نعم «التونسية» تنهي عشرية الإخوان السوداء
دستور تونس الجديد يعيد هيبة الدولة.. والمشاركة الكبيرة في الاستفتاء رسالة بلفظ الإرهاب
السبت، 06 أغسطس 2022 08:00 ممحمود علي
بات 25 يوليو من كل عام، يوما تاريخيا للدولة التونسية، ولدت فيه الجمهورية الجديدة التي أنهت أي وجود لجماعة الإخوان وحركة النهضة الذراع السياسي لها، بعدما وافق الشعب وبأغلبية ساحقة على الدستور الجديد وبنسبة تقترب من 95%.
ولا تزال تونس، تتعرض للتهديد من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، فرغم ما اتخذته الدولة من قرارات للحد من خطورة حركة النهضة، تحاول الأخيرة بكل الطرق والأساليب بث الفوضى في البلاد عبر الدعوة إلى رفض الدستور وتشويهه، وتنظيم احتجاجات غير سلمية تقود عمل الدولة لإفشال كل الخطوات الديمقراطية التي اتخذتها في سبيل استعادة هيبة الدولة، لكن يرى مراقبون، أن التأييد الشعبي الواسع للدستور التونسي جعل البلاد أمام معادلات سياسية جديدة الخاسر الأبرز فيها تنظيم الإخوان، حيث سينقل هذا الدستور البلاد إلى حكم رئاسي الكلمة فيه أكثر للرئيس ودورا أقلّ للبرلمان.
الدستور الجديد لتونس تضمن 142 مادة، ويرى مراقبون أنه منحه سلطات واسعة لرئيس الدولة خلافا لدستور 2014 سيخفض حالة التناحر والصراع بين أجنحة السلطة الثلاث (الرئاسة والبرلمان والحكومة) والتي شهدتها البلاد بعد ثورة الياسمين عام 2011 ما انعكس على تردي الأوضاع في البلاد.
ويفسر المراقبون الدعم الشعبي الكبير للدستور بأنه طبيعي وجاء نتيجة ما ارتكبته جماعة الإخوان من انتهاكات خلال حكمها، وهو ما دفع المواطنين إلى الموافقة على منح صلاحيات أكثر للسلطات التنفيذية، والحد من دور الأحزاب التي كانت تتحكم في الحياة السياسية.
وجاء اختيار يوم 25 يوليو للتصويت على الاستفتاء على الدستور، بمناسبة الذكرى الأولى لبدء الاحتجاجات المليونية لإسقاط حركة النهضة، وهو الأمر الذى أدى إلى إصدار الرئيس التونسى، قرارات تاريخية بتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه.
وكان الرئيس التونسي اتخذ مجموعة من القرارات الجريئة، استجابة لمطالب الشعب في يوليو من العام الماضي مجمدا عمل البرلمان الذي استولت على قراراته جماعة الإخوان، بموجب سيطرة حركة النهضة وحلفاءها من التيارات الأخرى على الأغلبية.
وجاءت قرارات الرئيس التونسي، برفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب، وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، لتنطلق البلاد نحو مسار جديد أكثر وضوحاً باللجوء إلى صوت الشعب الذي نادي مرارا وتكرارا بضرورة إسقاط الجماعة، بل ومحاسبتها على كل ما ارتكبته من جرائم في حق البلاد خلال العقد الماضي.
ورغم ما لجأت إليه جماعة الإخوان في تونس من أجل عرقلة قرارات الرئيس التونسي، عبر الدعوة إلى العنف والمظاهرات الغير سلمية والتهديد بالاغتيال والتحريض للانقسام، إلا أن السلطات التونسية استمرت في كل ما من شأنه استقرار البلاد، واتخذت إجراءات لقصصة ريش الجماعة حتى لا تكون قادرة على التلاعب بمشاعر التونسيين برفع شعارات واهية كانت قد انتهكتها كثيرا في الفترة الماضية، ومنها إلقاء القبض على عدد من قادة الجماعة المتورطين في التخطيط للعنف.
