حذر الخبراء من أن عطلة البنوك التى أعلن عنها في جنازة الملكة إليزابيث الثانية تزيد من مخاطر سقوط الاقتصاد البريطاني المتعثر بالفعل في حالة ركود في وقت أقرب مما كان متوقعا، وفقا لصحيفة "التايمز" البريطانية.
وأوضحت الصحيفة أن الشركات والمدارس والخدمات والبورصة والأعمال التجارية سيتم إغلاقها في جميع أنحاء البلاد يوم الاثنين المقبل بعد أن وافق الملك على عطلة البنوك في الجنازة الرسمية.
وقال الاقتصاديون إن العطلة، عندما تقترن بتأثير فترة الحداد الوطنية التي تستمر عشرة أيام على ثقة المستهلك، ستؤثر بشكل سلبى على أداء الأعمال بشكل أكبر هذا الشهر.
وتتزايد المخاوف بشأن صحة الاقتصاد البريطانى حيث يؤثر التضخم المرتفع ، المدفوع بارتفاع أسعار الطاقة، على موارد الأسر المالية. أظهرت التقديرات الرسمية الأولية الشهر الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 0.1 في المائة في الربع الثاني من العام.
ومن جانبها، نقلت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية عن كاترين ماثيو الخبيرة الاقتصادية فى الشأن البريطانى في المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية "أو إف سي إي" (OFCE) قولها "من البديهي ألا يعمل الموظفون البريطانيون في هذا اليوم، لكن الشركات لن تكون ملزمة بالإغلاق".
وبشأن توقع التأثير الاقتصادي لهذه العطلة -تقول لوفيجارو- من الضروري النظر إلى الماضي، فخلال اليوبيل الذهبي لصاحبة الجلالة فى يونيو من العام الجارى، استمتع البريطانيون بيوم إجازة للاحتفال بمرور 50 عاما على حكم ملكتهم.
ووفقا لتقرير صادر عن المكتب البريطاني للإحصاءات الوطنية "أو إن إس" (ONS)، كان التأثير السلبي لذلك هو 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي للشهر المعني أو 0.8% للربع.
كما لفتت الصحيفة إلى أن تربع تشارلز الثالث على العرش يعنى تغيير الأوراق النقدية والعملات المعدنية، بما في ذلك الطوابع وجوازات السفر، لإفساح المجال لظهور وجه الملك الجديد أو الأحرف الأولى من اسمه، لكن كل ذلك لن يؤثر كثيرا على الاقتصاد البريطاني، وفقا لكاترين ماثيو.
وأوضحت الصحيفة أن المصدر الأول والرئيسي لتمويل النظام الملكي في بريطانيا هو مساهمة ممنوحة من الحكومة البريطانية يطلق عليها "المنحة السيادية"، وتعتمد على الدخل الناتج عن "أملاك التاج"، ولا تدخل في ذلك الأملاك الخاصة لإليزابيث الثانية ولا تشارلز الثالث، بل فقط ممتلكات ملكية تدار بشكل مستقل.
وتكلف العائلة المالكة دافع الضرائب البريطاني بين 77 بنسا و1.29 جنيه إسترليني للفرد في المملكة المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار إجمالي الدعم كاملا.
ويمكن للعائلة المالكة أيضا الاعتماد على مصادر دخل أخرى لتمويل أسلوب حياتها، فبإمكانها الاعتماد على أموالها الخاصة كما كان حال الملكة الراحلة، إذ كان بإمكانها التصرف في الأموال التي ورثتها من والدها ومصادر أخرى ذات صلة.
ومن ناحية أخرى، أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية،أن الاقتصاد البريطاني عانى من حالة ركود في الأشهر الثلاثة المنتهية في يوليو الماضي، حيث أثرت أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة على الموارد المالية للأسر وأنشطة الأعمال وتسببت في عدم تحقيق النمو المتوقع.
وأوضحت الصحيفة أن إنتاج المملكة المتحدة ظل ثابتًا خلال هذه الفترة، مع انخفاض النمو من 0.3 في المائة سُجلت في الأشهر الثلاثة المنتهية في أبريل.
وتراجع الناتج المحلي الإجمالي عن توقعات توسع الاقتصاد البالغة 0.1 في المائة من قبل خبراء اقتصاديون تم استطلاع آراءهم في الفترة الأخيرة، حيث ظل حجم الاقتصاد البريطاني في يوليو الماضي مُشابهًا لما كان عليه في الأشهر الستة السابقة. علاوة على ذلك، فقد معدل النمو في المملكة المتحدة الزخم منذ بداية العام بعدما أثر ارتفاع التكاليف على الشركات والمستهلكين وارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في 40 عامًا في يوليو، مما أدى إلى تراجع قيمة الأموال المتاحة للناس للإنفاق على السلع والخدمات.
كذلك، انكمش الاقتصاد الوطني في يونيو الماضي بنسبة 0.6 في المائة، في حين كان انتعاش يوليو أضعف من التوسع البالغ 0.4 في المائة الذي توقعه المستثمرون. وتعليقًا على ذلك، قال بول ديلز، كبير الاقتصاديين البريطانيين في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" -في تصريح خاص لـ"فاينانشيال تايمز": الانتعاش الصغير المخيب للآمال في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في يوليو يشير إلى أن الاقتصاد لديه القليل من الزخم وربما يكون بالفعل في حالة ركود".
وتوقع الاقتصاديون أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة للمرة السابعة على التوالي في اجتماعه المقبل، وهو ما قد يتسبب في مزيد من التباطؤ في طلب المستهلكين؛ فيما أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني اليوم الاثنين أن عجز التجارة في السلع والخدمات، باستثناء المعادن الثمينة، اتسع بمقدار 1.2 مليار جنيه إسترليني إلى 27 مليار جنيه إسترليني في الأشهر الثلاثة حتى يوليو مقارنة بالربع السابق.