مصطفى الجمل يكتب: «كيرة والجن» يستحق الترشيح للأوسكار رغم أنف مسعد فودة ولجنته

السبت، 08 أكتوبر 2022 10:00 م
مصطفى الجمل يكتب: «كيرة والجن» يستحق الترشيح للأوسكار رغم أنف مسعد فودة ولجنته

- اللجنة المنوطة باختيار فيلم مصري للأوسكار تعادى السينما المصرية وطالتها شبهات التحيز.. النقابة شكرتها على اللاشئ
 
لم يشاهده أحد، متخصص أو مشاهد عادي، إلا وأبدى انبهاره به، وثقته في ترشحه للجوائز العالمية وفي القلب منها جائزة الأوسكار، إلا أن لجنة اختارتها نقابة السينمائيين برئاسة مسعد فودة، كان لها رأي آخر في العمل السينمائي العالمي كيرة والجن".

رأت اللجنة التي تم اختيارها لترشيح فيلم مصري لأوسكار 2023، ضرورة ملحة لعدم ترشيح فيلم مصري هذا العام، لترد عليها النقابة التي يترأسها فودة ببيان شكر، لا يعلم أحداً ما في عملهم يستحق الشكر.

جاء بيان النقابة كالآتي: شكر واجب أحسنتم صنعًا وجهدًا فى حيادية مطلقة وقناعات الواعدين كنتم بمعيار العدالة والشفافية حكما وتحملتم مسئولية فحص وتمحيص الصور السينمائية شكلاً ومضمونًا للأفلام السينمائية المصرية التى شاركت فى اختيار فيلم يرشح للمشاركة بمسابقة الأوسكار فجاء قراركم منزها عن الذاتية وبأغلبية الأراء شكرًا وتقديرًا واعتزاز.

قطعاً، وضع الله على أعين أعضاء اللجنة غشاوة إن أحسنا بهم الظن وابتعدنا عن كونهم متعمدين، فلم يروا ما في الفيلم الذي اتخذ الإعداد له مسافة 3 سنوات ميلادية، وحقق بمجرد عرضه إيرادات غير مسبوقة في السينما المصرية.

لا نعلم إن كانت اللجنة وضعت في حسبانها أن القيمة الرئيسية لأي عمل فني في أنه يقدم للجمهور تسلية مصحوبة برسالة تضع يدها على عيب في المجتمع وحلول لهذا العيب، أو تقدم وجبة توعوية ثقافية تحت غلاف التسلية.

في "كيرة والجن" ستجد كل ما تبحث عنه في مدة تمني النفس ألا تنتهي أبداً، ستجد قصة تاريخية تستعرض فترة قرأنا وسمعنا عنها الكثير والكثير، ولكن مؤلف ومخرج العمل اختار حدوتة بعينها ليسلط الضوء عليها ويعرض من خلالها ملامح مهمة من هذه الفترة.

لم يكن الجمع بين نجمين كبار كـ"كريم عبد العزيز وأحمد عز" في عمل واحد الأمر الأوحد الذي ميز العمل الذي كان يتوقع له الجميع المشاركة في الأوسكار.
الفيلم يستلهم روح المقاومة الشعبية للمصريين ضد الاحتلال الانجليزي وهي مستوحاة من قصص حقيقية لأبطال قاوموا الإنجليز، فتدور الأحداث إبان ثورة 1919 مع تصاعد المقاومة الشعبية في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي.

من خلال شخصية الطبيب أحمد كيرة الذى أداه الفنان الكبير كريم عبدالعزيز الذي كان والده أحد المحكوم عليهم بالإعدام في حادثة دنشواي الشهيرة عام 1906، وقرر منذ ذلك الوقت أن ينتقم من الإنجليز ويعمل في سرية، بينما يظهر للإنجليز وللمقربين له بما فيهم زوجته أنه موال لهم، والشخصية الثانية هو عبد القادر الجن الذى قدمه الفنان أحمد عز الذي يتاجر في معسكر للإنجليز ويتعاطى الهيروين ويدمن الكحول، لكن حادث مقتل والده «أحمد كمال» جعله هو الآخر ينضم إلى المقاومة، ومعهما العديد من الشخصيات الذين يجتمعون على مقاومة المحتل، منهم امرأة مسيحية دولت فهمي هند صبري ضمن خلية المقاومة، وكذلك رجل يهودي ابن عائلة ثرية إبراهيم أحمد مالك ومعهم الهلباوي سيد رجب وآخرون.

الفيلم الذي ظلمته لجنة فودة صنف على أنه من الأفلام الضخمة على مستوى الإنتاج والإخراج والتصوير والموسيقى والأزياء، فكان مبهرا بالفعل، ونجح المخرج مروان حامد في تقديم نوع مختلف عما قدمه في أفلامه السابقة، فهو مخرج متمكن من أدواته بالتأكيد، وشكّل مع كاتب الفيلم ثنائيا رائعا وساعده أيضا وجود مدير تصوير متمكن موهوب برع في تصوير أحداث الفيلم بما فيها مشاهد الأكشن من مطاردات وتفجيرات ومعارك، بالإضافة إلى مشاهد الرومانسية التي جمعت بين الجن ودولت ومن فوقهما المشاهد التي جمعت بين كيرة والفتاة الإنجليزية.

نجح كريم عبدالعزيز، المتألق دائما مع المخرج مروان في تقمص شخصية كيرة بشكل كبير لينجح في الانتقال بأدائه من مشاهد الغضب والعنف إلى مشاهد الحب والرومانسية، وقدم أحمد عز شخصية الجن أيضا مدمن الخمور متعدد العلاقات النسائية، ونجحت هند صبري في تجسيد شخصية الفتاة المسيحية المقاومة للاحتلال بقوة والعاشقة في الوقت نفسه، وتفوقت هند على نفسها في تجسيد شخصية دولت فهمي رغم أن حواراتها كانت قليلة لكن عينيها كانتا معبرتين بقوة عن كل المشاعر التي مرت بها، وأضاف سيد رجب بأدائه كثيرا لشخصية «الهلباوي» الخائن لزملائه، وقد اختير له اسم الهلباوي إسقاطا على اسم المحامي المصري الخائن الذي دافع عن الإنجليز في حادثة دنشواي، ومن المجيدين في هذا العمل الممثل الإنجليزي سام هزلدين الذي جسد شخصية المحقق الإنجليزي هارفي ببراعة.

الفنانة هند صبري لعبت دور دولت فهمي التي تعتبر رمزا للحركة النسوية في مصر، وهي أول من قادت حركة التحرر للمرأة التي انطلقت بعد ذلك في العالم العربي، فدولت فهمي ولدت في بيئة لم تحضر فيها لكي تكون دولت فهمي، فمن الطبيعي والسائد أن تكون مثل إبنة خالتها أو قريبتها فتاة صعيدية محافظة على التقاليد، ولكنها ثارت على كل تلك التقاليد وثارت ضد الانجليز، وقدمت ما هي مؤمنة به حتى دفعت ثمنها في النهاية.

تُعد دولت فهمي واحدة من المناضلات ضد الاحتلال الإنجليزي، وُولدت بالمنيا في صعيد مصر أواخر القرن ما قبل الماضي، ولكنها سافرت للقاهرة للعمل في مدرسة الهلال الأحمر للبنات، واشتركت في التنظيم السري لمجابهة الإنجليز، حيث كانت تقوم بطباعة وتوزيع المنشورات، واشتركت في انطلاق المظاهرات الأولى الرافضة للاحتلال البريطاني والمطالبة برحيله، كما كان لها دور مع هدى شعراوي وقت الثورة، والانطلاقة الأولى لتحرير المرأة في ذلك الوقت.

كُلفت دولت فهمي من قبل التنظيم السري للثورة بالاعتراف على نفسها، أن الشاب عبدالقادر الجن، عشيقها لإنقاذه، وأنه كان يبيت في منزلها في الليلة التي سبقت تنفيذه لعملية اغتيال محمد شفيق وزير الأشغال والحربية والزراعة، وبالفعل وافقت على هذا الأمر، بالرغم من خطورة هذه الشهادة على سمعتها، ولكنها دفعت ثمن تلك الشهادة بروحها، حيث علم شقيقها بالأمر وجاء إلى القاهرة، وأخذها إلى قريتها في المنيا بحجة أن والدتها مريضة، وهناك قتلها ليغسل عاره.

كوارث اللجنة لم تقف عند حد تجاهلها ما في فيلم كيرة والجن من عناصر تميزه وتجعله قادرا على المشاركة في الأوسكار، بل وصلت إلى حد المجاملة لأشخاص بعينهم كل عام، فالمخرج مجدي أحمد علي قرر سحب فيلمه "2 طلعت حرب" من قائمة الترشيح القصيرة، بسبب أن اللجنة المشكلة من جانب نقابة المهن السينمائية جاء تأليفها «بطريقة خاطئة».

وأوضح مجدي أنه تم إدخال فيلم (19 ب) ضمن قائمة الترشيحات على نحو مفاجئ، رغم عدم عرضه تجاريًا على الجمهور بحسب شروط الأوسكار، مشيراً إلى أنه هذه هي المرة الرابعة التي تتحايل فيها اللجنة على شرط عرض الفيلم حتى الـ30 من نوفمبر، ولا سيما أن اللائحة تنص على أن يكون الفيلم قد عُرض، لا أنه سوف يتم عرضه، والعام الماضي فعلت اللجنة نفس الأمر حينما رشحت فيلم (سعاد) الذي لم يُعرض حينها، ورفضته لجنة الأوسكار وتبددت فرصة مصر في المشاركة.


 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق