مصطفى الجمل يكتب: بشروا لو كنتم لا تعلمون
السبت، 27 أغسطس 2022 07:00 م
- مصر لا تعيش في جزيرة معزولة عن العالم وتأثرت بالأزمة الاقتصادية لكنها اتخذت حلولاً لتخفيف التداعيات
- الدولة المصرية ضمن عدد محدود من الدول تحقيقاً لفائض أولى نسبته 1.3% من الناتج المحلي.. الرئيس يتابع تنفيذ إجراءات الإصلاح بنفسه
- الدولة المصرية ضمن عدد محدود من الدول تحقيقاً لفائض أولى نسبته 1.3% من الناتج المحلي.. الرئيس يتابع تنفيذ إجراءات الإصلاح بنفسه
واحدة من أخطر مهددات استقرار الدول، بشكل عام ووقت الأزمات بشكل خاص، تلك الأحاديث التي لا فائدة منها سوى بث الرعب في القلوب، من ذلك الحديث دون دراية كاملة بحقيقة الأمور وما هي المعطيات وكيف تسير المعادلة لتحقيق النتائج المتوقعة مسبقاً في موازنات الدول الناشئة والنامية على حد سواء.
خلال الأيام الماضية، عمد البعض على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إثارة الذعر بين مستخدمي تلك المواقع، عبر عبارات مطاطة تتحدث عن صعوبة الأيام المقبلة على المستوى الاقتصادي، وكيف أن موجات غلاء غير متوقعة تترجل نحو البيوت المصرية، وكيف أن كل تلك الأمور تهز الاستقرار المجتمعي.
المؤسف في الأمر أن بعضاً من مرددي هذه العبارات محسوبون على جماعة النخبة المثقفة اللذين هم في الأساس معول عليهم في توعية العامة، والتفرقة لهم بين ما هو صحيح وما زيف لا شك فيه، وكما أن هناك أزمة عالمية، هناك في المقابل حلول اتخذتها الدولة المصرية، لتخفيف حدة التداعيات التي قد تلم بالشعوب في بعض الأوقات.
يحاول البعض الترويج إلى أن هناك أزمة تطرق الأبواب، دون ذكر تفصيلي أو إجمالي لنوعية الأزمة وسببها وتداعياتها وإلى أي مدى ستصل هي، وكذلك هل هناك سابقة مثيلة لها أم أنها فريدة من نوعها، لا شيء لا شيء، المهم أن فلان الفلاني صاحب الصفحة التي يتابعها بضع أو عشرات الآلاف يكتب أن هناك أزمة فيجمع عدداً لا بأس من التعليقات واللايكات والشير.
في الأديان السماوية، أمر الله عز وجل رسله وأنبيائه بأن يبشروا أممهم وأن يرغبوهم قبل أن ينفروهم، وسبقت آيات الثواب آيات العقاب، وفي القرآن الكريم يعتبر لفظ "البشارة" من الألفاظ المركزية، وهو يتجه في الأغلب إلى المؤمنين الذين يعملون الصالحات، ويعدهم بالخير الذي ينتظرهم.
"المبشرين" من النعوت التي نعت به المولى عز وجل رسله، فقال المولى عز وجل في سورة البقرة: «أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ».
وبعيداً عن السلوك الذي يفترض أن نتحلى به في مثل تلك الظروف، يجب العودة إلى أصل الحكاية - أو كما يقولون في الأمثال الشعبية «مربط الفرس»- والتي تستوجب الإجابة على السؤال الأكثر تداولاً ليس الآن فقط بل منذ فترة ليست بالقليلة، وهو "هل هناك أزمة اقتصادية في مصر؟".
نعم هناك أزمة، لم تخفها الدولة وليست خفية على أحد، وهي في الأساس أزمة عالمية، تحدث عن تداعياتها على مصر، ورئيس وزراء مصر بنفسه الدكتور مصطفى مدبولى، في مؤتمر صحفي عالمي، قال فيه بالنص أن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، هي الأسوأ التي يشهدها العالم منذ 100 عام، موضحاً أن خسائرها قدرت بـ12 تريليون دولار، وتسببت في خفض توقعات النمو في مختلف دول العالم، وبدأت المؤشرات في الانخفاض.
إذن الدولة لم تخف أنه هناك أزمة من الأساس، ولكن رئيس الوزراء في نفس المؤتمر أعلن عن خطوات لتفادي أكبر قدر من الآثار، معلنا عن تنامي الصادرات البترولية، محققة زيادة ملحوظة لتصل إلى 12.9 مليار دولار، وبالتالي فإن إجمالي الصادرات بذلك تبلغ 45.2 مليار دولار، وهو أعلى رقم حققته الصادرات المصرية في تاريخها، موضحاً أن ما تحقق من زيادات غير مسبوقة للصادرات المصرية يعد خطوة على طريق تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة تخطي الصادرات المصرية حاجز الـ 100 مليار دولار، خلال الفترة القصيرة المقبلة، وأن تقوم الحكومة بتشجيع جميع القطاعات الصناعية والإنتاجية في الاقتصاد المصري؛ من أجل تحقيق الهدف المنشود.
وأضاف "مدبولى" خلال تحليل هيكل الصادرات المصرية للعام 2021: "سنجد أن الجزء الأكبر من الصادرات ونسبته 71.5%، كان من نصيب الصادرات غير البترولية، وهذه الصادرات تشمل جميع قطاعات الصناعة، وهو ما يتوافق مع توجيهات الرئيس للحكومة بتشجيع وتعميق وتوطين الصناعة، والاعتماد بصورة متدرجة على الصناعات المحلية"، لافتا إلى أن 71.5% نسبة الصادرات غير البترولية، و28.5% نسبة الصادرات البترولية يمثل إنجازا كبيرا في حد ذاته.
مؤشرات الموازنة للعالم المالي الجديد، تكشف كثيراً من الضبابية وتؤكد حقائق يحاول البعض نفيها، على الرغم من أن هذه الموازنة تدعم في الأساس نظم الحماية الاجتماعية وتلتزم بالاستحقاقات الدستورية للخدمات، لتعد الموازنة الأعلى إنفاقاً على كل من تحسين جودة حياة المواطن والاستثمارات التنموية.
بلغت الإيرادات العامة في الموازنة الجديدة 1.5 تريليون جنيه عام 2022/2023، مقابل 1.3 تريليون جنيه عام 2021/2022 بنسبة زيادة 15.4%، وبلغ إجمالي المصروفات العامة 2.1 تريليون جنيه عام 2022/2023، مقابل 1.8 تريليون جنيه عام 2021/2022 بنسبة زيادة 16.7%.
وتبلغ مستهدفات معدل النمو الاقتصادي 5.5% مقابل 5.7% عام 2021/2022، فيما سجلت مستهدفات العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 6.1% عام 2022/2023، مقابل 6.2% عام 2021/2022. وتستهدف الموازنة تسجيل 1.5% كفائض أولى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022/2023 مقابل 1.2% عام 2021/2022، فيما سجلت مستهدفات دين أجهزة الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 84% عام 2022/2023، مقابل 85% عام 2021/2022.
الأداء الخاص بالعام المالي 2021/2022 يؤكد قدرة الدولة على استيعاب الصدمات
منتصف الأسبوع الماضي، اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد معيط وزير المالية، وأحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية، والدكتور إيهاب أبو عيش نائب وزير المالية للخزانة العامة، واستعرض الرئيس السيسي الأداء الخاص بالعام المالي 2021/2022، والذي أكدت محصلته قدرة الدولة المصرية على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية الدولية واستيعاب الصدمات، مما رسخ الانطباع الإيجابي عن مرونة وصلابة الاقتصاد المصري لدى المؤسسات المالية الدولية، فاستطاعت وزارة المالية تحقيق نتائج إيجابية جعلت مصر من ضمن عدد محدود من الدول على مستوى العالم التي حققت فائضاً أولياً بلغ نسبته 1,3% من الناتج المحلي، في حين أن معظم الدول الناشئة حققت في المقابل عجزاً أولياً بلغ معدله 4,7%.
وشهد العام المالي 2021/2022 معدل نمو سنوي لإيرادات الموازنة يقترب من نسبة 20%، بينما بلغ معدل النمو السنوي لإجمالي المصروفات 14,8%، مما ساعد على تحقيق المستهدفات المالية وخفض عجز الموازنة بالنسبة إلى الناتج المحلي. ووجه الرئيس السيسي في هذا الإطار بالاستمرار في نهج الانضباط المالي والحفاظ على المسار الآمن للموازنة العامة، مع صياغة استراتيجية متوسطة المدى لاستهداف أكبر قدر ممكن من خفض لنسبة دين أجهزة الموازنة العامة للناتج المحلي.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الاجتماع شهد أيضاً استعراض المشروعات الخاصة بوزارة المالية، خاصةً في قطاع الضرائب، والجمارك، والتأمين الصحي الشامل، والشبكة المالية الحكومية، وحساب المرتبات إليكترونياً، والدفع والتحصيل الإليكتروني، كما اطلع الرئيس على ما تم من إطلاق المرحلة الأخيرة من تطوير المنظومة الضريبية الرئيسية والتشغيل الفعلي للإيصال الإليكتروني بدءاً من شهر يوليو الماضي، والذي يتكامل مع منظومة الفاتورة الإليكترونية التي بدأ تطبيقها في عام 2020، فضلاً عن متابعة تطورات آليات ومبادرات العمل الأخرى بمكافحة التهرب الضريبي وكذلك ضم القطاع غير الرسمي لتلك الآليات.
