أخطر مخطط أخواني لإشعال المنطقة العربية
السبت، 24 سبتمبر 2022 09:00 م
- محاكمة الغنوشى وقادة النهضة في قضية تسفير الإرهابيين تكشف تورط قيادات إخوانية في قضايا إرهاب دولية
عاد مجدداً الحديث عن الاتهامات الموجهة لجماعة الإخوان بإشعال النيران في المنطقة العربية بالعقد الماضي ومحاولة إيقاعها في اضطرابات أمنية كثيرة، وذلك في أعقاب توجيه النيابة العامة في تونس استدعاء لرئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي للتحقيق معه في ملف تسفير "إرهابيين من تونس" إلى بؤر القتال في المنطقة.
وعاشت المنطقة العربية، وبالأخص دول شمال إفريقيا وسوريا والسودان في تهديد مباشر على مر العقد الماضي، على خلفية صعود جماعة الإخوان إلى الحكم في عدد من الدول العربية وتمكينها في استقطاب المتطرفين والإرهابيين حول العالم، ونقلهم إلى البؤر الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط في سبيل سيطرتهم على الوضع، والتهديد باللجوء إلى العنف والفوضى في حالة سقوطهم من على رأس السلطة في تلك الدول، وهو ما حدث بالفعل عقب سقوطهم داخل مصر وتونس والسودان.
والأسبوع الماضي كشفت بعض خيوط قضية تسفير الإرهابيين والتي تورط فيها أعضاء جماعة الإخوان في الكثير من الدول العربية، وعلى رأسها تونس والتي بدأت وحدة مكافحة الإرهاب بداخلها، التحقيق مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض في قضية تسفير آلاف الشباب التونسيين للقتال في مناطق النزاع من سوريا إلى العراق وليبيا وغيرها، ليتقرر في النهاية التحفظ على العريض.
وعلى مدار أيام تحقق جماعة الإخوان مع زعيم حركة النهضة ذراع جماعة الإخوان الإرهابية راشد الغنوشي ونائبه علي العريض، في شبهة الوقوف وراء تسفير آلاف التونسيين للقتال مع الجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا.
واستدعت فرقة مكافحة الإرهاب، الغنوشي ونائبه علي العريض، الذي كان يتولى وزارة الداخلية في فترة حكم النهضة (بين 2011 و 2013)، بعدما تردد اسم الحركة وأسماء قيادات تابعين لها، في تحقيقات مع عناصر إرهابية تم استجوابهم، بعد عودتهم من بؤر التوتر، اعترفوا خلالها أن هذا الحزب قدم لهم تسهيلات للسفر إلى مناطق النزاع.
وشملت التحقيقات القضائية 126 شخصاً، حول الفترة بين سنوات 2011 و2013، وهي فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة. وعلى مدار أشهر أوقفت الأجهزة الأمنية قيادات سياسية وأمنية مقربة من حركة النهضة، من بينها القيادي في الحركة الحبيب اللوز، ورجل الأعمال والنائب السابق بالبرلمان عن حركة النهضة محمد فريخة، بسبب تورط شركة "سيفاكس أيرلاينز" التي يمتلكها في تسفير الشباب التونسي إلى تركيا قبل وصولهم إلى العراق وسوريا للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
واعتقلت السلطات أيضاً كل من القيادي في "ائتلاف الكرامة" والنائب السابق بالبرلمان محمد العفاس قبل إطلاق سراحه وإبقائه على ذمّة القضية، وكذلك النائب السابق والإمام المعزول رضا الجوادي، إلى جانب عدّة قيادات أمنية سابقة بوزارة الداخلية.
وبدأت التحقيقات في هذه القضية في 25 يوليو من عام 2021، إلا أن القضاء التونسي أصدر الأسبوع الماضي قرارات بتوقيف قيادات أمنية وسياسيين كانوا منتمين لحزب النهضة، كما أمر سلطات مكافحة الإرهاب بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لـ 10 شخصيات، من بينها الغنوشي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي.
ومنذ أن رفعت الحصانة عن قادة جماعة الإخوان المتواجدين في البرلمان التونسي، وبرزت على السطح قضايا عدة تتهم أعضاء حركة النهضة الإخوانية بارتكاب جرائم، حيث أصدر القضاء قراراً بمنع سفر الغنوشي في إطار تحقيق باغتيالات سياسية حدثت في 2013.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يستدعي فيها الغنوشي للتحقيق معه في تهم تتعلق بالفساد والإرهاب، ففي 19 يوليو الماضي حقق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد.
وبالعودة إلى قضية تسفير الإرهابيين إلى الخارج، فكانت تونس شهدت بعد ثورة 2011، توجه عدد كبير من المتطرفين قدرتهم منظمات دولية بالآلاف، للقتال في بؤر الصراع داخل سوريا والعراق وليبيا، ووجهت إلى حركة النهضة اتهامات عديدة، بأنها ضمن الحركات والجماعات المتواجدة في الشرق الأوسط آلتي عملت على تسهيل سفرهم إلى تلك الدول خلال تواجدها في الحكم بتونس.
وفتحت السلطات القضائية التونسية ملف تسفير الشباب التونسي، لتشمل التحقيقات بخلاف القيادي الاخواني راشد الغنوشي ونائبه، أيضا نائبين عن حركة النهضة وهما الحبيب اللوز ورجل الأعمال محمد فريخة مدير شركة "سيفاكس" الخاصة للطيران، حيث يشتبه تورطهما في نقل مقاتلين عبر رحلات طيران من بعض الدول المجاورة.
وقدرت الحكومة التونسية في عام 2017، أعداد من انتقلوا للقتال في الخارج بنحو ثلاثة آلاف، توجه معظمهم إلى سوريا، في حين بلغ عدد العائدين إلى تونس من مناطق الصراع آنذاك بنحو 800.
وتعيش حركة النهضة الإخوانية مأزق صعب وخطير خاصة وأن تحقيقات القضاء التونسي ستضع قيادات كبيرة بالحركة من ضمن المتهمين والضالعين في نشاطات إرهابية ناهيك عن قضايا غسيل الأمول والتمويلات الأجنبية، خاصة أن حركة النهضة كانت متهمة في وقت سابق بمنح شركات الطيران الأجنبية تغطية لتسفير المرتزقة والإرهابيين من تونس.
ورغم أن هذه القضايا ظلت خلال السنوات الماضية، في حكم المزايدات الإعلامية والسياسية إلا أنها في الوقت الراهن باتت قضايا مفتوحة يحقق فيها القضاء ما يعنى أن تحريكها الآن يكشف تفاصيلها التي ظلت حبيسة الإدراج بسبب نفوذ الجماعة بالسلطة.
ويعتبر استمرار التحقيقات تأكيد واضح من قبل السلطات التونسية، بظهور تفاصيل جديدة في القضية تضع الغنوشى وأعضاء مجلس شورى الحركة والناشطين في محل المتهمين بقضايا مختلفة أبرزها الإرهاب والفساد، إضافة إلى ملف تلقى تمويلات من الخارج.
وكانت حركة النهضة تلقت ضربات متوالية في الفترة الأخيرة، في أعقاب التصديق يوليو الماضي على الدستور الجديد الذى سحب من البرلمان، والأحزاب السياسية جميع الصلاحيات التنفيذية، التى أصبح معظمها بيد رئيس الجمهورية، في الوقت نفسه تواجه حركة النهضة اتهامات بالتورط في 17 قضية أخرى ما يضع ضغوط على قيادات الحركة في تونس لاتخاذ قرار بحلها.
وفي أعقاب إصدار الرئيس التونسي قيس سعيد جملة من الإجراءات والقرارات المصيرية بتجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، زادت المطالبات الشعبية، بفتح تحقيقات في تورط أعضاء حركة النهضة بملف الاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس، بعد الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي الأسبق، حيث ارتبطت أسماء قيادات كبرى بالحركة الموالية للإخوان بالعمليات المسلحة التي استهدفت نشطاء ومحامين وكتاب رأي خلال العقد الماضي.
وفتحت إجراءات الرئيس التونسى الباب على مصراعيه، لمحاكمة النواب المنتمين لجماعة الإخوان ممن ارتبط اسمهم بملف الاغتيالات، وفي الواجهة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة. وكانت قرارات قيس سعيد العام الماضي، لاقت ترحيب واسع من الشعب التونسي والأحزاب والقوى السياسية، كونها خطوة على الطريق الصحيح من أجل إيقاف توغل الإخوان في تونس، والحد من ممارساتها وانتهاكاتها ضد التونسيين.
وأظهرت الحشود التونسية التي طالبت بإيقاف الإخوان ومحاكمة قادتهم، الغضب الواسع جراء حكم التنظيم الإخواني للبلاد طيلة العقد الماضي، فبعد أن استفحل فسادهم وانتشر وتوغل كل أركان الدولة، بات ضروريًا أن يقتلع جذور الجماعة من جدرانها حتى تتسنى للدولة التونسية العيش بحياة طبيعية وفق الكثير من المراقبون.