أصوت من السماء: «صوته يضم 18 مقاما موسيقيا».. الشيخ محمد رفعت «بلبل الجنة»
السبت، 02 أبريل 2022 11:50 م
يصدح الشيخ «محمد رفعت» بالآذان كأنه صوته يتبعث من الجنة ما دعا الكثير لإطلاق عليه لقب«قيثارة السماء»، إذ يرتبط صوته، الذي يأتي عبر عبر الإذاعة أو التلفزيون بشهر رمضان المبارك، وقيل بعد ذلك أن صوته يضم 18 مقاما موسيقيا.
ويأتي صوت الشيخ محمد رفعت العذب، ليضفي أجواء روحانية على أيام وليالي رمضان يقترن صوت الشيخ محمد رفعت بالشهر الكريم حيث يتردد صوته الساطع دائما خلال أيامه ولياليه منذ بدأت تذيع له الإذاعة المصرية وحتى الآن.
الشاعر الكبير الراحل نزار قباني قال عن الشيخ «رفعت»: 'يفتح صوت الشيخ محمدرفعت أمامي أبواب السماء.. إنه الصوت الذي اذا غرد سكتت كل أصوات مقرئي القرآن الكريم في العالم وهو الذي يصيب الجسد بالقشعريرة، والروح بالصفاء، والنفس بالسمو.
اللافت أن صوت «بلبل الجن» جعل الاقباط يطالبون باعادة صاحبه - الشيخ محمد رفعت - الى قراءة القرآن في الاذاعة حين تم منعه منها لانهم يحبون الاستماع الى سورة «مريم» بصوته.
وافتتح الشيخ رفعت بث الإذاعة المصرية سنة 1934، بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري، عن جواز إذاعة القرآن الكريم، فأفتى له بجواز ذلك، فافتتحها بآية من أول سورة الفتح «إنا فتحنا لك فتحا مبينا»، ولما سمعت الإذاعة البريطانية «بي بي سي» العربية، صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغي، فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير محرم، فسجل لهم سورة مريم.
و سمي بمقرئ الشعب، لأن الناس كانوا يلتفوا حول الراديو في المقاهي والمنازل والنوداي يومي الاثنين والجمعة لسماع القرآن الكريم بصوته ولمدة نصف ساعة على الهواء مباشرة ولهذا
وينتشر صوته وتطلب الدول العربية والاسلامية حضوره اليها ومع هذا يعلن رفض ترك مصر. فيضطهده مستشار الحكومة الانكليزية بالاذاعة فيضطر لترك العمل بالاذاعة فتشتعل ثورة الشعب ويصدر قرارا من الملك فاروق بعودته للاذاعة ليذاع صوته ثلاث مرات يوميا ويقترن صوته بالآذان طوال شهر رمضان ومن يومها عرف بمؤذن رمضان.
وللشيخ محمد رفعت قصة مثيرة كع الإذاعه، إذ رفض العمل بها عند بدايتها وفضل عليها المساجد فحينما بدأت الإذاعة عملها يوم 1934 تزاحم عليها المقرئون للاشتراك فيها في حين رفض الشيخ محمد رفعت التعاقد مع الاذاعة.
وأصرت الاذاعة أن تفتتح برامجها بصوته ويلح عليه مدير الاذاعة في ذلك ويستمر في الرفض ويلجأ مدير الاذاعة الى شيخ الازهر لإقناعه فيذهب اليه ليسأله عن سبب رفضه فيقول له اخشى ان يكون وجود الراديو في الاماكن العامة كالحانات والبارات يجعل القرآن الكريم يقرأ على سكارى فارتكب اثما، وهنا يقنعه شيخ الازهر بان هذا حتى لو حدث ففيه توعية للغائبين فيقتنع فتفتتح الاذاعة أول ارسالها بآيات القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت.
تقول هناء رفعت حفيدة الشيخ محمد رفعت، في تصريحات لها : «لانزال نستمع إلى تراثه، لكنه ليس كاملا»، لافتة إلى «أن تراثه الكامل بصوته موجود لديها ولم يخرج إلى النور حتى الآن، لتؤكد أنها تمتلك 30 ساعة بصوت الشيخ محمد رفعت على أسطوانات قديمة قامت بتحديث 15 ساعة منها إلى أسطوانات حديثة».
ولد الشيخ محمد رفعت في مايو 1882 بدرب الأغوات في المغربلين في القاهرة، وكان أبوه مأمور قسم شرطة الخليفة، وفي الثانية من عمره اصاب عينيه رمد فأجريت له عملية جراحية فقد على اثرها نعمة البصر.. و بدأ الطفل الضرير حفظ القرآن الكريم وهو في سن الخامسة من عمره.. واتم حفظه للقرآن وهو في سن الحادية عشرة، ثم توفي والده وهو في التاسعة عشرة من عمره وتركه ليتحمل المسؤولية ليعول امه واخته واخويه.. فبدأ يشترك في إحياء ليالي المآتم بالسرادقات وسمعه مشاهير القراء آنذاك فأحبوه وقدروا موهبته وتنافسوا في مساعدته حتى تم تعيينه قارئا في مسجد فاضل باشا بشارع درب الجماميز بالقاهرة.
في سنة 1934 ألغيت محطات الإذاعة الاهلية في مصر وانشئت شركة ماركوني للإذاعة المصرية. وجى التعاقد مع الشيخ محمد رفعت ليرتل القرآن الكريم من إذاعة القاهرة.. فكان أول من تلا القرآن الكريم عبر الأثير.. وكانت سورة الفتح أول ما تلاه من السور.
واستمر «قيثارة السماء» في التلاوة مرتين كل أسبوع وكانت إذاعات لندن وبرلين وباريس تذيع تسجيلاته اثناء الحرب العالمية الثانية .. لتشد المستمعين في العالم الإسلامي الى برامجها ونشراتها الاخبارية،
وجاء عام 1942 انقطع الشيخ محمد رفعت عن التلاوة في الإذاعة بسبب مرض الزغطة وفي عام 1943، أقعده المرض نهائيا عن تلاوة القرآن .وظل طوال حياته مقيما في البغالة والسيدة زينب حتى نهاية حياته.