أسبوع الحسم وسيناريوهات المواجهة..
طلال رسلان يكتب: الصوامع كلمة السر في إنقاذ قمح مصر
السبت، 26 مارس 2022 08:00 م
بيانات رسمية تشير إلى ارتفاع السعات التخزينية إلى 5.4 مليون طن خلال 7 أعوام.. الزراعة: نتوقع استلام 6 ملايين طن قمح محلي هذا العام
لا صوت في العالم يعلو على صوت توفير السلع الغذائية الأساسية للشعوب، للتخفيف من وطأة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وفي مقدمة هذه السلع يأتي القمح، الذي يعد الاعتماد الرئيسي لكثير من الشعوب وخاصة الشرق الأوسط في المعيشة والمأكل لصناعة الخبز.
وفقا للمؤشرات العالمية فإن أسعار القمح ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008، في ظل المخاوف العالمية المتزايدة من حدوث نقص عالمي، وأدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى وقف أكثر من 25% من صادرات العالم من المواد الأساسية المستخدمة في كل شيء وأبرزها الخبز، حيث تزود روسيا وأوكرانيا ما يقرب من ثلث صادرات القمح العالمية، ومنذ الهجوم الروسي على جارتها، توقفت الموانئ المطلة على البحر الأسود تقريباً، ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار القمح إلى مستويات قياسية متجاوزة المستويات التي شوهدت خلال أزمة الغذاء في 2007-2008.
وفقا لتتبع الأحداث فإن الأسعار ستشهد قفزات متتالية ومازالت التأثيرات مستمرة، في وقت أغلقت فيه الحرب الموانئ الرئيسة في أوكرانيا، وقطعت الروابط اللوجيستية والنقل، كما يهدد القتال بعدم زراعة المحاصيل في الأشهر المقبلة، كما جفت التجارة مع روسيا في الغالب، حيث وجد المشترون صعوبة في التغلب على تعقيد العقوبات وارتفاع تكاليف التأمين والشحن.
الإحصاءات الأخيرة تشير إلى ارتفاع سعر القمح إلى أعلى مستوى له في 14 عاماً وسط مخاوف بشأن الإمدادات، وقفزت العقود الآجلة للقمح بحدود الصرف في شيكاغو، الجمعة، حيث ارتفعت 6.6% لتصل إلى 12.09 دولار للبوشل (أداة قياس بريطانية وأميركية للأحجام الجافة). وهناك توقعات بمزيد من ارتفاع الأسعار.
ويأتي الضغط على تضخم أسعار الغذاء في وقت تتعمق فيه معضلة محافظي البنوك المركزية حول مدى رفع أسعار الفائدة، كما تضر فيه الحرب والعقوبات النمو وتلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي لفترة طويلة مقبلة.
في إحصاء حديث أشار إلى أن الأسعار قد ترتفع إلى 14 دولاراً أو 14.50 دولار في سيناريو (الصعود الشديد) إذا ظلت صادرات البحر الأسود مغلقة، كما اجتاحت الاضطرابات حتى الأرز، حيث اقتربت العقود الآجلة في شيكاغو من أعلى مستوياتها منذ مايو 2020.
ويثير ارتفاع الأسعار مخاوف بشأن الإمدادات لكبار المستوردين ويزيد من احتمالات تحركات البلدان مثل مصر أكبر مستورد للقمح لحماية أسواقها من خلال الحد من الصادرات الغذائية. وصدرت روسيا وأوكرانيا 86% من إنتاجها من القمح في عام 2020، وفقاً للأمم المتحدة، وأدت الحرب والعقوبات وارتفاع التكاليف إلى إعاقة جهود تأمين الحبوب.
صوامع القمح.. كلمة السر
قبل الأزمة العالمية، عملت مصر على تأمين احتياجاتها الأساسية من القمح، سابقة بخطوات نحو الاستقرار، تحسبا لحدوث أزمة عالمية مثلما يحدث الآن في تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وزارة الزراعة كشفت أن مشروع الصوامع الذي بدأت فيه الدولة المصرية قبل 7 سنوات، ساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية لتخزين القمح، حيث ارتفعت السعات التخزينية إلى نحو 5.4 مليون طن تكفي لأكثر من 4 أشهر، بعدما كانت مليون ونصف طن، تكفي لشهر وأسبوع.
تزامن ذلك مع إعلان وزراء التموين والمالية والزراعة قرار ببدء موسم توريد القمح المنتج محليًا لعام 2022 في أول من إبريل حتى نهاية أغسطس المقبل لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية.
وفقا للبيانات الرسمية، فإن إجمالي السعات التخزينية المتاحة لاستقبال الأقماح المحلية أو المستورد بلغ 5.4 مليون طن تضمنت الصوامع الداخلية، الهناجر، البناكر، الشون المطورة، الصوامع المؤجرة، مراكز التجميع، مراكز تجميع مؤجرة، الشون الإسمنتية.
فيما استعدت الحكومة جيدًا لاستقبال كميات القمح المحلي المستهدفة لهذا العام، منوهة بأن المخزون الاستراتيجي من القمح آمن وسوف يصل إلى ما يقرب من الثمانية أشهر بعد عمليات التوريد المحلي للقمح، وقال السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الدولة المصرية دائما تتخذ الخطوات الاستباقية لمواجهة الأزمات قبل حدوثها، مشيرًا إلى أنه حتى عام 2014 كانت الطاقة الاستيعابية للقمح لا تتجاوز 1.5 مليون طن، وحينما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي المشروع القومي للصوامع تضاعفت الطاقة الاستيعابية وزيادة السعة التخزينية، وأصبح لدينا قدرات عالية في هذا الاتجاه.
وأضاف: "أننا على أعتاب موسم جديد لحصاد القمح الشهر القادم ونتوقع إنتاجية حوالي 10 ملايين طن، ونستهدف استلام حوالي 6 ملايين طن منها"، مشيرًا إلى أن الدولة تقدم حزمة كبيرة من الحوافز والتيسيرات لتشجيع المزارعين على توريد القمح، وبالتالي تصبح احتياجاتنا متوفرة حتى نهاية العام.
وناشد القصير، المواطنين عدم التهافت على الشراء بمناسبة شهر رمضان، مؤكدا أن جميع السلع الغذائية متوافرة ولا داعي للقلق، وأنه رغم الظروف التي يشهدها العالم حاليا من موجة في ارتفاع الأسعار والشحن وارتباك حركة النقل الدولي، إلا أن الدولة المصرية هي التي تتحمل عن كاهل المواطن العبء الأكبر من الزيادة في الأسعار.
المشروع القومي للصوامع
وتابع وزير الزراعة: "لدينا تجربة ناجحة سابقة خلال إدارة أزمة كورونا، حيث لم يذهب أي مواطن لشراء سلعة ولم يجدها، عكس ما حدث في كثير من الدول المتقدمة التي شهدت في بعض الأحيان عجزا في توفير السلع".
وكان مجلس الوزراء، أصدر قرارًا بزيادة حافز توريد القمح لهذا العام، لحث الفلاحين على التوريد الحكومي، بمتوسط سعر يصل إلى 65 جنيهًا لكل أردب يُضاف إلى الأسعار المعلنة سابقًا والتي تراوحت بين 865 جنيها للأردب زنة 150 كجم، بدرجة نظافة 22.5 قيراط، و875 جنيها للأردب زنة 150 كجم، بدرجة نظافة 23 قيراط، و885 جنيه للأردب زنة 150 كجم، بدرجة نظافة 23.5 قيراط.
كما ألزمت وزارة التموين كل من يملك محصولا من القمح أن يسلم لجهات التسويق الحكومية جزءا من المحصول لا قل عن 12 إردب عن كل فدان، كحد ادني، وفقا لمساحته المزروعة بالقمح.
وقال عامر الشوربجي نائب مجلس النواب وعضو لجنة الزراعة، إن مساحة القمح التي أُضيفت نتيجة للتوسع الأفقي هذا العام بلغت 400 ألف فدان، مما ساهم في زيادة الأقماح الموردة للصوامع وأماكن التخزين، لافتاً على أنه نظرا لأهمية القمح كسلعة استراتيجية غذائية هامة، فقد قامت الدولة بإنشاء الصوامع الحديثة في كل محافظات مصر لتخزين القمح وحفظه باتباع أحدث نظم التكنولوجيا في إدارتها، مشيرًا إلى أن الصوامع تعمل على الحد من المشاكل التي تواجه المزارعين والموردين للحبوب كل عام، إلى جانب الحفاظ على جودة الذهب الأصفر، والحد من المهدر منه، علاوة على تقليص الكلفة الضخمة من الغذاء.