قضية «السد» أهم أولويات القيادة المصرية.. مصر تواجه المراوغات الإثيوبية
السبت، 06 أغسطس 2022 08:00 م
- مصر تواجه المراوغات الإثيوبية بخطاب لمجلس الأمن يطالب أديس أبابا الامتثال لقواعد القانون الدولي ويؤكد الاحتفاظ بالحق الشرعي المصري لضمان وحماية أمنها القومي
مجدداً عاودت إثيوبيا إلى أسلوب المراوغة، وعدم الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه بشأن سد النهضة، مصممة على أن تواصل سياسة العناد، التي تصطدم بكل المواثيق والاتفاقيات الدولية، وأخر ما قامت به أديس أبابا الرسالة التي بعثت بها إلى مصر يوم 26 يوليو الماضي تفيد باستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهو الإجراء الذي ترفضه مصر وتعتبره مخالفة للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على إثيوبيا.
والمؤكد أمام الجميع أن قضية السد الإثيوبي تمثل أهم أولويات القيادة السياسية المصرية، ولن تقبل التنازل عن حقوق مصر المائية مهما تكن النتائج.
نقول ذلك لإننا نقف أمام قيادة إثيوبية ما زالت تسير في نهجٍ أحادي ومتعمد إزاء التعامل مع قضية السد، معتقدة أنها سوف تواصل هذا المشروع إلى ما لا نهاية
كما تريد وغير عابئة بالنتائج السلبية المترتبة على مصر والسودان من جراء هذا النهج المنفرد وضاربة بعرض الحائط الاتفاقات الدولية ومن بينها إعلان المبادئ الملزم للأطراف الثلاثة الموقعة عليه في مارس 2015، وإذا كانت المفاوضات التي استغرقت عقداً كاملاً لم تنجح في التوصل إلى النتائج المرجوة إلا أن الواقع يؤكد أن إثيوبيا هي التي أفشلت المفاوضات.
وفى مواجهة هذا الموقف من جانب إثيوبيا، وجه الأسبوع الماضى، سامح شكري وزير الخارجية خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد، وهو ما يعد مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015 وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب. وقد أشار وزير الخارجية إلى أن مصر قد سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية للتوصل لاتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا قد أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة.
وأكد وزير الخارجية في خطابه إلى مجلس الأمن على أنه مع تمسك مصر بضرورة التوصل لاتفاق حول سد النهضة يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، إلا أن الدولة المصرية لن تتهاون مع أي مساس بحقوقها أو أمنها المائي أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له. وقد دعا وزير الخارجية مجلس الأمن لتحمل مسئولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس والذي يلزم الدول الثلاث بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة.
وشددت مصر على مطالبتها لإثيوبيا بالتحلي بالمسؤولية والامتثال لقواعد القانون الدولي والمبادئ الحاكمة للمجاري المائية عابرة الدول، وفي مقدمتها تجنب الضرر ذي الشأن، وتُحملها كامل المسؤولية عن أي ضرر ذي شأن على المصالح المصرية قد ينجم عن انتهاك إثيوبيا لالتزاماتها المُشار إليها.
وأكدت مصر احتفاظها بحقها الشرعي المكفول في ميثاق الأمم المتحدة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي، بما في ذلك إزاء أية مخاطر قد تتسبب بها مستقبلاً الإجراءات الأحادية الإثيوبية.
وسبق أن أعلنت مصر موقفها الثابت تجاه قضية سد النهضة، بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحفظ الأمن المائي المصري ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، وهو الموقف الذى أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى أكثر من مرة في اللقاءات التي عقدها مع قادة دول العالم، واللافت أن هناك تفهم دولى للمطلب المصرى، وهو ما يظهر من تصريحات وتأكيدات المسئولين الدوليين، وكذلك من البيانات المشتركة التي تصدر في أعقاب هذه اللقاءات، وأخرها البيان الذى صدر في أعقاب لقاء الرئيس السيسى ونظيره الأمريكي جوزيف بايدن على هامش قمة جدة للأمن والتنمية قبل أسبوعين بالسعودية، حيث أشار البيان إلى مناقشة مستجدات قضية سد النهضة، حيث أكد الرئيس السيسى على موقف مصر الثابت من ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحفظ الأمن المائي المصري ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.
وفى البيان الختامي الذى صدر عن قمة جدة للأمن والتنمية التي عقدت بحضور الرئيس الامريكى وقادة دول مجلس التعاون الخليجي فضلاً عن الرئيس السيسي والعاهل الأردني ورئيس وزراء العراق، تم تضمين البيان قرار خاص بالسد الإثيوبي جاء نصه:" بالنسبة لسد النهضة الأثيوبى، عبر القادة عن دعمهم للأمن المائى المصرى، ولحل دبلوماسى يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم فى سلام وازدهار المنطقة. وأكد القادة ضرورة التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد فى أجل زمنى معقول كما نص عليه البيان الرئاسى لرئيس مجلس الأمن الصادر فى 15 سبتمبر 2021، ووفقاً للقانون الدولي".
وفى اعقاب الاجتماع التاسع لمجلس المشاركة بين الاتحاد الأوربي ومصر الذى عقد في بروكسل 20 يونيو الماضى، أكد البيان المصرى الأوروبى المشترك ضرورة التوصل لاتفاق مقبول فى قضية سد النهضة، وأشار البيان إلى أنه "فى ضوء أهمية النيل كمصدر وحيد للموارد المائية والحياة فى مصر فى إطار الندرة المائية الفريدة بها، رحبا الاتحاد الأوروبى ومصر بالبيان الرئاسى لمجلس الأمن حول سد النهضة الإثيوبى الصادر فى 15 سبتمبر 2021 حول التوصل لاتفاق مقبول لدى كافة الأطراف وملزم حول ملء وعملية تشغيل السد. ويعد التوصل لهذا الاتفاق فى أسرع وقت ممكن بمثابة أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي ومصر من أجل حماية أمن مصر المائى ودعم السلام والاستقرار فى المنطقة ككل.
ويظل الاتحاد الأوروبى مستعداً لدعم المفاوضات التى يقودها الاتحاد الإفريقى وممارسة دور أكثر نشاطاً، فى حال كون هذا الدور مفيداً ومرغوباً فيه من جانب كافة الأطراف، عبر إتاحة خبرة الاتحاد الأوروبى الثرية فى إدارة الموارد المائية المشتركة بما يتوافق مع القانون الدولي. فمن خلال الإرادة السياسية ودعم المجتمع الدولى يمكن تحويل هذا النزاع إلى فرصة لكثير من الأشخاص. أن ملايين الأشخاص المقيمين بحوض النيل سوف يستفيدون من اتفاق حول سد النهضة الإثيوبي، حيث سيخلق الاتفاق القدرة على التنبوء، ويفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية فى الطاقة والأمن الغذائى والأمن المائى".
وأكد سامح شكرى وزير الخارجية أن هناك تفهما واسعا من الدول التى زارها الرئيس السيسى لقضية سد النهضة وأهميتها بالنسبة للأمن المائى المصري، والكل متفق على أهمية الوصول لاتفاق قانونى ملزم بشأن تشغيل السد الإثيوبي.