الحكومة تلاحق الشائعات بسلاح الأرقام والمعلومات
السبت، 19 مارس 2022 09:00 م
في العاشر من مارس الجارى، أصدرت النيابة العامة بياناً أكدت خلاله إنها أمرت بحبس 12 متهماً لارتكابهم جرائم تموينية، منها رفع أسعار بيع بعض السلع للمواطنين او تخزينها وحبسها عن التداول لبيعها لاحقاً بأسعار مرتفعة.
واللافت في هذا البيان، هو ما جاء في ختامه، والذى جاء فيه مطالبة النيابة العامة، المواطنين عدم الالتفات للشائعات المتداولة بشأن السلع، وقالت إن أهل الشر غاياتهم خلق حالة زائفة من عدم الاستقرار، مؤكدةً على تصديها كذلك لمروِّجي تلك الشائعات عمدًا وبسوء قصد، والتي تضعهم تحت المساءلة القانونية وتُوجِب عقابا.
من يربط ما ورد في بيان النيابة العامة، بما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي سيكتشف أن سلاح الشائعات لازال موجوداً، بل أن من يستخدموه يتعمدون استغلال الأزمات العالمية مثل الأزمة الأوكرانية في ترويج شائعات، تعتمد على تزييف الحقائق وقلب للوقائع، في محاولة بائسة بخلق أزمات مفتعلة.
والمتتبع للوضع في مصر، سيجد أنها مستهدفة من هذا السلاح منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى اليوم، باعتبارها إحدى وسائل وأسلحة الحروب الحديثة، حتى وصل الأمر إلى شائعات احتكار السلع وتكدس المواطنين على المخابز وغيرها، وفي ظل التقدم الهائل واستخدام التكنولوجيا يتم "فبركة" الصور باستخدام برامج الجرافيك وإيهام المواطنين بحقيقتها في إطار خطة التشوية المتعمد وإخفاء مجهودات الدولة في توفير السلع للمواطن بأسعار مخفضة.
وتعد قضية الوعي ونقص المعلومات وقلة الثقافة تربة خصبة لنشر الشائعة، ولذا أصبح علي عاتق الدولة مهمة توفير المعلومات حتي تكن هناك قواعد واضحة لاستقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة وتتيح للمصدر التأكد من مدى جدية وصدق المعلومات، والتأكيد على أن السوشيال ميديا ليست مكانا لاستقاء المعلومات في الأساس، فالأشخاص الذين يقومون بإطلاق شائعات غير الذين يقومون بنشرها يكون لكل منه اهدافه وأسبابه، وهناك من ينساق وراء هذه الشائعات دون التأكد من صحتها.
وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا في انتشار الشائعات وأصبحت تروج لها بطرق مختلفة مستغلة عدم الوعي لديهم لتشوية الحقائق، وفي لحظات معدودة تنتشر الشائعة كالنار في الهشيم وتبدأ الدولة في متابعتها ونفي ما جاء بها بالأرقام والحقائق، لتهدر الكثير من الوقت في الرد علي الشائعات، التي كان أخرها الفيديو المتداول بشأن نقص تداول الخبز بالإسكندرية، وتم رصد تداول فيديو لأحد المواطنين وسط تجمهر يتحدث عن عدم توافر الخبز البلدي لمخابز الإسكندرية، واتضح أنه مسجل وتم نشره بتاريخ 10 مارس 2017 أثناء أحداث إلغاء البطاقة الورقية للخبز والتي تسمى بنوتة العيش ووقف الكارت الذهبي ويتم بث الفيديو ونشره هذه الأيام من خلال ذاكرة الفيس للأحداث السنوية التي تتم في نفس تواريخ بثها السابق.
وكشفت مديرية التموين بالإسكندرية، إنها تتابع الشارع السكندري يومياً من خلال الحملات التموينية التي تجوب أنحاء المحافظة وتطمئن المواطنين أن المخابز البلدية التي تنتج الخبز البلدي المدعم تعمل بكامل طاقتها وتنتج ما يعادل من 9 ملايين إلى 10 ملايين رغيف خبز يوميا ويصرف بالبطاقة الذكية متوافر ويحصل عليه المواطن بدون أي مشاكل أو تكدسات ولم يتم رصد أي شكاوى عن عدم توافر الخبز البلدي.
شائعة وجود نقص في السلع الغذائية الأساسية في الأسواق والمنافذ التموينية
كما انتشر في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن وجود نقص في السلع الغذائية الأساسية في الأسواق والمنافذ التموينية، وقام المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بالتواصل مع وزارة التموين والتجارة الداخلية، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لوجود نقص في السلع الغذائية الأساسية في الأسواق والمنافذ التموينية، مُشددةً على توافر كافة السلع الغذائية الأساسية بشكل طبيعي، مع انتظام ضخ كميات وفيرة من السلع يومياً بكافة الأسواق وجميع فروع المجمعات الاستهلاكية وبقالي التموين وفروع مشروع جمعيتي، مع انتظام صرف المقررات التموينية، وكذلك توافر مخزون استراتيجي لها يكفي لعدة أشهر مقبلة، مُشيرةً إلى أنه جارٍ تنفيذ مشروع إنشاء مستودعات استراتيجية وفق أحدث التقنيات لإدارة عمليات تخزين السلع الأساسية، بما يعزز من زيادة مخزونها الاستراتيجي لمدة تصل إلى نحو 9 أشهر، مع شن حملات تفتيشية على كافة الأسواق، لمنع أي تلاعب أو ممارسات احتكارية.
شائعة تغيير السلع الأساسية المدرجة على البطاقات التموينية
كما انتشر في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن تغيير السلع الأساسية المدرجة على البطاقات التموينية نتيجة لنقص المعروض، وهو ما نفته وزارة التموين والتجارة تلك الشائعات، مُؤكدةً أنه لا صحة لتغيير السلع الأساسية المدرجة على البطاقات التموينية، مُشددةً على توافر كافة السلع التموينية بشكل طبيعي دون تغييرها.
وفي نفس السياق حذرت محافظة دمياط المواطنين من الانسياق وراء الشائعات التي تهدف إلى خلق أزمات مفتعلة، لإحداث زيادة غير مبررة في الأسعار، مؤكدة على توافر المخزون الاستراتيجي لجميع السلع الأساسية، مناشدة الجميع بعدم التكالب على أي سلعة والإبلاغ فورًا عن أي مخالفات تخص زيادة الأسعار على الأرقام المنشورة عبر الصفحة الرسمية للمحافظة.
مفتي الجمهورية ترويج الشائعات مفسدة.. ومن يحتكر السلع أثم شرعا
وقالت دار الإفتاء، إن ترويج الشائعات وإعادة نشر الأخبار دون تثبت، إثم شرعي ومرض اجتماعي، يترتب عليه مفاسد فردية واجتماعية ويسهم في إشاعة الفتنة، فعلى الإنسان أن يبادر بالامتناع عنه؛ لأن الكلمة أمانة تَحملها الإنسان على عاتقه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «.. إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رواه البخاري.
وأضافت، إن مروج الشائعات بغرض التشكيك في أعمال وإنجازات أصحاب السواعد المصرية هو آثم لأنه يعلم أنه يكذب، والكذب جريمة ومن أكبر الذنوب وهو يهدي للفجور؛ فالشائعة قد تكون أخطر من القنبلة وأشد من السلاح المدمر؛ فعلى الإنسان الواعي ألا يشارك في نشر الشائعات إلا بعد التثبت من المعلومة، وبعد توافقها مع فقه المالات، فليس كل صحيح وثابت ينشر؛ فهناك اعتبارات تفتضيها المصلحة العامة.
عقوبة نشر الشائعات
وسعت الدولة في محاولة مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، خاصة التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك لما لها من انتشار وتأثير واسع، نظرا لحجم الجمهور الكبير على منصات السوشيال ميديا، وبموجب قانون تنظيم الصحافة والإعلام، تعاملت الدولة المدونات وحسابات التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعيها عن 5 آلاف شخص معاملة وسائل الإعلام مما يجعلها تخضع للملاحقة القضائية عند نشر أخبار كاذبة أو التحريض على خرق القانون.
وبحسب المادة 188 من قانون العقوبات، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
ويعاقب أيضا القانون، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه، كل مصري أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأي طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب.