إدارة الأزمة.. صدمة الحريق لم تُفقد أجهزة الدولة الحكمة فى سرعة التعامل
السبت، 20 أغسطس 2022 07:00 مدينا الحسيني
حريق كنيسة أبو سيفين بمنطقة إمبابة، حادث رتبته الأقدار فجأة، وفى وقت مبكر نسبيا، وبينما لم يكن في المقدور منع الأقدار، فإن كفاءة العمل تُقاس بما جرى من استجابة للحادث وتعامل سريع مع تداعياته، بشكل كشف عن تكامل بين أجهزة الدولة المعنية بحسب اختصاص كل منها، وقنوات اتصال وتنسيق حيوي ومتواصل بشكل دائم.
التعامل العاجل مع تداعياته، واتخاذ الإجراءات التنفيذية والقانونية اللازمة على وجه السرعة، ودخول النيابة العامة على الخط بشكل عاجل، وسياسة المكاشفة والوضوح التي اتُّبعت منذ اللحظة الأولى عبر بيانات وافية وتحديثات لحظية للأرقام والمعلومات والتفاصيل، مروراً بإنهاء الإجراءات وتيسير مراسم تشييع الجثامين، وصولا إلى تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي للإدارة الهندسية بترميم وإصلاح الكنيسة، كل هذه الأمور تؤكد إن إدارة الدولة المصرية للأزمات وصلت إلى درجة كبيرة من الاحترافية.
وعلى الرغم أن الحادث مفاجئ، وسبب صدمة للجميع، إلا أن الإدارة كانت مُتزنة، لم تُفقد أجهزة الدولة الحكمة في سرعة التعامل، وكانت المتابعة الرئاسية مفتاح إدارة الأزمة، وكان هناك حضور للحكومة وتناغم بين كل الأجهزة التنفيذية، وإبراز روح التضامن والتكاتف بين المعنيين من جانب، وبين الدولة والمواطنين من جانب آخر. المصاب كبير وأليم، لكن الجهد المبذول في التعامل معه يؤكد أننا إزاء رؤية وآليات عمل أكثر تطورا وكفاءة في إدارة الازمة، إذ شهدت الاحداث على قدرة الدولة في التعامل مع الحريق الذي وقع، حيث تحركت "الإدارة" منذ اللحظات الأولى وتعاملت بشافية مع الأرقام والمعلومات.
فضلاً عن سرعة تحرك كبار رجال الدولة ومسئوليها إلى موقع الحادث بتوجيهات الرئيس السيسي، على رأسهم رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ووزراء، الصحة والتنمية المحلية، التضامن، ومحافظ الجيزة، ومدير أمن الجيزة، ورجال الحماية المدنية صحبة سيارات الإطفاء، كل ذلك كان له بالغ الأثر في التعامل الفني الصحيح مع الحادث، بتقليل الخسائر، محاصرة النيران وإخمادها قبل أن تمتد إلى العقارات المجاورة.
الحريق شاهد عيان أيضاً على تناغم أمني وقضائي، وتنسيق عالي المستوي بين فريق التحقيق المُشكل من النائب العام الذي تحرك على رأس فريق التحقيق ليقف بنفسة على الملابسات وعاين موقع الحريق، وبين وزارة الداخلية، لجمع المعلومات ومعاينة أثار الحريق، ومناظرة جثامين الضحايا، وسماع اقوال المصابين، وفي الوقت الذي كانت تُسطر فيه فرق الإطفاء بطوله ملحميه لإخماد النيران كنت سيارات الإسعاف تتسابق للوصول الي مكان الحادث لإنقاذ كل من يمكن إنقاذه، حيث تم فتح المستشفيات بأعلى جاهزية لاستقبال المصابين، ومتابعة لحظيه من وزير الصحة مع إدارة المستشفيات التي استقبلت المصابين، والاطلاع علي التقارير الطبية الخاصة بحالتهم، والتأكد من تقديم كافة أوجه الرعاية لهم.
وبالتزامن مع كل هذه الجهود عكست زيارة وزيرة التضامن نفين القباج للمصابين بالمستشفيات، وما تلا الزيارة من قرار صرف تعويضات لأسر الضحايا مدى حرص الدولة على تعويض أسر الضحايا والمصابين، وإن كانت الدولة تعلم أن التعويض المادي لا يساوي حجم الخسارة لكن القيادة السياسية كانت حريصة على تقديم الدعم المادي بجانب الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الدولة تجاه الضحايا سواء كان أسر المتوفين أو المصابين أنفسهم.
لم يفتنا جميعاً مشهد التعامل الإعلامي المحترف، الذي تمثل في التغطية الجادة للحادث، وحرص جميع وسائل الإعلام المصرية الرسمية والخاصة في قلب الحدث، ومتابعة سير التحقيقات بكامل الشفافية ولحظة بلحظة، والتعامل المهني مع الأحداث، فضلا عن الدقة في نقل البيانات الرسمية الصادرة عن كل الجهات حول الحادث والتي أتاحت المعلومات الصادقة والحقيقية التي يسرت مهمة التغطية الاعلامية للحادث، الأمر الذي جعل وسائل الإعلام العالمية تنقل عن الإعلام المصري سير الحدث طوال الوقت، وأفلتت الفرصة على "مهاويس" إطلاق الشائعات أن يجدوا ضالتهم في الحريق ببث أخبار كاذبة، وتضليل الرأي العام عن جهود الدولة في التعامل مع الحريق.
ومع كل هذه الجهود التي بُذلت من الأجهزة المعنية بداية من سرعة وصول سيارات الإسعاف، وسيارات الإطفاء، لإنقاذ المصابين، ونقل الجثامين، وإخماد النيران، وتوجيهات الرئيس بإعادة ترميم، إلا أن المتربصين غزو السوشيال ميديا بشائعات كاذبة حول تعامل الدولة مع الحادث، الأمر الذي أغضب قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي خرج في مداخلة تلفزيونية مع قناة DMC، وقدم شكره للرئيس عبد الفتاح السيسي، وكافة المسئولين بالدولة قائلا:" "نشكر كل الناس مسلمين ومسيحيين وكل الإمكانيات التي خففت من ألم الحادث عقب وقوعه، وكل فرد تواجد قام بدوره، وما حدث قضاء وقدر".
ورد البابا تواضروس على الشائعات التي خرجت عقب الحادث، واصفاً إياها بالأكاذيب، وقال: "الأكاذيب التي تطرح على صفحات السوشيال ميديا وبعض الصفحات الأخرى، الأمور لا تليق بحرمة الموت والحادث والألم الموجود بالقلوب، والمفروض إننا جميعاً بشر نضمد الجراح بالأفعال الطيبة في مثل هذه المواقف، لكن هناك أناس أثارت الشر وتتحدث عن أكاذيب وإشاعات وكلها غير حقيقية، وفيها شكل من أشكال توجيه التقصير والاتهام للناس، ونحن لا نقبل هذه الأمور في الكنيسة على الإطلاق".