يوسف أيوب يكتب: متخافوش
السبت، 26 مارس 2022 07:00 م
رسالة طمأنة رئاسية للمصريين قبل رمضان: مفيش مشكلة السلع كلها موجودة وبزيادة واعملوا اللى عايزينه
«احنا داخلين على شهر رمضان.. انتوا حرين اعملوا اللى انتوا عاوزينه.. كل حاجة متوفرة».. رسالة طمأنينة بعث بها الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأربعاء الماضى، لكل المصريين، خلال حفل تكريم المرأة المصرية والأم المثالية 2022. رسالة مستندة لوقائع على الأرض، تؤكد أن الدولة كانت مستعدة لهذا السيناريو الذى يتبع الأزمة العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
ولكى تكون رسالة الطمأنينة الرئاسية مبنية على حقائق، قال الرئيس السيسى للمصريين إنه «لا يوجد أى مشكلة فى السلع داخل مصر حاليا أو خلال شهر رمضان»، لافتاً إلى أن القوات المسلحة وزعت على المواطنين 2 مليون كرتونة، ومستعدين لزيادة هذا الرقم، إذا أستدعى الأمر ذلك، فضلاً عن الجهود والتحركات التي تقوم بها الحكومة على الأرض من خلال المبادرات والمعارض المنتشرة في المحافظات، وتقوم بطرح السلع الأساسية بأسعار مخفضة، تصل في بعضها إلى طرح السلعة بتخفيضات وصلت إلى 60%.
والأربعاء الماضى أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها بتوفير كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية التى تلبي احتياجات المواطنين في شتى أنحاء الجمهورية، بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بتوفير السلع الأساسية لتقديم الدعم اللازم لأبناء الشعب المصري لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان الكريم، حيث قامت هيئة الإمداد والتموين من خلال إدارتها التخصصية بتجهيز وتعبئة أكثر من مليون ونصف عبوة غذائية لطرحها فى الأسواق بنسبة خصم تصل إلى 60% ودفعها إلى جميع المحافظات التى تقع فى نطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية.
كما قام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بضخ المنتجات من كافة السلع إلى السوق المحلى عبر 1200 منفذ متحرك و212 منفذا ثابتا فى كافة المحافظات ومضاعفة كميات المعروضات لتلبية مطالب الأسرة المصرية بأسعار مناسبة، كما كثف جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة من جهوده بتوفير السلع الأساسية من كافة الأصناف لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين من خلال 62 مجمعاً وفرعاً فى كافة أنحاء الجمهورية، حيث شهدت المنافذ إقبالاً لكافة فئات الشعب على مستوى المحافظات الذين أشادوا بجهود قواتهم المسلحة فى توفير احتياجاتهم من السلع الغذائية، وأعربوا عن ثقتهم فى جودة المنتجات المعروضة وكمياتها الوفيرة، فضلا عن توفير حصص مجانية بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي تم توزيعها على 30 ألف أسرة بكافة أنحاء الجمهورية.
وخلال هذه الاحتفالية شرح الرئيس السيسى للمصريين تفاصيل الأزمة العالمية، وتأثيراتها على الوضع في مصر، وكيف واجهت مصر منذ سنوات هذه الأزمة من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى ساهم بشكل كبير في الحد من نتائج الأزمة العالمية على مصر، وقال الرئيس السيسى «إن المسئولين يمكن أن يتخذوا قرارات كثيرة ولكن يبقى في النهاية توفيق الله سبحانه وتعالى ودعمه للقرار هو الأساس»، مشيرا إلى أن المواطنين على دراية بالصواب الذي يتعين عليهم القيام به، منوها بدور المرأة المصرية التي ساعدت في تخطي الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد فهي مطلوب منها توفير المأكل والمشرب والملبس، وقال الرئيس «أنا واحد من الناس ولا تعتبروني مسؤولا كبيرا. أنا واحد من المجتمع أسمع وأرى، ماذا تفعل السيدات في كل بيت من البيوت، وأجد أن الست هى التي تتحمل، وهناك نسبة كبيرة تعادل 70% من السيدات تعطي وتضحى وتساهم».
وأكد الرئيس السيسى أنه في إطار حالة النجاح التي تحققت في مصر خلال السنوات الخمس أو الست الماضية، حتى في ظل الإرهاب والتضحيات التي قُدمت وتألم فيه آباء على أبنائهم، كانت الأم والبنت والزوجة هن الجناح اللين الرحيم وهن من تألمن أكثر وهن صاحبات العطاء الأكبر. وقال الرئيس السيسى إن من يريد أن يشكرني، ويرى أنني فعلت أمرا طيبا عليه أن يحافظ على مصر.. وعلينا جميعا أن نحافظ على هذا الوطن وعلى حياة الـ 100 مليون مواطن، ليكونوا في آمان وسلام، وألا يُؤذى أي أحد منهم، في ظل الأزمة الموجودة في العالم، وهذا قمة الشكر لله سبحانه وتعالى"، لافتاً إلى أن "البلد كانت ستسقط لولا فضل سبحانه وتعالى الذي أنعم علينا ومد إلينا يد العون، وعلينا أن نشكر الله من خلال الحفاظ على بلدنا وشعبنا وأن نحاول تيسير أحواله، وتحسين الظروف المعيشية والبناء والتعمير.
وكعادة الرئيس السيسى في المصارحة والمكاشفة، وتأكيداً لمتابعته لكل ما يدور من نقاش في الشارع وعلى وسائل التواصل الإجتماعى، وانه في تواصل مستمر مع اشارع وقضاياه، قال الرئيس السيسى أن «هناك نقاش كثير موجود، وتساؤلات دائمة بشأن ما تم تنفيذه من مشروعات، وهل له أثار إيجابية على الواقع أم له أثار صعبة على واقعنا؟»، وأجاب الرئيس منوها بأحد المشروعات البسيطة جدا مثل المشروع القومي لزيادة القدرة على تخزين القمح في الصوامع، التي تصل إلى 5.5 مليون طن، بينما كان الموجود لدينا أقل من الثلث، مشيرا إلى أنه تم وضع أموال كثيرة في هذا المشروع، لأن ثمن الذي يفقد سنويا حوالي 20% من إجمالي تداولنا للقمح، وتابع الرئيس: «باعتبار أن الدولة تتداول 15 مليون طن قمح، والذي يفقد سنويا حوالي 20% أي ما يقرب من 2 مليون طن قمح»، لافتا إلي أن ذلك الفقد كان بسبب التخزين في مخازن مفتوحة وبالتالي كانت تتعرض للقوارض والحشرات، موضحاً إنه ببناء صوامع القمح، أصبح لدينا الآن مخزون يكفي لمدة 4 أشهر.
كما تحدث الرئيس عن المخزون الخاص بغاز البوتاجاز، وقال " كان لدينا مخزون في المستودعات يكفي 8 أيام، واليوم أصبح لدينا مخزون يكفي لمدة شهرين وذلك بفضل جهود الدولة في إنشاء مستودعات للبوتاجاز، فضلا عن انشاء مستودعات للزيوت وغيرها حتى لا تواجه الدولة أية مشاكل"، مؤكداً أن الدولة كانت تحتاج إلي التعامل مع التحديات والمطالب بما تتطلبه الحلول العلمية المخططة، مشيرا إلى أن ذلك التخطيط ليس بالشئ البسيط، حيث يتم التنظيم بدءا من وصول السفن بشحنات القمح إلى أن يصل رغيف الخبز لأيدي المواطنين، لافتا إلى أن ذلك مترابط في صورة سلسلة وأن أي مشكلة تحدث في هذه السلسلة تؤدي إلى مشكلة في الشارع.
وقال الرئيس السيسي، إن هناك مشكلة كبيرة فى سلاسل التوريد نتيجة الأزمة الكبيرة التي نتابعها الآن، فهى أزمة كبيرة ولها تأثيرات اقتصادية وخيمة على الجميع، وأضاف "كنا نتحدث عن 70 دولارا لسعر برميل البترول، ولكننا نتحدث الآن عن 120 دولارا لسعر البرميل حاليا، ونتمنى أن تنتهى هذه الأزمة سريعا حتى لا يقفز هذا الرقم لأكثر من ذلك"، وتساءل الرئيس السيسي: هل لدينا في مصر مشكلة في الحصول على الوقود؟، وأجاب "الحمد لله لا توجد مشكلة وذلك بفضل الله ونجاحنا فى برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي ساهم فيه الشعب المصري"، مضيفا "نحن بحاجة أثناء دخولنا لشهر رمضان لنوع من الترشيد"، مؤكدا على أن البلاد لا تبنى بالأماني، والدول لا تتقدم بالأحلام والكلام، ولكن تتقدم بالجهد والمثابرة والوعي.
كما تحدث الرئيس عن الأسراف وأهمية الترشيد، وقال إن "البعض يسرف في الطعام خلال شهر رمضان، ولكن يجب أن يكون هناك ترشيد في ذلك، على الرغم من أننا لا نواجه أية مشكلة في شراء السلع، وهى متوفرة في الأسواق، وكل شيء متوفر لدينا"، وأضاف:" إذا كنتم ترغبون في مستقبل وحياة أفضل لأبنائنا وبناتنا وأحفادنا القادمين، فلابد من التمسك بالترشيد والابتعاد عن الإسراف"، مؤكداً أنه يطبق هذا الترشيد سواء خلال خدمته في القوات المسلحة أو في حياته الخاصة مع أسرته، مضيفا "أغلب المصريين يعتقدون أن سفرة الرئيس مختلفة جدا، فهو يأكل من الجنة مثلا، ولكني أسأل عن أسعار السلع دائما، وأتابعها وأطلب المناسب منها ، لأنني مسؤول أمام الله تعالى، ولا أهتم بالمال الذي سأوفره، ولكن الأهم الإنفاق المناسب والمتوازن وليس المال".
هذا الحديث من جانب الرئيس السيسى جاء في توقيته المناسب كعادة الرئيس، فبجانب ما حمله من رسائل طمأنينة لكل المصريين، فإنه في الوقت نفسه حمل رسائل أخرى للتجار بأنهم امام اختبار صعب، إما أن يقفوا في صف الدولة لمساندة المواطنين ويتخلى بعضهم عن الطمع والجشع، ويبيع السلع بالأسعار المناسبة، أو أن يقف في صف أخر، من يقف فيه هم المعادين للدولة وللمواطنين، وفى هذه الحالة فإنهم سيفقدون كل شيء، سيفقدون سلعهم، لإن الأجهزة الرقابية أعينهم متيقظة تماماً لما يحدث من محاولات البعض في استغلال الأزمة العالمية لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب الشعب، كما أن المبادرات التي تقوم بها الدولة، ستجعل السلع متكدسة لدى هؤلاء التجار ولن تجد من يشتريها، فمن يجرى مقارنة سريعة بين أسعار السلع وجودها في الأماكن التي خصصتها وزارة التموين والدفاع والداخلية لبيعها للمواطنين، وبين السلع الموجودة عند المصابين بداء الجشع والطمع، بكل تأكيد سيختار الشراء من الأماكن التي تطرح سلعاً جيدة وبأسعار مناسبة.
الامر الأخر فيما قاله الرئيس السيسى، أن الأزمة العالمية، ورغم تأثيراتها شديدة القسوة على دول العالم أجمع، دون تفرقة بين دول متقدمة وأخرى من العالم الثالث، فإن مصر وبفضل ما أقدمت عليه من إجراءات للإصلاح الاقتصادى، فضلاً عن الحليل المستمر لآليات السوق العالمى، فإنها استطاعت أن توفر مصدات أمان عبرت من خلالها أزمة كورونا بأقل الخسائر رغم ما أصاب الأقتصاد العالمى من تضخم شديد، كما أنها بفضل الإجراءات الاستباقية قادرة على العبور من الأزمة الحالية بأقل الخسائر.
الشئ المهم أيضاً ان حديث الرئيس السيسى، بقدر ما به من طمأنينة للجميع، فإنه يدل أيضاً على التواصل المستمر من جانب الرئيس السيسى والشارع المصرى، بوسائل متعددة، ولعل أهمها الجوالات التي يقوم بها الرئيس في الشارع أسبوعياً، والحوارات التي يجريها مع المواطنين، واخرها الجمعه الماضية، فقد شهدت جولة الرئيس حورات مباشرة وصريحة مع عدد من المواطنين، حرص خلالها الرئيس على الاستماع لأراء المواطنين في تداعيات الأزمة على مصر، وكذلك الاستماع من المواطنين مباشرة لأسعار السلع، وكانت وقفته مع أحد أصحاب المخابز، وحواره معه بشأن سعر الخبز، وكيف أن بعض من أصحاب المخابز يقوم برفع سعر الخبز رغم ثبات سعر الدقيق، فكان هذا الحوار رسالة لأصحاب المخابز أن القيادة السياسية واعية تماماً بما يحدث في الشارع، وإنها لن تترك الأمر هكذا، وبالفعل بعدها بساعات أصدرت الحكومة تسعيرة لأسعار الخبز السياحى، واضعة كذلك مجموعة من العقوبات على ما من يخالف هذه التسعيرة.
والشاهد في كل ذلك إننا أمام رئيس بقدر حرصه على التواصل المباشر مع المصريين، فإنه أيضاً لديه ما يقوله لانه يمتلك المعلومة والقراءة الصحيحة لما يحدث، وأيضاً القدرة على المواجهة في الوقت المناسب، لإنه يسير بمبدأ لا يحيد عنه مطلقاً منذ أن أختاره المصريين رئيساً لهم، وهو أنه لا يخشى في الحق لومة لائم، وأن هدفه الرئيسى أسعاد المصريين، وان تبقى مصر دولة قوية ومستقرة وآمنة، مهما تعرض لأزمات او واجهت تحديات، فإنها بقدرة شعبها وصموده، وبإرادة رئيسها قادرة على البقاء والصمود والمواجهة.