الإعدام فى العلن مقابل جرائم العلن
الأربعاء، 22 يونيو 2022 06:06 م
أتذكر أنه فى تسعينات القرن الحالى حدثت جريمة بشعة هزت المجتمع المصري ككل، حين قام بعض العمال بقتل سيدة وأطفالها بعد قيامهم بإجراء بعض التشطيبات الخاصة بشقتها في منطقة مدينة نصر، وكانت السيدة تعطف عليهم كما جاء فى اعترافاتهم لاحقا، إلا أن الطمع أعمى أعينهم وأنساهم جميلها وحسن معاملتها لهم، وقرروا إزهاق روحها دون رحمة بدافع السرقة.
ولا أنسى إلى يومنا هذا يوم تنفيذ حكم إعدامهم ولقاءات الكاميرا معهم قبيل تنفيذ الحكم، ونظراتهم وحالة الرعب والخوف التى بدت عليهم من الإعدام الذى تفصلهم عنه دقائق، وتصريحاتهم بالندم على ما فعلوه فى حق تلك السيدة وما اقترفوه من ذنب تسبب فى دمار أسرة، وسيفضى بهم إلى الموت، فضلا عن الفضيحة التى سيتركوها لأسرهم والتى ستلاحقهم مدى الحياة.
تنفيذ حكم الإعدام كان علنى على الهواء نقلته كاميرا التليفزيون فى بث مباشر، وبحسب ما أتذكر أننا لم نسمع بعدها عن جريمة مشابهة لسنوات طويلة، حيث أن رؤية العقاب تعد رادعا قويا لكل من تسول له نفسه القيام بفعلة مشابهة لتأكده أنه قد لا يفلت منها بسلام.
وبعد الجريمة البشعة التى راحت ضحيتها شابة دون ذنب اقترفته، وطعنها ونحرحها بدم بارد فى وضح النهار ووسط حشود من البشر، وبعد صدمتنا بسبب المشهد المؤلم الذى انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى وأدمى قلوبنا، والذى تناقله عدماء الرحمة والضمير ممن قاموا بتصويره ونشره، أعتقد أنه قد آن الأوان لأن يصبح تنفيذ حكم الإعدام فى مثل تلك الجرائم علنى، وأن يشاهده الجميع بأم أعينهم، فبعد أن أصبحنا نشاهد تفاصيل الجرائم، ونرى مناظر مؤلمة للضحايا وهم غارقون في دمائهم، فالأولى بنا أن نشاهد القصاص من القتلة والمجرمين أيضا، وهو ما سيشفى غليل ذوى الضحايا وغليل المجتمع بأكمله، فليس من المنطقى أن يدب الخوف والرعب في قلوب المواطنين بمشاهدة ومعرفة تفاصيل تلك الجرائم، وفى المقابل يتم القصاص فى السر مراعاة للمجرم وذويه، أو حتى امتثالا لبعض القوانين الدولية التى لا تناسب ظروف جميع المجتمعات .
جريمة قتل طالب لزميلته لم تكن الأولى ولن تكن الأخيرة مالم تكون هناك سرعة فى القصاص وعلنية أثناء التنفيذ.
وكما تطالعنا البرامج يوميا على الجرائم والمشاهد المؤلمة، واللقاءات المحزنة مع أهالى الضحايا مما يعطى شعورا عاما أننا أصبحنا نعيش فى غابة، فلتنقل لنا أيضا تلك البرامج نهايات المجرمين ولحظات القصاص منهم، ولقاءات مع ذويهم للتأكيد على أننا فى دولة يحكمها القانون، وكى يتذكر كل من تسول له نفسه القيام بأفعال مشابهة تلك المشاهد، ويستعيد مناظر إعدام من سبقوه، وليتأكد أنه لن ينجو بفعلته وأن نهايته ستكون مماثلة لنهاية كل مجرم، وأنه لن يجنى سوى العقاب في الدنيا والآخرة والسمعة السيئة التى سيتركها لأهله من بعده.
أتمنى من كل قلبى أن يلقى المقترح قبولا لدى الجهات المسؤولة خاصة فيما يتعلق بالجرائم العلنية البشعة كقتل طالبة المنصورة، وطعن قس الإسكندرية وغيرها من الجرائم المشابهة التى تسببت فى ترويع المجتمع، وبث حالة من السخط والحزن والخوف والأسى فى قلوب المواطنين، وحينها فقط "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".