الأحزاب والقوى السياسية تنهي استعداداتها قبل انطلاق أولى جلسات الحوار الوطني
السبت، 25 يونيو 2022 07:24 م سامى سعيد
سياسيون: القدرة على إدارة التنوع إحدى ظواهر صحة بنيان الدولة المصرية.. ضياء رشوان: حجم الاستجابة فاق كل التوقعات ولا يوجد كيان واحد رفض الدعوة
مع اقتراب موعد عقد أولى جلسات الحوار الوطنى الشامل الذى سبق واطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال إفطار الأسرة المصري يوم 26 إبريل الماضى، حيث حددت إدارة الحوار الوطنى، الأسبوع الأول من يوليو المقبل موعداً لعقد أولى هذه الجلسات، واصلت الأحزاب والقوى السياسية والحزبية، وكذلك الحقوقيين حواراتهم الداخلية، تمهيداً لطرح الرؤى النهائية الخاصة بالقضايا التي سيتم طرحها للنقاش.
وتزامن ذلك مع مواصل الافراج عن المئات من المحبوسين سواء صدر ضدهم أحكام نهائية في قضايا الرأي أو قيد الحبس الاحتياطي، والتي جاءت ضمن رؤية جديدة للدولة المصرية وانفراجه في المجال العام، حيث أكد طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، أنه سيصدر خلال أيام قائمة جديدة للمحبوسين على ذمة قضايا الرأي بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو، كما سيتم خروج دفعة آخرى قبل حلول عيد الأضحى المبارك.
وأكد عدد كبير من الأحزاب والشخصيات السياسية ومؤسسات الإعلامية، بمختلف توجهاتها السياسية، تقديم رؤيتها إلى الاكاديمية الوطنية للتدريب كان آخرهم، الحزب العربي الديمقراطي الناصري برئاسة المهندس محمد النمر، رئيس الحزب، حيث قدم رؤية الحزب بشأن محاور الحوار، كما كشف عدد من الحقوقيين والسياسيين عن أولوياتهم من الحوار، مؤكدين أن الدعوة للحوار الوطني جاءت لتؤكد أن الدولة المصرية عازمة على المضي قدما نحو مشاركة أكثر فعالية لكل القوى والتيارات في بناء الجمهورية الجديدة.
من جانبه أكد الكاتب الصحفي ضياء رشوان نقيب الصحفيين والمنسق العام للحوار الوطني، إن حجم الاستجابات لدعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني فاق كل التوقعات حتى القائمين على تنظيم الحوار، موضحاً أن الحوار يستهدف أن كل من لديه رؤية أو رأي مختلف مع آخر سواء في الحكم أو في المعارضة أن نسمع بعضنا من أجل التوافق، والمستثنى من المعارضة فقط من تلوثت يداه بالدم مباشرة أو كمحرض أو كشريك طبقا لقانون العقوبات، الذي يعتبر كفاعل أصلي في الجريمة.
وأكد رشوان أن الخريطة المصرية السياسية المعلنة لا يوجد بها قوى سياسية واحدة سواء حزبية أو نقابية أو عمالية أو مجتمع مدني، مشيرا إلى أنه لا يوجد كيان واحد في مصر رفض دعوة الحوار الوطني، لافتا إلى أنه لا توجد عقبات كبرى حتى الآن تواجه انعقاد الحوار الوطني، وقال "إن كل من يتصور أن حوارا بهذا الاتساع وهذا الحجم وهذه القوى المتنوعة من الممكن أن ينتهي التشاور فيه في ساعات أو أيام قليلة يحلم حلما غير واقعي، ولكن نؤكد مرة أخرى أن الجدية هي من تسود جميع المشاورات على مدار الساعة".
وكشف عدد من الحقوقيين والسياسيين عن أولوياتهم من الحوار، مؤكدين أن الدعوة للحوار الوطنى جاءت لتؤكد أن الدولة المصرية عازمة على المضى قدما نحو مشاركة أكثر فعالية لكل القوى والتيارات فى بناء الجمهورية الجديدة.
وقالت السفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الحوار يفتح المجال أمام بناء ثقافة داعمة لحقوق الإنسان خاصة حقوق الفئات الأقل حظا، ويرسى أقوى دعائم الجمهورية الجديدة التى تحترم حقوق بناتها أو أبنائها دون أى تمييز بسبب الجنس أو الدين أو السن أو الإعاقة أو الموقع الجغرافى أو المركز الاجتماعى.
وأعرب عبد المنعم الجمل نائب رئيس اتحاد العمال عن امله في أن يكون الحوار الوطنى آلية دائمة ومستمرة، وقال أنه من الضروري ألا يتوقف الحوار عند الموضوعات السياسية فقط، بل يتناول كافة الملفات، وهو ما أكده أيضاً الدكتور حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذى قال أن ما نحتاجه بالفعل الآن هو حوار مختلف يناقش جميع التحديات والقضايا برؤى وأفكار مختلفة، انطلاقا من التأكيد أن الدولة القوية هى التى تؤمن بتعدد الآراء وتنوعها وتتحمل الاختلاف وتعتبره مصدر قوة ونقطة إيجابية لخلق مناخ صحى وحلول واقعية لتحدياتنا.
وأكد الدكتور القس أندرية زكى رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، أن القدرة على إدارة التنوع إحدى ظواهر صحة بنيان الدولة المصرية، وتؤسس لحوار وطنى سياسى مبدع، مثمنا قرار الرئيس فى استكمال تنفيذ خطة الحماية الاجتماعية للتحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى حتى نهاية العام الجارى والذى تشارك فيه الهيئة القبطية الانجيلية مع 22 جمعية ومؤسسة أهلية، بالإضافة إلى الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الاهلية والتى تعمل فى مختلف مجالات التنمية الخدمية والصحية والتوعوية والتعليمية والعمرانية وغيرها.
وقالت فيبى فوزى وكيل مجلس الشيوخ، إن تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على إقامة حوار سياسى مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز و تشديده على إعداد تقرير واف حول مخرجات الحوار وعرضه عليه، يؤكد ما تحمله المرحلة القادمة من الانفتاح على مختلف القوى السياسية.
من جهة أخرى كشفت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدور المأمول لمنظمات المجتمع المدنى في الحوار الوطني، وقال الدراسة أن إطلاق الحوار الوطنى الشامل بمثابة دفعة نحو تماسك الجبهة الداخلية من جهة، ونقلة نوعية ومرحلة جديدة منتعشة للمجتمع المدني في مصر من جهة أخرى، خاصة بعد القانون رقم 149 لسنة 2019 المنظم لعمل منظمات المجتمع المدني، وإطلاق الرئيس السيسي، عام 2022 عام المجتمع المدني خلال مؤتمر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والذي أكد من خلاله أهمية شراكة الدولة مع المجتمع المدني في أكثر من موضع، لافتة إلى أن المجتمع المدني يعد مجموعةٍ من التنظيمات والمؤسسات التطوعية المستقلة ذاتيًّا، غير الربحية، التي تمارس عملًا محددًا ينطلق من قواعد فكرية محددة وفق رؤية محددة، ومرتبط بتحقيق منافع ومصالح للمجتمع ككل، أو لبعض الفئات المهمشة التي لا تحظى بالاهتمام المطلوب، مشيرة الى أن الأعوام الأخيرة شهدت تزايدًا مستمرًا في أعداد الجمعيات الأهلية في مصر، فقد بلغ عدد الجمعيات الأهلية المسجلة في وزارة التضامن الاجتماعي عام 2012 قرابة 37.500 ألف جمعية أهلية، وظل العدد في الارتفاع حتى بلغ 43.500 ألف جمعية ومؤسسة أهلية في عام 2013، وفي عام 2019، ازداد العدد إلى 52.500 ألف جمعية، وفي مطلع عام 2021، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي أن مجموع الجمعيات الأهلية المسجلة في مصر قد وصل إلى 57.500 ألف جمعية ومؤسسة، وهو ما يعكس اهتمام القيادة السياسية في السنوات الأخيرة بالمجتمع المدني، وهو ما بلوره الرئيس خلال مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
ورصدت الدراسة الدور المأمول لمنظمات المجتمع المدنى في الحوار الوطني، منها تنظيم الصفوف الداخلية، وقالت أن على منظمات المجتمع المدني إقامة حوار بيني فيما بين المنظمات؛ لتوحيد الصفوف، والوقوف على القضايا ذات الأولوية التي يجب أن يتضمنها الحوار الوطني، إضافة إلى إعادة تنظيم دور المجتمع المدني بما يتوافق مع الأجندة التنموية للدولة، فضلاً عن التنسيق والشراكة من خلال إيجاد آلية للتواصل والتنسيق بين المنظمات والجهات ذات العلاقة وخاصة الحكومية، والسعي إلى إقامة علاقات شراكة ما بين المنظمات، خاصة تلك التي تعمل في نفس الاتجاه؛ لتجنب ازدواجية العمل وهدر الطاقات، إضافة إلى إعداد قاعدة بيانات مشتركة لتوحيد الجهود وتكاملها وضمان عدالة التوزيع.
وأشارت الدراسة إلى بدء منظمات المجتمع المدني في تصحيح الصورة الذهنية السلبية المتراكمة لدى المواطن المصري تجاه تلك المنظمات؛ من خلال عمل استراتيجية إصلاح متكاملة لمنظمات المجتمع المدني، وإعادة بناء جسور الثقة بينها وبين الدولة من جهة والمواطن من جهة أخرى، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان عن طريق التشارك بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق الأهداف المنشودة من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إضافة إلى تعزيز وتنمية القدرات الموسمية للجمعيات الأهلية، وعقد الشراكات مع المجتمع المدني في أكثر من مجال حقوقي.
وقالت الدراسة أن منظمات المجتمع المدني يمكن أن تلعب دورًا مهمًا وإيجابيًا في توجيه الطاقات الشبابية نحو الإسهام الحقيقي في التنمية، وتكوين كوادر شبابية قادرة على العمل الجماعي والتطوعي، مما يسهم في إفراز قيادات شبابية قادرة على ممارسة أدوار سياسية واقتصادية واجتماعية، فضلاً عن ان هذه المنظمات تكتسب مصداقيتها من الحياد السياسي الذي يفرضه عليها القانون، كما أن التمسك بالحيادية السياسية يمكن أن يكون عاملًا إيجابيًا في قدرتها على المشاركة في الحوار الوطني والتواصل مع كافة أطرافه.