ذكري ميلاد ورحيل الشيخ محمد رفعت.. محطات في حياة قيثارة السماء

الإثنين، 09 مايو 2022 12:00 م
ذكري ميلاد ورحيل الشيخ محمد رفعت.. محطات في حياة قيثارة السماء
الشيخ محمد رفعت
ريهام عاطف

في 9 مايو من عام 1882، ولد الشيخ الجليل محمد رفعت أحد أعلام تلاوة القرآن الكريم بالقاهرة ، ليصادف رحيلة في نفس اليوم عام 1950 ،وقد لقبه محبوه بـ "قيثارة السماء " فهو صاحب الصوت الجميل والبصمة المميزة فى التلاوة، كما انه أفتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934.
 
ويعد صوت الشيخ محمد رفعت أحد أهم ملامح شهر رمضان الكريم  لدي المصريين، حيث يصافح صوته أذان المغرب في معظم المحطات الإذاعية والتليفزيونية.
 
محمد رفعت
محمد رفعت
 
الشيخ محمد رفعت
ولد محمد رفعت في " درب الأغوات"، بحي المغربلين ، وقد بدأ الشيخ محمد رفعت حفظ القرآن الكريم وهو في سن الخامسة، عندما أدخله والده الكُتّاب بالسيدة زينب، وبعد ست سنوات شعر شيخه أنه مميز، وبدأ يرشحه لإحياء الليالي في الأماكن المجاورة القريبة.
 
وقد درس علم القراءات والتجويد لمدة عامين، وتوفي والده محمود رفعت وهو في التاسعة من عمره، فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن أسرته الكبيرة ، فبدأ وهو في الرابعة عشر يحيي بعض الليالي في القاهرة بترتيل القرآن الكريم، ثم تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بالسيدة زينب سنة 1918، حيث عين قارئا وهو في سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وتولى القارئ الشيخ محمد رفعت القراءة في مسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب عام 1918م، كما عُين قارئًا للسورة وعمره خمس عشرة سنة، وبلغ شهرة كبيرة ونال محبة الناس، وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه، واستمر يقرأ القرآن في المسجد حتى اعتزاله، من باب الوفاء للمسجد الذي شهد ميلاده في عالم القراءة منذ الصغر.
 
القارئ الشيخ محمد رفعت
القارئ الشيخ محمد رفعت
 
كما درس الشيخ محمد رفعت، أيضا الموسيقى، وبعد وفاته وجدوا لديه ثورة هائلة من أسطوانات الموسيقى الكلاسيكية الأوربية، والمدهش أنه منحازًا لبعض المؤلفين دون غيرهم، فجمع أعمال باخ وموتسارت وباجانيني.
وعرضوا عليه أن يسجل الأغاني المأخوذة من الشعر القديم قبل ذلك في الإذاعة الأهلية، ووافق الشيخ بشرط عدم ذكر اسمه، فغنى "أراك عصى الدمع"، و"حقك أنت المنى والطلب".
 
افتتاح إذاعة القرآن الكريم
افتتح القارئ الشيخ محمد رفعت بث الإذاعة المصرية للقرآن الكريم عام 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر حول حكم القراءة في إذاعة القرآن الكريم، فأفتى له بجواز ذلك، وافتتحها بآية من أول سورة الفتح اشتهر بها كثيراً وهي قول الله تعالى: «إنا فتحنا لك فتحا مبينا»، وعندما سمعت الإذاعة البريطانية الـ«بى بى سى» العربية، صوته، طلبت منه على الفور تسجيل القرآن كاملاً بصوته، ولكنه رفض شكاً في حرمة ذلك لأنهم غير مسلمين، ولما استفتى الإمام المراغي رحمه الله، فأخبره بأنه غير حرام، وقام بتسجيل سورة مريم.
 
صوت محمد رفعت
صوت محمد رفعت
 
و لم يسجل الشيخ محمد رفعت في الإذاعة المصرية غير 3 تلاوات، وباقي تسجيلاته كانت جميعها حسب ما روى البعض من تسجيل أحد أكبر محبيه وهو "زكريا باشا مهران"، من أعيان مركز القوصية محافظة أسيوط، وكان عضوا بمجلس الشيوخ المصري.
 
الصوت الباكي
كان الشيخ محمد رفعت يقرأ القرآن وهو يبكي، ودموعه على خديه،لذلك وصفه الشيخ أبو العينين شعيشع بالصوت الباكي. 
كما لقب أيضا  بـ"المعجزة" نظرا لعذوبة صوته الشديدة.
 
الشيخ محمد رفعت وعبد الوهاب 
 كان لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، علاقة خاصة بالشيخ محمد عبد الوهاب والذي أكدها خلال لقاء جمعهما سويا  ، عبر برنامج "أتوجراف" الذي يقدمه طارق حبيب،حيث قال خلالها  عبدالوهاب عن دور الشيخ رفعت في حياته: "الشيخ محمد رفعت بالنسبة إلى هو الصوت الذي تفتحت آذاني عليه، وأحببته وعشقته، وأحسست فيه بالجمال والجلال، وكنت أهرب من البيت لكى اذهب لأسمعه في السرادق الذي يقام فيه عزاء أو حفلة عادية، وإلى الآن مازال صوته يوحي إلي بجمال وجلال، ولو سمعته فى الأشرطة المذاعة، خصوصا الأشرطة السليمة من الخربشة، أكون سعيد جدا".
 
عبد الوهاب
عبد الوهاب
 
الشيخ محمد رفعت والملك فاروق
علاقة وطيدة وقوية ربطت الشيخ محمد رفعت بالملك فاروق ، ورغم ذلك رفض الشيخ الراحل إحياء الذكرى السنوية للملك فؤاد، ليشارك في إحياء ذكرى عزاء جارته الفقيرة، وأبدى أسفه للملك فاروق، بأنه لا يحب التقرب إلى السياسيين والحكام.
 
وكما جاء في كتاب "عباقرة الإنشاد الديني" للكاتب محمد عوض، أن الملك فاروق كان يحرص على حضور حفلات الشيخ محمد رفعت، كما اختاره لقراءة القرآن والإنشاد في حفلات قصر عابدين.
 
ويعتبر الشيخ محمد رفعت هو القارئ الوحيد الذي تلا القرآن الكريم في دار الأوبرا المصرية، وذلك بمناسبة بدء الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية عام 1931.
 
مرض الشيخ محمد رفعت
في عام 1943م أصيب الشيخ محمد رفعت بمرض سرطان الحنجرة الذي كان معروفًا وقتئذ بمرض الزغطة وتوقف عن القراءة.
 
وعلى الرغم من أن الشيخ رفعت لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أي مدد أو عون ألح به عليه الملك فاروق من أجل علاجه قائلا قولته الشهيرة "إن قارئ القرآن لا يهان"، وظل الشيخ في بيته يقيم الليل والنهار مصليا وداعيا إلى الله طالبا الرحمة وشاكرا لفضله وظل الشيخ محمد رفعت هكذا، بعيدا عن القراءة بصوته، إلى أن فارق الشيخ الحياة في 9 مايو عام 1950. 
 
مرض محمد رفعت
مرض محمد رفعت
 
ليعلن مذيع الراديو عبدالوهاب يوسف في عصر يوم التاسع من مايو 1950، خبر وفاه الشيخ محمد رفعت وهو لا يستطيع أن يتمالك نفسه، قائلًا: " أيها المسلمون، فقدنا اليوم علمًا من أعلام الإسلام"، وانهار"يوسف" باكيًا، فأسرع زميله أنور المشري؛ ليقف بدلًا منه أمام الميكروفون ويقول باكيًا: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم أعظم صوت رتل القرآن الكريم، فقدنا اليوم أحلى الأصوات العربية التي سمعناها طوال حياتنا وهو يتلو آيات الذكر الحكيم، فقدنا اليوم صاحب الحنجرة المتميزة التي تملك مقدرة فائقة على إيصال أعذب الأصوات وأنقاها إلى الناس".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق