زيت الطعام المستعمل قنبلة موقوتة تسبب السرطانات.. وأخصائي صحة المجتمع بوزارة الصحة يكشف: السر في "مادة التبييض"

الأربعاء، 08 يونيو 2022 08:40 م
زيت الطعام المستعمل قنبلة موقوتة تسبب السرطانات.. وأخصائي صحة المجتمع بوزارة الصحة يكشف: السر في "مادة التبييض"
زيت الطعام المستعمل
ريهام عاطف

على حساب صحة المواطن المصري، ما زالت مافيا شراء الزيت المستعمل وإعادة تدويره وبيعه من جديد تهدد المجتمع خاصة مع تزايد الأسعار المعروضة لشرائه، والتي تبدأ من 12 جنيها لتتجاوز في بعض الأحيان 20 جنيها.
 
وفي تحقيق سابق بعنوان "سرطان في الزيت الدوار" كشفت "صوت الأمة" عن شبكات السماسرة الذين يقومون بجمع زيوت الطعام المستعملة لصالح شركات ومطاعم تعيد استخدامها ومصانع صابون تحت بير السلم، ليكون الباعة "السريحة" والفيس بوك هما وسيلة التواصل مع ربات البيوت والمطاعم، وهو ما ترتب عليه شن العديد من الحملات الأمنية للسيطرة على الباعة الجائلين وأيضا سحب الكثير من الزيوت غير المطابقة للمواصفات القياسية والتي تباع بدون الحصول على التصاريح الخاصة بها، خاصة من داخل الأسواق الشعبية.
 
براميل زيت مستعمل
براميل زيت مستعمل
 
وتواصل "صوت الأمة" كشف المزيد من الحقائق عن شراء وبيع زيت الطعام المستعمل وكيف يتم غشه وإعادة تدويره وبيعه على أنه زيت طعام نقي.
 
جمع زيت الطعام المستعمل
مشهد لم يعد غريب من جانب المواطنين الذين اعتادوا على الاستماع ومشاهدة السيارات النصف نقل المصحوبة بمايكرفون وهي تجوب الشوارع والحارات لتطلب من كل "ست بيت" عدم التخلص من الزيت المستعمل في الأغراض المنزلية، والاحتفاظ به لشرائه ومع كل يوم يتم زيادة سعر الشراء الذي أصبح يتراوح ما بين 12 إلى 25 جنيها وذلك طبقا للكمية ليتم اتخاذ صفحات الفيس بوك أيضا وسيلة للتواصل مع راغبي بيع الزيت المستعمل خاصة أصحاب الكميات الكبيرة وذلك بحجة الحفاظ على البيئة.
 
زيت علي الفيس
زيت علي الفيس
ففي بداية الظاهرة تم إطلاق شائعات على أن زيت الطعام المستعمل يتم إعادة استخدامه كزيت للعربيات بعد إعادة تدويره أو لصناعة الصابون إلا أن الحقيقة غير ذلك، لأنه يتحول لقنبلة موقوتة تسبب السرطانات داخل كل منزل، بعد أن يجري بيعه لمحلات الفول والطعمية والأسماك والتي غالبا ما تقوم بشراء زيوت مجهولة المصدر ورخيصة الثمن لتقوم باستخدامها من جديد، كما يتم أيضا أعاده تدويره من جديد وبيعه بسعر زهيد خاصة في المناطق الشعبية.
 
شراء الزيت علي الفيس بوك
شراء الزيت علي الفيس بوك
مخاطر اعاده استخدام الزيت المستعمل 
ولأن الزيت من أكثر المواد الغذائية استخداما، وفي نفس الوقت يكون هناك صعوبة في التخلص منه، هو ما جعل الكثير من المواطنين يلجأون لبيعه، دون الالتفاف لمخاطرة فإعادة استخدام زيت الطهي سامة للغاية ومضرة للصحة وذلك وفقا لما نشره موقع "pinkvilla" عن الآثار الصحية الضارة المرتبطة باستخدام زيت الطهي المستخدم حيث تتسبب في أمراض القلب والاضطرابات المعرفية، وذلك لأنه عندما يتم تسخين الزيت المستخدم بالفعل مرة أخرى، فإنه يخرج تركيزًا أعلى من المواد الكيميائية السامة التي ترتبط بمواطن الخلل الصحية المتعددة مثل الأمراض المرتبطة بالقلب والمشاكل الإدراكية مثل الخرف ومرض الزهايمر ومرض باركنسون، كما أن هناك مادة سامة أخرى يتم إطلاقها عند إعادة تسخين الزيت وهي 4-hydroxy-trans-2-nominal (HNE) وهي مادة سامة جدًا للجسم ويمكن أن تعرقل وظائف الجسم لـ DNA و RNA والبروتينات.
زيت مستعمل
زيت مستعمل
 
بالإضافة لذلك يتسبب أيضا في ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار لأنه عند طهي الزيت المستعمل من قبل يطلق كميات أكبر من الدهون المتحولة التي تعتبر ضارة للغاية بالصحة العامة، ويمكن اتباع نفس العملية لفترة أطول من الوقت يجعلك تقترب من المضاعفات الصحية مثل السكتة الدماغية والسمنة وآلام الصدر وآلام المعدة وعسر الهضم وحتى أمراض القلب حيث يؤدي الاستهلاك العالي للدهون المتحولة إلى زيادة مستويات الكوليسترول الضار في الجسم.
 
كما يؤدي استهلاك مثل هذا الزيت المستعمل من قبل إلى زيادة خطر الإصابة بالحموضة والإحساس بالحرقان في المعدة ومشاكل الحلق وغيرها الكثير، كما يزيد من خطر الإصابة بالالتهابات والسرطان لأن المادة المسرطنة هي مادة مرتبطة بتكوين السرطان في الجسم، وتعمل إعادة تسخين زيوت الطهي على زيادة المواد الضارة الموجودة فيها مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والألدهيدات التي ترتبط بمخاطر عالية للإصابة بالسرطان والالتهابات في الجسم ، إذا كنت تعاني من التهاب شديد لفترة أطول من الوقت ، فإن استهلاك زيت الطهي السئ أو المعاد استخدامه يمكن أن يكون السبب، إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح ، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل المناعة ويجعلك أكثر عرضة للإصابة بأمراض وعدوى مختلفة.
البودرة السحرية 
ترجع كلمة السر في إعاده تدوير الزيوت التي يتم شرائها من المنازل والمحلات إلى مادة تسمى (تراب تبييض الزيوت) أو (الأسمنت الهندي) كما يطلق عليها البعض "البودرة السحرية" والتي تعيد للزيت المستعمل اللون الذهبي القديم الذي كان عليه، وتحوله إلى سائل مسرطن وهو ما كشف عنه الدكتور أحمد رفعت أخصائي صحة المجتمع بوزارة الصحة في تصريح خاص لـ"صوت الأمة " مشيرا إلى خطورة استخدام زيت الطعام المرتجع حيث إنه من المسببات القوية للسرطان، كما يدمر الجهاز الهضمي، ومع ارتفاع أسعار الزيوت يلجأ إليه منعدمي الضمير من أصحاب المطاعم ومصانع المقرمشات وباعه الفول والطعمية فهم الاكثراستخداما له .
دكتور أحمد رفعت
دكتور أحمد رفعت
ويشير الدكتور أحمد رفعت إلى أن مادة تراب التبييض يطلق عليها علميا "سليكات الأمونيوم" وتحمل اسم super one  ثم تأتى مرحلة استخدام ماكينة التكرير التى تعيد شكل الزيت مرة أخرى إلى اللون الذهبى أو كما يطلق عليه "زيت مبيض" وهو الأكثر خطورة على الصحة، مشيرا إلى أن هناك أكثر من صفحة على شبكات التواصل الاجتماعى تتبع مصنعًا واحدًا للترويج لمثل هذا الزيت، كما يوجد دراسات جدوى منتشرة على صفحات الإنترنت تدعم  فكرة إقامة مشروع "مربح" من إعادة تدوير زيوت الطعام ، وهو ما يعد خطيرا.
 
كما يعتمد عليه أصحاب محلات المواد الغذائية القائمة علي القلية فهي لا تعتمد على زجاجات الزيت الصغيرة، لأن حجم إناء الزيت كبير فصاحب العربية أو المحل يقوم بشراء جركن حوالى 20 كيلو، ويتم تغيير الزيت كل صباح وأثناء اليوم تقل الكمية فيضيف إليه كمية أخرى، وهكذا ويكون العيب الوحيد في الزيت من وجه نظر صاحب المحل أنه يتجمد قليلا في الشتاء .
 
ومن خلال دراسات أجريت مؤخرآ على مراحل عمرية من 25 حتى 55 عامًا فى عدة محافظات منها القاهرة والإسكندرية ودمياط وبنى سويف وطنطا والمنيا وأسوان أثبتت أن الفرد الواحد يستهلك 1.6 كيلو جرام من الغذاء، فيها 93% من المطهيات، بها 35% مقليات، واستهلاك الزيوت بها يصل إلى 22 كيلو فى السنة.
 
وقد احتلت المقليات، فى الدراسة، النصيب الأكبر من المخاطر لأنها تدخل فى كل الأطعمة ، كما وجد أن استهلاك الإنسان ارتفع من المقليات يوميًا من 35% إلى 42%، مما يمثل خطرًا على الكبد والجهاز الهضمى، إضافة إلى تخزين السموم فى أماكن تخزين الدهون.
 
وأكدت الدراسة أن استخدام المقليات يؤدى لارتفاع نسبة الكوليسترول والسكر فى الدم، وترسب الدهون على الكبد، مما يؤثر على القلب والشرايين، ويؤدى للإصابة بأورامٍ سرطانية بمختلف أنواعها، وشيخوخة مبكرة
 
وأشارت الدراسة ايضا إلى أن الزيوت المستعملة، تحتوى على مركبات ضارة ناتجة من تفاعل " الأحماض الأمينية" والسكريات الموجودة بالأغذية، نتيجة تعرض المواد الغذائية لحرارة القلى ، التى تصل إلى 160 درجة وتؤدى هذه المركبات إلى تكوين مركب "الأكريلاميد" المسرطن و"البوليمرات"، ثم يتحول الزيت إلى الصورة المؤكسدة، وهو ما يتسبب  فى تدمير أغلب الأحماض الدهنية الموجودة ويؤدى ذلك إلى التأثير على الكبد، وتؤدى إلى شيخوخته، إضافة لإنتاج خلايا مسرطنة، وتأكسد الروابط الزوجية بالأوكسجين والرطوبة ودرجة الحرارة العالية، فتنتج مركبات ضارة تؤثر على جدار الأوعية الدموية، وعضلة القلب، والكبد، والقدرة الذهنية والبدنية والعصبية للإنسان.
 
ولذلك فإعادة تدوير زيت الطعام بعد استخدامه ليعاد تكريره مرة اخرى واستخدامه مضر جدًا بالصحة بسبب التغيرات الكيميائية التى تحدث به نتيجة تكسر روابطه أثناء الغليان ثم تحلل المادة الغذائية فيه التى ينتج عنها عملية تأكسد والتى يتكون منها مجموعة من الشوائب المضرة، كما أن تكرار استخدامه يسبب إفسادة نتيجة تعرضه للضوء والأكسجين فى الوقت نفسه أثناء القلى، وبالتالى تتغير خصائصه من حيث اللون والطعم والرائحة، وبالتالى يصبح غير صالح للاستخدام مرة أخرى ، حيث يزيد من فرص زيادة الخلايا السرطانية داخل الجسم ولا تظهر إلا بعد سنوات.
 
فالازمة تكمن في أن القائمين علي تنقية الزيت المستعمل او المرتجع يستطيعون تنقيته من الشوائب أو إعادة لونه مرة أخرى، إلا أنهم لن يستطيعوا إزالة المواد الكيميائية التي تسبب السرطان، ولذلك لا بد من الاهتمام باستخدام الزيت المستعمل، وإنشاء كيانات قانونية تعمل في هذا الملف، وتعمل على إنتاج الوقود الحيوي (وهو أحد مصادر الطاقة المتجددة) وذلك لتضييق الخناق على المتاجرين بصحة المواطنين.
جرين بان
لمواجهة ظاهرة بيع الزيت المستعمل أطلقت وزارة البيئة  خدمة " جرين بان " التي تعد مبادرة لحث المواطنين على عدم التخلص من زيت الطعام المستعمل ببيعه ولكن بطريقة صحية، حفاظا علي البيئة حيث تعمل على إعادة تدوير الزيت لإنتاج منتجات مثل الوقود الحيوي كبديل للطاقة، والجليسرين والصابون .
جرين بان
جرين بان
ويتم شراء الزيت المستعمل من خلال حجز موعد لخدمة التجميع المنزلي من "جرين بان" عند تجميع 5 لترات عن طريق الاتصال على رقم (19481)، أو التسجيل على الموقع الإلكتروني، أو التطبيق الخاص بـ"جرين بان" ثم ملء البيانات المطلوبة بالتفصيل ليتم تحديد موعد لشراء الزيت مقابل اختيار أحد الهدايا وذلك تحت إشراف وزارة البيئة.
مواجهات برلمانية
علي الصعيد الاخر تقدم بعض اعضاء مجلس النواب بطلبات أحاطة لمواجهة ظاهرة شراء الزيت المستعمل وأعاده بيعه في صورة مخالفة للواقع ومنهم  النائبة ميرال الهريدي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب ، التي تقدمت بطلب إحاطة، موجها إلى كلا من رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الصحة والسكان، والتنمية المحلية، والتموين، والبيئة، بشأن ظاهرة شراء وإعادة تدوير زيوت الطعام المستعملة والأضرار الصحية المترتبة على إعادة إستخدامها ، وذلك بعد أن ورد إليها عدد من الشكاوى والتخوفات من جانب المواطنين بسبب انتشار ظاهرة شراء بعض الجائلين زيوت الطعام المستعملة بهدف إعادة تدويرها وطرحها مرة أخرى بالأسواق بشكل غير سليم وغير صحي.
 
زيت طعام مستعمل
زيت طعام مستعمل
وأضافت في طلب الاحاطة أنه  "بالبحث في أبعاد وملابسات ذلك الأمر توصلنا إلى أنه في الأونة الأخيرة ظهر عدد كبير من الأشخاص الجائلين الذي يمُرون بالشوارع والأحياء المختلفة بالجمهورية مُعلنين عن استعدادهم لشراء كافة أنواع زيوت الطعام المستعملة بأسعار تتراوح ما بين 10 إلى 15 جنيه للكيلو الواحد، دون تحديد سبب شرائهم لها".
وتابعت: "ذلك الأمر أغرى عدد كبير من المواطنين إلى بيع زيوت الطعام المستهلكة لديهم بدلًا من إلقاءها في القمامة دون جدوى أو نفع، حتى بدأت العديد من التقارير الصحفية والطبية تُشير إلى أن السبب يرجع لتجميع تلك الكميات من الزيوت وهناك بعض المصانع المجهولة والمعروفة بمصانع بير السلم، تقوم بإعادة تدوير تلك الزيوت مرة أخرى من خلال إستخدام مادة تسمى (تراب تبييض الزيوت) أو (الأسمنت الهندي)، تلك المادة التي تؤدي إلى تبييض لون الزيت المستعمل وإعادته إلى لونه الطبيعي مرة أخرى وتحسن من خواصه الظاهرية.
وأوضحت النائبة، أن هذا سهل عملية إعادة بيعه مرة ثانية إلى بعض محال بيع الأطعمة الجاهزة والسريعة بمختلف أنواعها، ومحال الفول والفلافل وعرباتها الشعبية المتنقلة، ومصانع إنتاج البطاطس المُصنعة والمعبئة، والمواطنين بأسواق السلع الاستهلاكية الشعبية مشيرة إلى أن هذه الظاهرة حولت تلك الزيوت والأطعمة التي يتم طهيها وإعادة تصنيعها إلى بؤرة من السموم المستفحلة بالمواد المسرطنة، والتي تهدد صحة وسلامة المواطنين بشكل مباشر.
لتطالب بإتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع الجهات التنفيذية المختصة من أجل منع تلك الظاهرة من الانتشارواقتلاعها من جذورها ومحاسبة مرتكبيها بشكل حاسم وسريع.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق