طلال رسلان يكتب: «الاختيار 3» دراما نارية أحرقت أوكار الجماعة الإرهابية
السبت، 14 مايو 2022 08:47 م
- فيديوهات المسلسل ضربت الإخوان من الداخل وقضت على أسطورة «الشاطر» وكشفت وجهه الدموى
- العمل الدرامى فك طلاسم «التقية الإخوانية» وكيف خدعت قيادات الجماعة حلفائهم من السلفيين و6 إبريل
- غضب مكتوم يسيطر على شباب الجماعة والصف الثاني بسبب عمليات الخداع.. والقيادات تفشل في محاولات التبرير
- العمل الدرامى فك طلاسم «التقية الإخوانية» وكيف خدعت قيادات الجماعة حلفائهم من السلفيين و6 إبريل
- غضب مكتوم يسيطر على شباب الجماعة والصف الثاني بسبب عمليات الخداع.. والقيادات تفشل في محاولات التبرير
لم يكن الجزء الثالث من مسلسل الاختيار مجرد حلقات تسرد حقائق عن تاريخ الإخوان الملطخ بالدماء، ومخططهم لتخريب مصر وتحويلها إلى ولاية مليشيات يحكمها مكتب الإرشاد، بل أنه توثيق كامل للتاريخ عن حقيقة الجماعة، تلك الخطوة التي وضعت أمام العالم وليس مصر فقط، الوجه الحقيقي للجماعة وقياداتها.
وليس أدل على تأثير الاختيار 3 من ردود فعل الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كان الارتباك واضحا بين عناصر الجماعة الإرهابية، للحد الذي عادت معه موجة كبيرة من التصعيد في بث الشائعات ضد مصر للرد على المسلسل، فقد كانت ضربة المسلسل موجعة بقضائه على أسطورة خيرت الشاطر وكشف وجهه الحقيقي الداعم للعنف والدماء، وأنه لم يكن أبدا الشخصية الاقتصادية الخبيرة، وإنما أشبه بتاجر الشنطة.
على مواقع التواصل الاجتماعي، أصاب الجنون عناصر الجماعة، وبدا أنهم سينجحون كما قبل 2013 في لعب دور المظلومية لكسب التعاطف المحلي والدولي، لكن سرعان ما تبخر مسعاهم في ردود أفعال المتابعين، فلم يعد للجماعة وجها لتخاطب به أحدا، بعد اعترافاتهم بألسنتهم على التورط في العنف والدماء والتخطيط لتحويل مصر إلى دولة مليشيات، فاصطدمت شائعات عناصر الإخوان ضد الاختيار، بوعي الشعب الذي جاء مدعما بفضح أكاذيب الجماعة وتجارتهم بالدين.
مع بداية حلقات الاختيار 3، انطلقت الحروب الإلكترونية الإخوانية، آلاف المنشورات تحاول تشويه كل حقيقة عرضها المسلسل التاريخي بالصوت والصورة وبأبطالها الحقيقيين، قبل السرد الدرامي المتداخل مباشرة مع الأحداث، وصولا إلى آخر محاولات الجماعة لاختراق مواقع إخبارية لنشر أخبار تشويه صورة الدولة المصرية، والحق يقال إن هذا طبيعيا، فقد تحول الاختيار 3 إلى كتلة نار قذفت في أوكار الجماعة، فظهرت معاركهم التخوينية الداخلية على السطح، فضربة الاختيار كانت موجعة ومؤثرة.
بالرجوع إلى التأثير الإيجابي للاختيار 3 فإن ما حققه المسلسل والأثر الذي تركه داخل عقول المصريين قبل قصم ظهر الإخوان، كانت دلالته قوية وبمثابة وثائقي لكل الجرائم التي ارتكبها الإخوان وخططوا لها، ما زاد الأمر وجعا على الجماعة وعناصرها الهاربين، أنهم لم يتمكنوا هذه المرة من إنكار جرائمهم أو ادعائهم لأن الفيديوهات التي تم دمجها ضمن أحداث العمل الدرامي، كانت بمثابة سلاحهم الذى أشهروه هم بأنفسهم صوبهم، فكل التسجيلات بالصوت والصورة جعلت حقيقتهم تظهر أمام الجميع وتؤكد جرائمهم التي لن ينساها التاريخ، وهذا يدل على أهمية القوى الناعمة ودورها في وعي المجتمع، خاصة إذا كانت الأحداث تتعلق بفترات عصيبة مرت بها البلاد.
جملة من الدلالات تحملها ردود أفعال الجماعة الإخوانية على الاختيار 3 أبرزها، نجاح العمل الدرامي في كشفهم أمام الجميع، وتثبيت الحقائق في الأذهان على مدار التاريخ، فهي شاهد عيان على الأحداث للأجيال القادمة، وحائط صد ضد شائعات يدعيها أعضاء الجماعة الإرهابية.
أما الدلالة الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى، فما تقوم ما تقوم به جماعة الإخوان الإرهابية الآن ما هو إلا رد فعل متوقع منهم بعدما تم عرض تسجيلات خاصة بهم بالصوت والصورة أمام الجميع، فهم الآن في حالة تخبط وتشتت، خاصة وأن هذه التسريبات تمت إذاعتها على لسان أصحابها ولم تأت في سياق مشاهد درامية لتظهر حقيقة الإخوان أمام الجميع.
وجه الجماعة القبيح.. خداع الحلفاء
مع تتابع حلقات الاختيار 3، تحطمت خدعة حلفاء الجماعة على صخرة رد الحقائق، بعد نشر فيديوهات على لسان «خيرت الشاطر» والمعزول محمد مرسي نفسه يهاجمان فيها حلفاءهم من السلفيين و6 إبريل وغيرهم من القوى التي رفعت لواء التحالف مع الإخوان.
تحديدا في نهاية الحلقة السادسة ظهر مرسي مستعرضا أمام المرشد محمد بديع نتائج اتصالاته مع القوى السياسية بسخرية، بعدما خلت الساحة السياسية تقريبا من قوى منافسة، تلك التي تولدت بعد ظهورهم أعقاب أحداث 25 يناير كقوى قادرة على الحشد والتوجيه، لاسيما بعد الاستفتاء الأول الذي أجري على تعديل الدستور في مارس 2011 وتحقيق نسبة موافقة على تلك التعديلات تجاوزت 70%.
وعقب تنصيب مرسي كرئيس للجمهورية تواصلت حالة الغرور لدى قيادات الإخوان وشرعوا في التصرف على اعتبار أنهم سادة هذا الوطن وأنهم غير معنيين أو عابئين بالقوى المدنية المعارضة.
ومع تتابع حالات الفشل وإدراك الجماعة أنها لابد لها من الجلوس مع القوى المدنية للتوافق على حلول سياسية واقتصادية للخروج بالدولة المصرية من النفق المظل الذي تسير فيه بدأت تتواصل مع القوى المدنية ليس بهدف توحيد صف القوى السياسية على اختلافها وإنما بهدف شق صف القوى المدنية.
إدراك القوى المدنية لخداع الإخوان أسفر عن رفضها الجلوس مع مرسي وحكومته، وهو ما لم تكن تدركه الجماعة نتيجة لحالة الغرور المهيمنة على صانع القرار بداخلها محاولين اختراق صفوف تلك القوى والإيقاع بين بعضها البعض.
ومع انطلاق فعاليات الموجة الثورية الثانية في 30 يونيو 2013 شنت الكتائب الإلكترونية للإخوان حملة تشويه ممنهجة ضد القوى المدنية حتى من تحالفوا معهم في وقت سابق.
الأقنعة التي تساقطت عن وجوه الإخوان بعد نجاح ثورة 30 يونيو كشفت منهج التقية الذي يتعامل به الإخوان مع كل حلفائهم، والقائم على ممارسة الخداع مع الحليف طالما أنه ليس إخوانيا حتى يتمكن من الوصول إلى الهدف.
ويقول الدكتور عمرو فاروق، الباحث والمتخصص في شؤون الإسلام السياسي إنه فيما يخص احتواء الإخوان للجماعات السلفية أو التيارات الدينية بوجه عام، فقد سعت الجماعة إلى توظيفها بما يحقق مصالحهم للوصول إلى الحكم فقط، وبعد ذلك ومع انقضاء تلك المصلحة ظهر الوجه الحقيقي للجماعة في خيانة الحلفاء، وهذا ما كشفه فعلا الاختيار 3 في التسريبات على لسان قيادات الجماعة نفسهم.
وأضاف فاروق لـ «صوت الأمة»: الذي يدعم أيضا ما تم كشفه في مسلسل الاختيار 3 أن الجماعة أنشأت ضمن جهاز مخابراتها لجنة معنية باختراق الجماعات الإسلامية وتوظفيها لصالح الجماعة، وهذا ظهر بشكل واضحا في اعترافاتهم عن تطويع لجان لمعرفة تحركات وتمويلات قيادات التيار السلفي، ولذلك ظهر جليا أمام الجميع انفجار الخلافات بين الإخوان وقيادات التيارات الإسلامية بسبب فكرة سيطرة الجماعة على الشارع المصري وخيانة التحالفات التي تمت صياغتها في إطار المشاركة السياسية، وهنا يتضح جليا موقف وحقيقة الجماعة التي لا يهمها في النهاية سوى مصلحتها.
ويتابع فاروق: في 2013 وقبل إزاحة الإخوان من السلطة كان همهم تصدير صورة للمجتمع المصري والعالم بأنهم الجماعة الأشمل، لذلك توددوا للتيارات السلفية بوعود المشاركة في السلطة، وهذا بالتأكيد ما رأيناه يتغير تماما بعد وصولهم إلى السلطة، وما أظهرته اعترافات بديع مرشد الجماعة وقتها، من وصفه للجماعات السلفية أو قيادات التيار السلفي بالشراذم بعدما انقضت مصلحة الجماعة من دعم التيار السلفي لوصولهم إلى كرسي الحكم، مؤكداً ان اللعبة الإخوانية كانت واضحة منذ البداية، فهم دفعوا بالتيار السلفي في مساجد القرى ليكونوا واجهة التيارات الدينية، وغزوهم بفكر سيطرة الجماعة على الوعي الجمعي للمصريين وخاصة في المحافظات، ثم ما لبثوا أن أزاحوهم من المشهد تماما وسيطروا على المساجد، لتدعيم فكرهم المتطرف حسب أجندة مكتب الإرشاد التي تريدها لمصر.
وأشار عمرو فاروق إلى أنه بعد ضربة مسلسل الاختيار 3 وكشف حقيقة الإخوان وخداعهم للسلفيين، لم يعد أمام الجماعة إلا ما يفعلونه من شائعات لإعادة توظيف التيار السلفي ليتصدر هو المشهد من جديد، طالما أن وجه الجماعة حُرق ولم تعد لهم قائمة أمام الشعب بعد التسريبات، فمن هنا تطلق الجماعة لجانها الإلكترونية لمحاولة اللعب من جديد على أوتار الوجوه السلفية الموجودة في مصر، بعدما عرفوا حقيقتهم، في محاولة لإحياء مدخل جديد للجماعة إلى المجتمع المصري يكون متحدثا وممررا للرسائل الإخوانية بدلا عنهم.
التبرؤ من الإخوان.. القفز من السفينة الغارقة
الاختيار 3 كشف لشباب الجماعة أنهم تعرضوا لأكبر عملية وهم وغسيل فكرى، في حين أن المستفيد الأكبر كان قيادات الجماعة ماليا تحديداً.
الغضب المكتوم بدأ يتسرب لشباب الجماعة، وعدد من قيادات الصف الثاني، بعدما كشفت الفيديوهات التي أذيعت في المسلسل عن الكيفية التي كانت تدار بها الجماعة، وكيف تعرض أعضاء التنظيم للخديعة الكبرى، وأن قيادات الجماعة في الخارج فشلت في احتواء هذه الحالة من الغضب، بعدما فشلت كل محاولات التبرير التي قالوها للشباب، لذلك بدأت الجماعة خطة جديدة لنشر شائعات عن مصر في محاولة فاشلة للفت الأنظار بعيداً عن المسلسل.
ويضيف عمرو فاروق، أن عدد كبير من العناصر الإخوانية منذ اللحظات الأولى بعد 2013 خرجت ضمن الإطار الفكري والتنظيمي للجماعة، وبتحليل شكل التنظيم من الداخل نجد أن هناك عناصر تدعم التنظيم وتدافع عنه وتعتبر ما حدث مؤامرة عليها، وشق ثان كان يخطئ قيادات الجماعة ويعتبرونهم أغرقوا الجميع في دائرة العنف والإرهاب ودمروا تاريخ الجماعة بالكامل، وخاصة بعد انكشاف الحقائق وثورة الشعب في 30 يونيو، أما الشق الثالث أعلن انشقاقه تماما عن الجماعة وابتعد وتبرأ بالكامل من الفكر والتنظيم وأعمال العنف بل إنه اعتبر نفسه ليس إخوانيا وهذه المرحلة كانت أكثر بعد بداية عرض مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة، واختتماها الجزء الثالث، وقد شاهدنا جميعا تبرؤ عناصر إخوانية من الجماعة بسبب ما كشفته التسريبات التي عرضت الحقائق واعترافات قيادات الجماعة بمسؤوليتهم عن العنف والدماء.
وأنهى عمرو فاروق تصريحه قائلا: في العموم لو رجعنا بالأحداث لمشاهد ما بعد 30 يونيو، فقد تابع الجميع بشكل واضح اللافتات التي كان تعلقها العناصر الإخوانية في الشوارع أمام بيوتهم، لإعلان تبرؤهم تماما من الجماعة وفكرها وما آلت إليه الأمور من العنف والدماء على يد قيادات الجماعة وبأوامرهم، امتد هذا بالكامل على مر 10 سنوات منقضية، مع تتابع الأحداث وانكشاف مخطط الجماعة أول بأول، وصولا إلى عرض حلقات الاختيار وما احتوته من تسريبات، وما تبعناه أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي من تأكيد العناصر الإخوانية إدراكهم للمخطط الجماعة الدموي وإعلان انخداعهم بشعارات التنظيم في البداية، وهذا في الحقيقة من وجهة نظري يحتاج إلى وثائقي كامل لتوثيق تلك المشاهد التاريخية بداية من تبرؤ قيادات معروفة بالجماعة وصولا إلى العناصر التابعة في الشارع والمحافظات.