وفي أواخر العام الماضى مد الرئيس التونسى العمل بالإجراءات الاستثنائية، المنقذة للبلاد من سرطان الإخوان، ما لاقى ترحيبا واسعا من قطاعات الشعب التونسي المختلفة، واستمر في هذا السياق نزول التونسيون بالآلاف في الشوارع للتعبير عن تأييدهم لتحركات الرئيس التونسى قيس سعيد ما يؤكد على المساندة والدعم الواسع لما يتخذه في الحرب الدائرة ضد الجماعة الإرهابية.
وأعادت مظاهر الفرحة التي شهدتها تونس مؤخرا في أعقاب التصويت على الاستفتاء؛ حالة الفرح التي سادت أنحاء تونس، في أعقاب قرارات الرئيس المصيرية في 25 يوليو قبل الماضي، والتي عبرت عن مدى الكبت الذي كان يعيشه التونسيين في عهد الإخوان البائد، الذي لم يشهد يوماً خلال سنوات مضت أي مظاهر للتفاؤل.
ومرت تونس بفترة صعبة، قبل قرارات سعيد المصيرية، فكانت الأخبار جميعها تتحدث عن سوء الوضع الاقتصادي، انهيار في سعر العملة، معدلات الجرائم في ازدياد، ناهيك عن ممارسات الجماعة وأذرعها السياسية والمسلحة ضد الشعب.
وظهر مدى التأييد الشعبي للدستور التونسي الجديد بشكل أكثر، على مواقع التواصل الاجتماعي، كونه يعتبر إنفاذ البلاد من توجه لا يحمد عقباه،
فرغم دعوات الجماعة وحركتها لمقاطعة الاستفتاء وإفساد العرس الانتخابي إلا أن نسب الإقبال الكبيرة على التصويت من قبل المواطنين لفظت الإرهاب، ووصلت رسالة بأنهم لم يعد مرغوب بهم خلال الحقبة الجديدة، فالجماعة التي كانت تسيطر على البرلمان، وسطت على الحكومة لا تهتم بالدولة ولا حدود ولا مواطن ولا ديمقراطية كما تدعي، اعتمدت في قيادتها للسلطة التشريعية والتنفيذية على قمع المواطنين والمعارضة.
فضلا عن ذلك شهدت تونس في عهد الجماعة مساوئ عدة في الملف الاقتصادي، الذى كان له أبلغ الأثر على المواطن، وتسببت سياسات وممارسات الإخوان في تونس وفق الكثير من المتابعين والباحثين؛ في سوء المؤشرات الاقتصادية على جميع الأصعدة، حيث ارتفعت الأسعار، والبطالة، والدين الخارجي والداخلي، فضلا عن ارتفاع عجز الميزانية والتضخم، ويشير هؤلاء بأصابع الاتهام إلى حركة النهضة ونوابها بالبرلمان التابعين للإخوان كونهم كانوا أحد الأسباب الرئيسية في عدم الاستقرار السياسي والحكومي.
وانتقلت تونس في عهد الإخوان من مرحلة الاضطراب الجزئي في الكثير من المجالات والملفات إلى الشلل العام، بعد أن استخدمت الجماعة وحركتها النهضة كل الأساليب حتى الغير شرعية من أجل تحقق مصالحها ومصلحة حركتها فقط، مرتكبة الكثير من الانتهاكات التي عبث بأمن البلاد داخليا وخارجيا، دون النظر إلى تأثير ممارستها على الأمن القومي للبلاد.
وفي خطاب للرئيس التونسي إثر تصويته على الاستفتاء، انتقد قيس سعيد جماعة الإخوان وحركة النهضة، قائلا: "ليسوا من هذا الشعب، الوطن خانوه، وباعوه ورهنوا البلاد إلى أطراف خارجية، ويطالبون الشعب بعدم التعبير عن إرادته".
وأضاف:" نحن أمام خيار تاريخي وللشعب التونسي أن يكون في الموعد مع التاريخ ولا يترك هؤلاء الذين يحرقون الغابات ويوزعون الأموال حتى لا يتوجهوا لصناديق الاقتراع"، مشيرا إلى أن السلطات الأمنية أوقفت، الأحد، شخصا يوزع أموالا للتأثير على إرادة الناخبين، وأكد أن "نعم، تعني إنهاء عشرية الإخوان السوداء التي عاثت فسادا في البلاد وعبثت بمصالح التونسيين، ووقف توظيف الدين في السياسة، ومن ثم فتح آفاق جديدة للشعب وللدولة".