مدفع صوت| الصحابي أبو بكر الصديق.. خليفة رسول الله
الأحد، 03 أبريل 2022 01:00 مريهام عاطف
الصحابي أبو بكر الصديق هو من كبار الصحابة وأكثرهم فضلاً، وقرباً من النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ كان ثاني اثنين في الغار وفي الدعوة وفي الخلافة وحتى قبره كان مجاوراً لقبر النبي، لذلك فهو من الشخصيات الاسلامية المؤثرة.
أبو بكر الصديق
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب، سمَّاه الرَّسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعبد الله بعد أن كان يسمَّى بالجاهليَّة عبد الكعبة؛ ويلتقي نسب أبو بكر -رضي الله عنه- مع النَّبيِّ محمد -صلى الله عليه وسلم- في الجدِّ السَّادس مرَّة بن كعب.
فهو أول الخلفاء الراشدين ورفيق رسول الله محمد بن عبد الله في رحلة هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، وواحدًا من العشرة المبشرين بالجنة، وقد وُلد أبو بكر عام 573 ميلاديًا في مكة المكرمة بعد عام الفيل بحوالي عامين ونصف العام.
حياة أبو بكر الصديق
كان أبو بكر من أغنياء قبيلة قريش في أيام الجاهلية، وعندما نزل الوحي على الرسول محمد كان أبو بكر أول من أسلم من الرجال، وقد لقبه النبي بلقب الصديق بسبب كثرة تصديقه إياه، لذلك كان قريبًا إلى قلب النبي محمد إلى درجة كبيرة حتى أنه عندما مرض النبي قبل وفاته أمر الصحابي أبو بكر الصديق بأن يَؤمَّ الناس في الصلاة بدلًا منه.
الصحابي ابو بكر الصديق
سيرة أبي بكر الصديق تكشف عن مدي حبه لرسول الله فما أن سمع بنبوَّته من زوجته خديجة حتّى أسلم من فوره دون تردد، لإيمانه العميق والمطلق بصدق محمّد ليكون أوَّل من أسلم مع النّبَيِّ من الرِّجال، كما ساند النَّبي في حادثة الإساء والمعراج، وذلك عندما عاد رسول الله من السَّماء يخبر قومه عمَّا رأى في بيت المقدس ووصفه له، أخذ النَّاس يكذِّبون النَّبيَّ ولم يصدِّقوا ذهابه وإيابه في ليلةٍ واحدةٍ، في حين وقف أبو بكر إلى جانب صاحبه وتصديق المطلق له، وقال لقومه "نعَمْ، إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ فِيمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ"، وسمَّاه الرّسول صدّيقاً لذلك.
كما أنفق أبو بكرالصديق كلَّ ما يملك من مال من أجل الاستعداد للهجرة والتّجهيز لها، ولم يترك لأهل بيته وأبانئه شيئاً ، ليصحب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في طرقه للهجرة إلى المدينة، ويواجه معه كلَّ مصاعب الطَّريق وجاب معه الصَّحراء الواسعة من أجل نصرة النَّبي، ونام معه في غار ثور أيّاماً، وقد أنزل الله -تعالى- فيه قوله: (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا).
غار حراء
شارك أبو بكر في تجهيز غزوة تبوك وهي التي تسمَّى بغزوة العسرة، وأنفق مالاً كثيراً لتجهيزها، ونافس في ذلك الصّحابة وسبقهم، كما كان ينفق مالاً كثيراً من أجل عتق العبيد وتحريرهم.
حجّ أبو بكر الصديق بالصَّحابة في السَّنة التاسعة للهجرة دون مرافقة رسول الله.
صاهر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وزوَّجه من ابنته عائشة، ونال بذلك درجةً رفيعةً.
خلف أبو بكر الصديق النَّبيَّ عند مرضه وصلّى بالنَّاس مكانه، ما يدلُّ على أنَّه الاجدر من بين الصّحابة لذلك.
تولي أبي بكر الصديق الخلافة فكان -رضي الله عنه- أوَّل الخلفاء الراشدين، فقد بويع -رضي الله عنه- للخلافة في يوم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السَّنة الحادية عشرة للهجرة، فقد اجتمع الصحابة -رضوان الله عليهم- على أحقِّية خلافة الصديق -رضي الله عنه-، ولا تجتمع الأمَّة على ضلالة، وسمِّي خليفة رسول الله، وقد كان الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- يُقدِّم الصديق إماماً للصلاة دون غيره من الصحابة؛ وذلك لفضله و مكانته في الدعوة، وقد كانت مدَّة خلافته سنتين وثلاث شهور، وهي مدةٌ قصيرةٌ لكنَّها كانت فترةً مهمةً وعظيمةً للدعوة ونشرها.
فقد تميزت فترة ولايته بالعديد من الانجازات وإمتداد الرقعة الإسلامية حيث نجح في إخضاع الجزيرة العربية كلها تحت سيطرة الدولة الإسلامية، وفتح معظم أرض العراق وأجزاء كبيرة من الشام.
وفاة أبي بكر الصديق
توفى أبو بكر الصديق في عام 13 هجريًا الموافق عام 634 ملاديًا عن عمر ناهز 63 عامًا كما كان عمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- حين توفِّي ، وقد روت أمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّ الصدّيق -رضي الله عنه- مات متأثّراً بمرضه بعدما اغتسل في ليلةٍ شديدة البرد، فأصيب على إثرها بالحمّى، ولم يستطع أن يخرج للصلاة خمسة عشر يوماً، وقد أوصى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بإمامة الناس لصلاة الجماعة نيابةً عنه إلى أن توفي .
وقد قامت زوجته أسماء وابنه عبد الرحمن -رضي الله عنهم- بغسله، وصلّى المسلمون عليه صلاة الجنازة بإمامة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحُمل -رضي الله عنه- على الخشبة التي حُمل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأوصى عائشة -رضي الله عنها- أن يُدفن بجانب قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فنفَّذت ابنته أم المؤمنين وزوجة النبيِّ وصيَّته.
أبو_بكر_الصديق
وقد ضجَّت المدينة لخبر وفاة الصدّيق فحزن الصحابة حزناً شديداً على فراقه، واهتزّت مكة المكرمة بهذا الخبر الأليم، وقالت ابنته الصدّيقة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في رثائه: "نضّر الله وجهك، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلّا بإعراضك عنها، وللآخرة معزّا بإقبالك عليها، ولئن كان أجلّ الحوادث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رزؤك، وأعظم المصائب بعده فقدك، إن كتاب الله ليعد بالعزاء عنك حسن العوض منك، فأنا أنتجز من الله موعوده فيك بالصبر عليك، وأستعيضه منك بالدعاء لك، فإنا لله وانا إليه راجعون،عليك السلام ورحمة الله، توديع غير قالية لحياتك، ولا زارية على القضاء فيك".