حملة «دش قصير» الأبرز.. أوروبا تواجه أزمة الطاقة بإجراءات غير مسبوقة
الثلاثاء، 13 سبتمبر 2022 06:20 م
وسط تحذيرات بالدخول في أسوء أزمة طاقة، بعد قطع روسيا لإمدادات الغاز، تبدو أوروبا أمام تحد صعب ومنعطف خطير خاصة مع اقتراب موسم الشتاء، الأمر الذي دفع عديد من دول القارة العجوز إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة، إذ تحاول الحكومة الهولندية أن تقنع المواطنين أن يخفضو الاستحمام لخمس دقائق فقط، كما ترغب التشيك في وضع حد أقصى لأسعار الكهرباء للمنازل والمدارس والمستشفيات.
بريطانيا
كشفت بحث بريطاني جديد أجراه المعهد الحكومي الخاص بالمملكة المتحدة، اليوم الأحد، عن مجموعة من التحذيرات من قبل الوزراء البريطانيين بشأن دخول المملكة المتحدة في أسوء أزمة طاقة في غضون عام بالتزامن مع عدم التخطيط الفوري لتحسين قضيتي الحد من تسربات المياه للمنازل وخفض الطلب على الغاز.
ووفقا للبحث بحسب ما أوردته صحيفة (الجارديان) البريطانية، فإن المملكة المتحدة تصنف من بين الأسوأ في أوروبا من حيث كفاءة استخدام الطاقة في منازلها كما أنها سجلت درجات حرارة أسوأ من البلدان في جميع أنحاء أوروبا.
وأشار إلى أن المملكة المتحدة معرضة بشكل خاص لارتفاع أسعار الغاز حيث لا يزال أكثر من أربعة أخماس المنازل في المملكة المتحدة يتم تسخينها حاليا بواسطة المراجل الغازية وهي نسبة أعلى بكثير من معظم البلدان كما أن مخزون المساكن في المملكة المتحدة هو الأقدم والأقل كفاءة في استخدام الطاقة في أوروبا.
وحذر من أنه من المتوقع في الوقت الحالي أن ترتفع أسعار الطاقة أكثر وأن تظل أعلى لفترة أطول مما كان متوقعا في وقت سابق من الأزمة مع احتمال أن تظل الأسعار أعلى بنحو 4 أضعاف من المعدلات السابقة حتى عام 2025 مما يعني أن المملكة المتحدة في حاجة لحزمة إنقاذ ضخمة أخرى كالتي قدمتها رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس لتجميد فواتير الطاقة.
وبدوره، قال المدير المساعد للمعهد الحكومي البريطاني توم ساسي، إن "كفاءة الطاقة تمثل فجوة كبيرة في خطة ليز تراس، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي بوادر تظهر انخفاض أسعار الطاقة. وأضاف "اقتراض مبالغ ضخمة للحفاظ على عدم رفع فواتير الطاقة يكون منطقيا فقط إذا كانت لدينا أيضا خطة لتقليل الطلب وإن تعزيز كفاءة الطاقة مهمة وطنية"، مطالبا الحكومة البريطانية التعلم من النجاحات في الخارج.
ويستنتج البحث أن الأسر والشركات في المملكة المتحدة من المرجح أن تواجه فواتير طاقة عالية في شتاء العام المقبل 2023 وربما بعد ذلك كما يشير إلى أنه في حال استمرار الحكومة البريطانية في التركيز فقط على الدعم المالي قصير الأجل والتدابير طويلة الأجل فلن يتوقع أن تحل الأزمة الرئيسية الحالية بل قد تجد نفسها أمام موقف أكثر صعوبة في غضون عام.
وحذر الخبراء البريطانيون من أنه مع إعلان تراس حزمة تزيد قيمتها عن 100 مليار جنيه إسترليني لتجميد فواتير الطاقة عند مستواها الحالي ستحتاج إلى خطة مماثلة لتحسين الحد من تسربات المياه للمنازل وتقليل الطلب على الغاز.
وأشار الخبراء إلى أن خطة تراس للتوسع في الوقود الأحفوري ببحر الشمال كوسيلة لزيادة إمدادات الطاقة يمكن أن تفشل في خفض الأسعار بينما تضر أيضا بالتزام بريطانيا بمعالجة أزمة المناخ، مطالبين رئيسة الوزراء البريطانية بنسخ السياسات الناجحة في ألمانيا وأماكن أخرى لتحسين كفاءة الطاقة في منازل المملكة المتحدة لتقليل الطلب على الغاز.
هولندا
في هولندا أدى التخوف من أزمة طاقة خلال فصل الشتاء البارد، إلى محاولة الحكومة الهولندية إقناع مواطنيها لتوفير الماء الساخن الذي يستخدم في الاستحمام، للمساعدة في الحفاظ على احتياطيات الطاقة في البلاد.
وتقول منظمة”Milieu Centraal”(مركز البيئة) البحثية التابعة للحكومة الهولندية، إن متوسط الاستحمام في هولندا تسع دقائق، وحاليًا تحاول الحكومة أن تقنع المواطنين أن يخفضوه لخمس دقائق فقط.
ووفقا للحكومة فإن خفض وقت الاستحمام إلى أقل من خمس دقائق يمكن أن يوفر 60 مترا مكعبا في السنة من الغاز الطبيعي، وهو الوقود الذي تستخدمه العديد من المنازل لتسخين المياه.
من جانبه يقول “لبيتر تن بروجينكات” المتحدث باسم وزارة الشؤون الاقتصادية والمناخ في هولندا، إنه قبل أزمة الطاقة، تم استخدام 40 مليار متر مكعب من الغاز سنويا في جميع أنحاء هولندا،بينما تقول الحكومة إن الاستحمام السريع يمكن أن يوفر على كل أسرة حوالي 130 يورو في السنة،كما تشجع الحكومة الناس على تعليق ملابسهم حتى تجف بدلا من استخدام المجفف، واستخدام مروحة بدلا من مكيف الهواء وإبقاء الستائر مغلقة في اليوم الحار.
وخلال الفترة الماضية، قامت السلطات المحلية في المقاطعات الشمالية الشرقية في البلاد بتوزيع أجهزة ضبط الوقت لحث الناس على الاستحمام السريع.
يأتي هذا في وقت قفزت فيه تكلفة الطاقة للأسر الهولندية إلى متوسط 503 يورو في أغسطس من 142 يورو في أغسطس في 2021. لكن يتوقع أن يزداد الأمر سوءا، حيث أوقفت روسيا تدفق الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب رئيسي الأسبوع الماضي.
يشار إلى أن العديد من الدول الأوروبية الأخرى بدأت في فرض قيود لتقليل استخدام الطاقة، مثل حدود درجة الحرارة في المباني العامة. أيضا أطلقت الحكومة الدنماركية حملة "دش قصير" مماثلة لهولندا، و حث بعض المسؤولين الألمان السكان على تقصير أو تقليل مرات الاستحمام.
التشيك
وفي التشيك، ألمح وزير المالية التشيكي، زبينيك ستانجورا، إلى أن الحكومة ترغب في وضع حد أقصى لأسعار الكهرباء للمنازل والمدارس والمستشفيات.
وقال - حسبما ذكر راديو براغ الدولي، إنه سيوصي الحكومة بضمان أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي بأكمله، مشيرا إلى أنه يود تحديد 200 يورو لكل ميجاوات في الساعة كحد أقصى لأسعار الكهرباء للشركات. ورفض ستانجورا الكشف عن سقف السعر المخطط للأسر، لكنه أكد أنه يجب أن يكون مرتفعا بما يكفي لتغطية تكاليف منتجي الكهرباء والسماح لهم بتحقيق ربح مناسب.
جدير بالذكر أنه من المتوقع الكشف عن خطة الحكومة الخاصة بمعالجة أزمة الطاقة الأسبوع المقبل.