المفتي: حديث «تناكحوا تناسلوا تكاثروا» صحيح ولا يتعارض مع تنظيم الأسرة (خاص)

السبت، 03 سبتمبر 2022 10:00 م
المفتي: حديث «تناكحوا تناسلوا تكاثروا» صحيح ولا يتعارض مع تنظيم الأسرة (خاص)
منال القاضي

- الكثرة المقصودة هى القوية المنتجة التي تملك كلمتها وأمرها وطعامها ودوائها

حسم الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، الجدل حول رؤية الدين لمسألة تنظيم الاسرة، وقال إن إباحة الشرع الشريف تنظيم الأسرة على المستوى الفردي، يتوافق مع الجهود التي تبذلها الدولة ومؤسساتها المعنية واتساق تشريعاتها مع الشرع الشريف ومقاصده العليا في سبيل الحيلولة من حدوث انفجار سكاني نتيجة زيادة المواليد وكثرة الإنجاب على المستوى الجماعي، موضحاً أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، لأن تنظيم الأسرة هو إجراء من جملة إجراءات تتخذها الدولة المصرية لمعالجة كل التحديات والمخاطر مما قد تعرقل مسيرة التنمية والعمران التي تتبناها القيادة المصرية والتي من شأنها رفع شأن الأمة المصرية وتقويتها.

وأضاف المفتى لـ"صوت الأمة" أن واقع العصر الحالي يدل على أن سبب شح الموارد هي الزيادة السكانية، ولا سبيل لحل هذه المشكلة إلا بتنظيم الأسرة لإحداث التوازن بين موارد الأرض وعدد السكان، فالهدف ليس الحفاظ على المجتمع من ضعف اقتصاده فحسب، بل يُقصد به كذلك المحافظة على صحة الأم والطفل، ورفع المستوى المادي والأدبي لأفراد الأسرة، وتمكين المرأة المسلمة المعيلة والمثقلة بأعباء الولادة المتكررة من أداء واجبها في بناء المجتمع بحسن تربية أولادها والمشاركة في سد حاجة سوق العمل إليها، مشيرا إلى أن الإحصائيات مهمة وضرورية لفهم الواقع وإدراك خطر الزيادة السكانية، وأننا لسنا أمام مشكلة دينية يمكن أن تعوق مواجهة الزيادة السكانية، وإنما أمام نص وفهم وواقع دقيق يتيح لنا أن نتحرك بأريحية شديدة في كل الإجراءات.

وحول فتوى دار الإفتاء في هذه المسألة، أكد الدكتور شوقي علام أن دار الإفتاء المصرية، تهدف إلى الحفاظ على الأسر واستقرار المجتمعات، والرد على الشبهات المثارة حول القضية وكذلك تصحيح المفاهيم الدينية حولها، مؤكدًا أن فتوى دار الإفتاء مستقرة على مشروعية تنظيم الأسرة وأن المسألة أصبحت في نطاق الواجب واللازم، لما يحقق من توازن بين العدد السكاني ومقدرات الدولة، منوهاً إلى أن دار الإفتاء المصرية أخذت على عاتقها مبادرة سد الحاجة المجتمعية والإرشاد والتأهيل المناسب إلى شباب المجتمع المقبل على الزواج تحقيقا لمقصد مهم من مقاصد الشرع الشريف وهو بناء الأسرة التي هي أساس المجتمع على قدر من الوعي الصحيح، والعلم الرصين.

في سياق ذي شان لفت فضيلة المفتي النظر إلى أن الإسلام قد أرشد إلى السعي للارتقاء بحياة البشر جميعًا، ويظهر ذلك في ثلاث وظائف جعلها الإسلام من مهمة الإنسان، وهى عمران الأرض، واستخلاف الإنسان فيها، ثم الإصلاح، وكذلك العمل والتكسب وحفظ البدن والترفه بالنعم واستخراج ما في الأرض من خيرات واستصلاحها وسد حاجات الناس المعتبرة وتجنب الفساد والإفساد. كل ذلك ونحوه من الإصلاح، ويعبر عن ذلك وغيره في الاصطلاح الحديث بالتنمية المستدامة، وهو مصطلح يدل على عملية تغيير شاملة لشتى جوانب الحياة، من أجل خدمة الإنسان وتحقيق آماله وغاياته؛ فالتنمية في معناها الشامل تعنى بناء مشروع حضاري متكامل يتوافر فيه التكامل والتوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كذلك أوضح الدكتور شوقى علام أن قضية تنظيم الأسرة أصبحت تتصل بقضية الأمن القومي، ولها تأثيرا كبيرا من ناحية تأمين حاجات السكان من تعليم ومسكن وثقافة وغذاء، وعلى كافة المستويات الأخرى، لأن الدولة اليوم أصبحت مسؤولة عن توفير كل تلك المتطلبات لشعبها، مشددًا على أن تفعيل قضايا التنمية في ظل هذه الزيادة السكنية، يأخذ مجهود كبير، ولا نصل إلى معدلات التنمية المرجوة، لأن الزيادة تلتهم كل الموارد الجديدة التي تحاول إدخالها الدولة، حيث أصبحت الزيادة السكانية أحد أهم المعوقات في طريق تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، كما تعد كذلك سببًا مباشرًا في الفقر والجهل والمرض.

وبين مفتي الجمهورية أن بعض الناس يأخذ بعض الأحاديث النبوية من وجه واحد، كقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مُبَاهٍ بكم الأمم يوم القيامة»، منوهًا بأنه حديث صحيح، ولا يتعارض مع تنظيم الأسرة، مشيراً إلى أن الكثرة المقصودة فيه هي الكثرة القوية المنتجة التي تملك كلمتها وأمرها، وطعامها ودوائها وكسائها، أما إن خرجت عن ذلك فكانت كثرة ضعيفة ليس لها قيمة ولا مؤثرة، تصبح تلك الكثرة التي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كثرة كغثاء السيل، لا تضر عدوًا ولا تنفع صديقًا»، مؤكدًا أن دار الإفتاء استقرت في فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، وهذه المنظومة التي نسير عليها متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغني وليس الفقر ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.

وطالب فضيلة المفتي بضرورة تكاتف جميع المؤسسات لوضع حلول ناجزه لقضية الزيادة السكانية، باعتبارها أهم القضايا التي تحتاج إلى رفع درجة الوعي والإدراك لدى المصريين.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق