"كيره والجن".. فيلم للتاريخ والعالمية
السبت، 16 يوليو 2022 11:50 م
3 سنوات مهدت لوجبة الثقافة والتاريخ والمتعة غير المسبوقة ترجمت لإيرادات عالية
كريم عبد العزيز وأحمد أثقلا العمل بموهبتهما.. هند صبري أبدعت في تجسيد شخصية الصعيدية الثائرة على كل التقاليد والإنجليز
3 سنوات هم عمر العمل المصري الرائع "كيرة والجن"، الذي عرض في دور السينما خلال عيد الأضحى المبارك، وحقق إيرادات غير مسبوقة في السينما المصرية.
يبقى قيمة أي عمل فني في أنه يقدم للجمهور تسلية مصحوبة برسالة تضع يدها على عيب في المجتمع وحلول لهذا العيب، أو تقدم وجبة توعوية ثقافية تحت غلاف التسلية.
في كيرة والجن، ستجد كل ما تبحث عنه في مدة تمني النفس ألا تنتهي أبداً، ستجد قصة تاريخية تستعرض فترة قرأنا وسمعنا عنها الكثير والكثير، ولكن مؤلف ومخرج العمل اختار حدوته بعينها ليسلط الضوء عليها ويعرض من خلالها ملامح مهمة من هذه الفترة.
الجمع بين كريم عبد العزيز وأحمد عز في عمل واحد ليس الأمر الأوحد الذي يميز العمل المتوقع منه أن يكسر أرقاماً قياسية كثيرة خلال مدة عرضه بدور السينما في مصر وخارجها.
الفيلم يستلهم روح المقاومة الشعبية للمصريين ضد الاحتلال الانجليزي وهي مستوحاة من قصص حقيقية لأبطال قاوموا الإنجليز، فتدور الأحداث إبان ثورة 1919 مع تصاعد المقاومة الشعبية في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي.
من خلال شخصية الطبيب أحمد كيرة الذى أداه الفنان الكبير كريم عبدالعزيز الذي كان والده أحد المحكوم عليهم بالإعدام في حادثة دنشواي الشهيرة عام 1906، وقرر منذ ذلك الوقت أن ينتقم من الإنجليز ويعمل في سرية، بينما يظهر للإنجليز وللمقربين له بما فيهم زوجته أنه موال لهم.
والشخصية الثانية هو عبد القادر الجن الذى قدمه الفنان أحمد عز الذي يتاجر في معسكر للإنجليز ويتعاطى الهيروين ويدمن الكحول، لكن حادث مقتل والده «أحمد كمال» جعله هو الآخر ينضم إلى المقاومة، ومعهما العديد من الشخصيات يجتمعون على مقاومة المحتل، منهم امرأة مسيحية دولت فهمي هند صبري ضمن خلية المقاومة، وكذلك رجل يهودي ابن عائلة ثرية إبراهيم أحمد مالك ومعهم الهلباوي سيد رجب وآخرون.
الفيلم يصنف على أنه من الأفلام الضخمة على مستوى الإنتاج والإخراج والتصوير والموسيقى والأزياء، فكان مبهرا بالفعل ونجح المخرج مروان حامد في تقديم نوع مختلف عما قدمه في أفلامه السابقة، فهو مخرج متمكن من أدواته بالتأكيد، وشكّل مع كاتب الفيلم ثنائيا رائعا وساعده أيضا وجود مدير تصوير متمكن موهوب برع في تصوير أحداث الفيلم بما فيها مشاهد الأكشن من مطاردات وتفجيرات ومعارك، بالإضافة إلى مشاهد الرومانسية التي جمعت بين الجن ودولت ومن فوقهما المشاهد التي جمعت بين كيرة والفتاة الإنجليزية.
نجح كريم عبدالعزيز، المتألق دائما مع المخرج مروان في تقمص شخصية كيرة بشكل كبير لينجح في الانتقال بأدائه من مشاهد الغضب والعنف إلى مشاهد الحب والرومانسية، وقدم أحمد عز شخصية الجن أيضا مدمن الخمور متعدد العلاقات النسائية، ونجحت هند صبري في تجسيد شخصية الفتاة المسيحية المقاومة للاحتلال بقوة والعاشقة في الوقت نفسه، وتفوقت هند على نفسها في تجسيد شخصية دولت فهمي رغم أن حواراتها كانت قليلة لكن عينيها كانتا معبرتين بقوة عن كل المشاعر التي مرت بها، وأضاف سيد رجب بأدائه كثيرا لشخصية «الهلباوي» الخائن لزملائه، وقد اختير له اسم الهلباوي إسقاطا على اسم المحامي المصري الخائن الذي دافع عن الإنجليز في حادثة دنشواي، ومن المجيدين في هذا العمل الممثل الإنجليزي سام هزلدين الذي جسد شخصية المحقق الإنجليزي هارفي ببراعة.
ومن جانبها قالت الفنانة هند صبري عن دورها في الفيلم إن دولت فهمي تعتبر رمزا للحركة النسوية في مصر، وهي أول من قادت حركة التحرر للمرأة التي انطلقت بعد ذلك في العالم العربي، وأكدت أنه من المغري جدًا لأي ممثل أن يقدم شخصية ليس لها مرجعية قبل ذلك، فدولت فهمي ولدت في بيئة لم تحضر فيها لكي تكون دولت فهمي، فمن الطبيعي والسائد أن تكون مثل إبنة خالتها أو قريبتها فتاة صعيدية محافظة على التقاليد، ولكنها ثارت على كل تلك التقاليد وثارت ضد الانجليز، وقدمت ما هي مؤمنة به حتى دفعت ثمنها في النهاية.
وأردفت: «انبهرت بالشخصية ولم تكن هناك مصادر كثيرة للفيلم سوى كتاب للكاتب الصحفي مصطفى أمين، ومروان حامد وأحمد مراد كانا لهما دورًا كبيرًا معي في التحضير للشخصية، فهي شخصية مبنية من الورق، فأنا لدي بنتين لا يعرفون دولت فهمي، لكنها تعتبر جدة لهم، فيجب أن يعرف بنات الجيل الجديد أن هناك سيدات مهدت لهم طريق الحرية بعد ذلك».
تُعد دولت فهمي واحدة من المناضلات ضد الاحتلال الإنجليزي، وُولدت بالمنيا في صعيد مصر أواخر القرن ما قبل الماضي، ولكنها سافرت للقاهرة للعمل في مدرسة الهلال الأحمر للبنات، واشتركت في التنظيم السري لمجابهة الإنجليز، حيث كانت تقوم بطباعة وتوزيع المنشورات، واشتركت في انطلاق المظاهرات الأولى الرافضة للاحتلال البريطاني والمطالبة برحيله، كما كان لها دور مع هدى شعراوي وقت الثورة، والانطلاقة الأولى لتحرير المرأة في ذلك الوقت.
كُلفت دولت فهمي من قبل التنظيم السري للثورة بالاعتراف على نفسها، أن الشاب عبدالقادر الجن، عشيقها لإنقاذه، وأنه كان يبيت في منزلها في الليلة التي سبقت تنفيذه لعملية اغتيال محمد شفيق وزير الأشغال والحربية والزراعة، وبالفعل وافقت على هذا الأمر، بالرغم من خطورة هذه الشهادة على سمعتها، ولكنها دفعت ثمن تلك الشهادة بروحها، حيث علم شقيقها بالأمر وجاء إلى القاهرة، وأخذها إلى قريتها في المنيا بحجة أن والدتها مريضة، وهناك قتلها ليغسل عاره.
وكشف النجم كريم عبد العزيز عن أكبر عقبة واجهته ونجوم الفيلم أثناء التصوير، خاصة أن العمل استمر تصويره 3 سنوات كاملة، وصرح لبرنامج كلمة أخيرة قائلا: "فيلم سينمائى حتى النخاع، وأشكر سينيرجى على إنتاجه رغم وباء كورونا، وكان التحدى خلال الثلاث سنوات هو الحفاظ على الشخصية دون زيادة فى الوزن أو الشخص معربا عن سعادته بأن مصر باتت تنتج أفلاما بهذا الحجم والجودة".
وقال النجم أحمد عز عن دوره في الفيلم: «الانتظار كان صعب جدا، لأن كريم عبد العزيز مطالب يحافظ على شكله ووزنه وهيئته طول الفترة دي، وكذلك كل الأبطال، لكن ده الجانب الأسهل، لكن الأصعب إنك ترجع بنفس الأحاسيس والمود، وكريم مثلا يكون عنده مسلسل الاختيار، وهند صبري وأنا عندنا أعمال تانية».
وتابع : «وجود مروان حامد ساعد جدا، لإنه زي الشخص اللي خلص مذاكرة وبيراجع طول الوقت، ودايما حاطك على التراك المظبوط، وأحمد مراد كتب الشخصيات بطريقة من وهي على الورق عارفين أحاسيسها».