أصوات من السماء.. الشيخ محمود خليل الحصري «صاحب الحنجرة الذهبية»
السبت، 09 أبريل 2022 11:23 م
أطلق على الشيخ محمود خليل الحصري صاحب الحنجرة الذهبية ورائد المصحف المعلم، هو شيخ عموم المقارئ المصرية، إذ ولد بقرية شبرا النملة بمركز طنطا بمحافظة الغربية، في 17 سبتمبر لعام 1917م، ويعود لقب "الحصري" لاشتهار والده بالتصدق بحصير المصليات والمساجد.
وعندما بلغ الشيخ الرابعة من عمره، التحق الشيخ بكتاب القرية وهو في وأتم حفظ القرآن الكريم مع بلوغه الثامنة، ثم التحق بالمعهد الديني بطنطا في عمر الثانية عشرة، وطلب علم القراءات على أكابر شيوخ وقراء الأزهر الشريف، حتى نال شهادة علوم القراءات العشر في عام 1958م.
وتقدم لامتحان الإذاعة 3- في عام 1944م وحصل على المرتبة الأولى من بين المتقدمين، وعُيِّن بعد ذلك قارئًا للمسجد الأحمدي بطنطا في عام 1950م، ثم قارئًا لمسجد سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه بالقاهرة عام 1955.
واشتهر الشيخ رحمه الله بجودة الحفظ، وإحكام الأحكام، وروعة الصوت والأداء، وتمكن من قراءات وعلوم القرآن الكريم، وكانت له بصمة صوتية قرآنية خاصة لم يشابهه فيها أحد.
وبنى الشيخ في أواخر حياته مسجدًا، ومعهدًا دينيًّا، ومدرسةً لتحفيظ القرآن بمسقط رأسه، وأوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظِه، وإنفاقه في وجوه الخير.
ورفض الشيخ "الحصري" أن يتقاضى مقابلًا ماديًّا على تسجيلاته الصوتية لكتاب الله تعالى، فقد كتب في مظروف الإذاعة المخصص لكتابة الأجر: "لا أتقاضى أي مال على تسجيل كتاب الله".
وزاعت شهرة الشيخ الحصري محليًّا وعالميًّا وجاب دول العالم تاليًا لآيات الذكر الحكيم، وسفيرًا مشرّفًا لمصر والأزهر الشريف، وطالب الشيخ بإنشاء أماكن لتحفيظ القرآن في جميع قرى ومدن جمهورية مصر العربية، كما نادى بضرورة إنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم لرعاية شئونهم ومصالحهم.
وفي عام 1958م، 8- عُيِّن الشيخ وكيلًا لمشيخة المقارئ المصرية ثم شيخًا لها عام 1961م، كما عُيِّن خبيرًا بمجمع البحوث الإسلامية لشؤون القرآن الكريم بالأزهر الشريف، ثم رئيسًا لاتحاد قراء العالم عام 1967م.
وخلف الشيخ تراثًا صوتيًا ضخمًا من تسجيلات القرآن الكريم في إذاعات العالم، وكان له السبق في مجال التسجيلات القرآنية، ومما سجله رحمه الله منها المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961م. و المصحف المرتل برواية ورش عن نافع عام 1946م. والمصحف المرتل برواية قالون، ورواية الدوري عن أبي عمرو البصري 1968م. والمصحف المعلم 1969م. والمصحف المفسر 1973م.
كما خلف تراثًا مقروءًا في علوم القرآن والقراءات؛ فلم يكن الشيخ قارئًا للقرآن الكريم وحسب، بل كان عالمًا به، مُتقنًا لمعارفه، ومما كتبه رحمه الله "أحكام قراءة القرآن الكريم و القراءات العشر من الشاطبية والدرة و الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبيرو مع القرآن الكريم".
نال الشيخ الحصري العديد من الجوائز إذ حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد العلم عام 1967م.
وتوفى الشيخ الحصري في يوم الاثنين 16 محرم سنة 1401هـ، الموافق 24 نوفمبر 1980م، وظل صوته يجوب العالم، ويُعلّم الأجيال، ويثلج الصدور بقراءته العذبة الحلوة المتقنة.