وعلى صعيد قطاع الجمارك، تم استعراض المعايير الدولية التي تم تطبيقها في الجمارك للسلع التي يتم استيرادها من الخارج، وذلك في إطار حوكمة عملية الاستيراد، خاصةً ما يتعلق بخفض زمن الإفراج الجمركي ليصل إلى متوسط أقل من 3 أيام مواكبةً للمعدلات العالمية والمواصفات القياسية في هذا الصدد. وكذلك تطبيق نظام المخاطر الشاملة في مصلحة الجمارك، فضلاً عن الإجراءات القانونية الحاسمة التى تتخذها الوزارة للتعامل مع المخالفات الخاصة بقواعد الاستيراد والتصدير.
وكلف الرئيس بسرعة استكمال كافة جوانب المنظومة الجمركية الجديدة بجميع الموانئ والمنافذ الجمركية المتبقية، وذلك بهدف حوكمة الإجراءات بها وتزويدها بأحدث الأجهزة الخاصة بالكشف بالأشعة، فضلاً عن التدقيق في التشغيل من خلال اطقم الكوادر البشرية العاملة ليكونوا على مستوى فني ومهني راقى ولضمان امتلاكهم القدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة بالمنظومة الجديدة.
من ناحيةٍ أخرى، تم استعراض الموقف المالي لهيئة التامين الصحي الشامل من حيث الإيرادات والمصروفات وعدد المسجلين من المواطنين بالمنظومة، حيث وجه الرئيس بالاستمرار فى خطوات ومراحل تطبيق المنظومة وصولاً للهدف المنشود لتشمل جميع محافظات الجمهورية ولتقدم خدمات الرعاية الطبية عالية المستوى للمواطنين، كما تم استعراض إجراءات التطوير والتحديث التي تمت على الشبكة المالية الحكومية وبدء تطبيق المنظومة الجديدة على الهيئات الاقتصادية وحوكمة سداد المرتبات في الجهاز الإداري وكذلك القطاع الخاص، بالإضافة إلى عرض التطور في إجمالي قيم ومعاملات خدمات الدفع والتحصيل الإليكتروني الحكومي للعام المالي 2021/2022، والتي حققت زيادة مقدارها 30% عن العام المالي الماضي 2020/2021، وذلك في إطار الجهود الحالية في قطاع التحول الرقمي في وزارة المالية.
وخارج سياق الموازنة العامة التي يصعب على كثيرين الحصول على تفاصيل دقيقة منها، هناك مؤشرات أخرى تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأمور الصعبة ولكنها ليست قاتمة السواد، وهناك بريق أمل يلوح في الأفق وتعمل الدولة على فرضه كواقع.
في تقرير للجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب حول الخطة العامة للدولة ومشروع موازنتها للسنة المالية 2022/2023، توقع تحقيق 33 هيئة اقتصادية لصافى ربح بقيمة تتجاوز 113.6 مليار جنيه هذا العام، حيث تشكل تلك الهيئات نحو 60% من إجمالي عدد الهيئات الاقتصادية بمصر والبالغ 59 هيئة
وفقا لتقرير اللجنة، ارتفعت قيمة الأرباح المتوقعة للهيئات الاقتصادية هذا العام سواء من حيث القيمة أو من حيث عدد الهيئات، مقارنة بالعام المالى الماضى، إذ بلغت قيمة صافى الربح الذى حققته الهيئات الاقتصادية في 2021/2022 نحو 103.2 مليار جنيه بعدد 32 هيئة من إجمالي 55 هيئة اقتصادية العام المالى الماضى، بارتفاع 10% تقريباً.
جاءت أبرز الهيئات الاقتصادية المتوقع أن تحقق صافى ربح خلال العام المالى الحالي، متمثلة في: "الهيئة العامة للبترول بصافى ربح متوقع 13.6 مليار جنيه، الهيئة العامة لميناء الإسكندرية بربح تتجاوز قيمته 1.9 مليار جنيه، وكذلك هيئة ميناء دمياط بنحو مليار و 915 مليون جنيه، علاوة على، الهيئة القومية للبريد بصافى ربح متوقع يصل إلى مليار جنيه، بالإضافة إلى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بربح 1.9 مليار جنيه، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصافى ربح متوقع هذا العام بقيمة مليار و53 مليون جنيه، وأيضاً، الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر بصافى ربح مليار و 198 مليون جنيه، فيما تتصدر هيئة قناة السويس الهيئات الاقتصادية المتوقع تحقيقها لأرباح هذا العام بقيمة 53.7 مليار جنيه، يليها الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل بصافى ربح متوقع بنحو 22.2 مليار جنيه.