حرب الشائعات والضمير
الإثنين، 21 مارس 2022 04:27 م
الشائعات أصبحت حربا يومية تهدد المجتمع والأسر والمشاهير، ولمواجهتها تحتاج إلى معاناة وتصدي ومتابعة، وبالرغم من كل ذلك لها خسائر لا يمكن أن نغفو عنها، وعدم الرد أو التشكيك فيها يزيدها أو قد يؤكدها ويزيد أثارها السلبية.
وللأسف الشديد الشائعات عادة لا تأخذ وقتاً طويلاً لكي تنتشر وتتداول خاصةً بعد انتشار وسائل التواصل المختلفة، وهناك من يريد أن يصدقها ويحولها لحقائق لرغبة خفية بداخله، أو أمنية يريد أن تنفذ والتي يمكن أن تتمثل في الترقيات وزيادة المرتبات أو العلاوات، أو تعطيل دراسة أو تأجيل وإلغاء منهج، وغيرها من الشائعات التي تخص مؤسسات الدولة، ويقابلها سلسلة من الأخبار النافية والتصحيح لتحويلها لحقائق.
وأكبر دليل على ذلك أخر تقرير للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء لحصاد قطاعات الدولة في عام 2021 لمواجهة الشائعات، والذي أكد رتيب السنوات طبقاً لمعدل انتشار الشائعات خلال الفترة من 2014 لـ 2021، وأن عام 2021 جاء في الصدارة بنسبة تبلغ 23.5%، وذلك مقارنة بـ 22.9% عام 2020، و20.1% عام 2019، و12.9% عام 2018، و9.3% عام 2017، و6.5% عام 2016، و3.1% عام 2015، و1.7% عام 2014، علماً بأن هذا توزيع نسبي لإجمالي الفترة المذكورة، وجاء قطاع التعليم في الصدارة بنسبة 25,8%.
وترتبط الشائعات بشكل كبير بالمشاهير "زواج، طلاق، موت، مرض"، دون مراعاة لأدنى مستوى من الضمير قبل إطلاقها وتأثيرها بشكل سلبي على متابعيها في بادئ الأمر، الذي يسبب مشاكل نفسية وعضوية وجسدية خاصةً شائعات الوفاة والمرض، والتي تنتشر يومياً عن الفنانين والمشاهير والإعلاميين وغيرهم، ومطلق الشائعة لا يقل شيئاً عن شاهد الزور أو الذي يتبلى على شخص بفعل أو عمل دون دليل، فكلها من الكبائر وترجع إلى انعدام الضمير، وأي مكسب مهما كان حجمه فهو خسارة وأذى سواء للدولة أو الأشخاص أو المؤسسات.
ومن أكبر الشائعات العدائية التي واجهها المجتمع خلال الفترة الحالية أو الماضية، وكانت تنطلق بشكل ممنهج لجماعة الأخوان الإرهابية أو من خلال الشبكات الإلكترونية التي تشكك في المشاريع والإنجازات التي تتحقق لتشوية سمعة أو تغيير اتجاهات أو خداع مجموعة من الأشخاص وعيهم قليل.
والقانون واجه الشائعات حيث حددت المادة 188 من قانون العقوبات، العقوبة وهي الحبس والغرامة التي قد تصل إلى 20 ألف جنيه، ونصت المادة على، "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقاً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة".
وكذلك نصت المادة رقم 80 (د) على: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصري أذاع عمداً في الخارج أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطاً من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب".
والمادة 102 مكرر والتي تنص على، "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائتي جنيه كل من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وتكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة في زمن الحرب".
ولمواجهة الشائعات والتقليل من حدتها يجب التركيز في مصدر المعلومة أو الخبر خاصةً المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي وعدم تصديقها بسهولة أو الاستجابة لها أو الترويج لها لمجرد سماعها، والعمل على إفساد الخبر المتداول بتقديم أدلة تثبت عدم صحته من ذوي الاختصاص أو المؤسسات المنوط بها ذلك، ونشر الوعي بعدم تصديق أي خبر أو معلومة خاصةً لربات البيوت وكبار السن، وإغلاق كل المنافذ أمام المروجين، وكل هذا مجهود لا يمكن أن يستهان به.