مصر الحافظة للهوية العربية الجامعة
السبت، 23 يوليو 2022 05:23 م
تعمل مصر دائما على دعم الأمن القومي العربي بمعناه الشامل وأبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية
يتأثر مستقبل الأمة العربية بحاضر مصر لا مستقبلها
هناك من الأقدار ما لا يد لنا فيها ولا نملك تغييرها بأي حال من الأحوال، تمام كما هو قدر مصر التي كتب عليها أن تكون محور المنطقة، عليها واجبات ومسئوليات تجاهها أشقائها في الهوية والموقع الجغرافي.
كتب الله على مصر أن تتحمل أمانة ثقيلة، وهي مسئولية تجاه أشقائها العرب باعتبارها الكبرى لهم جميعاً.
لم تعش مصر يوماً بمعزل عما يدور حولها من أحداث في المنطقة العربية، فالشعب المصري جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، يربطها على المستوى الشعبي والرسمي بكافة الدول العربية هو ارتباط تاريخي وحضاري وثقافي، رباط أخوة ومصالح مشتركة لا ينفك أبداً، ولا يؤثر فيه منغصات تفرضها الأحداث وتغير الحكام.
يتأثر مستقبل الأمة العربية بحاضر مصر لا مستقبلها، فإن كان الحاضر خيراً لمصر فهو خير لمستقبل الأمة كلها.
تعمل مصر دائما على دعم الأمن القومي العربي بمعناه الشامل وأبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية انطلاقًا من الإيمان المصري بأن الأمن القومي لكل دولة عربية على حدة لن يتحقق إلا في إطار الأمن القومي العربي، والعمل على تعزيز التضامن بين الدول العربية وتسوية المنازعات القائمة بينها ودياً.
عملت مصر منذ سنوات على عودة الاستقرار لسوريا الحبيبة والعمل على سلامة ووحدة أراضيها بعد الأزمات التي دخلت فيها البلاد هناك منذ عام 2011، بالإضافة للدور المحوري المصري لحل الأزمة الليبية وإعادة الفرقاء الليبيين لطاولة الحوار والتوصل لحل شامل يعزز الهدف الأسمى وهو عودة ليبيا إلى مكانتها الطبيعية ووحدة ترابها، بالإضافة لدور مصر لحل الأزمة الإنسانية في اليمن.
خلال جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة، كان له كلمة مهمة خلال مشاركته بالقمة العربية الأمريكية التي تعارف عليها بقمة جدة، التي شارك فيها عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، وكل من مصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية.
وكان للرئيس عدة رسائل مهمة خلال كلمته التي ألقاها مؤكداً على أنها تقام في لحظة استثنائية من تاريخ العالم والمنطقة العربية لتحمل دلالة سياسية واضحة .
وركز الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته على موضوع في غاية الأهمية وهو الهوية العربية الجامعة، التي كان حريصاً عليها من أول يوم تولى فيه أمور البلاد، وأشار الرئيس ضمن حديثه عن الهوية العربية الجامعة، أنه لم يعد مقبولاً أن يكون من بين أمتنا العربية من هو لاجئ أو نازح او متضرر من ويلات الحروب والكوارث أو فاقد للأمل من غد أفضل، مشيراً إلى أنه قد حان الوقت لكي تتضافر جهودنا المشتركة لتضع نهاية لجميع الصراعات المزمنة والحروب الأهلية طويلة الأمد.
حفاظاً على هذه الهوية العربية الجامعة، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً وتكراراً ومنذ سنوات طويلة، ضرورة أن تحل أزمات الدول العربية التي واجهت صراعات مسلحة وانقسامات عدة بين طوائفهاً بالسلم لا بالحرب، بأن تحل من الداخل دن تدخل من أي قوى خارجية، أن يكون الحل بالتفاوض لا بالتصارع.
رفض الرئيس منذ أول يوم له في حكم مصر، التدخل في شئون الدول الأخرى بأي شكل من الأشكال، محذراً من أن بعض الأطراف الخارجية تستغل الظروف التي مرت بها دول عربية للتدخل فى شؤونها أو لاستقطاب قسم من مواطنيها بما يهدد الأمن القومي العربي.
يعرف الرئيس حق العرفة التحديات التي مرت بها هذه الأمة منذ نشأة جامعتها، وقال في هذا السياق نصاً: «عانت أمتنا العربية من المحن والنوازل منذ إنشاء جامعتها، ما بين الكفاح من أجل تحرير الإرادة الوطنية أو للتخلص من الاستعمار أو الحروب التي خاضتها دفاعاً عن حقوقها، وبين تداعيات المشكلات الاقتصادية الخارجية والداخلية، لكن هذه الأمة وفى أحلك الظروف لم يسبق أن استشعرت تحدياً لوجودها وتهديداً لهويتها العربية كالذي تواجهه اليوم على نحو يستهدف الروابط بين دولها وشعوبها، ويعمل على تفكيك نسيج المجتمعات في داخل هذه الدول ذاتها والسعي إلى التفرقة ما بين مواطنيها وإلى استقطاب بعضهم وإقصاء البعض الآخر على أساس من الدين أو المذهب أو الطائفة أو العِرق، تلك المجتمعات التي استقرت منذ مئات السنين وصهرها التاريخ في بوتقته ووحدتها الآمال والآلام المشتركة، وسواءٌ اكتسى ذلك التهديد رداء الطائفة أو الدين أو حتى العِرق وسواءٌ روجت له فئة من داخل الأمة أو أقحمته عليها أطراف من خارجها بدعاوى مختلفة، فإن انتشاره سوف يكسر شوكة هذه الأمة وسوف يفرق جمعها، حتى تغدو فى أمد قصير متشرذمة فيما بينها ومستضعفة ممن حولها بسبب انهيار دولها وشدة انقسامها على ذاتها».
وأكد الرئيس أن ذلك التحدى الجسيم لهوية الأمة ولاستقرار مجتمعاتها ولطبيعتها العربية الجامعة، يجلب معه تحدياً آخر لا يقل خطورة، لأنه يمس الأمن المباشر لكل مواطنيها وهو الإرهاب والترويع، الذى يمثل الأداة المُثلى لهؤلاء الذين يروجون لأي فكر متطرف كى يهدم كيان الدول ويعمل على تقويضها.
أكد الرئيس على أهميةِ دورِ المؤسساتِ الدينية في التصدي للفكرِ المتطرف، لأن من يسير فى طريقه الوعر سينزلق حتماً إلى هاوية الإرهاب، ما لم يجد سبيلاً ممهداً لصحيح الدين، وإننا فى أمَس الحاجةِ إلى تفعيلِ دورِ مؤسساتِنا الدينيةِ بما يعزِّزُ الفهمَ السليمَ لمقاصدِ الدينِ الحقيقيةِ من سماحةٍ ورحمةٍ، إننا فى أمس الحاجةِ إلى تنقيةِ الخطابِ الدينى من شوائبِ التعصبِ والتطرفِ والغُلُوِّ والتشدُّد، لتتضح حقيقة الدين الإسلامى الحنيف واعتداله، والأملُ معقودٌ فى ذلك على كافةِ المؤسساتِ الدينية فى الدولِ العربية.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن تأسيس قوة عربية مشتركة للحفاظ على الهوية العربية لا يعد مساسًا بحق أي دولة، مشيرًا إلى أنه لابد من أدوات للعمل العربي العسكري، لمواجهة التحديات الراهنة.
ورحب السيسي خلال افتتاح مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بالقرار الذي بحثه وزراء الخارجية العرب لتأسيس قوة عربية مشتركة لمواجهة تحديات الأمن القومي العربي.