيص لمستشفيات ومراكز غير متخصصة لعلاج حالات الإدمان، وافتقار محطة الضبعة النووية لمعايير الأمان وتسببها في الإضرار بالبيئة وتلوث المسطحات المائية.

وبالنسبة لأغرب الشائعات التي تم رصدها، أظهر التقرير أن من بينها شائعة تداول منشور تحذيري منسوب لوزارة الداخلية يزعم انتشار عصابات تخترق الهواتف الشخصية للمواطنين وسحب محتوياتها بالكامل لابتزاز الضحايا والحصول منهم على الأموال، وشائعة هدم المتحف المصري بالتحرير بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.

وعلى صعيد متصل، تضمنت الشائعات الغريبة شائعة تداول صور تزعم وجود هبوط أرضي بمحيط هرم خوفو مما يهدد مبنى الهرم بالانهيار، وشائعة منع المواطنين من دخول العاصمة الإدارية الجديدة تزامناً مع التدرج في نقل المصالح الحكومية الخدمية المتعاملة مباشرة مع المواطنين للعاصمة خلال الفترة الحالية، كما شملت أغرب الشائعات، شائعة إيقاف المرتب في حالة الإجازات المرضية، وشائعة تداول خريطة توزيع لقاحات فيروس كورونا بأنواعها المختلفة وفقاً للشرائح الاجتماعية للمواطنين، وشائعة تداول فيديو بشأن تحويل بعض مراكز الشباب إلى حظائر مواشي، أما بالنسبة للشائعات التي تكررت وتم نفيها أكثر من مرة، فقد أشار التقرير إلى شائعة صدور قرار بتعليق الدراسة بكافة المدارس والجامعات والمعاهد على مستوى الجمهورية، وعدم جدوى المشروع القومي لتأهيل الترع، ووجود عجز بأدوية البروتوكولات العلاجية لفيروس كورونا بالمستشفيات الحكومية بمختلف المحافظات، وتجميد برنامج "تكافل وكرامة" لعدد من المستفيدين تمهيداً لإيقافه بشكل كامل.

وشملت الشائعات المكررة أيضاً وفقاً للتقرير، شائعة نقص السلع الأساسية بجميع محافظات الجمهورية خلال الأشهر المقبلة تأثراً بتداعيات أزمة كورونا، وإلغاء التعامل بالعملة الورقية فئة الجنيه بالأسواق، والإعلان عن إنفاق 90 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة لتنفيذ مشروعات العاصمة الإدارية والمدن الجديدة، وإطلاق رابط إلكتروني جديد لتسجيل بيانات المرحلة الرابعة لدعم العمالة غير المنتظمة.

أضف إلى كل تلك الشائعات، الدعوات المباشرة من عناصر هاربة بخارج مصر ومطلوبة أمنية في قضايا إرهاب بالنزول إلى الشارع المصري، لمحاولة إسقاط مؤسسات الدولة المصرية، والتي كانت وراءها أجندات دول تدعم هذه العناصر وتأويهم في أراضيها وتفتح لهم قنوات بملايين الجنيهات، وتدعمهم بحملات على مواقع التواصل الاجتماعي.

لماذا سلاح الشائعات؟

سلاح الشائعات أحد أخطر أسلحة حروب الجيل الرابع والخامس، لإن تأثير إصابتها للهدف أقوى من الرصاص والمتفجرات، لكونها عدوًا خطرًا للاستقرار والنجاح. وتكمن خطورة الشائعات في سرعة انتشارها وتفاعلها وصعوبة نسفها والتخلص منها، وكثيرًا ما وقفت الشائعات وراء حسم حروب طاحنة، حروب اقتصادية وحروب عسكرية وحروب سياسية وغيرها، وبقدر ما عمل أطراف هذه الحروب على مكافحة الشائعات عملوا أيضًا على إدراك كيفية خلق الشائعة والاستفادة منها، وقد رصد خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، ووفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، نحو 53 ألف شائعة، وفي يوم واحد تم بث 118 شائعة مجهولة المصدر، بينما تم خلال هذه الفترة بث أكثر من 700 شائعة تتعلق بالجانب الحكومي، الأمر الذي يعمل على بث نوع ونشر حالة من السخط والإحباط وإيقاع المواطن فريسة سهلة لإسقاط الدولة.

لماذا يريدون إسقاط مصر؟

قال الباحث السياسي عمرو فاروق إن جماعات وأجندات استهداف مصر من الخارج انتقلت من الأيدلوجية الدينية والسياسية إلى الأيدلوجية النفسية، والهدف واضحا للجميع وهو الانتقام النفسي والثأر من الدولة المصرية، وخاصة مع الخطوات الثابتة نحو بناء الجمهورية الجديدة داخليا وعودة دور مصر كرقم مهم في المعادلة الدولية.

وأضاف في تصريح خاص بـ«صوت الأمة»، أن هدف هذه الحملات الكاذبة على المجتمع المصري هو التأثير النفسي والاستقطاب الفكري، لأن الشعب أصبح أكثرا وعيا ودراية بأهداف الحملات الأولى لإسقاط الدولة المصرية، ومن ثم انتقلت أجندات الشائعات إلى مرحلة التأثير النفسي والفكري على المجتمع سواء بحملات مباشرة أو مبطنة لاستهداف مصر.

وتابع أن ردود أفعال مطلقي الشائعات على السوشيال ميديا طبيعية في ظل التحول الجذري داخل الدولة المصرية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ورأينا بالطبع مدى تأثير الدولة المصرية ومؤسساتها في المحافل الدولية وقيادة الملفات الشائكة في الخارج ولعب دور الوسيط لحفظ المنطقة العربية، وهنا يبرز الإجابة على السؤال لماذا يريد هؤلاء إسقاط الدولة المصرية، فالموضوع في اتجاهين الأول تنفيذ لمشروع الأجندات الخارجية وإرجاع مصر إلى نقطة الصفر ولما حدث من خراب في عهد جماعة الإخوان والاتجاه الثاني تعطيل عجلة المشروعات القومية وضرب الإنجازات الاقتصادية التي تحدث يوميا في الداخل المصري.

وأكد أن الهدف من هذه الحملات أيضا، وهذا محور أكثر أهمية، وهو فقدان الثقة بين المواطن والحكومة وبالتالي نجاح مشروعهم في تمرير الأجندات الخارجية التي ينفقون عليها ملايين الدولارات لإنجاحها وتحطمت خلال السنوات الماضية على صخرة الوعي المصري.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق