سلاح أمريكا قيد الاختبار
السبت، 26 مارس 2022 01:01 م
يبدو أن "سلاح" أمريكا التي تهدد به طوال وقتها قيد الاختبار حاليا، فمن الصين إلى روسيا ومرورا بكوريا الشمالية لا جديد يذكر.
مؤخرا دعت واشنطن إلى فرض عقوبات دولية أكثر صرامة على بيونج يانج، واتهمتها بتنفيذ عمليات "استفزازية خطرة"، بعد صواريخ باليستية عابرة للقارات اختبرتها، لكن الدعوة لم تلق آذانا صاغية في مجلس الأمن.
وعقب اجتماع استمر ساعات، أدانت 15 دولة، بأشد العبارات، إطلاق كوريا الشمالية للصاروخ قبل يومين، داعية "جميع أعضاء الأمم المتحدة، خصوصا منهم أعضاء مجلس الأمن، للانضمام (إليها) في إدانة هذا السلوك".
وطالبت بيونج يانج بالتخلي عن أسلحتها للدمار الشامل وبرنامجها للصواريخ الباليستية والانخراط في طريق الدبلوماسية نحو نزع السلاح النووي، لكن اللافت أن سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، لم تتطرق خلال تلاوتها بيانا أمام الصحافة، إلى تشديد العقوبات على كوريا الشمالية، مكتفية بالقول إن إطلاق الصاروخ قبل يومين "لا يمثل تهديدا للمنطقة فحسب بل للمجتمع الدولي بأسره".
وتستعد واشنطن لتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن لتحديث وتعزيز نظام العقوبات، الذي تم تبنيه في ديسمبر 2017، في خطوة قد لا تلقى الدعم الكافي لتحويلها إلى قرار، وهذه الفرضية يدعمها استبعاد الصين وروسيا أي تشديد للعقوبات على بيونج يانج، بل بالعكس، دافع سفير بكين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون عن فكرة "تخفيف العقوبات في الوقت المناسب".
وتوضح المواقف بأن سلاح العقوبات في طريقه لفقد جدواه بعد اختباره في ملفات نزع السلاح النووي، ففي 2017، أقر مجلس الأمن الدولي مشروعا بفرض عقوبات على كوريا الشمالية بعد شهر على إطلاقها صاروخا باليستيا عابرا للقارات يهدد الولايات المتحدة، لكن القرار لم يفلح في ردع بيونج يانج التي استمرت في تجاربها الباليستية وحتى تتحول إلى ما تخطط له بأن تصبح "دولة نووية".
نأتي إلى روسيا وبعد تصريحات عنترية بعقوبات مدمرة للاقتصاد الروسي، رددها الرئيس الأمريكي جو بايدن، معتبرا أنها ورقة ضغط لكن أثبت الخبراء أن تأثيرها بات محدودا.
وتبين مع الوقت أن موسكو استعدت للورقة المستخدمة، واستخدمت بدورها سلاح الغاز وقطعت إمداداتها عن القارة العجوز، ما أضعف عقوبات بايدن، كما لم تضرب عصب الاقتصاد الروسي، وجعلت روسيا تستعد للتأقلم مع العقوبات وتأمين البدائل.
ما يعقد أمر العقوبات الأمريكية، أن الاقتصاد الروسي يعتمد في مداخيله على النفط والغاز بنسبة تناهز الـ50 بالمئة، ما يهدد بأن أي عقوبات على هذا القطاع ستكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي أيضا، وهذا ما بدأت ملامحه تظهر حاليا.
الصين بدورها لم تختلف كثيرا عن روسيا في الاستعداد للعقوبات الأمريكية، وباتت واشنطن تدرك تماما الأمر، إذ قالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، أن فرض عقوبات على الصين "ليس ضروريا أو مناسبا في هذه المرحلة".
حتى رئيس أمريكا، "بايدن" قال في تصريحات سابقة، أنه "يأمل" بأن لا تساعد بكين موسكو في حربها على أوكرانيا، مطالبها بالحياد في الصراع الدائر حتى يعفيها من العقوبات، في نبرة تخالف اللهجة الأمريكية الحادة التي لطالما استخدمتها ضد بكين مع توتر العلاقة بينهما.
التنين الصيني استعدت جيدا للعقوبات الأمريكية المفروضة على شركاته، وردت بالمثل بفرض عقوبات على أفراد أمريكيين، من بينهم وزير التجارة السابق ويلبور روس، ما يجعل التحركات الأمريكية الرامية للضغط على بكين لن تكون ذات جدوى مستقبلا.